الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- موجة الإرهاب - الحقيقيّة في إسرائيل : تفاقم قمع الميز العنصريّ و الإبادة الجماعيّة

شادي الشماوي

2022 / 4 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


جريدة " الثورة " عدد 748 ، 25 أفريل 2022
https//revcom.us//en/real-wave-terror-israel-intensified-apartheid-repression-and-genocidal-killings-palestinians

إن طالعتم أنباء وسائل الإعلام السائدة المتّصلة بتغطية الوضع في إسرائيل خلال هذا الشهر ، تعثرون على روايات من مثل " إسرائيل تواجه هجمات موجة إرهابيّة " ضمن أنباء الأن بى سى ؛ و رواية للنيويورك تايمز عنوانها " إطلاق قنابل روكات جديدة من غزّة نتيجة إحتدام الوضع في القدس " ؛ و فيديو لشاب فلسطيني يرشق الشرطة الإسرائيليّة بالحجارة على الأن بى سى و عنوان " صدام الفلسطينيّين و الشرطة الإسرائيليّة في موقع مقدّس من القدس " .
و في هذا السياق ، تُقدّم لكم صورة منسوجة من الأكاذيب و التشويهات التي تقلب الحقائق رأسا على عقب . فالطريقة التي يقع بها تأطير ألحداث الأخيرة في إسرائيل من طرف وسائل إعلام الولايات المتّحدة هي أنّ الأمور مصدرها " موجة من الهجمات الإرهابيّة " الفلسطينيّة ضد الإسرائيليّين . في أحداث ثلاثة منفصلة جدّت في نهاية مارس ، أطلق فلسطيني مسلّح النار و قتل ما مجموعه 11 رجلا منهم عاملين مهاجرين من أوكرانيا مقيمين بإسرائيل منذ سنوات و مارّة أبرياء و رجال شرطة إسرائيليّة تبادلوا إطلاق النار مع الفلسطيني حسب ما ورد في أحد التقارير . و القوى التي " تبنّت " هذه الهجمات أو ساندتها هي قوى أصوليّة إسلاميّة رجعيّة لديها رغم زعمها عكس ذلك رؤية و أجندا و تكتيكات لا صلة لها و هي تتعارض مع تحرير الشعب الفلسطيني أو تحرير أيّ شخص آخر . ( من أجل فهم لهذه القوى الرجعيّة بما في ذلك الدور الحيويّ للإمبرياليّة الأمريكيّة في بعثها إلى الوجود و الحاجة إلى بديل ثوريّ حقيقيّ ، أنظروا عمل بوب أفاكيان " التقدّم بطريقة أخرى " ).
لكن التاريخ لم يبدأ و لم ينته مع هذين الحدثين أو غيرهما من الأحداث حيث يُزعم أنّ الفلسطينيّين أطلقوا النار و قتلوا إسرائيليّين هذه السنة . و التركيز على هذه الأحداث يحجب القصّة الحقيقيّة لأجل تبرير الموجة الحقيقيّة من الإرهاب الممارسة ضد الفلسطينيّين .
" موجة الهجمات الإرهابيّة " الحقيقيّة
خلال هذه السنة لوحدها ، سجّل نشطاء حقوق الإنسان قتل 47 فلسطينيّا بمن فيهم 8 أطفال و إمرأتين على يد القوّات الإسرائيليّة . و 29 من هؤلاء أطلق عليهم الرصاص فأرداهم قتلى جنود إسرائيليّون و لم يكونوا يشاركون بأي شكل في أي نوع من الإحتجاجات . و قد قتلت إسرائيل سنة 2022 عددا يساوى خمسة أضعاف عدد الذين قتلتهم في التفرة نفسها من سنة 2021 . و بفعل ما هو عمليّا موجة هجمات إرهابيّة تقترفها السلطات الإسرائيليّة ، يخشى الفلسطينيّون في كلّ من أركان الأرض التي تتحكّم فيها إسرائيل مغادرة ديارهم لإقتناء حاجياتهم المعيشيّة و للذهاب إلى العمل أو إرسال أطفالهم إلى المدارس و المعاهد .
و نظرا لأهمّية الضحيّة ، أو إلتقاط العدسات القتل و تصويره في شريط فيديو ، فرضت هذه المجموعة من عمليّات القتل التي تقترفها القوّات الإسرائيليّة نفسها في نشرات أنباء إسرائيل و أوروبا حتّى مع تجاهلها في وسائل إعلام الولايات المتّحدة، و في كلّ مكان آخر أُهيل عليها التراب بأنواع من العناوين التي مرّ بنا ذكرها في بداية هذا المقال .
في 10 أفريل ، غادة سبطين ، أرملة سنّها 47 عاما وهي فاقدة جزئيّا لحاسة النظر و أمّ لستّة أبناء أُطلق عليها النار و قُتلت عندما كانت تقترب من الجنود الإسرائيليّين رافعة عاليا يديها و ذلك عند نقطة تفتيش قرب بيت لحم بالضفّة الغربيّة . و قد سجّل بالفيديو صحفيّ فلسطيني عمليّة قتلها و شاهد عشرات الآلاف من الناس شريط الفيديو على اليوتيوب. و لمّا كانت غادة اسبطين ممدّة وهي تموت ، منع الجنود الإسرائيليّون عمّتها من تقديم المساعدة لها ؛ و في نهاية المطاف تدخّل أطبّاء فلسطينيّون لمعالجتها غير أنّهم لم يتمكّنوا من إنقاذ حياتها . و لغادة سبطين عديد الأقارب يعيشون في الولايات المتّحدة و قد أصدرت سفارة الولايات المتّحدة في إسرائيل بيانا يعلن عن " ترحيب الولايات المـّحدة بقرار إسرائيل فتح تحقيق في القتل بالرصاص الحيّ ". لكن وفق بيانات السلطات الرسميّة الإسرائيليّة ، لا وجود لهكذا " قرار فتح تحقيق " . و كانت غادة واحدة من 15 فلسطينيّا و فلسطينيّة قُتلوا بالرصاص على يد فرق جيش إسرائيل في منطقة الضفّة الغربيّة لفلسطين منذ بداية هذا الشهر .
في 13 افريل ، كان المحامي الفلسطيني محمّد عسّاف يرافق إبنه إلى روضة أطفال و يرافق أبناء أخيه إلى المدرسة في مدينة نابلس بالضفّة الغربيّة حينما فتح جنديّ إسرائيليّ باب سيّارة جيب مقادة بسرعة و أطلق عدّة طلقات ناريّة على عسّاف فأرداه قتيلا . و كان محمّد عسّاف يشتغل بلجنة مقاومة الإستعمار و جدار العزل التابعة للسلطة الفلسطينيّة المركّزة في راملّه و لم تُصدر السلطات الإسرائيليّة أيّ تفسير لإغتيال محمّد عسّاف .
و لا يمثّل هذان غير ضحيّتين فحسب لموجة الإرهاب التي شنّتها القوّات الإسرائيليّة هذه السنة . و قد أعلن الوزير الأوّل لإسرائيل بينيت أنّ للجيش الإسرائيلي " كامل الحرّية " و " لا وجود لقيود "على ما يمكنه فعله .
الرواية الحقيقيّة لصواريخ الروكات و القنابل
العنوان المثير و الصورة المصاحبة لمقال النيويورك تايمز ( 18 -04-2022 ) يجعل القرّاء يعتقدون أنّ قنابل روكات قويّة أُطلقت من المنطقة الفلسطينيّة لغزّة قد أصابت إسرائيل . التعليق الصغير و النصّ " أسفل الطيّة " ( بخطّ عريض ، يتطلّب أن ينزل القرّاء بنظرهم لقراءة ذلك ) هو الطريقة الوحيدة التي تمكّن القرّاء من إكتشاف أنّ الوركات هي روكات إسرائيليّة و أنّ الصاروخ الذى أُطلق من غزّة وقع إعتراضه ( و تحطيمه ) قبل سقوطه في أيّ مكان كان .
" إطلاق الروكات " من منطقة غزّة الفلسطينيّة ( الواقع تحت سيطرة الأصوليّين الإسلاميّين الرجعيّين ) إعتمد كعناوين في النيويورك تايمز في 18 أفريل ليس سوى روكات واحدة إعترضتها إسرائيل . و عقب يومين ، أغارت الطائرات الإسرائيليّة على غزّة و وفق الجزيرة ، ألحقت القنابل المقذوفة من الطائرات أضرارا بمنازل بمخيّم لاجئين ( معظم المقيمين بغزّة ينحدرون من المطرودين من أنحاء أخرى من فلسطين ).
و لأكثر من عقد ، كان الفلسطينيّون سجناء في غزّة كانوا في خطّ تقاطع منطقة إطلاق نار إسرائيلي حرّ ، عُرضة إلى غزوات متكرّرة و قذف بعدد كبير من الصواريخ و الهجمات بقنابل الطائرات تسبّبت في قتل الآلاف – غالبيّتهم العظمى نساء و أطفال و أناس متجمّعين في مخابئ و عاملين و عاملات بوسائل الإعلام و مدنيّين أبرياء آخرين .
و الفلسطينيّون المقيمون بمدينة رفح بغزّة لاذوا بالفرار إثر تدمير قنابل إسرائيل لمنازلهم سنة 2009 . و طوال ال13 سنة الماضية ، حطّمت القنابل و الصواريخ الإسرائيليّة الديار و المستشفيات و المدارس و المعاهد و البنية التحتيّة الأساسيّة و قتلت آلاف الفلسطينيّين في غزّة و معظمهم من المدنيّين الذين لم يكونوا من المقاتلين .
ماذا وراء الصدامات بمسجد الأقصى
أتت الصدامات الحديثة في مسجد الأقصى بالقدس نتيجة سلسلة كاملة من الإستفزازات السافرة من طرف السلطات الإسرائيليّة و الغوغاء اليهوديّة العنصريّة و الإباديّة . فوفق إتّفاق عالمي قائم منذ سنوات طويلة ، مسجد الأقصى مخصّص للمسلمين خلال شهر رمضان الذى يعدّ شهرا مقدّسا بالنسبة للمسلمين . و هذه السنة ، لفترة من شهر رمضان ، أغلقت سلطات القدس المسجد أمام المسلمين و سمحت لليهود بالتعبّد في المكان الذى يسمّيه اليهود بجبل المعبد . و حاول الأصوليّون اليهود تنيظم مسيرة بالمكان لتقديم أضحية حيوانيّة . و أفرزت هذه الإستفزازات صدامات 16 أفريل عندما كان الفلسطينيّون مستعدّون للدفال عن المسجد و هاجمت فرق الجيش الإسرائيليّ المكان مطلقة الرصاص المطّاطي و معتقلة مئات الفلسطينيّين .
و في 20 أفريل ، هاجمت فرق الجيش الإسرائيلي مجدّدا المسجد اقصى و باحته . و يبيّن شريط فيديو سجّل من داخل منطقة المسجد الإسرائيليّين و هم يطلقون الرصاص المطّاطي و الغاز المسيل للدموع على كلّ من يرونه بمن فيهم الصحفيّين. و قبل صدامات يوم 20 أفريل بالمسجد ، نظّم حوالي ألف يهودي إبادي بقيادة عضو من الكنيست الإسرائيليّ مسيرة عبر الأحياء الفلسطينيّة في القدس صارخين " الموت للعرب ! ".
واقع ميز عنصريّ و إبادة جماعيّة
ما يجرى الآن ليس موجة عنف يتسبّب فيها الفلسطينيّون كما يصوّر ذلك بصوت عالى في وسائل الإعلام السائدة في الولايات المتّحدة . و ليس " مبالغة في ردّ الفعل " من قبل إسرائيل تجاه " الإرهاب الفلسطيني ّ" مثلما " تمّ تحليله " من طرف المفترضين من المدافعين الأكثر نقدا لإسرائيل و ليس ما يجرى تعبير عن الكره الأبديّ بين المسلمين و اليهود ( حتّى و إن كانت القوى من الجانبين تنظر إلى ذلك على أنّه يخدم مصالحها و تسعى إلى أن يكون النزاع ضمن هذا الإطار ).
ما يجرى هو تشديد للهجوم الإبادي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني مدفوع بواقع أنّ إسرائيل دولة إستعمار إستيطاني على أرض الشعب الفلسطيني و قد خدمت لعقود مصالح الإمبريالية الأمريكيّة . و لعقود سعى حكّام إسرائيل و الولايات المتّحدة إلى تصوير إسرائيل على أنّها قلعة " الديمقراطية المستنيرة " يحيط بها بحر من عدم التسامح العربيّ . و الآن ، إزاء التحدّيات القائمة في جزء منها بفعل أنّ اليهود يتحوّلون إلى أقلّية في المناطق التي تتحكّم فيها إسرائيل ، فإنّ الطبقة الحاكمة لإسرائيل ( حتّى وهي تعرف نزاعات شرسة في صفوفها ) تتبنّى بصفة متصاعدة قمع ميز عنصريّ سافر وعنفا إباديّا ضد الشعب الفلسطيني .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش