الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية تبدع، لكن العمال لا

عذري مازغ

2022 / 4 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


سياق هذا العنوان لا يتعلق بالعمل بل بالاستغلال (النموذج، شركات النظافة).
في القرن الماضي أغلب البلديات تتعاقد مع شركة تهتم بنظافة المدينة، تخصص سقفا ماليا معلوما في مناقصة ما وتفوز بها شركة معينة بعد تقديم ملفها في كيفية تدبير الشأن النظافي، كانت أغلب هذه الشركات تتوفر على جيش معين من عمال النظافة وكانت أعمالها في الغالب يدوية، عادة تخص البلديات ضريبة خاصة لهذا الأمر بها تدفع للشركة أرباحها واجور عمالها، هذه الضريبة يدفعها سكان المدينة، وبالطبع تفرض المناقصة نوعا من التدبير المحكم بالنسبة لشركة النظافة: عدد معين من العمال، إيجاد بنية تحتية لوجيستية، آلات وغيرها... قبل الخوصصة كانت البلديات هي من يقوم بعمل النظافة وكان عمال البلدية عمال رسميون لهم أجور مضمونة وكانوا يتصرفون كإداريين بيروقراطيين والقائم على توزيع أعمالهم بيروقراطي أكثر من اللازم بشكل لم تكن اعمال النظافة تقام بشكل ناجع وكانت مدونة الشغل تضمن حقوقا تحمي هؤلاء، تحمي العمال وتحمي أيضا القائمين على تدبير أعمال النظافة، هذا كله حقيقي ولا مجال للتنكر فيه وإن كان المرء ماركسيا او شيوعيا، لكن هل يبرر إبداع الشركات الرأسمالية في هذا المجال عدم وجود إبداع عندما كان قطاعا عاما؟
إن استخلاص هامش ربح مريح بالنسبة للرأسمالي جعله، في شروط معينة من المناقصة، يبدع في عملية التدبير، إنه سيقبل بشروط المناقصة لكن بشروط خاصة تجبر العامل على الخضوع، يحتاج الأمر إلى تغيير مدونة الشغل، إلى قوانين تحجم على العامل وتخرجه من سياق ما كان يجعله عاملا مهملا وكسولا هذا أمر موضوعي يمكن لأي شخص عاقل من خارج نمطية العمل أن يلاحظه، لكن هل هذا مقنع؟
والسؤال يمكن طرحه من خارج نظرية الرأسمالي، لكن دعونا الآن نتكلم عن التغيير الذي يفرضه نمط الخوصصة: قلنا ان الراسمالي لكي يبدع في استخلاص هامش ربح مريح يراكم به رأسماله كان عليه ان يفكر في آليات تجعل من هذا الربح مضمونا منها تقليص عدد العمال، تعويض الكثير منهم بالآلات، ثم على المستوى الإيديولوجي تم تسخير الوعي الإجتماعي في مسألة النظافة، أي ان يكون المواطن نفسه يقوم بجانب من عمل النظافة من خلال ملصقات إشهارية، وضع حاويات زبل خاصة: حاويات للبلاستيك، حاويات للزجاج، حاويات للكارتون والورق وغيرها من الأمور التي تسمح له ببيع زبله بشكل مريح، أي ان المواطن هنا يقوم بجانب من عمل الشركة بشكل مجاني على الرغم من انه يدفع للبلدية ضريبة النظافة، بهذا العمل قامت الشركة بتوفير جانب من العمل كانت البلديات سابقا، بسبب غياب مثل هذا التفكير في التدبير لم توفره، إن الطريق السهل لتوفير هذا الوعي كان هو التفكير في المناقصة التي تعني تفويت القطاع، هذا الأمر غير مقنع بالنسبة لي لتفويت القطاع لأنه ببساطة يمكن للمرإ وإن كان في القطاع العام ان يبدع مثل هذه الأمور وبشكل ناجع أكثر من الراسمالي ، لكن هنا المشكلة هي ان القطاع العام تقعد في حجر القانون التشريعي الذي تكرس وفق ظروف تاريخية ثابتة: طيلة قرن ناضل العمال لكسب ما كسبوه حتى حدود الثمانينات من القرن الماضي، وفجاة تجمد العمل النقابي وتكولس وأصبح عديما.. في دولة إسكندنافية لا اذكر الآن هل هي السويد ام الدانمارك أم النرويج، شرعت قانون تخفيض ساعات العمل إلى ستة، هذا الأمر قامت به الدولة وليس الشركة الرأسمالية لأجل حل معضلة البطالة: تخفيض ساعات العمل يعني ببساطة توفير ساعات لعمال آخرين، عادة المفكر الليبيرالي لا يوفر مثل هذا المفتاح بل يرد الأمر إلى نوع من رفاهه الذي هو جزء من رفاه المجتمعات الغربية: يؤدى له ثمن ثرثرته وهو بذلك يشعر كالله بأنه ماكر ومن أحسن الماكرين!
يمكن لقطاع عام أن يوفر نفس التشريع بخصوص محاربة الكسل في العمل، لكن بدون ان يتيح للبعض هامش ربح يخسرونه في المدن التي تسمى بالجنة في دور قمار كنوع من الترف بالنقد، يمكنه أيضا أن يبدع من خلال الآلات والوعي البيئي رفع هامش الربح العمومي لخلق مناصب شغل جديدة ولو بتخفيض ساعات العمل اليومي..
تصور! في ظرف وجيز اتاحت الخوصصة وكأنها وحي إلهي تحطيم كل مكتسبات العمال من القرن 19 حتى اواخر القرن العشرين، بدت الخوصصة وكأنها سحر التقدم فيما الحقيقة هي ان القطاع العام، القائمون عليه، كانوا يستمنون تلك المزايا التي وفرتها نضالات العمال لاكثر من قرنين
شخصيا هذا هو التفكير اليساري الذي يجب تتبعه وليس كرونولوجيا تاريخ ماركس ولينين والثورة البولشيفية وتاريخ ماركسيين آخرين، فما كان كان ولا يعيد كتابة التاريخ ذكر كرونولوجيا آباء الماركسية، إن الامر يعد جزء من قرأنة (وضع النص الماركسي كنص ديني) نصوص ماركس والتاليين له. الماركسي ليس من يحفظ تاريخ الماركسية بل من يفكر بمنطق حاضره.
الراسمالي يبدع في خلق آليات استغلال العامل ومعه المجتمع، يحول المجتمع ليخدمه، بينما العامل متمسك بخرافة أجره، متمسك بالزيادة في الأجور والزيادة في نسله، لقد حولته الرأسمالية إلى كائن غريزي فردي لا اجتماعي.
العمل النقابي: كل ما ابدعه النقابيون هو، استلهاما بحرية الرأي، أبدعوا التعددية النقابية أي: قتل روحهم الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال ممتاز
طلال السوري ( 2022 / 4 / 25 - 05:30 )

أراك وضعت النقاط على الحروف

تحياتي

اخر الافلام

.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي