الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا والتحولات الجارية في الدول المتخلفة

سحر حويجة

2006 / 9 / 12
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


على مدى نصف قرن، نجحت أمريكا في قيادة المعسكر الغربي في مرحلة الحرب الباردة، حيث كان الكلمة الفصل للقوة العسكرية التي يملكها القطبان، لكن مع دخول المجتمع العالمي مرحلة جديدة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والسعي الأمريكي المحسوس للاستفادة من الفراغ الذي شكله غياب القطب السوفيتي، لإعادة تشكيل العالم من جديد، وفق المصالح الأمريكية، عصر سمي بحق العصر الأمريكي.
ولاشك إن أكثر الدول تأثراً، للأوضاع الجديدة هي الدول التي كانت تعيش على التناقضات القائمة بين القطبين، وقد نالت هذه الدول ضربات ، اختلفت قوتها حسب دور كل نظام في المرحلة السابقة.
السياسة الأمريكية تميزت بالنسبة للدول المتخلفة في المرحلة السابقة، على الدعم الأمريكي للأنظمة الديكتاتورية العسكرية المنتشرة في المنطقة العربية بحجة الاستقرار، على اعتبار محدودة الأهداف والمصالح الخاصة المتناقضة لهذه الأنظمة ، التي تمنع من تحولها نحو المعسكر الاشتراكي ، في نفس الوقت كانت تدعم الاتجاهات المتطرفة، الدينية ضد النفوذ السوفيتي وضد الأنظمة محاولة لإضعافها والضغط عليها، وما أن أصبح العالم ذو اتجاه واحد تغيرت السياسة الأمريكية حيال هذه الدول، وأخذت تطرح شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية، هذا التحول يبرره مجموعة أسباب: فهذه شعارات أساسية تجتمع عليهما المعارضة في هذه الدول، وجزءاً أساسياً من مشروع أي معارضة في مواجهة سلطة الاستبداد ، ومآسي المرحلة السابقة من القمع والعنف، فهي محاولة لركب موجة الرغبة في التغيير الديمقراطي، خاصة بعد ضعف المشروع القومي، والمشروع اليساري، وضد المشروع الإسلامي المتشدد ذات المد المتنامي، الذي يتعارض مع المشروع الديمقراطي الحقيقي، لذلك تسعى أمريكا من طرح هذه الشعارات من أجل مد الجسور بينها وبين المعارضة بهدف السيطرة أو التحالف مع المعارضة. من جهة أخرى تعتبر هذه الشعارات، من أهم وسائل الضغط ضد الأنظمة العربية، حيث إن هذه الأنظمة ترى في الديمقراطية وحقوق الإنسان نهاية حتمية لسلطتها، وبالتالي يتم الضغط عليها باتجاه التنازل والمساومة، حيث إن هذه الأنظمة لا يمكن لها الاستمرار، والحياة بدون دعم خارجي. لذلك نلاحظ تناقض في الموقف الأمريكي، تبدو غير جادة في مبدأ التحول الديمقراطي، بل تستخدم هذه الشعارات للضغط ولدفع الأنظمة للتنازل لصالح أمريكا، مع بعض التنازلات الشكلية للمعارضة، وبالتالي ربط المجتمعات اقتصادياً بأمريكا وتحقيق الأهداف الأمريكية على حساب تحقيق مطالب المعارضة، وإن كان سمة هدا التغيير إنه بطيء. لكن ضريبته أقل بالنسبة لأمريكا.
في نفس الوقت ، لم تعد هذه الشعارات مهددة للسيطرة الأمريكية، على الرغم من المزاج الشعبي المعارض لأمريكا، لعدم وجود نظام اجتماعي اقتصادي منافس، وتعتمد امريكا على قوتها المنافسة مع القوى العالمية الأخرى، لتفوز بالسبق، وحاجة هذه الدول سواء المعارضة أم السلطة للمساعدات والدعم بكل أنواعه من الخارج، خاصة في مرحلة التحولات الأولى التي تعتبر لبنة أساسية في إرساء ورسم اتجاه التحولات المستقبلية، لا شك إن أمريكا، تعرف حق المعرفة ، أفاق هذه التحولات خاصة في المرحلة الأولى، من التحرر من الاستبداد ، حيث المجتمع الخارج في هذا الطور ، يعاني من الانقسامات الطائفية والقبلية ، والفئوية، أشكال من الوعي البدائي، ما قبل الأمة ، هنا تبرز صعوبة مهمة المعارضة في قيادة المجتمع، في مرحلة التحولات الكبيرة، عندما يتم إسقاط النظام بالقوة، من الصعب على هذه القوى أن توحد المجتمع وفق خطاها وتسير لتحقيق مشروعها.
المعارضة التي تعاني الأمرين من الأنظمة الاستبدادية ، فهي من جهة عاجزة عن فرض نفسها كقوة منافسة للنظام تدفعه للتنازل لها من اجل التحويل الديمقراطي، ومن جهة ثانية سيف القمع مسلط على رقاب المعارضة، من خلال تقويض أي إمكانية للفعل والانتشار. لذلك يسود في المعارضة اتجاهات، يرى بعضها في أن النضال السلمي لتحقيق مشروع الديمقراطية، لا يتم ولا يمكن أن يتم ، بدون ضغوط من الخارج، وهذا صحيح إلى حد كبير. في ظروف الاستبداد والقوة الغاشمة وقدرة الأنظمة على ا لتكيف مع الأوضاع الدولية، في نفس الوقت لهم برنامج مستقل ويسعى إلى تعبئة الجماهير وتطوير المؤسسات. أي التعاون مع الخارج وفق المصالح المتبادلة.
اتجاه آخر يرى أن المشروع الأمريكي بكل أهدافه يعتبر مثالاً، وبرنامج عمل لهم، يتفقون مع أهدافه ، في نفس الوقت يقولون أن هذه الأنظمة يستحيل تغييرها بدون قوة وبدون الحسم العسكري، التي تنتهي بإسقاط هذه الأنظمة، لذلك تراهم يعيشون حالة الانتظار السلبي ، عجزهم يتعدى الخوف من التعبير عن وجهة نظرهم، إلى عدم جدوى النضال قبل تحقيق مهمة إسقاط النظام. مخاطر هذا الاتجاه هو الروح الاستسلامية والاعتمادية، على أمريكا ، ومن ناحية أخرى قناعتهم بمشروعية المشروع الأمريكي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. يؤدي هذا المشروع إلى ربط المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمصالح الأمريكية بل الارتهان لها، ومن الصعب في الواقع أن يحوز هذا الاتجاه على قاعدة جماهيرية، ويتم تغييب المسألة الوطنية بشكل كبير. هذا الاتجاه لن يكون إلا ذات طابع نخبوي. هذا ما تريده أمريكا. أمريكا كي تحقق هدفها في السيطرة لا تريد مجتمع متماسك بل هي المستفيدة في المرحلة الأولى للتحولات التي تجري في هذه البلدان من مكونات الضعف الطائفية والقبلية التي يسهل السيطرة عليها، عبر استخدام السلاح الطائفي للفتنة، وإضعاف القوى والتحكم بها، ومن ثم إعادة ترتيب الأوضاع بما ينسجم مع المصالح الأمريكية.
لذلك تبقى المصالح العامة المرتبطة بمشروع وطني للبناء وفق المصالح العامة للمجتمع هي شرط أساسي لنجاح أي دعم أو تحالف مع الخارج، وهنا يتم الاعتماد على قوة الذات، وقدرتها على التأثير والفعل، ورسم منحى التغيير ، وإلا سيكون أداة ومطية ، في يد الخارج، حيث إن أمريكا تسعى في هذا الاتجاه ، سواء بالنسبة للأنظمة التي أخذت ترتهن أكثر فأكثر ، أو بالنسبة لبعض قوى المعارضة، التي ترى إن التغيير لا يتم إلا بالحسم وبقوة الخارج، وبالتالي يكون دورها ، مرتبط بدور هذا الخارج وتأثيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة