الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم الوقت الآن 1989:(مايكل وأبوه)

بلال سمير الصدّر

2022 / 4 / 16
الادب والفن


لقاء بين والد لايذكر اسمه في الفيلم (مارسيلو ماستروياني) وابنه مايكل-الممثل -Massiomo Troisi
الغير متشجع أبدا لمثل هذا اللقاء اقرب منه الى الاستغراب من الشغف.
يبدو أن الأب غائب من فترة طويلة وقادم مجهول الدوافع سوى تحقيق أحلام ابنه....
ما هو الدافع الأبوي..هل هو الماضي أم اقتراب الرحيل...؟
خاصة ان الطرف الحميم في هذا اللقاء هو الأب وليس الابن....
يسير الفيلم بشكل عفوي وتلقائي،فاللقاء تغلب عليه سمة التحفظ حتى تنفجر الحبكة أو الحدث الاساسي الذي نتج عنه الانفصال،إلا ان ايتوري سكولا لايبيح الماضي بتمامه،لكنه يلتقي به على شكل شذرات،وحتى ما دعوناه بتفجر الحبكة لايخرج هذا الماضي بتمامه من عقاله...
لكن موضوع الزمن هو حاسم في الفيلم،فالزمن هو اشارة على التتابع،اتقضاء جيل وبداية جيل آخر.
عندما يتحدث الأب عن الماضي ليستبيح الذكريات وعن فترة الحرب العالمية الثانية بالذات،فهو يعتقد ان هذه الفترة الماضية هي الأفضل لولا وجود الفاشيين والألمان...يقول الأب:
لم تكن حقبة جيدة،الأشياء افضل الآن صدقني...هل تحب الزمن الذي نحن فيه...؟!
الابن:نهاية القرن العشرين...هل تعتقد بانها جميلة؟
الاب:جميلة...! أنها نهاية قرن مثل اي نهاية قرن أخرى
الاب ينطق بحقيقة جوهر الزمن تلك التي نطق بها نيتشة ذات مرة،ولكن للزمن تفاصيل أخرى لايمكن انكارها،منها امكانية الالتقاء بين الاجيال،وحكم ومعطيات الزمن بالنسبة للشخص نفسه،ومنها ايضا الشعور باقتراب الأجل.
هما يتبادلان حوارا سطحيا عن كل شيء...عن الماضي بسطحية...عن الحاضر بسطحية...عن الالتقاء وعن الانفصال ...عن المعرفة بالحالة الشخصية المتبادلة بسطحية أيضا.
على عمق الموضوع،فالفيلم خفيف جدا في المعالجة وهذه سمة من سمات السينما الأمريكية
هدية...يقدم الاب لمايكل ساعة الجد كهدية،يقول مايكل:
كل دقيقتين كنت أسأل جدي...كم الوقت الآن...
كم الوقت الآن،هو مفتاح الجملة التي سينطقاها لاحقا،نحن في زمن لاتنفع فيه المسامحة أو المعاتبة عن اخطاء الماضي،وحدوث علاقة غير منطقية ولكنها مألوفة بين رجل وفتاة تصغره بعشرين عاما لايمكن الحكم عليها في هذا الزمن ان كانت سببا كافيا للانفصال...ببساطة فهذا لن يفيد في اي شيء
يظهر ايتوري سكولا شخصيات هامشية ولكتن بتركيز شديد من خلف كلا الشخصيتين،وهو يعيد تمثيل الماضي بطريقة لمن اراد الانتباه لذلك...
في مطعم الميناء هناك اشخاص وكانهم مختلفون على امور محاسبية
عند تناولهما لوجبة الغداء هناك امراة تعيد تشكيل هندامها أمام رجل من الواضح بأنه يكبرها سنا
ألا يوحي المشهد الأول للشخصيات الهامشية بأن الوالد أهمل أولاده بسبب العمل،بينما المشهد الثاني وكأنه يحاكي حرفيا قصة الأب.
الفيلم في احد موضوعاته الأثيرة بالتأكيد،هو التقاء بين زمانين ...هو عن الماضي المتحفظ بين الاثنين...بين الزمانين،لكن بعد هذا الغياب الطويل-كما يبدو-هل يحق للأب ان يقتحم حياة ابنه
وهل الأحلام الكبيرة التي حققها لأبنه من شراء سيارة فخمة وشقة كافية أيضا
وهل يحق له ان يتكتم على الخيانة الزوجية من قبل الأم طوال هذه الفترة ليقدم حججا تبدو مقنعة لغيابه...
ما هو الوقت الآن...هل هذا هو الوقت المناسب لذلك...هل هذا اليوم الواحد هو الوقت المناسب لذلك؟
لا اعتقد ذلك
ان كان الأب قدم من الماضي لتصحيح أو لتبرير غيابه،فهذا على مايبدو وكأنه كان متاخرا حتى بالنسبة له،فايتوري سكولا يوحي دائما أن الأب مريض ومنهك وربما لن يتبقى له الوقت الكثير.
لكن ايضا،لايمكن ان نحكم على جملة(لم يتبقى له من الوقت كثيرا) بالصحة،إذا نظرنا الى الحياة الواقعية على الأقل...
توفي مارسيلو ماستروياني(الأب) عام 1994 عن واحد وسبعين عاما وتوفي ماسيمو توريس (الابن) عام 1994 ايضا نتيجة سكتة قلبية عن واحد واربعين عاما.
نحن نستطيع ان نضع الزمن كمعيار للحكم على الاشياء،ولكننا لانستطيع ان نفسر احكام هذا الزمن نفسه المستقبلية...
حصل كلا الممثلين على جائزة احسن ممثل من مهرجان فينيسيا السينمائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته