الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء مزيد من السدود يهدد جنوب العراق بزيادة كارثة الجفاف وشحه المياه

اسماعيل داود

2022 / 4 / 17
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


لا للمزيد من الحلول الزائفة
———————————

إنقاذ نهر دجلة - أمستردام 15 نيسان 2022

يتعاظم حجم قلقنا من استمرار وإصرار حكومات المنطقة على بناء مزيد من السدود الكبيرة على مجرى نهر دجلة ورافده الرئيسية المنهكة أصلا بالسدود. وبالرغم من الإشارة المباشرة والصريحة للاستراتيجية التي قامت الحكومة العراقية بنفسها بتحمل نفقات كتابتها من مستشارين متخصصين والتي تحمل عنوان ”استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق، والمعروفة اختصارا (SWLRI)“ واكملت عام 2015.
تشير هذه الاستراتيجية بان العراق سيواجه شحة مياه مقارنة بما متوفر لديه من موارد، لكنها تشير ايضا و بوضوح الى عدم حاجة العراق لمزيد من السدود أو الخزانات الكبيرة، وتوضح إن لدى العراق ما يكفي منها، خصوصا وان العراق لايمتلك اي اتفاقات مكتوبة او ضمانات من دول المنبع. ولذلك على الدولة العراقية التركيز، بدلا من بناء السدود، على تنفيذ إصلاحات رئيسية في قطاع المياه.

وتدعم هذا الاستنتاج حقائق عدة ومنها، إن خزانات العراق الحالية ( كلها) تعاني من نقص مياه والبعض منها من تدهور نوعية المياه المخزونة وازدياد الملوحة إلى درجة أنها لم تعد صالحة للاستخدام (سد الثرثار مثالاً). وفي كل مرة يبنى سد يسبب شحه في المياه في اسفل النهر وخصوصا جنوب العراق، ويرصد نشطاء المياه والبيئة أزمة نقص مياه كبيرة في مناطق تبدأ من محافظة ديالى وصولا إلى البصرة و أهوار جنوب العراق.

ومع ازدياد درجات الحرارة التي تعيشها المنطقة بسبب ظاهرة التغير المناخي، يتعاظم حجم المياه المهدورة نتيجة التبخر من خزانات المياه والسدود التي يحتفظ بها العراق بمياه يعتبرها خزين استراتيجي. ومؤخرا أصدرت حملة إنقاذ نهر دجلة دراسة متخصصة عن التقديرات المعروفة لحجم التبخر من مياه السدود العراقية، النتيجة مذهلة، كميات المياه المهدورة تصل الى 10٪ من مجموع الخزين سنويا. هذه الكارثة تجعلنا ندق ناقوس الخطر، ما يعتبره العراق خزين استراتيجي يتلاشى في الهواء يوم بعد يوم، ليترك ما تبقى من مياه بنسبة ملوحة أعلى! للوصول إلى هذه الدراسة اضغط هنا1

وهناك المزيد من السدود!

و كيف والحال هي هذه، يتم إهمال كل ذلك والتوجه إلى بناء مزيد من السدود في أعالي نهر دجلة وروافده الأساسية. وتتزايد المشكلة مع توارد المخاوف من سدود جديدة تشيد في تركيا. مؤخرا وتحديدا في عام 2018 افتتح سد ”اليسو“ على نهر دجلة، وهذه المرة تركز تركيا على بناء صد اخر هو سد ”جزرة“. وهناك سدود أخرى سيتم بنائها داخل إقليم كوردستان - العراق. هذا بالاضافة الى نية الحكومة العراقية ببناء سد اخر على دجلة وهو”سد مكحول“.

ونحاول بشكل مستمر تتبع أخبار وتطورات العمل في سد ”جزرة“ والذي لا نسمع حوله معلومات واضحة من الجانب العراقي،أو التركي. الحكومة العراقية لا تصارح شعبها حول موقفها من هذا السد، هل ستستمر بسياسة غض النظر عن بناء السدود وعن عدم التزام دول المنبع (تركيا وإيران) في القانون والعرف الدولي والذي يقضي باستشارة الدول التي تتشارك الأنهار والروافد، وبتوفير دراسة وافية على اثر هذه السدود على تلك الدول، كشروط اساسية لبناء مثل هذه السدود.
قامت الحكومة التركية بنشر معلومات محدودة جدا عن مشروع سد جزرة تفيد بانها ستواصل العمل في بناء هذا السد، وذلك بالرغم من الأثر الخطير الذي يهدد دول المصب (العراق وسوريا). وستنشر حملة إنقاذ نهر دجلة تحديث عن حالة سد جزرة قريبا. وما تجدر الاشاره له الان هو التالي:

• أشارت السلطات التركية في عام 2021 إلى أنه سيتم بناء سد جزرة قريبًا ، ولكن في وقت مبكر من عام 2016 كانت مصادر غير رسمية أفادت بأن شركة الأشغال الهيدروليكية الحكومية التركية (DSİ) قد وقعت عقدًا مع شركة خاصة لمشروع سد جزرة ومحطة الطاقة الكهرومائية. وتكشف عمليات البحث الأخيرة على موقع شركة DSİ على الويب عن القليل من المعلومات حول مشروع ”Cizre“ ، مما يدعو إلى التكهنات بأن المشروع قد تأخر.
• إن الافتقار إلى الشفافية أمر مقلق ويثير مخاوف بشأن الآثار الكارثية المحتملة على صحة وسلامة وسبل عيش مجتمعات المصب اذا ما اكتمل بناء وتشغيل هذا السد.
• وفقًا لتقرير أعده فيليب ويليامز وشركاه في عام 2006، نيابة عن الاقتصاد العالمي والبيئة والتنمية (WEED) ، فإن التشغيل المشترك لسد إليسو وسد جزيرة قد يقلل من تدفق نهر دجلة إلى سوريا والعراق إلى أقل من 60 م 3 / ثانية خلال سنوات الجفاف وفي أوقات الجفاف يمكن أن تتوقف التدفقات الصيفية تمامًا.


وفي نفس الوقت تعمل حكومة اقليم كوردستان على بناء اربعة سدود دون علم الحكومة المركزية في بغداد. ونشرت صحيفة الصباح، (الصحيفة الرسمية العراقية الاولى) في عددها ذي الرقم (5373) والصادر في يوم الاثنين 4 نيسان 2022، خبرا عن وزارة الموارد المائية وتحت عنوان ”لا سلطة اتحادية على ملف المياه في كوردستان“. وتؤكد وزارة الموارد المائية في هذا الخبر بان حكومة اقليم كوردستان قد وقعت بالفعل مذكرة تعاون مع شركة ”باورتشاينا“ المملوكة من الحكومة الصينية وان هذا سيسبب بخلافات كبيرة بين اربيل وبغداد على المستوى السياسي. ويبدو ان المقصود بهذه السدود الاربعة هي سد دلكة ضمن حدود قضاء بشدر ، وسد خيوته، كلاهما في السليمانية وسد منداوة في اربيل وسد باكرمان في دهوك. وفي الحقيقة فان حكومة اقليم كوردستان تخطط لبناء عدد كبير من السدود وقد قامت حملة انقاذ نهر دجلة بنشر تقرير متخصص يتحدث عن هذه السدود - للاطلاع على التقرير الخاص بسدود اقليم كوردستان اضغط هنا.2

ومن جهة اخرى تتحرك الحكومة العراقية لاستكمال العمل على سد مكحول وبالرغم من الماخذ الكثيرة التي تحيط بهذا المشروع ومعارضة اليونسكو والخبراء الجيولوجيين له، والتي الذي اوقفت العمل بهذا السد من قبل.
فالطبيعة الجيولوجية المعقدة للارض التي يقام عليها سد مكحول مشابهة لحد كبير الطبيعة الجيولوجية التي تتسم بها الارض التي شيد عليها سد الموصل والمكونة من جبس قابل للذوبان، مما جعل هذا السد شهير بكونه اخطر سد في العالم، او مايسمى بالسد الفاشل لانه سيستمر بحاجة الى ضخ وتدعيم اساساته بشكل يومي لتفادي الانهيار. وهذه هو السبب الذي يجعل من المستحيل إستخدم سد الموصل بطاقته الكاملة.
اكمال سد مكحول قد يترك العراق بمواجهة سدين فاشلين بحاجة لملايين من الدنانير يوميا لحمايتها من الانهيار! كذلك فان سد مكحول في حال اكماله سيهدد منطقة اثرية كبيرة بالانغمار ومنها موقع اشور وهو موقع على لائحة اليونسكو للتراث العالمي ”قلعة اشور“. وسينتج عنه ترحيل قرى ومجتمعات محلية يصل عددها ل 39 قرية يعيش فيها حوالي 118000 مواطن هذه المنطقة، ((انظر الانعكاسات الاجتماعية والثقافية لسد مكحول ، 2022 ، https://www.liwaniraq).

مرة اخرى نرى خطط بناء السدود لاتاخذ بعين الاعتبار الاثر على التراث الثقافي وعلى المجتمع المحلي. وستصدر حملة انقاذ نهر دجلة قريبا دراسة مخصصة حول سد مكحول وسيتم نشرها على الموقع الرسمي لنا.

السدود حلول مزيفة

نحن في حملة انقاذ نهر دجلة نستغرب ان يتم الحديث عن مزيد من السدود وكانها حلول لمشاكل العراق المائية، هذه السدود بالنسبة لنا، حلول زائفة لمشكلة حقيقية ومعقدة ومن الاجدر التوقف عن الترويج لهذه الحلول الزائفة والتوجه الى بدائل حقيقية مثل حصاد الامطار ومكافحة التلوث في الانهار ومصادر المياه والتوجه لترشيد الاستخدام وتحديث منظومات الري والشرب في طول العراق وعرضة. هذه البدائل نطرحها كحلول حقيقية وندعو حكومة العراق وحكومة اقليم كوردستان الى استثمار المليارات التي يخططون لانفاقها في سدود جديدة وتحويلها الى برامج طويلة الامد للبدائل التي يمكن لها ان تغير الحال اليوم وغدا.

ونعلن استعدادنا للحضور إلى بغداد وأربيل مع خبراء ومختصين لاجراء مزيد من النقاش مع المعنيين من حكومة الاقليم ومن الحكومة المركزية و من اجل الحوار حول هذه البدائل. هذا البيان هو دعوة للاستيقاظ ، ولكنه أيضًا طلب للحوار حول صياغة مسار مختلف في ملف ادارة المياه في العراق.





————
لمزيد من المعلومات اتصل بالمنسق الدولي :
جوهانيكة فاندنبوس [email protected]
موقعنا الالكتروني: https://www.savethetigris.org
حسابنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/save.the.tigris.stc/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا