الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها الفلسطينيون أيها العرب أيها المسلمون: كيف ستخشاكم إسرائيل وأنتم متشرذمون وأعداءٌ لبعض أكثر من عداوتكم لها؟.

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2022 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


*
الأنظارُ مُتّجهةٌ نحو القدس والمسجد الأقصى، منذ اقتحامهِ من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح الجمعة 15 نيسان 2022 (الموافق 14 رمضان 1443 هـ ) ..
ليبست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة.. بات الأمرُ اشبهُ بِمُسلسلٍ تراجيديٍ يتكررُ بين الفينة والفينة..
مُسلسلٌ ضروريٌ لكافة الأطراف التالية:
1ــ للقيادات والأحزاب الإسرائيلية المُتنافِسة بقوة، وتأكيد كلٍّ منها أنه الأحرصُ والأقدرُ على ضمانِ مصالحِ وحقوق اليهود (الوهمية) لأسبابٍ انتهازيةٍ هدفها كسبُ أصوات الناخبين وزيادة شعبيتهم لاسيما بين المتشددين..
فالأقصى لم يُبنى فوق هيكل سليمان( المزعوم) وكافة الوثائق والأدلة التاريخية تدحض جدلية اليهود تلك.. وحائط المبكى عند اليهود ( البُراق في الإسلام) الذي يعتبرونهُ جزءا متبقيا من هيكل سليمان، لا يوجدُ في التاريخ والحفريات ما يدلٌّ على ذلك.. والصخرة الموجودة بساحة المسجد الأقصى، وحسب العلماء والمؤرخين(وأولهم الباحث الألماني "شيك") تختلف كل الاختلاف عن الصخرة التي يقدّسها اليهود، حسبما هو واردٌ في التلمود.. وأن الصخرة الحالية لم تكن في أي يومٍ داخلةٌ ضمن "قُدس الأقداس"، حسب العقيدة اليهودية..
وحتى عالِم الآثار اليهودي (زائيف هرتسوغ) ، الأستاذ في جامعة تل أبيب، قدّم دراسة بعنوان (الحقائق الأثرية تدحض الادعاءات التوراتية حول تاريخ شعب إسرائيل ) ونشرتها صحيفة ها آرتس في 29 /10 /1999 ، عبّر فيها عن إحباطه من الفجوة بين الحقائق التي اكتشفوها على الأرض وبين حكايات العهد القديم.. وأكّدت هذه الدراسة كذب المزاعم اليهودية التوراتية التي يعتمدونها كمصدر تاريخي وجغرافي..
وكذلك، عالِم الآثار اليهودي (إسرائيل فلنكشتاين) من جامعة تل أبيب، نشر دراسة عام 2000 في صحيفة (جيروزاليم ريبورت) تؤكّد أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض قصص التاريخ اليهودي في فلسطين.
2ــ وضروريٌ لأمراء غزّة، كي يظهروا أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي، أنهم الأكثر غيرة وحرصا على رموز المسلمين ومقدساتهم، وأنّ إمارتهم وتمردهم على الشرعية الفلسطينية في رام الله، له مبرراتهِ..
3ــ وضروريٌ للبعض من خارج فلسطين، كي يستمروا بالتجارة والاستثمار في شعاراتٍ لا بُدّ من وجودها بشكلٍ دائمٍ، وذلك بهدفِ خدمة مشاريعهم الحقيقية الخلفية، في التوسع والهيمنة، وإيجاد المزيد من الأتباع والمُريدين، وإفهام الأمريكي والإسرائيلي، أننا هنا، وعليكم أن تحسبوا حسابنا في تقاسُم المصالح والنفوذ في المنطقة..
والضحية هي أهالي القدس، وشعبُ فلسطين، الذي تاجرت بقضيتهِ كافة الأطراف، العربية والإسلامية والدولية، وقبل كل شيء، الأطراف الفلسطينية ذاتها..
**
القدس كانت ضحية عبر التاريخ، ومنذ ما بعدَ صلاح الدين الأيوبي، من المسلمين أنفسهم.. ولكن هناك حرصا على التستُر على الكثير من حقائق التاريخ بهذا الشأن، بل وتزييفها لإظهار سلاطين المسلمين بمظهرِ المدافعين عن القدس والغيورين عليها..
ــ فالملك الكامل ناصر الدين الأيوبي ( 1218 ــ 1238 ) تنازل عن بيت المقدس للفرنجة.. وعقد اتفاقا مع الامبراطور فريدريك، سلّمهُ بموجبهِ بيت المقدس.. ودخلهُ هذا في آذار 1229م. (جمادى الأول 627 هـ) مع جُندهِ وأنصارهِ وتوّج نفسهُ ملكا لمملكة بيت المقدس.. واستلم مفاتيحها بكل سهولةٍ ويُسرٍ..
ــ وبعد شعور السلطنة العثمانية بالضعف في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبهدف كسب اليهود إلى جانبها ضد فرنسا وبريطانيا، فقد سعت لإغراء اليهود وتشجيعهم للهجرة إلى ما أسمتهُ (ممتلكات) الدولة العثمانية، ومن بينها فلسطين، وشجعتهم على الإستيطان في فلسطين، ولكن دون السماح بقيام دولة لهم( وليس ذلك من أجل شعب فلسطين وإنما لأنّ العثمانيين كانوا يعتبرون أن هذه الأراضي هي مُلكا شرعيا وحصريا لهم هُم كعثمانيين)..
ومن هنا أرسلَ السلطان عبد الحميد الثاني رسالة إلى تيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية العالمية، يقول له فيها أنهُ لا يستطيع التنازل عن أرض فلسطين لأن هذه الأراضي ليست مُلكا لهُ ولكنها مُلكا للشعب العثماني (أي الشعب التركي) الذي حصل عليها بدماءِ ابنائه.. فَمِمّن حصل عليها؟؟..
إذا السلطان عبد الحميد لم يدافع عن الشعب الفلسطيني ولا عن الأمة العربية ولا عن أراضي فلسطين ، ولا عن المسلمين، وإنما دافع عن (مُلكية) العثمانيين ..
ونتيجة تشجيع السلطنة العثمانية لليهود للهجرة إلى فلسطين والاستحواذ على دعمهم لها ضد بريطانيا وفرنسا، فقد أقاموا المستعمرات أو المستوطنات، دون أن تحسب السلطنة العثمانية حسابا لنتائج سياساتها الكارثية هذه على فلسطين على المدى البعيد.
حتى أن أحمد رضا، رئيس مجلس المبعوثان ( البرلمان التركي) استقبل في العام 1909 حاخام اليهود في السلطنة العثمانية، وقال له : أن الحكومة العثمانية تودُّ كثيرا أن يهود روسيا ورومانيا ويهود كل بلدٍ من الذين يشكون الظلم أن يحضروا "لبلاد " تركيا حيث توجد أراضٍ كافية للفلاحة والصناعة والتجارة، والحكومة ترى من اليهود إخلاصا تاما، وبصدرٍ منشرح تُقابل استيطان اليهود ..
ولِأجل استرضاء اليهود أكثر، فقد أصدر السلطان العثماني محمود الثاني (1808- 1839) فَرَمانا باعتبار الجدار الغربي للمسجد الأقصى بقيةً من هيكل سليمان، وأطلق على هذا الجدار "اسم "حائط المبكى" . فصار لهُم بذلك أثرا مقدسا رسميا في صميم المسجد الأقصى.. ونرى اليوم الصراع المستمر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ذاك المكان..
**
كل هذا التاريخ يتمُ التسترُ عليه، بل وتزييفهِ أيضا.. ولا يشعر بالحرج (خالد مشعل) القيادي الحمساوي، من أن يُصرِّح من قلب استنبول، في أوائل نيسان 2018 وخلال حفل إفطار أقامتهُ له جمعية(جيهان نوما) وبعد شهرٍ من احتلال تركيا لمدينة عفرين السورية، فيقول:
) إن النصر في عفرين كان نموذجا للإرادة التركية وان شاء الله سنسجل بطولات ملاحم لنصرة امتنا).. ويتابع ( عاشت أمتنا بزعامةِ تركيا رافعة الراس وقد أحببنا تركيا من الكتب والتاريخ ومن افواه آبائنا وأجدادنا وقدّر الله ان نزورها) .. وأردف:(اليوم نحن نسعَد بفخامة أردوغان هذا الزعيم الذي رفع رأس تركيا عاليا ورفع معها رأس أمة الإسلام) ..
فقد نسي خالد مشعل أن عفرين هي أرض سورية، وأن أردوغان دخلها مُحتلا وغازيا ومستعمِرا بحالة حرب، وبذات الطريقة التي دخل فيها قبلهُ السلطان سليم بلاد الشام بعد حربٍ ضروس انتصر فيها على سلطان المماليك المسلِم قانصوه الغوري..
**
كَم استثمر أردوغان (وغيرهِ) بقضية فلسطين!!.. بل ماذا قدّم سوى المواقف الاستعراضية، كما موقفهِ في اجتماع دافوس مع شيمون بيريز (في أواخر كانون ثاني 2009 ) ثم في سفينة مرمرة التي كانت ضمن أسطول الحرية المتجهة إلى غزّة بالمساعدات لرفع الحصار ( في آخر أيار 2010 ) فما كان من الإسرائيلي إلا أن أهان أردوغان بدماء رعاياه حينما اقتحم الجنود الإسرائيليون السفينة وقتلوا حوالي 19 شخصا ممن كانوا على متنها، فماذا فعل أردوغان سوى المزيد من التهديد والوعيد، وزيادة التعاون والتنسيق بينه وبين الإسرائيلي، الأمني والمخابراتي والعسكري وحتى الاقتصادي والتجاري، وبات يصدّر المنتجات التركية للخليج عبر اسرائيل والأردن ، وظهر الأمر بين تركيا وإسرائيل أنه مجرّد سوء تفاهُم بين حبيبين سرعان ما يعودا ليضُمّا بعضهما بعضا .. وهذا ما حصل بعد عودة الحبيبين لبعضهما، إثر زيارة أوباما (لإسرائيل ) في آذار 2013 ووساطتهِ بينهما..
ومؤخرا، في 9 آذار 2022 ، نرى كيف استقبل أردوغان رئيس إسرائيل (هرتزوغ) استقبالا بالغ الحفاوة، لم يحصل من قبل لزائرٍ لتركيا..
وهكذا سجّل أردوغان بطولات ملاحم النصر التي تحدّث عنها خال مشعل..

**
كفاكم خطابات جميعا، وتباكٍ على القدس والأقصى، وأهالي القدس وفلسطين..
تريدون وضعُ حدٍّ حقيقيٍ لهذا المسلسل التراجيدي، عليكم بِمقاومةٍ شعبيةٍ استنزافيةٍ لا تهدأ يوما واحدا، في الضفة ومن غزة، ومن لبنان ومن سورية، وأخيرا سوف ييأس الإسرائيلي، وينسحب تحت جنح الظلام كما فعل في جنوب لبنان.. وسوف يجلس معكم للتفاوض حول تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة..
لا يفلُّ الحديد إلّا الحديد.. وليس الخطابات والشعارات والمهرجانات والمزايدات وبيانات الاستنكار والإدانة والتعاطُف ..
شعبُ فلسطين يريدُ صواريخكم، طائراتكم، مدافعكم.. يريدُ سيوفكم ، وليس مشاعركم وعواطفكم وبياناتكم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو