الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق وأسّ المشكلة

شيرزاد همزاني

2022 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


العراق وأس المشكلة
كثيرون يكتبون عن العراق ومشاكله التي لا تنتهي ,بل أصبحنا نقرأ ونقرأ خطابات وتحليلات متكررة في كثير من الأحيان. وهنا أريدُ أن أدلو بدلوي.
هناك مشكلة لا يذكرها الكثيرون إمّا لعدم المعرفة أو التغافل عن عمد عن ذكرها, ألا وهي لماذا يحدث في العراق وما الحل. هناك مشكلة في العراق وهي مشكلة هوية المواطن وهي الدولة. كلنا قرأنا عن العقد الاجتماعي وتنظيره وفيه بعض الصحة لو إنَّ العراق كانت دولة ولدت ولادة طبيعية وليس نتيجة أتفاقية سايكس بيكو وتراضي حول تقسيم إرث الدولة العثمانية بمهزومة بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.
فبعد تأسيس العراق وجلب ملك من الحجاز وهو الملك فيصل الأول أحد أبناء شريف مكة (وكأنه كان العراق يفتقد الى رجال يصلحون لهذا المنصب) وتنصيبه ملكاً على العراق والتصويت عليه ونتيجة التصويت كانت نعم, أقول بعد ذلك كان أول خطاب للملك لمجلس الأعيان العراقي بعد انتخابه هو بما معناه " إن العراق يحتوي على مجموعات بشرية وليس شعب واحد وأريد من حكومتي أن توحد بينها وأن يظهر الشعب العراقي المتجانس" . مبدئياً هذا كلام جميل، ولكنه يحتوي بين طياته العمل الجاد لتكوين المواطن العراقي الذي يحب وطنه وينتمي إليه ويحمي مصالح بلده. لكن وما حصل هو أنه تفرد جزءٌ من الشعب العراقي بالسلطة وكانت الطبقة الحاكمة التي تتألف من سياسيين وإقطاعيين وشيوخ دين ورؤساء قبائل تحوز على كل الثمار والشعب يعيش في بؤس وفقر ولا خدمات ولا تعليم إلاّ لأبناء الذوات. هذا أدى الى الأحساس بالظلم لدى عامة الناس وكانت الثورات الكردية وثورة الفرات الأوسط الشيعية في سنة 1935-1936 رد على هذه السياسة الداخلية العرجاء التي حُرِمَ اكثر المواطنين من جني ثمار اكتشاف النفظ وزيادة مدخولات الحكومة.
كل هذا أدى الى تأخر مشروع الملك فيصل وأدى بالمواطن العراقي، القابع تحت وطء ظلم السايسين والأقطاعين والتجار ورجال الدين , أدى به الى الأحساس بالغربة في وطنٍ لا يجني من ثماره شيئاً إلاّ النزر اليسير والى تأخر أو انعدام الشعور بالمواطنة الحقة. وهنا أسّ المشكلة ألا وهي المواطنة. إن مشروع الدولة لا يُبنى من غير مواطنة وينبغي أن يكون هدف الدولة هو إنتاج مواطنين يشرون بالانتماء اليها. ليس الانتماء العاطفي والوجداني فحسب، بل الانتماء العملي وهو أن يُفَضِل مصلحة الدولة على مصلحته برضاه وأن يشارك في تطور الدولة وهو ما لم نشهده في الفترة الملكية. إذ كان المواطن إمّا طائفي، أو عشائري أو قومي وهذه كانت ولا تزال انتماءاته الأولى.
بعد الملكية وبزوغ فجر الجمهورية أستبشر الناس خيراً بقانون الأصلاح الزراعي وخروج العراق من حلف بغداد وإلغاء الاتفاقية العراقية البريطانية والاعتراف بالكرد كشركاء في الوطن وهلم جراً من التغيرات المتسارعة في فترة قاسم.
لكن سرعان ما هبت العاصفة. فبدأت الحروب مع الكرد وحدث النزاع بين القوميين واليساريين وانتهاءً بثورة الشواف ومقتله وأنتهاءً باستيلاء البعثيين على السلطة بانقلاب 1963 , ولا زال المواطن هو البعيد عن التأثير في القرار السياسي وليس إلاّ أداةً بيد الأحزاب والتيارات السياسية والدينية.
بعد انقلاب البعثيين أستمر الحرب مع الكورد وأستمر قمع الباقي من الحركات السياسية فأصبحَ جلادو الأمس ضحايا وقرابين اليوم. ورغم نهضة العراق الاقتصادية والعمرانية إلاّ أن إبعاد المواطن من التأثير في السياسة إلاّ المواطن الموالي للحكومة الذي كان يستأثر هو ومن ثم جماعته بأكثر الخيرات. ورغم انحسار الأميّة إلاّ أنّ الجو العام للساحة كان لا يزال طائفي، عشائري وقومي.
بعد الأخوين عاف جاء البعث وهو الحزب الأوحد والوحيد الذي على الطريق الصحيح ويملك الحقائق كلها والبديهيات جميعها. فقُمِعَ الكورد والشيعة واستأثرت طائفة واحدة بالسلطة وما كان الباقين إلاّ توابع لهم. والى الآن لا زال المواطن على حاله لا يحصل إلا على فتات ما تبقى من مائدة السلطة. وأصبحت التفرقة أشد فهناك بالإضافة الى الطائفية والعشائرية والقومية هناك من هو مع النظام وضد النظام وأصبح الثوار الشيعة غوغاء عندما ثاروا وأتهموا بأنهم موالون لإيران والكورد كعادتهم عصاة. وكان السنة هم المرتاحين فالسلطة منهم، رغم أنّ السلطة قامت بقمع بعض الحركات الانقلابية من جانبهم وعوقِبوا بشدة ولكن ليس الطائفة كلها والعرب كلهم وإنما من قاوم السلطة.
الى الآن لا يزال المواطن يراوح مكانه فلا تأثير له في الحياة السياسية فهو إن كان لا يصنع السلطة فكيف يحسُّ بالانتماء للوطن.
بعد 2003 ظهرت نتائج هذه السياسة الطويلة والخاطئة جليّة في العراق. فبعد أن أصبحت لعبة الأصوات والديمقراطية هي الموضة، أقول أصبح الشيعة في موقع السلطة وهو ليسوا على استعداد للتخليّ عنها. وأصبح أعلى أمنيات المواطن العراقي أن ينعم بالأمان وأن تتوفر له الحياة الكريمة التي يستحقها. لكن، لا زال المواطن لا يؤثر في الحياة السياسية. فإنه أصبح مقسماً الآن فعلياً طائفياً وعشائرياً وقومياً. وأحزاب السلطة الفاسدة تستغل ذلك بأذكى طريقة وتعمل على استمرار الوضع القائم وذلك لأنه من بيئة افتقدت الوكن والمواطنة. فالكوردي يريد كوردستان أولاً والشيعي المذهب ومناطق الوسط والجنوب والسني المناطق الغربية. حتى إنّ السياسيين يستغلون هذا الوضع غير الطبيعي في دولة تدعي الديمقراطية والدفاع عن المواطن، فبدلاً عن الدفاع عن المواطن وتقديم الخدمات له أصبح الدفاع عن الفئة وأن يضمن السياسي موقعه وعضويته وأن يغتني هو وبطانته بأسرع وقت ممكن لأنه -في دولة الفوضى ليس هناك ضامن للغد. وشاهدنا كيف إنّ مظاهرات التشرينين حدثت فقط في مناطق -شيعية محددة وكأن أمر العراق لا يهم الكورد والسنة وقبلها حدثت مظاهرات وأعمال شغب في كوردستان والمناطق السنية ولم يُحَرِك الشيعة ساكناً ما عدا بعض الشعارات للاستهلاك المحلي.
الآن ما الحل ؟
الحل هو بناء المواطن من خلال تقديم الخدمات, تحسين الأقتصاد , المساوات أمام فرص العمل وتطوير البني التحتية للدولة.
كيف ذلك؟ لا يمكن أن يحدث هذا في ظل طبقة فاسدة كالطفيليات تعتاش على ما في المجتمع من متضادات وتناقض.
هل هناك أمل؟ كلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب