الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد الفيتوري شاعر الزنجية الإفريقية

محمد الرحالي
باحث في الترجمة والأدب والسينما

(Mohammed Rahali)

2022 / 4 / 24
الادب والفن


رحل الشاعر تاركا بصمته ، فليس للأحياء في هذا الكون بقاء لكن العظماء من رجالات الكلمة والأدب يبقيهم أدبهم وكلماتهم الخالدة التي تركوها ، فالفيتوري يشهد له من عاش في فترته ومن قرأ شعره أنله بصمة ليست لشاعر آخر ، تألقت كلمته في وجه الجلاد والظالم ، وترافعت عن القضايا الإنسانية العادلة فكانت مزيجا من الإبداع والرسائل الإنسانية النبيلة التي لا ينكر قيمتها في نصرة قضايا عادلة كانت بدايتها في بزوغ النزعة الزنجة في شعره ترافعا عن قضايا القارة السمراء سواء في وجه المستعمر أو في وجه العنصرية والتي يسوق لها بعض المناهضين لإنسان إفريقيا أو حتى في وجه الجلاد الإفريقي الذي يضطهد أخاه ، زنجية تشكلت في مسرحه الشعري كما في شعره .
يقول الفيتوري :
بلاد العبيد أفريقيا
يا بلاد الزنوج الحفاة العراة
وكيف يعيشون خلف المياه
وأجسامهم ذلك الأبنوس العجيب
المفصّل مثل البشر.
هو يعرف أن إفريقيا في وسم المستعمر وكتابات البعض تبقى بلاد العبيد والزنوج ، نظرة ظلت ترى الإفريقي الزنجي الذي يعيش في حفيه وعريه ، ويراه شاعرنا التميز عينه أبنوسا عجيبا ، هو يقين بإنسانية الزنجي الكاملة ومناهضة لأي نظرة احتقارية ، فكانت الزنجية وسما مهما في الكتابات الفيتورية التي ظلت تناهض النظرة الاحتقارية للزنوج في إفريقيا مترافعا على القضايا العادلة للقرة السمراء ، فكانت قصيدته الموسومة أنا زنجي ترافعا إبداعيا ورسالة افتخار بالانتماء للرحم الإفريقي والجغرافيا والتاريخ والطن الزنجي بكل تجلياته، يقول الفيتوري :
قلها لا تجبن
قلها في وجه البشرية
أنا زنجي
وأبي زنجي الجد
وأمي زنجية
أنا أسود
أسود لكني حر أمتلك الحرية
فهي دعوة صريحة من شاعرنا لكل زنجي وإفريقي أن يقف منتصب القامة فخورا دون جبن ويصرخ بها أنا زنجي ، وأبي زنجي ، وهو افتخار بالأصل أما وأبا وجدا فالانتساب للزنجية مبعث للفخر فالزنجي إنسان كامل الإنسانية والحقوق ويمتلك الحرية ليس عبدا ولا قنا فمع الإسلام انتهى عهد الأقنان والعبيد ، وهي نزعة زنجية طبعت كتابات الفيتوري ، فهو يفتخر كونه زنجيا سودانيا أفريقي الأم والأب ، وهي قضية تتخذ طابع الكونية في كتاباته ذلك أن النزعة الزنجية تعد مميزة في الكتابة الشعرية في وجه الانتقاص الذي قد نلقاه في كتابات أخرى متنوعة من مسارات الأدب الزنجي الذي أسس له الفيتوري من خلال كتاباته المختلفة .
يقول أيضا :
أرضي إفريقية
عاشت أرضي
عاشت إفريقيا.
يمتد الافتخار بالانتماء للزنجية الإفريقية ليفخر الشاعر بالزنجية الجغرافية احتفاء بزنجية الأرض ، فيفتخر متمنيا العيش الرغيد الدائم للأرض التي يحبها ويعيش عليها ولكل القارة الزنجية الإفريقية ، فيتآلق الزمان والمكان والأرض التي هي جزء من القارة كاملة ، إنه الفخر بالزنجية دون جبن ، يقول :
أرضي والأبيض دنسها
دنسها المحتل العادي
فلأمض شهيدا
هي أرض الشاعر الزنجية الإفريقية التي دنسها الإنسان الأبيض ليس لأنه جاءها ، فلو جاءها ضيفا لمسه الكرم الزنجي ، لكنه جاء غازيا مستعمرا فكان ذلك اعتداء من الجلاد الأبيض على الأرض الزنجية ، لهذا بفضل شاعرنا أن يمضي شهيدا في سبيل كرامتها وتحريرها من ربقة الاستعمار فقد ألف الإنسان الزنجي الوقوف في وجه الاستعمار ولو مضى شهيدا فلا شك في فدائه الوطن والأرض التي يعيش فيها ولها ينتسب، يقول
وليمضوا مثلي شهداء أولادي
فوراء الموت .. وراء الأرض
تدوي صرخة أجدادي
لستم ببنينا إن لم تذر الأرض رماد الجلاد


لستم ببنينا إن لم يجل الغاصب عنها مدحورا
إن لم تخلع أكفان الظلمة
إن لم تتفجر نورا
إن لم يرتفع العلم الأسود
فوق رباها منصورا
إن لم يحن التاريخ لكم جبهته فرحان فخورا
الفجر يدك جدار الظلمة
فهو لا يبالي إن مضى ل أبنائه شهداء في سبيل القضية الزنجية وتحرير أرضها من ربقة المحتل الأبيض الذي جاء يستل خيراتها ، وجاء مغيرا معتديا ، لأن أمجاد الأجداد تتحدث هنا عن بطولاتهم في رد المعتدي والجلاد وهو ما لا يمكن إلا أن يستمر مع الأجيال اللاحقة التي ستستمر في الدفاع عن إفريقيا الزنجية وعن كل شبر من أرضها ، ونفي انتماء الأبناء والجميع لهاته الأرض ولهذا المجد إن لم يذوي صوت ألأم المحتل ويندحر ظلامه ويبزغ فجر النور والحرية من جديد في سماء إفريقيا ، وتفل القوى الزنجية زحف المستعمر وتولي الأدبار منهزمة وتمزق أكفان الظلمة ، ويهتز اللواء الزنجي ويرفرف منتصرا في ربى إفريقيا وزينيجيا التي يمكن أن نطلقها على الأرض الزنجية التي ينتمي لها الفيتوري فاخرا ببطولاتها في التحرر من نير المستعمر ، يقول :
فاسمع ألحان النصر
هاهي ذي الظلمة تداعي
تساقط تهوي في ذعر
ها هو ذا شعبي ينهض من إغماءاته
عاري الصدر
ها هو ذا الطوفان الأسود
يعدو عبر السد الصخري
ها هي ذي إفريقيا الكبرى
تتألق في ضوء الفجر
وفي لحظة الوعي الزنجي وانبعاثه ومشهد إفريقيا الزنجية تنتفض من إغماءاتها بلفظ الشاعر لتثور في وجه الجلاد المعتدي يتشكل المشهد الزنجي المتكامل عاري الصدر يواجه ويجابه ويعدو عبر الصخر والمستحيل ليصنع انتصاره على المعتدي ويكتمل المشهد بأن يميط اللثام شاعرنا عن إفريقيا الزنجية منتصرة فرحة تصنع التاريخ متحررة من نير الظلم والانعتاق بزنجيتها من الرق إلى الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال