الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثلاث كتابات سريعة
صلاح نيازي
2003 / 5 / 21الادب والفن
حتى لو كانت ملاجئه من أفخر المرمر الإيطالي ما من هواءٍ طلقٍ في باطن الأرض هذا هو الفرق مَنْ يصدِّق.. مَنْ يصدِّق البارحة فقط الدوائرُ عادةً ودّ صدّام (هكذا دون لقب عمداً) في هذه الليلة 2-برزان التكريتي أشهدُ.. أشهد.. ثمّ أشهد هل صُنِع من يقطين يابس ما عزّ عليك مشروبٌ يا هذا أيّها الرئيسُ الهارب قَتَل مكبث النومَ فهرب النومُ من عينيه رأيتُها.. الأخطرُ من ذلك جميعاً لندن 1-تعبير عراقي عامي يُقصد به أن صاحبه ذو مزاج متكدر وربما عدواني.
1-الرئيس الهارب
حتى أنا- الموقّع أدناه- لا أصدِّق
هل حقّاً، أنا المدعو صلاح نيازي،
من مواليد الناصرية الفقراء جدّاً
ومن سَكَنة الشوّاكة ببغداد لاحقاً
والمغترب حاليّاَ منذ أربعين عاماَ بلندن
سأكون أسعدَ حالاً هذه الليلة
من الرئيس الهارب: صدّام حسين
منه هو لا غيره ! لا أصدِّق.
أشرب شاي الصباح بطمأنينةٍ بالمقارنة
ويشربه بذعرٍ،
شعره منكوش كأنْ "دخلت فيه الشياطين"(1)
يومُه أطولُ من يومي بساعات لا ريب
وكلّ ساعةٍ أشدّ من سابقتها شؤماً وفَرَقاً
ورياشُه من أتقن الصناعات الألمانية
حتى لو أحاط نفسَه بكلِّ أسود بابل
ودرز حيطان غرفته
بكلِّ ما لذّ وطاب من نساء بومبي
فلا أعزّ من الهواء الطلق
مارّاً بشجرةٍ ونهرٍ وثوبِ صبية
لا شئ أنعمُ من نور الصباح ولا أبهى
ما من شمسٍ والرائحة متزرنخة
هل خطر هذا ببالك أيّها الرئيسُ المدفون؟
الملجأ قبر حيّ
والزمنُ في باطن الأرض راكد
الساعات لا تنقضي، لا تنقضي
تشابهاتها تفتّتُ الروحَ
وتجعل رائحة الفم كريهة
الملل يجعل رائحةَ الفم كريهة
ليس للنوم بداية أو نهاية في الملاجئ
وما فائدةُ الصحو
لا سيّما إذا كنتَ مطلوباً؟
أنا، كأيِّ شقيّ، أنتظرُ ساعةَ الخلاص
وأتعلّلُ بأملٍ مهما كان بصيصاً
وأنت، كأيِّ دكتاتور، تفتّش عن النجاة بعدد الدقائق وتخافُ حتى من المصافحة الوديّة
أنّ كلَّ تُعساء العالم
أسعدُ حالاً هذه الليلة
من صدّام بالذات
ومن شقيقه برزان التكريتي بالذات
ومن ولديْه : عديّ وقصيّ مجتمعين
فهمتُ ما قاله القدامى:
" وعلى الباغي تدور الدوائر"
تبدأ من نقطةٍ وتتوسّعُ إلى ما لا نهاية
إلا أنشوطة المشنقة
أكبرُ من الرأس أوّلاً
ثمّ تضيقُ وتضيق إلى أن تقطعَ مجرى الدم
التي فيها كلّ تعساء العالم أسعدُ حالاً منه
لو انّه بلا آسمٍ
ولا صورةٍ ولا تمثالٍ حتى ولا نسل
لو انه مجنونٌ مطبقُ الجنون
يتكأكأ عليه الأطفال
كتكأكئهم عادةً على ذي جِنّةٍ
ويُشفق عليه المارّةُ بالفلس والفلسين
ودّ لو أنه حشرة
أو بعضُها
أنّ الآجرّة في حائطٍ سعيدٍ تبتسم
رأيت ذلك بامّ عيني عدّةَ مرّات وابتسمتُ
رأيتُ القنينةَ الفارغة كذلك
إذا رُبِّيتْ فيها زرعةٌ تبتسم
حتى الحذاء
بقدم صبيةٍ حالمةٍ يبتسم
إلا وجه برزان التكريتي، متعسّم
كقاع نهرٍ جافّ
لا يبتسم
حتى لو ربح أعلى بطاقةِ يانصيب
أمْ.. أمْ
من خشبٍ ميّت
كخشبِ تابوتٍ مثلاً
قَلَعَ برزان النومَ من عيون العراقيين
مع ذلك لم ينمْ يوماً رَغَداً
عيناه مفتوحتان
كعينيْ حشرة منشاريّة
**
كما تندفعُ الحجارةُ أمامَ السيولِ عادةً
يندفع الحرسُ بنفس الصورة أمام برزان
مع عشرات الكاميرات الإعلاميّة
كالحجارةِ أمام السيول
إلى يمينه،
إلى يساره،
خلفه، فوق البنايات
حَرَسٌ في شتّى الأزياء والمسدّسات
يحُيطون به كالسوار وهو كالمزفوف
وجهُهُ كخشب التابوت مثَلاً
دمُهُ ثابتٌ "ولا يلعب"(2)
دمه لا يلعب كقاعِ نهرٍ جافّ
قرارُهُ لا رجعةَ فيه
حتى لو آنشقّت الأرضُ بالبكاء
وتشفّعتْ لك كلُّ عرّافات الشمال الافريقي.
3-الرئيس الهارب ثانية
ولا مأكولٌ
ولا مشموم
أزياؤك مختلفة كأبطال أفلام هوليوود
الطائراتُ المروحيّة
تحرسُ نوقَك البيضَ في سراحها اليومي
وبملاعقِ ذهب تُفطر بالكافيار
ما من موسيقى تثيرك كالتصفيق
اختصرتَ المعارضَ بصُوَرِك
والحدائقَ العامّة بنياشينك
حتى حين ترمي الصنارةَ بالنهر
تتعطّل الشاشاتُ ونشراتُ الأخبار
الكاميرات كعبّاد الشمس تدور عليك لساعات
أموال العراق " مال أبيك"
ونفطُه نفطُك
ينسب الزبانية إليك
كلَّ نبوّة والأسماء الحسنى
ويدرز الإعلاميّون آسمك في جدران بابل
إ سمعْ يا هذا
نجاتُك من المصيدة مرّةً
لا يعني النجاةَ على طول الخطّ
حتى سلامتك الموقتة هذه
أشدّ فتكاً بك، لو تعلم
الخوف يمتصّ كرياتك الحمراء وتصابُ بالهزال
ستُهمل هندامَك
ولا تجدُ ضرورةً لحلاقة ذقنك
رائحتك منفّرة كقذارةٍ مكشوفة
خُضتَ في الدم ولم تفكِّرْ بعاقبة
كيف أقارنك بغيرك؟ حاشا ثمّ حاشا
بقيَ ضمير مكبث حيّاً حتى النفسِ الأخير
وضميرُك ميّتٌ كالظلف
حتى الليدي مكبث
لا تُقارنُ بالليدي صدّام
هل سارتْ في نومِها مغمضةَ العينين
وفي يدها شمعةٌ وتهذي محمومة؟
لا يمكنُ مقارنتُك حتى بعلي بابا
كلاكما حرامي من الطراز الأوّل
مع ذلك لا وجهَ للمقارنة
أوّلاً
وثانياً
وثالثاً:
سَرِقاتُ علي بابا، قبلَ كلّ شئ
طريفةٌ لدرجة الإمتاع
فنّ راقٍ وتشويق
في الأقلّ يخاف من مسروقيه ويهلع
يرسم الخطط بسرّية محكمة
كروائيّ من الدرجة الأولى
بالتوقيت يُعطي أهميةً للحدث
أكثر من ذلك
ليس بين مسروقيه مَنْ مات جوعاً
أو تيتّم
أو أصبح شحّاذاً
أو رُمِيَ خارج الحدود
بالبجامة فقط
وصدام قتل النوم
وقتل الفنَّ كذلك
وأوّل مَنْ سنّ المقابر الجماعية بالعراق
العظامُ مكوّمة على بعضِها كالحطب المأروض
الأقفاصُ الصدريةُ مفلّشة
وأمشاطُ الأقدام مفكوكة
اختصر فنونَ الغناء بالجأر بآسمهِ
والفنونَ التشكيلية بصُوَرِهِ
والحدائقَ العامةَ بنياشينه
أذاب الخواتم
بكلّ ما فيها من أواصرَ ومواثيق
أذاب القلائدَ ومحا ما فيها من حِرَفٍ يدويّة
جعلها أُكَراً، وحنفياتٍ وملاعقَ
خَزَنهَا في بساتيقَ ليومِ الضيق
رأيتُ الرشاشة بعيني
لفتة أبوية، وآصرة حبّ
مهداة من صدام إلى آبنه عديّ
رشّاشة حقيقية من ذهب خالص
رشاشة تقتل إذا ضُغِط على الزناد
وعديّ يضغطُ على الزناد حتى من باب اللهو
ثلاثون عاماً سُرِقت
سرق صدام ثلاثين عاماً وهرب
سرق من كلّ عراقي ثلاثين عاماّ وهرب
لا تُستردّ أبداً
لا تُعَوّض أبداً
24-4-1903
2-تعبير عراقي عامي يُقصد به جمود الملامح وخلوها من الحركة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد
.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش
.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??
.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??
.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??