الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على عتبات الايليزيه 2

فتحية دبش
كاتبة، روائية، ناقدة ومترجمة

(Fathia Debech)

2022 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تشتد المعركة بين المترشحين للرئاسية الفرنسية ايمانويل ماكرون الرئيس المنتهية فترة رئاسته ومارين لوبان التي تواجهه للمرة الثانية.بعد 2017. ولم يكن الحوار الذي جمع بينهنا على القناة الأولى الفرنسية يوم الاربعاء العشرين من أفريل على الساعة التاسعة ليلا وعلى مدى ساعتين وثلاثة أرباع الساعة تقريبا إلا مناسبة جديدة لكشف آلام فرنسا الديمقراطية.
انتظر الفرنسيون هذا الموعد ليس فقط للوقوف على برنامجي المترشحين وإنما للإجابة على سؤال: هل أقوم بواجبي الانتخابي أم ألتزم الصمت ولا أمنح صوتي لهذا ولا لتلك.
هذا السؤال وفي ديمقراطية عريقة كفرنسا يطرح جملة من النقاط لعل أهمها هي كيف يمكن للديمقراطية أن تتفتت من الداخل وماذا يفعل الساسة بصمت الناخبين؟
أما السؤال الأول فهو يقتضي الجزم بأن الديمقراطية ليست حالة مستمرة وإنما هي تشييد مستمر لأسسها التي تعتمد على التعدد السياسي والايديولوجي أولا وآخرا. ومن هنا فإن حضور اليمين المتطرف على مدى عشريتين في الدورة الثانية للإنتخابات الرئاسية ليس خرقا للديمقراطية بل هو أس من أسسها حتى وإن كان حزبها مصنفا ضمن قائمة الأحزاب المتطرفة. فالديمقراطية هي أيضا أن يكون هناك تمثيل لكل أطياف التفكير والتوجهات الايديولوجية.
هذا الحضور يكشف عن تحول في الديمقراطية الفرنسية التي حولت حزب مارين لوبان من حزب يميني متطرف ألى حزب يميني وحسب. وبالفعل يعيش الشارع الفرنسي حالة من القلق بين مدافع عن العلمانية كما تفهمها مارين لوبان وبين مدافع عن العلمانية كما يكفلها القانون الفرنسي. هذا القلق الذي أفضى إلى انقسام الشعب الفرنسي يمينا ويسارا ووسطا.
فبين مدافع عن فرنسا الجامعة لكل أطياف الفرنسيين دون النظر إلى عرق ولا إلى دين ولا إلى أصول تقف مارين لوبان ضد العلمانية نفسها وتسدد سهامها نحو النساء المسلمات المحجبات وتقيم برنامجها القومي على إقصاء هذه الشريحة من المواطنين ( إلى جانب الأجانب المسلمين المقيمين) بدعوى التصدي للارهاب والتطرف الإسلامي. ولعل مجرد الوقوف عند هذه النقطة وقبول الشارع الفرنسي لمناقشة مادة مثل هذه في برنامجها هو تفتت للديمقراطية وللعلمانية من الداخل.
وأما السؤال الثاني المتعلق بصمت الناخبين فهو من الأهمية بمكان. ذلك أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في عدد الناخبين العازفين عن التصويت أو الذين يشاركون بورقة بيضاء. وهذه الظاهرة تضع الديمقراطية بكل كياناتها ومقوماتها أمام سؤال الاختيار الكامن في عدم الاختيار. هذه الشريحة تمارس حقها في الصمت أو عدم التصويت أو عدم الاختيار، الأسباب وراء هذا الاختيار تتلخص ببساطة في سقوط السياسة من اهتمامات هذه الشريحة التي ترى أن لا أحد من المترشحين يمثلها. هذه الشريحة تبني موقفا سياسيا حتى وإن لم يبدو كذلك. موقف سياسي يتحدث عنه المختصون بإطناب دون أن يقدموا اقتراحات صريحة لاستثمار هذه الأصوات الحاضرة بالغياب. وهكذا كان الحوار خطوة لاستقطابها دون استثمارها.
الورقة المطروحة اليوم أمام الديمقراطية تتمثل في الاعتراف بصوت اللا تصويت واعتباره ورقة انتخابية فاعلة. هذه الورقة التي ترفض الخيارين الوحيدين في الدورة الثانية للإنتخابات الرئاسية. والتعبير عن عدم الرضا على هذا وذاك تحتم وجوب وجود اختيار ثالث لا تتوضح الآن معالمه، ولكن من المؤكد أنه سيغير وجه الديمقراطية في المستقبل.
إن معركة الفترة الرئاسية القادمة ستكون الأشرس بنظري لأنها أمام تحديات جمة أولها رتق ديمقراطية فرنسا وعلمانيتها وآخرها رد الاعتبار لفرنسا الأنوار والفلسفة التي أطفأتها رياح زيمور ولوبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم التهديدات بتعليقها.. أمريكا ترسل شحنة أسلحة جديدة لإسرائ


.. القسام تعلن استدراج قوة هندسة إسرائيلية شرق رفح وتوقعها بين




.. مصر ترفض اقتراحا إسرائيليا جديدا لإعادة فتح معبر رفح


.. الانتخابات التمهيدية في ميريلاند وويست فيرجينا تدفع الجمهوري




.. حرب غزة.. تصورات اليوم التالي | #غرفة_الأخبار