الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليقاً لملامح المشهد السياسي الآن:

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 4 / 12
الصحافة والاعلام


(رأي خاص)

التباين الآن؛ ليس أمراً مخفياً أو شيئ ما تحت غلاف الشك واليقين، إنها تباينات مكشوفة السيقان يراها كل من يبصر الحقائق المجردة دون مواراة تمنع إستبصار مداها الضارب في عمائق القوى السياسية المتنازعة بين سوح المسرح العام من معسكرات سياسية وفكرية لها جذور تاريخية ممتدة من السودان الجديد والقديم، ونلاحظ أن كل مجموعة يتمظر ميلها السياسي حسب ما يخدم مصالحها السياسية أو ما يعكس حمض إيدلوجيتها، وهذا الصراع الممتد عبر فصول تاريخ السودان لم يكن ليبرز علي السطح مجدداً إلا لتمسك البعض بمخاوفهم تجاه الآخريين، ولكن البلاد لم يعد ترابها يستطيع حمل شُحنات هذا الصراع، وقد تحدثنا مراراً بمرارة عن ضرورة التركيز علي توفير ثلاثة مقومات للنهوض لا غير لإنجاح عملية حوار السودانيين والسودانيات تتمثل في "الثقة والإرادة والرغبة"، وبامكاننا تحويل محركات العقل السياسي نحو إصلاح كافة المشكلات السودانية التي لم نحلها منذ فجر الإستقلال وما تلاه من فُرص تاريخية في اكتوبر وأبريل إلي أن بلغنا فجر ديسمبر المجيدة.

قرأتُ عدة مقالات وبيانات تعج بها منصات الأسافير الآن من لدن شخصيات لها باع في المشهد السياسي السوداني، وجميع المنشورات تترجم غياب العناصر الثلاث المطلوب توفرها من قبل الجميع لإدارة حوار جامع ومنتج ومفيد للسودان الذي لا يختلف إثنان علي إنهياره الوشيك وحاجته لحلول جذرية، وعندما نتحدث عن هكذا إستشكالات لا نقصد إشاعة الإحباط وسط الذين يسعون لفلترة الأزمة ولإنهاء مشكلة السودان بتفانٍ من أجل إستعادة الدولة وإستمرار مسارات السلام والديمقراطية والعدالة الإجتماعية؛ فثمة آمال لا تخطئها عين أحدً من المتابعيين تعكس عمق الحكمة في إدارة أخطر أزمة سياسية تواجها بلادنا منذ كتابة شهادة ميلادها، ومهما كانت حدة المخاوف فانها قابلة للنقاش والحل والمرور عبر منعرج دربها نحو سودان جديد تسوده الحرية والعدالة والمساواة، ومن باب المكاشفة يجب الإعتراف بجذور المشكلة قبل إجراء عملية جراحية لمعالجتها، ونحن الآن نذكر بأن ذات الداء الذي أصاب البلاد قد تكرر كما لو أن الأمر "نسخ ولصق" وهو عدم إدارة الخلاف والتنوع بشكل جيد، ونستطيع تصفح ذلك عند فتح دفاتر الإستقلال عام 1956م وثورة أكتوبر عام 1964م وثورة أبريل عام 1985م وأخيراً ثورة ديسمبر عام 2018م، ويجب علينا الإستفادة من تلك التواريخ بدراسة محتوياتها لا أرقامها لإيجاد طرائق جديدة تمكن إدارة كافة أشكال التنوع والإختلاف دون الإضرار بوحدة وتماسك البلاد وشعبها وكل مكتسباتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تحققت بفضل كفاح السودانيات والسودانيين عبر أطول مشوار شهده تاريخ الإنسان في هذا الكون الفسيح.

السودان اليوم ليس كسودان الأمس بكل المقاييس، ولا يمكن العودة إلي الوراء بتخندق العقول داخل صناديق التاريخ، بل يجب علينا أن نواصل مشوار التشكل وإعادة البناء الوطني الديمقراطي والمدني عبر الحوار الشامل الذي يمثّل "مسترين العصر لبناء المستقبل"؛ فنحن نخوض الآن معركة مقدسة لتحقيق أهداف أقدس، ولا يصح قطع هذا الطريق المفتوح بسبب "قصر النظر والخوف بكل مبرراته" أو بفتن بعض المتخندقيين خلف ظلمات التاريخ السحيق، فكل المبادرات والأراء صالحة لتحقيق الغاية النبيلة المنشودة للسودان الذي نحن فيه الآن، ويجب تطويع جميع الأفكار الجيدة لإخراج هذه البلاد من دوائر الإنهيار إلي فضاءات السلام والحريات والديمقراطية المرجوة، وأمامنا فُرص العبور والإنتصار فقط علينا أن نتقدم خطوة للأمام بغية الوصول إليها بسلام بعيداً عن التشدق بالأفكار البالية والمجربة سابقاً وثبت فشلها وعدم جدوتها في حل مشكلات السودان، وشعبنا العظيم علمنا أن "الصبر مفتاح النصر" وقد أهدانا الشعب ثورة ديسمبر الخالدة ويتوجب علينا أن نهديه رياحيين السلام والديمقراطية ودولة المؤسسات الرصينة، والسودان الآن يحتاج لجميع المكونات الوطنية الصادقة والمبادرات الخالصة لوجه الشعب والوطن، ونحن نأمل بلوغ الجبهة الثورية السودانية غاية طرحها بصبر وصمود لحل مشكلة السودان.

12 أبريل - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري


.. مقاطعة حفل ممثل هوليودي لدعمه للاحتلال الإسرائيلي




.. حزب الله: استهدفنا مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزارع ش


.. الاتحاد الأوروبي يفعّل نظام كوبرنيكوس لمساعدة إيران.. ماذا ي




.. استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين