الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع -الجهالةِ- !!

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2022 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منذ ما يربو على قرن، وموضوع العلاقة بين العرب والغرب، الاسلام والمسيحية، يثير الحيرة والنقاش على مختلف المستويات، العامة والثقافية والأكاديمية والسياسية، تارة نقاش محتدم على صفيح ساخن من الغضب والحقد، كلما ازداد التداخل والتدخّل الغربي في المنطقة، وتارة عصف ذهني وردود فعل متشنجة على وقع كتاب هنا أو مقال لمستشرق أو مفكّر غربي هناك، يُعيد انتاج الصورة النمطية عن العلاقة الجدلية بين الطرفين، وتارة ثالثة، حوار عقلاني واع تشجعه ضمائر حيّة في الغرب والعرب، ينادي بحوار حضاري انساني بعيداً عن "صراع الجهالة" و "سوء الفهم".
إن العلاقات بين العرب والغرب، لم تكن يوما ساحة للصراع الحضاري أو الثقافي، وان اختلفت الأفكار والمعتقدات، ورغم الحروب التي جرت بينهما في القرون الماضية، واكتسبت طابع ديني ثقافي، فان الحقيقة أنها حروب مصالح وسياسة تخت غطاء الدين.
فالإسلام المعاصر، لم يكن يوما على خط المواجهة والتصادم مع المسيحية، مهما حاول البعض التنظير والدعوة لذلك تحت مسميات كثيرة، كما لم يكن يوما "عدم التوافق" في الثقافة والحضارة مدخلاً للصراع والنزاع، فالإسلام في بنيته العقدية والانسانية، يحترم معتقدات وثقافات الآخر، بل وتشهد صفحات التاريخ عشرات الشهادات العلمية التي قدمها المستشرقون عن المعاملة الانسانية والأخلاقية لليهود والنصارى في التاريخ الإسلامي، حتى تبوأ الكثير منهم مناصب كبرى في مختلف مراحل الدولة الاسلامية.
وهو ما ينطبق أيضا على ما يتمتع به المسلمين اليوم من معاملة انسانية حضارية راقية، مساوية لحقوق المواطنين في كافة الدول الغربية، حيث لا تمييز بين مواطن وآخر لخلفية دينية أو عرقية، ويعيش ملايين العرب بمنتهى الحرية والأمان والعدل في قارات أوروبا وأمريكا واستراليا .
وتقيم الدول العربية والاسلامية اليوم، علاقات طيبة ومتميزة مع كافة الدول الغربية، وهناك مؤتمرات دولية تجمعها، وملتقيات حوارية بين الشرق والغرب، وبين العرب وأووربا، وبين المسلمين والمسيحيين، فضلا عن مؤتمرات الحوار العربي الأوروبي التي نتعقد باستمرار منذ عام 1973م تحت عناوين التعاون والثقافة والاقتصاد والمصالح المشتركة بينهما.
ان حقائق التاريخ والواقع تثبت أن العرب والمسلمين قادرون على التكيّف والتقدم والتطور وتجاوز كل عقبات ومعضلات الحوار مع الغرب، ويؤمن الكثير أن ظاهرة الحركات الأصولية المتشددة ما هي الا افراز طبيعي للواقع العربي من فساد واستبداد وظلم وفقر، وما أن تزول أسباب وجود الظاهرة، سينجح العرب في بناء الدولة المدنية، دولة المواطنة والعدل، وعلى الغرب أن يساعد العرب في تجاوز الظروف الراهنة بشتى السبل، وعليه أيضا أن يشارك في توزيع عادل للثروات بين الشمال والجنوب، لان استقرار وسلام المنطقة العربية، والشرق الأوسط عموما، هو استقرار وضمان لمصالح الغرب أيضا .
ونؤكد في هذا المجال على ما قاله الكاتب "غراهام فولر" : "إذا حدث صراع الحضارات فلن يتعلق ذلك بالمسيح أو كنفوشيوس أو محمد؛ وإنما سيكون بشأن الجور والظلم في توزيع الثروات ومصادر القوى الدولية والتأثيرات".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض