الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انسيابية الكتابة في قصص محمد رسن صكبان

عقيل الواجدي

2022 / 4 / 15
الادب والفن


اعتدت ان لا اكتفي من قراءة واحدة لأي نص ، القراءة المتعجلة تفقدني الكثير من مساحة المتعة وتضعني عند مفترق من الضبابية في الرأي وغياب الفهم لما أراده الكاتب ولاشك حينها يؤدي ذلك الى غبن حقيقي لأمكانيات الكاتب وجهده .
المطر تبلله الدموع – مجموعة قصصية للقاص العراقي ( محمد رسن صكبان ) ، هي احدى آخر قراءاتي ، استوقفتني الكثير من قصصها وعباراتها وقفة المتأمل والمستكشف لخبايا النص وغاياته ، خاصة وان قديم المعرفة به شخصيا وبامكانياته تستلزم مني ان لا اخطو سريعا في روض كتاباته ، متأنياً في تنسم عبق الأمكنة التي حرص القاص ان يمنحها عطرا لا يلبث ان يعود بالذاكرة الى عوالم لم تستطع السنين ان تمحوها ، حالة الالتصاق بالمكان مع تغير الأزمنة سمة تجلت في قصصه وهذا ما جعل لها قربا نفسيا لدى القاريء وبالتالي تجد نفسك تعيش تفاصيل النص ساعيا لكشف مكنوناته .
المجموعة بقصصها الخمسة عشر تجد انها اتخذت خطاً عاماً في معالجة العديد من الحالات الإنسانية التي يمكن لأي قاريء ان يجد مايشده اليها ، فالكاتب اجاد في ابراز مفاتن النص آخذاً بك الى عوالمٍ تجربُ معها موهبتك في التخمين ثم لا تلبث ان تجد نفسك بعيدا ، وهذه احد اهم سمات الكاتب المدرك لما يكتب في ان يبقيك على تواصل تام معه الى ان يصل بك حيث يريد .
( محمد رسن ) القصة النموذج التي سأقف عندها والتي اتخذ القاص اسمه عنوانا لها .
كان رأيي ولازال في ان الكتابة سمة إنسانية بحتة يتفوق فيها الكاتب عمن سواه من الموهوبين مهما تنوعت مجالات ابداعهم فهي السمة التي تتواءم فيها حقيقة الانسان ومخيلته لرسم عوالم لا يجيدها سواه ، وعالم القص الأبرز في مجال فنون الكتابة بعد الرواية بلاشك ومتقدما على الشعر ..
( ودّعها بقبلةِ من يعتزم ثقل الغياب ، وقفتْ بالقرب من سريرها المصنوع من الجرّيد ، فكرت بسقوط المطر) مشهد استهل به القاص قصته المعنونة ( محمد رسن ) ص3 ابرز فيه امكانيته في قدرته على الدخول ومحاكاة العواطف بتقنية المتمرس . فالبدايات التي لاتجتذب القاريء تعود بخطواته الى الوراء لذا ينبغي على الكاتب ان يُحسن استهلالاته ، وقد فعل ذلك الكاتب محمد رسن .
الكلمات والأفكار مواد خام متيسرة لكل أحد لكنما الفرق في من يجيد توظيفها وإعادة انتاجها بشكل مختلف ، تماما كما الحجارة متوفرة لكنما ليس الكل نحّاتون . وها نحن نجد القاص محمد رسن يتحفنا بقدرته على رسم حالة (مرض اجتماعي ) هي ( العقوق ) فعلى الرغم انها حالة لم يخل زمان او مكان منها ولم تتوقف الكتابة عنها لكن التوظيف المميز للفكرة والقدرة على رسم مساحة إنسانية كان لها الأثر في نضج النص فنيا وكتابيا من خلال سلاسة الأسلوب .
فقد كان بارعا في رسم المشهد الذي تدفع المرأة زوجها لعقوق امه واخته مستغلة حاجته الجنسية (( الزوج يتطلع الى زوجته بشغف كأنه يراها لأول مرة ، اقترب منها ، امسك خصرها النحيف بيديه ، انزلقت منه كسمكة تفلت فجأة من يد صياد ، اقتربت من الشباك ثانية ، اخذ يخلل أصابعه في شعرها المتناثر . ارتعشت يداه ، سحبته الى عوالمها البعيدة كأميرة في مخدع اسطوري . رمقته بعيني لبوة ، وقالت : يجب التخلص من العجوز والمجنونة وتجلب لي اشياءهما الثمينة )) ص5
وبمجموعة مشاهد أطّر بها الكاتب قصته لينتج لنا نصاً يستحق القراءة والكتابة عنه وهو مما تفتقده مدينة الناصرية – الاّ ما ندر- ان تهتم نقديا بنتاج ادبائها ودراسة ما يُكتب .
قابليته الكتابية لم تكن وليدة الصدفة فقد تجاوزها من سنين طوال وقد أشاد بذلك القاص المرحوم الأستاذ كاظم الحصيني 1998 :(( ان قصص – محمد رسن – تمتاز بعلو التكنيك ويفرحني ان اجده على هذا المستوى من الابداع )) وهذا واضح من مَشاهده التي تمتاز بتقنية عالية من التوظيف السلس .
(( الموت يدنو بملكوته المرعب ، جلستْ دموع بقرب أمها ، اطلقت الأصوات وقد امتزجت دموعها مع مخاطها ولعابها .
رحلتْ العجوز الى السماء على جناحي طائر عملاق ، ودّعتها وجوه كثيرة تمنت ان تراها قبل هذا الرحيل .
الفتاة وحيدة مع ثوب احتضنته لأم لم تعد تهتم بها )) ص11
- المطر تبلله الدموع مجموعة قصصية صادرة عن منشورات احمد المالكي 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف