الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي الدميني.. وداعاً

حسن مدن

2022 / 4 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كنا نعلم، نحن أصدقاء الشاعر السعودي علي الدميني، الذي رحل عنا قبل يومين، أن حاله الصحية تتدهور سريعاً، وكنا نمنّي النفس بأنه سينتصر على المرض، وأن إرادته القوية والشجاعة المعهودة فيه ستنتصران، لكن الخبر الذي تمنينا، من كل قلوبنا، ألا نسمعه، جاءنا بعد ساعات قليلة على رحيله، حيث ضجت صفحات أصدقائه ومحبيه الكثر، وجمهوره الواسع من القراء في السعودية وبلدان الخليج وخارج المنطقة، بالخبر المفجع، وبات علينا أن نسلّم بأن حياة أخرى لعلي الدميني قد بدأت، وإن كنا لا نراه، لكن من بوسع من عرفه أن ينساه، ومن بوسعه كتابة تاريخ الحداثة الشعرية والأدبية في السعودية، ألّا يقف بكل تقدير أمام دوره الوازن في صنعها؟

إضافة إلى منجزه الشعري المهم ونتاجاته الأدبية وحضوره الساطع في الصحافة الثقافية، فإنه حرّر وأشرف على عدد من المنابر الصحفية والدوريات الثقافية، وحين حضر الفضاء الرقمي أصبح له موقع ينشر عليه اختياراته من المساهمات الأدبية والفكرية، التي تنم لا عن ذائقته الأدبية الراقية فحسب، وإنما عن وعيه الحاد والعميق، هو الذي لم يقع في المنزلق الذي وقع فيه آخرون حين حصروا حديثهم عن الحداثة في الجانب الأدبي، بالتركيز على التجارب الشعرية والسردية والدراسات النقدية، لينظر إلى هذه الحداثة بوصفها مشروعاً فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، اشتمل في حركته على قيم التنوير، كالعقلانية وحرية الفكر والضمير والتفكير والإبداع والتقدم.

ويمكن أن نلمس ذلك على خير وجه في الكتاب الذي وضعه عن حياة وأدب معلّمه ورفيقه في الشعر والأدب والحياة الأديب الكبير محمد العلي، متحركاً ضمن هذا الأفق الشامل للحداثة، والذي سيبقى مرجعاً يُعتد به عند كتابة بدايات الحداثة الأدبية والمجتمعية في السعودية، لأن الدميني بما يملك من رؤية معرفية واسعة يتقصّى أوجه هذه الحداثة من خلال تجربة محمد العلي، في مصادرها وتحولاتها.

وعند عملي على إنجاز الفصل الخاص بالجزيرة العربية، في كتابي الأخير «حداثة ظهرها إلى الجدار»، أرسلت المسودة الأولى للفصل إلى الدميني فقرأها باهتمام، ولم يكتف بإرشادي إلى مراجع إضافية تعينني في البحث، وإنما بذل جهده الكبير في تزويدي بنسخ، إلكترونية وورقية، منها. كانت «كورونا» في ذروتها حين أتاني منزلي حاملاً معه، للغرض نفسه، كتباً للباحث محمد حسين بافقيه، أرسلها الأخير عن طريقه. رجوته أن يدخل البيت لنشرب شاياً أو قهوة، ورغم إلحاحي اعتذر قائلاً إنه عائد إلى السعودية بعد قليل. وجدته يومها نحيفاً جداً ومرهقاً. لم يمض الكثير حين عرفنا أن السرطان الخبيث قد تمكن من جسد الشاعر الذي دعا الموت: «أن يتروى إذا زارني/ لكيما أدوّن مرثيتي».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجهز لنا أكلة أوزبكية المنتو الكذاب مع


.. غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا