الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة هي نتاج القراءة

حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)

2022 / 4 / 19
الادب والفن


خلف كل كاتب جيد يتواجد قارئ جيد. يتسلح بصبره، ويسبر غور الكلمات مسترشدا بضوئها. ليصير ما هو عليه . كأن القراءة تترك وراءها بقايا، أحجار، يبني عليها الكاتب عمله/ حياته . فلا يمكن لأي أحد أن يكون كاتب ما لم يكن قارئ جيد، شغوف بالكتب، محب لها الى درجة تصل أحياناً إلى حد الهوس. جاعلا من القراءة دأبه ومن المطالعة ديدنه. بينما ذهنه يمتلء بالدهشة والحبور ومتع لا توصف وهو يحيط نفسه بعقول ذات مستوى عالي من الجودة ، ليدخل معها في حوارات عدة، ليصل به الأمر أنه لا يريد احيانا مفارقة هذه العقول. لأنها فتحت أمامه أبواب عالم كل شيء فيه ممكن، بيد أنه مرغم على ذلك . مرغم على غلق الكتاب – والتوقف عن محادثة الموتى والأحياء الذين يقبعون في الكتب منتظرين أن تمتد إليهم يد القارئ - فهناك حياة في الخارج تنتظره ، حياة سيراها بمنظور آخر مختلف وسيكون فيها أكثر تعاطف وتسامح ما دام أنه جرب آن يلبس جلباب مئات الشخصيات وهو منغمس في القراءة التي من بين معانيها أن نصبح آخر غير أنفسنا.
في نص له منشور ضمن كتاب مشترك تحت عنوان " رسائل الى شاب مغربي " يؤكد، الكاتب المغربي الطاهر بن جلون على دور القراءة في تعلم الكتابة، إذ يقول: " كثيراً ما يسألني أطفال او مراهقون: كيف يصبح المرء كاتبا ؟ اكرر نفس الجواب دائما وأبدا للرد عليهم : عن طريق القراءة، القراءة يوميا. قراءة الأعمال الخالدة او الكتب المتواضعة. قراءة الكتاب الكلاسيكيين والعصريين. فعل القراءة هو الذي يعلمنا الكتابة " .
لهذا فالطامح لأن يكون كاتبا سيصير كذلك من خلال فعل القراءة،. فالقراءة، القراءة المتعددة، هي التي تجعل من الشخص كاتبا. ولو درسنا حياة معظم مؤلفي الكتب الكبار سنجد أنهم قبل أن يصبحوا مراجع يحتذى بها في عالم الأدب، كانوا قراء كبار. فالجاحظ كانت الكتب شغله الشاغل، حيث أنه كان يكتري دكاكين الورّاقين – بائعي الكتب – ويبيت فيها اللَّيل كلّه يتصفّحُ الكتب بمتعة ولذة إلى أن يبزغ الفجر.. والكاتب الاسباني سرفانتس الذي لا نعرفه بقدر ما نعرف شخصيته دون كيشوت التي تقاتل طواحين الهواء معتقدا أنهم عمالقة. كان شغوفا بالقراءة لدرجة أنه كان يقرأ حتى الأوراق التي يعثر عليها ملقاة في الشوارع. ومحمد شكري كان ينفق على شراء الكتب اكثر مما ينفق على المأكل والمشرب والمسكن. والارجنتيني بورخيس الذي كرس حياته للأدب، كان يفخر بكونه قارئ أكثر من فخره بكونه كاتب. بل إن هناك من لم يكتب إلا لأنه لم يجد الكتاب الذي يبحث عنه لقراءته. ولنتذكر في هذا الصدد الكاتبة الأمريكية من أصل إفريقي توني موريسون . فهي لم تكن لتكتب رواياتها الأولى – التي تدور حول فتاة سوداء تحلم بعيون زرقاء – لو أنها عثرت على رواية مثلها، فقد كتبت هذه الرواية لأنها لم تعثر عليها . وعليه فالأساس الذي تقوم عليه الكتابة هو القراءة . ودون هذه الأخيرة لا يمكن للمرء أن يكون كاتبا . وحتى لو كان، فأي كاتب سيكون بدون قراءة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح