الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل من زمن الحصار

طلال حسن عبد الرحمن

2022 / 4 / 26
الادب والفن


مسرحيات قصيرة جداً







رجل من زمن الحصار






طلال حسن



حلم

ظلام ، صمت تام ،
يضاء رجل عجوز مهدم

الرجل : منذ أن تقاعدت ، قبل أكثر من عشر
سنوات ، وحلم غريب لا يكاد يفارقني ،
حتى صرتُ أخشى النوم ، والغريب أنني
ما إن أغمضُ عينيّ ، وأغفو ، حتى أرى
نفسي ديكاً هرما يذبحني صاحبي من
الوريد إلى الوريد .
ومع الأيام ، اختلفت عليّ الأمور ، ولم
أعد أعرف ، أأنا موظف متقاعد ،
يرى نفسه ديكاً هرماً يذبحه صاحبه من
الوريد إلى الوريد ؟ أم ديك يرى نفسه
موظفاً متقاعداً ؟

الرجل العجوز يصمت ،
يخفت الضوء بالتدريج
إظلام


الرقم خطأ

ليل ، الرجل في سريره ،
يتلوى أرقاً ، التلفون بجانبه

الرجل : فوق جمر الأرق ، على مدى أيام ،
أتلوى وحيداً ، في حلكة الليالي ، وكل ما
في داخلي صحراء ، لا نهاية لها ، يلفها
صمت القبور .
وكما تتوق الصحراء إلى قطرة ندى ،
تقت إلى صوت إنسان ، يبلل صمت
صحرائي ، لعل بذرة حية ، تستيقظ في
داخلي ، وأغفو على إيقاع تنفسها ،
وأرتاح ولو للحظات .
ولاح لي التلفون ، فمددتُ يدي ، ورفعتُ
سماعته ، وأدرت رقماً لا على التعيين ،
ومن بعيد ، ربما من مجرة أخرى في
آخر الكون ، جاءني صوت فتاة ،
يخاطبني برقة : ـ الرقم خطأ ، يرجى
إعادة الطلب ..
واستيقظت في داخلي أكثر من بذرة ،
فوضعتُ سماعة التلفون على وسادتي ، وأغمضتُ عينيّ ، وسرعان ما غفوتُ ،
وصوت الفتاة يخاطبني برقة : الرقم
خطأ يرجى إعادة الطلب .. الرقم خطأ
يرجى إعادة الطلب .. الرقم خطأ ..

الرجل يغفو ، صوت
الفتاة الدافىء مستمر

إظلام














النهر

ظلام ، صمت ، التلفون يدق ،
يُضاء يوسف يرفع السماعة

يوسف : ألو ..
خالد : " في التلفون " عفواً يوسف .
يوسف : نحن في منتصف الليل ، خيراً .
خالد : البقية في حياتك .
يوسف : من ؟
خالد : سالم .
يوسف : آه يا للأسف .
خالد : عرفت هذا منذ قليل .
يوسف : قبل أيام كنا معاً ، وصحته كانت عادية
، يا خالد .
خالد : لقد انتحر .
يوسف : ماذا ؟ انتحر !
خالد : اختفى أياماً ، وبحثوا عنه في كلّ مكان
، وحين خفّ الفيضان وجدوه مغروزاً
في قاع النهر .
يوسف : آه ، يا للغرابة ..
خالد : يوسف ..
يوسف : قال لي ، قبل أيام ، ونحن نعبر الجسر
، والنهر فائض ، إنه يصاب بالرعب ،
وخاصة عند فيضان النهر .
خالد : تصبح على خير .
يوسف : تصبح على خير .

يوسف يعيد السماعة
إلى مكانها ، تطفأ الإضاءة

إظلام












التنين


هتافات ، الحكيم وابنه
الفتى بباب المدينة

الفتى : اسمع يا أبي
الحكيم : " يصغي " إنني أسمع ، يا بنيّ ، هذا
يومهم .
الأصوات : عاش .. عاش .. عاش
صوت 1 : عاش البطل
صوت 2 : عاش بطل اريدو
صوت3 : عاش منقذنا البطل
صوت 4 : عاش قاتل التنين
صوت 5 : عاش منقذنا قاتل التنين
أصوات : عاش .. عاش .. عاش
الفتى : " يشير إلى الناس " انظر ، يا أبي ، ..
انظر ، أنظر .
الحكيم : إنني أراهم ، يا بنيّ ، إنهم يهللون فرحاً
ببطله المحبوب .
الفتى : هاهم يستقبلونه بالهتافات والورود
وأغصان الغار .
الحكيم : ما حققه لهم وللمدينة العظيمة أريدو ،
ليس بالأمر الهين .
الفتى : " ينظر إلى أبيه متسائلاً " ....
الحكيم : لقد قتل التنين .
الفتى : أبي !
الحكيم : نعم ، قتل التنين ، وخلصهم منه .
الفتى : لكنك تقول ، إن التنين وهم .
الحكيم : وهل أصعب من قتل هذا التنين في
العالم ، يا بنيّ ؟
الفتى : " يلوذ بالصمت " ....
أصوات : عاش .. عاش .. عاش

تخفت الأضواء ، الأصوات
مستمرة ، عاش عاش عاش

إظلام






مونودراما

ظلام ، صمت ، بقعة
ضوء تسلط على الرجل

الرجل : يا للناس ، لقد تغيروا تماماً ، وكاد
يتلاشى ما توارثوه من قيم ومُثل وأخلاق
، إن الأعداء يتحدّون في كلّ لحظة
مشاعرنا ، والكلّ مخدرون .. نيام .
هذا ما تحدثتُ فيه إلى زوجتي ..
وتحدثت .. وتحدثت ، والتفتت إليّ ،
وأخيراً نهضتْ ، واندست في الفراش ،
ونهضتُ بدوري ، واندسستً إلى جانبها
، وأنا مازلتُ أتحدث .. وأتحدث ..
وأتحدث ، والتفتتْ إليّ ، وحدقت فيّ ،
فصحتُ بها منفعلاً : لم أتناول حبة الدواء
، ولن أتناولها .
ونهضتْ زوجتي ، وجاءتني بحبة الدواء
، فأخذتُ الحبة منها ، دون أن أنبس
بكلمة ، وبلعتها .
ووضعتُ رأسي على المخدة ، وقد
توقفتُ عن الحديث ، وشيئاً فشيئاً نسيتُ
الأعداء ، وتحديهم لمشاعرنا ،واستغرقتُ
في نوم عميق .

صمت تام ، الضوء
يُطفأ عن الرجل

إظلام














الخاتم

الصائغ ، تدخل المرأة
الشابة ، وتقترب منه

المرأة : صباح الخير .
الصائغ : صباح النور " يرفع رأسه " أهلاً ابنتي
، أهلاً ، أهلاً .
المرأة : " تضع الخاتم أمامه " تفضل .
الصائغ : ماذا لديكِ هذه المرة ؟
المرأة : كما ترى ، خاتم .
الصائغ : " يأخذه بيده ويتأمله " هم م م م .
المرأة : خاتم الزواج .
الصائغ : " يضع الخاتم في الميزان " ما أخبار
زوجك ؟
المرأة : لا جديد .
الصائغ : أتمنى يا ابنتي ، أن تسمعي جديداً
يفرحك ، في وقت قريب .
المرأة : أشكرك .
الصائغ : هذا الخاتم ..
المرأة : " تمد يدها " أرجوك ..
الصائغ : " ينظر إليها " ....
المرأة : أعطنيه ، أعطني الخاتم .
الصائغ : ما الأمر ، يا ابنتي ؟
المرأة : لا أستطيع بيعه .
الصائغ : يفغر فاه صامتاً " ....
المرأة : " تأخذ الخاتم " ....

تضاء المرأة وحدها ،
والخاتم في يدها

المرأة : يا لحمقي ، كدتُ أبيع الخاتم ، صحيح
إنني بحاجة إلى ثمنه ، بعد أن بعتُ ذهبي
قطعة بعد قطعة ، لكن هذا الخاتم ، خاتم
زواجي ، الذي يحمل اسمه ، ماذا يمكن
أن أقول له ، إذا عاد يوماً من الأسر ،
ولا يجد خاتمه في إصبعي ؟

تسير المرأة الشابة
مبتعدة ، والخاتم في يدها

إظلام


الصورة


ظلام ، همهمة جمهور ،
تضاء عريفة الحفل

العريفة : نستمر في حفل التكريم بمناسبة اليوم
العظيم ، يوم الشهيد " تنادي " السيدة أم
نضال ..

تصعد المنصة امرأة
ستينية ترتدي عباءة

العريفة : " تصافحها بحرارة " أهلاً أم نضال .
المرأة : أهلاً بك ، ابنتي .
العريفة : " تضع الوسام على صدرها " هذا
وسام الشهداء الأبطال .
المرأة : أشكرك .
العريفة : " تعانقها " مع أطيب التمنيات .
المرأة : شكراً جزيلاً .
العريفة : تفضلي .

المرة تتراجع ، وتتأمل
الصور على الجدار

المرأة : آه ..
الصحفي : " يدخل ويقترب منها " هذا يومهم ،
يوم مجيد .
المرأة : " تهز رأسها دون أن تلتفت إليه " ....
الصحفي : لابد أنك تبحثين عن ابنكِ أو حفيدكِ .
المرأة : لا ، بل أبحث عن زوجي .
الصحفي : " يتأملها مبتسماً " ....
المرأة : " تتوقف عند صورة " تعال ، تعال
انظر .
الصحفي : " يقترب وينظر إلى الصورة " آه ،
يبدو أنه في حوالي العشرين !
المرأة : عندما أغتيل ، في بداية الستينيات ،
كان في الواحدة والعشرين من عمره ..
الصحفي : " يلوذ بالصمت " ....
المرأة : لم نعش معاً إلا حوالي السنتين ..
الصحفي : " يبقى صامتً " ....
المرأة : أنجبنا ولدين .." تبتسم ابتسامة دامعة "
ها أنا تجاوزت الستين ، وهو مازال شاباً
.. في العشرين .

المرأة تبقى أما الصورة ،
الصحفي ينسحب بهدوء

إظلام















اللغم

المعتقل مشدود على السرير ،
مكمم الفم ، حوله عدة رجال

الأول : المعتقل جُهّزَ ، يا سيدي الخبير .
الخبير : " يتقدم من المعتقل " ....
الثاني : زرعنا جسده كله بأجهزة تنصت حديثة
، ودقيقة ، وفائقة الحساسية .
الثالث : وفحصنا جسده بدقة منطقة منطقة ،
حتى لا يفوتنا شيء ، نندم بسببه .
الثاني : لاحظنا ، يا سيدي ، أن في صدره شيئاً
يتكتك .. تك تك تك .
الثالث : ليتك تنصت بنفسك ، يا سيدي .
الخبير : ينحني على صدر المعتقل وينصت "
هم م م م ..
الثاني : سيدي .. ؟
الخبير : أنت محق ، إنه لغم .
الأول : لغم !
الثاني : هذا ما خمنته .
الخبير : علينا أن ننزعه وإلا نسف العالم .
الثلاثة : " يشهرون خناجرهم " ....
الأول : لنفتح بطنه وصدره ، بحثاً عن هذا اللغم
اللعين .
الثالث : سأفتح البطن " يطعن المعتقل " وأفتش
فيها .
الثاني : وأنا سأفتح الصدر " يطعن المعتقل "
وأفتش فيه .
الخبير : فتشوا جيداً ، لا يفتكم شيء ، فالأمر
خطير للغاية .
الثالث : لا شيء في البطن .
الثاني : هناك شيء في الصدر ، تحت الثدي
الأيسر .
الخبير : تقدم منه بحذر شديد .
الثالث : " وقد مدّ يده " أمسكته ، يا سيدي .
الخبير : لحظة ، ابقَ جامداً ، سأنزعه بنفسي ،
وإلا نسف ..
الثاني : سيدي ، مدّ يدك على امتداد يدي ..
الخبير : " يمد يده بحذر " ....
الثاني : نعم ، هكذا ، والآن أطبق عليه ..
الخبير : أمسكتُ به ، اسحب يدك ، سأنتزعه من
مكانه ، قبل أن ..
الثاني : " يسحب يده " ....
الخبير : ابتعد قليلاً ..
الثاني : " يبتعد " .....
الخبير : انتزعتهُ " يُخرج يده ممسكاً بقلب يقطر
منه الدم " ها هو اللغم ، آه لقد أنقذتُ
العالم .

الخبير يقف مزهواً ،
والقلب المدمى في يده

إظلام













الخروج

غرفة مكتب ، يدخل
الضابط ، و العريف وراءه

الضابط : الموقوف ..
العريف : بالباب ، يا سيدي .
الضابط : " يتجه نحو المكتب " أردتُ ملفه .
العريف : وضعته أمامك ، على المكتب ، سيدي .
الضابط : " يجلس " ليدخل الموقوف .
العريف : " أمر سيدي " يخرج " .
الضابط : " يشعل لفافة " ....

يدخل الموقوف ، برفقة
العريف وجندي ضخم

العريف : الموقوف .
الضابط : " يحدق فيه " أردت أن تخرج ، من
دون إذن .
الموقوف : " يلوذ بالصمت " ....
الضابط : " يفتح الملف ، ويتصفحه مهمهماً "
....
الموقوف : " يتطلع إليه مترقباً " ....
الضابط : " يرفع رأسه " سندعك تخرج ، بعد
القيام ببعض الاجرءآت " للعريف
والجندي الضخم " خذاه .
العريف : أمر سيدي .

العريف والجندي الضخم ،
يدفعان الموقوف ، ويخرجان به

الضابط : الاجراءآت ، لابد منها ، هذه هي
التعليمات " يدخن " سيفتحان جمجمته ،
ويفرغان ما فيها ، ثم ..
العريف : سيدي ..
الضابط : " ينظر إليه عبر دخان اللفافة " ....
العريف : أجرينا اللازم .
الضابط : الآن يمكنه أن يخرج .

الضابط يغلق الملف ،
ثمّ يسحق اللفافة
إظلام

العاصفة

ظلام ، صمت ، من
بعيد صوت مجروح

الصوت : أنا إنسان ..

يُضاء مخدع الملك ،
الملك يهبّ خائفاً

الملك : إليّ يا أتباعي .. إليّ .. إليّ .

يُفتح الباب ، ويدخل
الحكيم والمستشار والقائد

الحكيم : مولاي ، اطمئن ، نحن معك .
القائد : الجند ، بقيادتي يا مولاي ، يحيطون
بالقصر .
المستشار : أنا مستشارك ، يا مولاي ، ما الأمر ؟
الملك : أسمع نباحاً مخيفاً يأتي من بعيد .
الحكيم : " ينصت عبثاً " نباح !
المستشار : ذاك عبد ، يا مولاي .
الملك : عبد !
المستشار : يصيح .. أنا إنسان ..
الحكيم : أنا إنسان ! يا للويل .
الملك : هذه سابقة خطيرة .
الحكيم : وتكرارها أخطر .
الملك : يا قائد جندي ..
القائد : مولاي .
الملك : أسكتوا هذا الصوت .
المستشار : أنا معك ، يا مولاي ، فليسكتوه .
الحكيم : هذه هي الحكمة ، فليُسكتْ وإلى الأبد .
القائد : مولاي " يشهر سيفه " نم مطمئناً ، لن
تسمع هذا الصوت ثانية ، حتى في
المنام .

ظلام ، صمت ، من بعيد
تهدر أصوات كالعاصفة

الأصوات : أنا إنسان .. أنا إنسان .. أنا إنسان ..

إظلام


الملك يبني

قاعة العرش ، الملك
يذرع القاعة منزعجاً

الملك : تأخر الحكيم ، خير له أن لا يتأخر أكثر
، وإلا فقدَ ..
الحاجب : " يدخل " مولاي ..
الملك : " ينظر إليه غاضباً " ....
الحاجب : الحكيم بالباب .
الملك : ليدخل .
الحاجب : " ينحني " أمر مولاي .

يخرج الحاجب ، يدخل
الحكيم العجوز على الفور

الحكيم : طاب صباحك ، يا مولاي .
الملك : تأخرتَ .
الحكيم : عفواً مولاي ، مُرني .
الملك : أريد بنّاء .
الحكيم : " مستبشراً " يبدو ، يا مولاي ، أنك
ستبني مدرسة .
الملك : سأبنيها ، لكن ليس الآن .
الحكيم : آه .. مكتبة .. مكتبة للشعب .
الملك : سأبني المكتبة ، لكن ليس الآن .
الحكيم : مستشفى ، فأبناء الشعب ..
الملك : ليس الآن .. ليس الآن .
الحكيم : مولاي .. ؟
الملك : أنا لي أعداء ، وأعدائي هم أعداء
الشعب والوطن ، استدع ِ البنّاء فوراً ..
الحكيم : أمر مولاي .
الملك : سأبني .. السجن .

الحكيم ينحني للملك ،
ثم يخرج من القاعة

إظلام






امرأة ورجل

المرأة العجوز تبتعد عن
المستوصف ، رجل وراءها

المرأة : " تتوقف متلفتة حائرة " ....
الرجل : " يحاذيها " لا عليكِ منه .
المرأة : " تمسح عينيها " ....
الرجل : أنتِ تبكين .
المرأة : رأيتً ما فعله بي ذلك الموظف .
الرجل : إنه هكذا مع الجميع .
المرأة : لم أقترف خطأ .
الرجل : دعكِ منه ، لا تبكي .
المرأة : " بصوت دامع " ليتني أموت .
الرجل : لا تقولي هذا .
المرأة : " تتلفت حائرة " لا أدري الآن أين
أذهب .
الرجل : اذهبي إلى بيتك ، وارتاحي قليلاً ،
وانسي ما جرى .
المرأة : زوجي كان بناء ..
الرجل : كان .. ؟
المرأة : بنى مئات البيوت ، لكنه مات ، ولم يبن
لنا بيتاً ..
الرجل : " يهز رأسه " ....
المرأة : ترك لي ولدين ، بنتاً وابناً ، تزوجت
البنت أولاً ، ثم تزوج الابن ، زوجته لم
تحتمل صوتي ، رغم أنني قلما أتكلم ..
الرجل : " الرجل ينظر إليها صامتاً " ....
المرأة : لجأت إلى ابنتي ، لكن زوجها لم
يحتملني ، وبدأ يُشقي ابنتي ، وهذا ما لا
أحتملهُ ..
الرجل : " يبقى صامتاً " ....
المرأة : " تسير متلفتة تائهة " ترى أين أذهب
الآن ؟ بصوت دامع " ليتني أموت ،
لعلي أرتاح .

المرأة تسير مبتعدة ،
الرجل في مكانه

إظلام



تيمورلنك


قاعة العرش ، تيمورلنك
يذرع القاعة غاضباً جداً

تيمورلنك : أنا تيمورلنك ، هذا المهرج اللعين ،
يقول إن أسمي .. لينتظر ، سأنسيه اسمه
، و .. " يصيح " أيها الحاجب ..

الحاجب : " يدخل مسرعاً " مولاي ، جاء ..
تيمورلنك : جحا !
الحاجب : جاءوا به ، بناء على أمر منك ، يا
مولاي .
تيمورلنك : أدخلوه في الحال .
الحاجب : أمر مولاي .

الحاجب يخرج ، حارسان
يدخلان حاملين جحا

جحا : مولاي ، نحن في منتصف الليل ،
الرحمة ، الرحمة .
تيمورلنك : " للحارسين " اتركاه واذهبا .
الحارسان : " يتركان جحا " أمر مولاي " يخرجان
" .
تيمورلنك : جحا ، تعال .
جحا : " يزحف على أربع " أمر مولاي .
تيمورلنك : انهض ، وقف على قدميك ، لستَ
خروفاً .
جحا : " ينهض " أمر مولاي .
تيمورلنك : انظر إليّ .

جحا : " ينظر إليه مذعوراً " مولاي ..
تيمورلنك : ما اسمي ، يا جحا ؟
جحا : مو .. لا .. ي .. اسمك .. آه ..
تيمورلنك : نسيته !
جحا : لا ، كيف أنساه ، أسمك لا يُنسى أبداً ،
يا مولاي ..
تيمورلنك : حسن ، ما اسمي ؟
جحا : تيمور.. تيمورلنك .
تيمورلنك : آه ، هذا صحيح ، ليس اسمي عندك
إذن .. أعوذ بالله .
جحا : أعوذ بالله ! كذب ، لم أقل هذا ..
تيمورلنك : " يحدق فيه " ....
جحا : إنني لا أجرؤ على مجرد التفكير في
أمر كهذا ، حتى بيني وبين نفسي .
تيمورلنك : أعرف ، لكن أشيع بين الناس ، أنك
قلت هذا ، وعليه لابد أن تدفع الثمن ،
ليتعظ الناس .
جحا " ينهار على ركبتيه " مولاي .
تيمورلنك : " يصيح " أيها الجلاد .
الجلاد : " يدخل فوراً والسيف في يده " مولاي.
تيمورلنك : اقطع رأسه .
الجلاد : " يمسك بجحا " أمر مولاي .
الحارسان : أمر مولاي .

الجلاد يجر جحا ،
ويمضي به إلى الخارج

إظلام






الخنجر

معبد ، كاهن مسن ،
الرجل يجثو أمامه

الرجل : مولاي ..
الكاهن : تكلم ، يا ولدي ، إنني أسمعكَ .
الرجل : ذنبي يقض مضجعي ، اغفره لي .
الكاهن : اهدأ ، يا ولدي ، حدثني عن ذنبكَ .
الرجل : " يمسك مقبض خنجره " بهذا الخنجر
.. الذي تراه ..
الكاهن : تكلم .
الرجل : قتلتُ ، قتلت إنساناً ..
الكاهن : " يطرق صامتاً " ....
الرجل : جُننتُ ساعتها ، فقتلتهُ ..
الكاهن : " يبقى صامتاً " ....
الرجل : انظر إليّ ، يا مولاي ، واغفر لي ..
الكاهن : لا أستطيع .
الرجل : " متوسلاً " أرجوك ..
الكاهن : لن يستطيع هذا إلا الإنسان الذي قتلته .
الرجل : لكنه ميت الآن ، يا مولاي .
الكاهن : لا ، إنه حيّ ، حيّ فيكَ ، وسيبقى حيّاً
ما حييت .
الرجل : يا ويلي ..
الكاهن : " يخرج " ....
الرجل : لا " ينهض " لن أحتمل هذا ، لن
أحتمله " يصمت لحظة " لا خيار " يستل
الخنجر " مادام في داخلي ، فلأقتله ثانية
، وأرتاح .

الرجل يغمد الخنجر
في صدره بقوة

إظلام









مونودراما

أغنية عن الربيع
مكتب فخم ، يدخل الشاعر ،
المسؤول يقف وراء المكتب

المسؤول : " يمد يده " أهلاً بشاعرنا ..
الشاعر : " يصافحه " ....
المسؤول : " يشير له أن يجلس " تفضل .
الشاعر : " يجلس " ....
المسؤول : تبدو بخير ، وهذا يسرني ، لم أركَ منذ
مدة ، ولولا مشاغلي الكثيرة لزرتك في
البيت ، وتمتعت بلحظات معك ، فأنت ،
يا عزيزي ، شاعر هذا الوطن ، وصوته
الغرّيد ، ويهمني أن تبقى الصوت الذي
نحبه ، ونتباهى به " صمت " لقد بلغني
عرضاً ، أنكَ أنشدت قصيدة جديدة ، أمام
بعض الفتيان ، وقد أثار دهشتي
موضوعها ، الجوع ، نعم ، الجوع ،
وسبق أن أنشدتَ قصيدة أخرى ، في
نطاق ضيق ، وأمام بعض الفتيان أيضاً ،
عن المقاومة ، يا إلهي .. الجوع ..
والمقاومة ، عزيزي أنت من غنى الحياة
، والطفولة ، والحب ، ومن غنى الربيع
، والحقول ، والأنهار ، والسماء
الخضراء ، صحيح إنني لم أرَ في حياتي
سماء خضراء ، لكن لا بأس ، إنه الشعر
، ولا ضير أن تكون السماء خضراء ،
أما الجوع و .. تتحدث عن الجوع ، لا
بأس ، لكن في البلدان الأخرى ، أنت لم
تجرب الجوع ، وكذلك زوجتك
وصغارك الحلوين ، وأنا لم أسمح أن
تجرّبه ، ولكن .. وأنت الذكي ، لابدّ أن
تبقى شاعر الوطن ، وصوته الغرّيد ،
عفواً ، لا أريد أن أشغلك أكثر ، فمهامك
كبيرة ، آمل أن أسمع منك قريباً ، قصيدة
جديدة عن .. الربيع ، فحياتنا كما تعرف
، ربيع دائم ، أهلاً بك ، وتحياتي إلى
زوجتك وصغارك الحلوين ، وأرجو أن
تكون هديتي الأخيرة قد أعجبتهم "
ينهض الشاعر " مع السلامة ، يا عزيزي
، مع السلامة .

إظلام

رجل من زمن الحصار


دكان خضراوات ، البائع ،
يدخل رجل عجوز

الرجل : مرحباً .
البائع : " مشغولاً " أهلاً ، تفضل .
الرجل : " يشير بيده متردداً " بكم ال ..
البائع : " وقد عرف الرجل " اليوسفي ،
بسبعين ديناراً .
الرجل : عفواً ، أعني البطاطا .
البائع : بستين ..
الرجل : بستين ! آه ، وهذا الباذنجان ؟
البائع : بخمسة وسبعين ..
الرجل : آه ، والطماطة ؟
البائع : الجيدة بخمسين ، وهذه ..
الرجل : آه " يتراجع " عفواً .
البائع : لم تتذكرني ، يا أستاذ .
الرجل : عفواً ، يبدو أن ذاكرتي قد ضعفتْ ،
مثل نظري .
البائع : أنت معلمي في الابتدائية ، وكنتَ
والحق يقال خير معلم .
الرجل : أشكركَ ، يا بنيّ " يبتسم فرحاً " أنت
تعرف إذن ، أني لم أرزق بولد ، لكن
تلاميذي هم أولادي ..
البائع : " يضع بعض الخضراوات في علاقة "
....
الرجل : لقد أحلتُ إلى التقاعد ، في أوائل
السبعينيات ، بعد خدمة أمدها أربع
وثلاثون سنة و ..
البائع : " يقدم العلاقة للرجل " تفضل ، أستاذ .
الرجل : " ينظر إليه مذهولاً " ....
البائع : هذه هدية بسيطة ، أعرف أن التقاعد ..
الرجل : " تدمع عيناه " ....
البائع : أرجوك ، أنتَ أستاذي .

الرجل يتراجع ، ثم يبتعد
متعثراً ، البائع يقف جامداً

إظلام



مسرحية بانتومايم

ذهب مع الريح

غرفة مؤثثة ، الكاتب يجلس
إلى مكتبه ، يدخل الرجل البدين ،
وبدخوله تبدأ الريح بالهبوب

الكاتب : " يتوقف لحظة ، وينظر إليه " ..
الرجل : يشير له أن يعطيه المال .
الكاتب : يعود إلى الكتابة .
الرجل : يضرب المنضدة بيده غاضباً .
الكاتب : يتوقف لحظة ، وينظر إليه .
الرجل : يشير له ثانية وبغضب أن يعيد إليه
المال .
الكاتب : يعود ثانية إلى الكتابة .
الرجل : يشير إلى رجلين في الخارج أن يدخلا.
الرجلان : يدخلان .
الرجل : يشير لهما أن احملا الأثاث .
الرجلان : ينحنيان قليلاً .
الرجل : يخرج مسرعاً .
الريح تبدأ بالتزايد ،
حتى نهاية المسرحية

الرجلان : يحملان قطعة أثاث ، ويخرجان .
الكاتب : يستمر على الكتابة .
الرجلان : يدخلان ويحملان قطعة أخرى ،
ويخرجان .
الكاتب : تزداد سرعته أكثر في الكتابة .
الرجلان : يدخلان ، ويحملان المنضدة ، التي
يجلس إليها الكاتب ، ويخرجان .
الكاتب : يحمل أوراقه بيده ، ويسرع أكثر في
الكتابة .
الرجلان : يدخلان ويبعدان الكاتب ، ويحملان
الكرسي الذي يجلس عليه ، ويخرجان .
الكاتب : يقف مستمراً على الكتابة ، والريح
تعصف به .
الرجلان : يدخلان بملابس الشرطة ، ويحملان
الكاتب ، ويخرجان به ، الأوراق تتناثر ،
وتذروها الريح .
عصف الريح يزداد ،
إظلام تدريجي
ستار

وعاد بابا

حديقة ، باب خارجي ،
باسل يعالج دراجته

باسل : هذه الدراجة اللعينة ، لم تعد تصلح
لشيء ، وكلما قلتُ لماما ، اشتري لي
دراجة جديدة ، تقول انتظر ، سيعود بابا
قريباً ، ويشتري لك كلّ ما تريده ، آه من
بابا .

يُدفع الباب ، ويدخل
رجل بذراع واحدة

الرجل : مساء الخير .
باسل : " يجفل " من ؟
الرجل : هذا أنا .
باسل : لم أسمع الباب يُطرق .
الرجل : لو طرق لسمعته .
باسل :لا ، خطأ ، تقول ماما ، على المرء أن
يطرق الباب ، قبل أن يدخل .
الرجل : ماما !
باسل : لحظة " يتجه نحو الباب " سأعلمك ما
تعلمته " يطرق الباب " قل ، من بالباب ؟
الرجل : " يُجاريه " من بالباب ؟
باسل : أنا .
الرجل : من أنت ؟
باسل : آه ، يُفترض أن تعرفني من صوتي .
الرجل : لكني لم أسمع صوتك من قبل .
باسل : حسن ، قل ثانية ، من أنت ؟
الرجل : من أنت ؟
باسل : أنا باسل .
الرجل : " يتمتم متأثراً " باسل !
باسل : " عائداً " هذا ما كان عليك أن تفعله .
الرجل :إنه باسل ، كما تمنيت " يحضنه " باسل.
باسل : أوه ، اتركني ، أنت تشوكني بلحيتك .
الرجل : باسل ، أنا بابا .
باسل : بابا !
الرجل : نعم ، يا عزيزي ، بابا .
باسل : لكن بابا في الأسر .
الرجل : ها إني عدتُ ، يا بنيّ .
باسل : لا ، لستَ بابا .
الرجل : مهلاً ، أنت لم ترني إلا الآن .
باسل : أنا رأيتُ بابا .
الرجل : باسل ..
باسل : رأيته في عشرات الصور .
الرجل : لقد كنتُ في الأسر .
باسل : بابا لا يشبهكَ .
الرجل : لابد أني تغيرت .. قليلاً .
باسل : بابا شاب ، قوي ، شعره أسود ، وله
ذراعان ..
الرجل : ذراعي أخذتها الحرب ، كما أخذتني
منكما ، أنت وماما ، هذه المدة كلها .
الأم : " من الداخل " باسل .
باسل : نعم ، ماما .
الأم : مع من تتكلم ؟
باسل : مع رجل أشيب ، له ذراع واحدة ،
يزعم أنه بابا .

الرجل يقف جامداً ، باسل
يركض بدراجته إلى الداخل

إظلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??