الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما اشبه اليوم بالامس!

الشرقي لبريز
اعلامي وكاتب مغربي

(Lebriz Ech-cherki)

2022 / 4 / 16
كتابات ساخرة


لم تكذب جدّتي تلك المرآة المنحدرة من إحدى قرى المغرب المنسي المتخمة في جبال الأطلس، تلك المراة التي لم تكن تقرأ أو تكتب، حين روت لي قصة كيف يضحك تجار السياسة على ذقون البسطاء بحب الوطن، كانت تحكي وهي تختنق من الضحك، فيتحول العالم في نظري الى تضاريس وهم، ويتسرب الى رئتي ضجيج من شفة الريح، وانا اسمع سردها، كيف يقدمون انفسهم للبسطاء بانهم أنقذوا البلاد، في حين هم ينفذَون مشروعا ضد شعب يحيى في أرضه التي يزرعها ويفلحها ويعتاش من خيراتها.
كبرت ولا أعرف إن كانت جدتي والأمهات يعين أصل المشكلة، إن كن يعرفن ان سبب كل المآسي التي نعيشها هم اولئك المهرجين، لكنني الشيء الذي انا متأكد منه هو صدق مقولة عبد الرحمان منيف حين قال:
" صمت المسنين أقوى من كل الكلمات التي نسمعها الان! إنه صمت مدو، يجعل الخوف شيئا ماديا ملموسا!.."
رغم ان جدتي لم تكن تعرف القراءة ولم تدخل مدرسة قط الا انها كانت، تجيد التأريخ وتحب الحسابَ فقط، هذه المفارقة شغلتني طويلًا، ولا اعرف أكانت حساباتها مرتبطةً بتعداد الأيام التي يقضها المبعدون عن دويهم؟ الذين تم اقتيادهم الى اماكن مجهولة في جنح الظلام؟ كما لا اعرف مَن علمها فعل التأريخ هل عشقها لوطنها، اما كرهها للجلد؟.
جدتي كانت نادرا ما تهرب الى الصمت، حيث كانت تغني مجموعة أغاني، كان صوتها يحمل حزنا غريبا، وحنينا، غناء يثلج الصدور حين نجيد الإصغاء اليها، فهي المرأة التي شهدتْ انكسارات عدة، لم تودع أولادها شهداء، وإنّما ودعت شباب هذا الوطن الى متوهم سنوات 1965 و1984.., جدتي عايشت امهات انتظرن اطلاق سراح ابنائهن، عايشت ترقب الأمهات عودة قامة اختطفت في جنح الظلام، حيث بعضهن حالفهن الحظّ، واخريات ولم يعد لهن بل صار في خبر كان.
عبر سنواتها السبعين او الاكثر، لا اذكر ان يوما مر دون ان تحكي لنا حكاية عن وطن...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال