الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا كما هي على حقيقتها لا كما يراها ميشيل كيلو

كامل عباس

2022 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



احاول في الذكرى السنوية الاولى لوفاة المرحوم ميشيل كيلو اعادة صياغة ما كتبته من جديد في الرد عليه ليس على طريقة الاسلاميين ( اذكروا محاسن موتاكم) بل بتجديد نقدي لأفكاره القديمة التي صغتها في مقالي السابق تحت هذا العنوان - امريكا كما هي على حقيقتها لا كما يراها ميشيل كيلو-
اعتقد ان كيلو ليس تلميذا نجيبا لماركس بل تلميذ نجيب للمناضل لينين بعده وقد كانت فلسفة لينين وكيلو خطوة الى الوراء قياسا بفلسفة ماركس بدلا من ان تأتي خطوة الى الأمام.
لقد نظر ماركس الى امريكا الدولة كنظرة بمنتهى الواقعية فقد كتب الى رئيس الولايات المتحدة الامريكية ابراهام لينكولون في معمعان الحرب الأهلية عام 1864 بمناسبة انتخابه للمرة الثانية لمنصب الرئيس الأمريكي جاء فيها حرفي : سيدي الكريم نرسل التهاني الى الشعب الامريكي لمناسبة اعادة انتخابكم بأغلبية ساحقة .لئن كانت مقاومة جبروت مالكي العبيد شعارا معتدلا لانتخابكم في المرة الاولى فان النداء الكفاحي المظفر لا عادة انتخابكم يعلن الموت للعبيد.
لم تكن أمريكا زعيمة الأمبريالية والاستعمار كما حاول تصويرها كيلو بل على العكس خاضت حرب استقلال ضد الاستعمار البريطاني وهي تلخص التاريخ العالمي بأكمله الذي انتقل من الاستعمار المغلف بشعارات قومية الى دولة حديثة استقبلت كل المهاجرين اليها من كل الدول واعطتهم الجنسية الأمريكية مع حق احتفاظهم بجنسيتهم القديمة لكنها انتقلت الى صف عداوة الشعوب بعد تبنيها أفكار مستعمريها البريطانيين وتحديدا منذ ان تبنت لبرالية تاتشر زعيمة اللبراليين الجدد التي شوهت اللبرالية .
ان اللبرالية نظاما فلسفيا وسياسيا متكاملا ينطلق من الخاص الى العام, من الملكية الخاصة الى الملكية العامة ويقوم على الحرية بجانبيها السياسي والاقتصادي وهو يقر بأن واقع البشرية الحالي تسود فيه ملكية غير متساوية في المجتمع ,والحرية تعزز هذا التفاوت بسبب مواهب وقدرات الأفراد الشخصية يدعمها ما يرثون أيضا من آبائهم وأجدادهم, هنا يأتي دور الدولة لجعل هذا التفاوت في الملكية معقولا وقائما على ما يبذلون من جهود في العمل ,وقد عرض فلاسفة قرن الأنوار نظام اللبرالية بدقة وشرحوا باستفاضة وجوب ان تقوم اللبرالية على دعامتين أساسيتين من اجل الحرية المبتغاة لها هما الاصلاح والأخلاق او القيم , اللبرالية تدعو الى الاصلاح وليس الى الثورة , اللبرالية ترى ان الثورة هدم وبناء في حين يتفوق عليها الاصلاح كونه بناء على البناء , اللبرالية ضد العنف بما فيه الثوري, اما الأخلاق والقيم فهي لازمة للبرالية نفس لزوم الاصلاح .
باختصار الحرية بعرف الفلاسفة اللبراليين ليست جانب واحد بل جانبين اقتصادي وسياسي , والجانب الاقتصادي لن يستقيم الا مع تدخل الدولة لتخلق اقتصادا لا يقوم على ما هو كائن فقط , بل على ما يمكن ان يكون , أي تحقيق التطور الاقتصادي ضمن القيم الانسانية ولمصلحة المجتمع ككل . ان الفقر والبطالة لا يدلان على فشل أخلاقي او خلل شخصي لدى الأفراد , بل على العجز البنيوي للاقتصاد الذي يجّرد بعض الناس باستمرار من الحاجات الأساسية لحياتهم .
واذا كانت اللبرالية نظاما فان الديمقراطية ليست كذلك بل هي آلية في الحكم وليست مرتبطة باللبرالية ابدا وأقدم منها في التاريخ ولا تشترط العدالة الاجتماعية مثل اللبرالية ولها سلبياتها وايجابياتها, ومن سلبياتها أنها قد تحمل الى الحكم شخص مثل هتلر او ترامب او بن لادن وذلك عائد لأسباب عديدة تحتاج الى معالجة في موضوع مستقل, لكن عندما تقترن اللبرالية بالديمقراطية تعطي افضل النتائج الايجابية للمجتمعات شريطة الا تكون منحازة للأغنياء على حساب الفقراء ولا يراد بها حرية الموت جوعا .
لم يكن ابراهام لنكولان هو المناضل كرئيس للجمهورية وحده ف التاريخ الأمريكي فقد جاء بعده رؤساء قل نظيرهم في التاريخ لم تصل اليها اي دولة منهم على سبيل المثال لا الحصر بع ابراهام لنكولون فرانكلين روزفلت فقد جاء في رسالته السنوية الى الكونغرس في 6 كانون الثاني 1941 التي عرفت باسم خطاب الحريات الاربعة حرفيا :هذه ليست رؤية لزمن مفرط في البعد .انها قاعدة دقيقة لنوع من العالم يمكن بلوغه في عصرنا ويمكن ان يبلغه جيلنا نحن بالذات. هذا النوع من العالم هو نقيض النظام الجديد المزعوم الاستبدادي الذي يسعى لخلقه الطغاة بواسطة قنابلهم . كما ان الرئيس جون كيندي كان من افضل زعماء العالم في تبنيه للقيم التحررية والديمقراطية .
امريكا هي التي هزمت الرئيس ترامب عبر انتخابات حرة بسبب ذلك التاريخ .رغم تشويه لبراليتها من قبل من تبنوا من جديد خطاب مستعمريها . شخصيا أنا احترم جدا للقوميين امثال جورج قرم رغم كل ماكتبه بحق امريكا وهجومه على احدث مفكريها ( صموئيل هنتنغتون) وهو صاحب نظرية صدام الحضارات واعادة تأهيل النظام العالمي الجديد لكنه قرا كتابه على طريقة لا تقربوا الصلاة مثل بقية القوميين المتشددين لكنني لا احترم أداء كيلو في زمن الثورة السورية الحديثة لأنه كان مغلفا بالشعبوية ولم يكن يخدم القرار الوطني السوري المستقل . ليس العيب في أن ننتقد كيلو لنتجاوز اخطاءه بل العيب لمن يدعو لتجديد أفكارا له - بما فيها من شعبوية - كانت ضارة بالشعب السوري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظارات يا حاج كامل
جلال عبد الحق سعيد ( 2022 / 4 / 19 - 03:30 )
النظارات يا حاج كامل
غير النظارات التي تستخدمها يمكن تكسب رؤية جديدة للمشهد السياسي
اكتفي بهذا القدر
مانا شبعت حجب تعليقات ولأسباب غامضة

اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب