الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناضل اليساري حين يهوى الوضوح.....28

محمد الحنفي

2022 / 4 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الوضوح في الممارسة:.....19

وانطلاقا من هذا التصور في العلاقة، بين النظرية، والممارسة، نجد أن:

1) النظرية، في تبلورها، تستغرق مدة طويلة، وتمر بتجارب متعددة، قبل أن تتبلور، في صيغتها النهائية، التي لا تكون إلا قابلة للتفاعل مع الممارسة، التي تجتهد في مطابقتها، من أجل التأثير فيها، والتأثر بها، سعيا إلى تطورها، وتطويرها، أملا في العمل على التسريع بتغيير الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل جعل الجماهير الشعبية الكادحة، تزداد تفاعلا مع الواقع، من أجل جعله في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؛ لأن الغاية من وجود اليسار، ومن وجود النظرية اليسارية، ومن وجود الإطارات اليسارية، ومن العمل على ترسيخ الممارسة اليسارية، في واقع معين، ومن التفاعل بين النظرية اليسارية، والممارسة اليسارية، ومن تطور، وتطوير النظرية اليسارية، ومن تطور، وتطوير الممارسة اليسارية، في الوصول إلى جعل الواقع، في خدمة اليسار، بصفة عامة، وفي خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بصفة خاصة، من أجل أن يضاعف اليسار تطوير النظرية، وترسيخ الممارسة، في الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يصير معبرا عن فعل اليسار فيه، وعن تفاعل اليسار معه، مما يجعل اليسار مهتما، فعلا، بالإنسان: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وساعيا إلى إسعاده على جميع المستويات. الأمر الذي يترتب عنه، صيرورة المجتمع برمته، يساريا: قولا، وعملا، من أجل الاقتناع بنظرية اليسار، والشروع في جعل الممارسة اليسارية، ممارسة جماهيرية، ليصير حزب اليسار، حزبا جماهيريا.

2) الممارسة، باعتبارها تطبيقا للنظرية، على أرض الواقع، تستغرق، كذلك، مدة أطول، قبل أن تصير إطارا للتطبيق، على أرض الواقع، وقبل أن تأخذ طريقها إلى التفاعل مع النظرية، من أجل التأثير فيها، والتأثر بها، ومن أجل أن تقف الممارسة، وراء تطور النظرية، التي تقف، بدورها، وراء تطور الممارسة، في نفس الوقت. فكأن النظرية، وفي علاقتها بالممارسة، تطور نفسها، وكأن الممارسة، وفي علاقتها بالنظرية، تطور نفسها، كذلك. مع العلم، أن التفاعل بينهما، هو الذي يقف وراء التطور، والتطوير، في كل منهما، وبدون ذلك التفاعل، تبقى النظرية جامدة، والممارسة جامدة.

وحتى يمارس الممارس النظرية، عليه أن يستوعب النظرية، استيعابا كاملا، يجعله مدركا لكل تفاصيلها، حتى يتأتى له ممارستها، دون تحريف لها، ومن أجل أن تصير الممارسة متفاعلة مع النظرية، ومطورة لها، وأن تصير النظرية متفاعلة مع الممارسة، ومطورة لها؛ لأن العلاقة بين النظرية، والممارسة، هي علاقة تفاعل. والتفاعل، وسيلة للتطور، والتطوير، ومن خلال الممارسة النظرية، يتم التفاعل مع الفكر، ومع الممارسة اليومية، ومع المجتمع. وكل ذلك، ينتج لنا اتساع دائرة التفاعل، بين النظرية، والممارسة، الذي يتم، كذلك، مع الفكر، ومع الممارسة اليومية، لمجموع أفراد المجتمع.

والنظرية عندما تتفاعل مع كل ما يجري في المجتمع، فإنها تتفاعل، في نفس الوقت، مع الممارسة العامة للمجتمع، التي تصبح ممارسة الممارس للنظرية، جزءا، لا يتجزأ من تلك الممارسة العامة، مما يفسح المجال أمام إمكانية التطور اللا محدود للنظرية، والممارسة، وبالتالي، فإن التطور اللا محدود للنظرية، لا ينعكس إيجابا على الممارسة العامة، التي تعرف بدورها تطورا لا محدودا، يجعل المجتمع، برمته، يساريا، وساعيا إلى أن يصير اليسار قائدا لحركة المجتمع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

3) قوة الإطار المتبني للنظرية، وللممارسة، والعامل على تطور النظرية، والفاعل في الواقع، من أجل إشاعة النظرية، والممارسة، سعيا إلى جعلهما معتمدين في المجتمع، على مستوى النظرية، وعلى مستوى الممارسة، مما يجعل الإطار متصديا لقيادة المجتمع، ككل، من أجل تحرير الإنسان، والأرض، ومن اجل الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، ومن أجل العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروات المادية، والمعنوية.

أما إذا كان الإطار ضعيفا، فإنه يبقى بدون القدرة على جعل النظرية تتطور، وعلى جعل الممارسة تتطور؛ لأن قوة الإطار، شرط في تطور النظرية، وفي تطور الممارسة، وشرط في قيام التفاعل بينهما، فبدون تطور النظرية، وبدون تطور الممارسة، لا يتقوى الإطار، وبدون قوة الإطار، لا تتفاعل النظرية، ولا تتطور، الممارسة. وبناء عليه، فتطور النظرية، وتطور الممارسة، شرطان للتأثير في الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وحين تصير النظرية متطورة، والممارسة متطورة، لا بد أن يحرص اليساريون، على قوة الإطار اليساري، كشرط لتطور النظرية، ولتطور الممارسة؛ لأنه بدون الحرص على قوة الإطار، يتوارى دور اليساريين، على جعل الإطار قويا.

ونحن، لا نشك في أن الساريين، يغارون على إطارهم اليساري، ويعملون على تقويته تنظيميا، وأيديولوجيا، وسياسيا، حتى يمتلك القدرة على جعل النظرية، تتفاعل مع الممارسة، وعلى جعل الممارسة، تتفاعل مع النظرية، من أجل تطورهما معا، من أجل تقوية التأثير في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل التفاعل مع نفس الواقع، والتأثر به، مهما كان، وكيفما كان، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، وقوميا، وعالميا؛ لأنه بقدر ما تتسع دائرة التفاعل، تحضر إمكانية التطور، الذي يستفيد مما يجري، في هذا الكون، الذي يزداد تطورا، في كل دقيقة، وفي كل ثانية.

4) طبيعة البرنامج الذي يعمل الإطار على الالتزام به:

هل هو برنامج مفعل للواقع؟

أم أنه برنامج يعمل على تكريس جمود الواقع؟

هل يعمل على تطوير النظرية؟

هل يعمل على تطوير الممارسة؟

هل يقف وراء إذكاء التفاعل بين النظرية والممارسة؟

هل يقف وراء قيام النظرية بتطوير الممارسة؟

هل يقف وراء قيام الممارسة بتطوير النظرية؟

هل يقف وراء قيام النظرية والممارسة بالتفاعل مع الواقع؟

هل تعمل النظرية والممارسة على التأثير في الواقع؟

هل تتأثر النظرية والممارسة بالواقع؟

ما أوجه التطور الذي يحصل في النظرية ويحصل في الممارسة بسبب التفاعل مع الواقع؟

ماهي أوجه تطور الواقع، بسبب تفاعله مع النظرية، ومع الممارسة؟

وما مدى استمرار تفاعل الواقع مع النظرية، ومع الممارسة؟

وما هي النتائج المنتظرة من التفاعل بين النظرية، والممارسة من جهة، والواقع من جهة أخرى؟

إن الوقوف على البرنامج:

هل هو برنامج إقطاعي؟

أم هو برنامج بوزجوازي؟

أم هو برنامج بورجوازي صغير؟

أم هو برنامج عمالي؟

أم هو برنامج يساري فوضوي؟

أم هو برنامج لمؤدلجي الدين الإسلامي؟

لأن معرفة طبيعة البرنامج، توضح لنا المسار الذي نسلكه، في اتجاه تطوير الواقع، أو في اتجاه تراجعه، سعيا إلى العمل، على دعم البرنامج، الذي يطور الواقع، والوقوف ضد البرنامج، الذي يعمل على تراجعه، ومن خلال دعم البرنامج، الذي يعمل على تراجعه. ومن خلال دعم البرنامج، يتم دعم الحزب الواضع لذلك البرنامج، والعامل على تفعيله في المجال المعني، أملا في جعل الواقع يتطور، وفي جعل النظرية، والممارسة تتطوران.

والعمل على عدم دعم البرنامج، هو في نفس الوقت، عدم دعم الحزب الواضع لذلك البرنامج، والعامل على تفعيله في الواقع، حتى يتطور الواقع، أو من أجل أن يصير في اتجاه التراجع عن مظاهر التطور، التي تحققت من قبل: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليرجع التاريخ إلى الوراء، من أجل استرجاع شروط نمو الإقطاع، وعبيد الأرض.

وما قلناه عن الحزب الإقطاعي، من خلال دعم برنامجه، نقوله، كذلك، في الحزب البورجوازي، الذي يوهمنا برنامجه، بالعمل على تطور الواقع. وهو لا يعمل إلا على إنضاج شروط استمرار البورجوازية، في نهب الخيرات المادية، والمعنوية، لعامة الناس، ولصالح المجتمع البورجوازي، أو لصالح الطبقة البورجوازية، التي تزداد تقدما، بقدر ما يزداد الواقع تخلفا.

وبالنسبة للبورجوازية الصغرى، فإنها تعمل على تفعيل برنامج، يظهر أنه يعمل على تطوير الواقع، وهو لا يعمل إلا على تحقيق هدفين أساسيين:

الهدف الأول: تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في إطار إنضاج الشروط، التي تساعد على تحقيق التطلعات الطبقية، للبورجوازية الصغرى. وفي نفس الوقت، جعل نفس الشروط، تخدم مصالح البورجوازية الكبرى المتخلفة في الواقع، باعتبارها مصدرا لتحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى الطبقية.

الهدف الثاني: التصنيف إلى جانب البورجوازية الكبرى، أو إلى جانب الإقطاع، من أجل التعويض عن سنوات العمل، بكل الوسائل المشروعة، وغير المشروعة، من أجل الوصول إلى التصنيف إلى جانب البورجوازية الكبرى، أو إلى جانب الإقطاع، حتى وإن كان ما يحصل عليه، مجرد ريع، ونتيجة لممارسة العمالة تجاه الطبقة الحاكمة.

والبرنامج الوحيد، الذي يخدم مصالح المجتمع برمته، وخاصة، مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هو البرنامج اليساري الاشتراكي العلمي، الذي يهدف إلى تحقيق تحرير الأرض، والإنسان، وتحقيق الديمقراطية، من الشعب، وإلى الشعب، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

أما برنامج اليسار الفوضوي، فهو البرنامج، الذي لا يسعى إلا إلى تحقيق تطلعات قيادة اليسار الفوضوي الطبقية، بالإضافة إلى استفادة الطبقة الحاكمة، من ذلك البرنامج، لتبقى المعاناة من نصيب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من ضمن الجماهير الشعبية الكادحة.
وبالنسبة لبرنامج مؤدلجي الدين الإسلامي، فإنه يسعى إلى تكريس استغلال الدين الإسلامي، في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وإلى تكريس أعتبار النص الديني، مجرد أيديولوجية، أو مجرد شعار سياسي، حتى يصير النص الديني، في خدمة تحقيق التضليل المنشود، من وراء أدلجة الدين الإسلامي، ومن وراء تسييسه، في أفق أن تتحول أدلجة الدين الإسلامي، إلى دين جديد، ليصير المؤدلجون، للدين الإسلامي، بمثابة الأنبياء، والرسل، الذين تلقوا الرسالات من السماء، وبلغوها.

وفي ظل تعدد البرامج، التي لا تستفيد منها إلا طبقة معينة، تبقى محاصرة البرنامج اليساري الاشتراكي العلمي، الذي يستفيد منه المجتمع، ككل، وفي مقدمته: العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، محاصرة للمجتمع، ولكادحي المجتمع، حتى لا ينال نصيبه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليستغرق في المعاناة، إلى ما لا نهاية، لتصير المعاناة من نصيب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وليصير الثراء الفاحش، من نصيب البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وكل من يسعى إلى تحقيق التطلعات الطبقية، مهما كانت الدناءة، والانحطاط، التي يمارسونها.

5) طبيعة الأهداف التي يسعى البرنامج إلى تحقيقها:

هل هي أهداف إقطاعية؟

هل هي أهداف بورجوازية؟

هل هي أهداف بورجوازية صغرى؟

هل هي أهداف عمالية؟

هل هي أهداف يسارية فوضوية؟

هل هي أهداف مؤدلجة للدين الإسلامي؟

ذلك، أن طبيعة أهداف أي برنامج جزبي، هي التي تحدد الكيفية، التي يتم اللجوء إليها، من أجل العمل على تحقيق أهداف معينة، حتى يتأتى تحقيق أهداف حزب من الأحزاب، في سبيل تحقيق أهداف حزب الإقطاع، التي ليست هي سبل تحقيق أهداف حزب البورجوازية، التي ليست هي سبل تحقيق أهداف حزب البورجوازية الصغرى، التي لست هي سبل تحقيق أهداف حزب الطبقة العاملة، التي ليست هي سبل تحقيق أهداف حزب اليسار الفوضوي، التي ليست هي سبل تحقيق أهداف الحزب المؤدلج للدين الإسلامي.

وهذا الاختلاف في الأهداف، وفي طرق تنفيذها، ينعكس سلبا، أو إيجابا، على الواقع. فالأهداف الإقطاعية، التي تحتاج إلى طريقة خاصة، تنعكس سلبا على الكادحين، في المجتمع الإقطاعي، أو شبه الإقطاعي، أو البورجوازي، أو شبه البورجوازي، أو البورجوازي الصغير، أو شبه البورجوازي، الصغير، أو العمالي، أو اليساري الفوضوي، أو المؤدلج للدين الإسلامي. أما الانعكاس الإيجابي، فلا يكون إلا لصالح المستفيدين من الوضع المتردي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، الذين ينتمون إلى الطبقات الإقطاعية، أو البورجوازية، أو البورجوازية الصغرى، أو اليسار الفوضوي. أما البرنامج العمالي، فيستفيد منه الجميع، أولا يستفيد منه أحد، كيفما كان نوعه. وبما أن الحزب اليساري العمالي، قد لا يصل أبدا إلى الحكم، إلا إذا التزم المسؤولون بالممارسة الديمقراطية الحقيقية، التي لا تكون إلا من الشعب، وإلى الشعب، عندما يمكن أن يصل الحزب اليساري العمالي، إلى مراكز القرار، التي يمكنه حينها، أن يعمل أجرأة تنفيذ برنامجه، الذي يستفيد منه جميع أفراد الشعب.

ولذلك، كانت طبيعة الأهداف، التي يسعى البرنامج إلى تحقيقها، محفزا على العمل، من أجل تحقيق الأهداف المرسومة، حتى تستفيد الطبقة المعنية، من ذلك البرنامج.

وإذا كان البرنامج للحزب العمالي اليساري، فإن التحفيز يستهدف مجموع أفراد الشعب، باعتبارهم مستفيدين جميعا من تحقيقها.

ومعلوم أن الأهداف الكبرى، لأي حزب عمالي يساري، تتمثل في التحرير: تحرير الإنسان، والأرض، وفي الديمقراطية: من الشعب، وإلى الشعب، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

والحزب، أي حزب، لا يمكن أن يتطور إلا بقيام التفاعل، بين النظرية، والممارسة؛ لأن هذا التفاعل، إذا كان يطور النظرية، ويطور الممارسة، ويطور الواقع، الذي تتفاعل معه النظرية، والممارسة.

فكيف لا يتطور الحزب، صاحب النظرية، التي تنتج الممارسة؟

والأوجه الحزبية، التي يستهدفها التطور في المسار العام، الذي يشمل الحزب، والمسار الخاص، الذي يخص التنظيم الحزبي.

فالمسار العام، الذي يغذي مجموع المجتمع، بما فيه الحزب، أي حزب، لا بد أن يعتمد تصورا معينا، في تطوره. وقد يكون هذا التصور إقطاعيا، أو بورجوازيا، أو بورجوازيا صغيرا، أو قد يكون عماليا يساريا، وقد يكون تصورا يساريا فوضويا، أو تصورا مؤدلجا للدين الإسلامي.

فالتصور الإقطاعي، يسعى فيه الإقطاع، إلى جعل الشروط القائمة في الواقع، لا تخدم إلا مصالح الإقطاع، ولا تتطور تلك الشروط، إلا بتطور مصالح الإقطاع. ومصالح الإقطاع، تتمثل في اتساع الأراضي، التي صار يملكها الإقطاع، وفي اتساع دائرة القابلين بالعمل في اراضي الإقطاع، حتى لا يقل القابلون بصيرورتهم عبيدا لأراض الإقطاع، بصيغته الأوروبية، ما قبل الثورة البورجوازية الفرنسية؛ لأن الشروط التي لا زالت تفرز الإقطاع، لم تعد قائمة، لأن الإقطاع الذي يفرز، ليس إقطاعا تقليديا، بقدر ما هو إقطاع جديد، يعتمد الأجراء العاملين في الأرض، خلال الدورة الزراعية. وقلما نجد الإقطاعية، تضم عمالا يتمتعون بحقوق الشغل، والتمتع بالتقاعد، من أجل الحماية الاجتماعية. وفي أغلب الضيعات، نجد أن العاملين، لا يتمتعون بأي حق من الحقوق الشغلية، كصندوق الحماية الاجتماعية، وصندوق الحماية الصحية، الأمر الذي يترتب عنه: تعرض العاملين في ضيعات الإقطاعيين، لكافة الأخطار، ولكافة أشكال الحرمان، من الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ونظرا لعدم انتمائهم إلى النقابة، أي نقابة، فإنهم لا يستطيعون تكوين الملف المطلبي، كما لا يستطيعون العمل على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، كما لا يستطيعون النضال، من أجل ذلك.

أما التصور البورجوازي، فيقتضي جعل الشروط الموضوعية، القائمة، لا تخدم إلا مصالح البورجوازية، وحلفاءها، ومن وقف وراء وجودها، واستفادتها، بالدرجة الأولى، من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، نظرا لأن البورجوازية، هي الطبقة التي تخدم مصالح الرأسمال، ومصالح الجهة التي وقفت وراء مدها بالامتيازات، التي تجعلها صاحبة الكلمة الأولى: في الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي السياسة، حتى تستطيع خدمة الاستعمار غير المباشر، الذي يسعى إلى نهب ثروات العالم، عن طريق مثل هذه البورجوازية، التي لا يمكن وصفها، إلا بالبورجوازية التابعة. أما البورجوازية المتحررة من التبعية، فإنها غير قائمة عندنا؛ لأنه لو كانت موجودة، لسعت إلى التحرير، والديمقراطية، تحرير الاقتصاد التبعي، حتى تصير البورجوازية القائمة، وطنية، قولا، وعملا، وبما أن هذه البورجوازية غير قائمة، فإن بورجوازيتنا، إذا لم تتغير الشروط القائمة، ستبقى تابعة، في خدمة ما سماه المناضلون الأوفياء، بالاستعمار الجديد، في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة/ والسياسة.

وبالنسبة للتصور البورجوازي الصغير، فإننا نجد أن البورجوازية الصغرى، إذا وصلت إلى الحكم، فإنها تعمل على إنضاج الشروط، التي تساهم بشكل كبير، في تحقيق تطلعاتها الطبقية، التي تعمل على جعلها تتحول إلى بورجوازية كبيرة، أو إلى إقطاع، أو إقطاع جديد، في ظل حكم البورجوازية الصغرى، التي لا تكون إلا مريضة بالتطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإننا نجد ازدهار النهب، وازدهار الإرشاء، والارتشاء، وكل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومنه الفساد الانتخابي، الذي تروج فيه الملايير، التي لا حدود لها، على المستوى الوطني.

أما التصور العمالي / اليساري الاشتراكي العلمي، فإنه يقوم على مواجهة الاحتلال غير المباشر، للاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، وعلى العمل على إنضاج شروط التغيير الاقتصادي، والاجتماعين والثقافي، والسياسي، سعيا إلى قطع دابر التبعية، وجعل التنمية القائمة، في خدمة الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أن تحرص على رفض التبعية، حتى يتحرر الاقتصاد الوطني من التبعية، ويتحرر الحكم منها، ويتم اتخاذ قرارات شجاعة، تهدف إلى التخلص من خدمة الدين الخارجي، الذي يصير وسيلة من وسائل التبعية، والعمل على جعل الاقتصاد الوطني في خدمة الشعب المغربي، بكل فئاته المقهورة، من أجل أن لا يتم توزيع الخيرات المادية، والمعنوية، على أساس المساواة بين الناس: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في إطار تحقيق التحرير، تحرير الإنسان، والأرض، وتحقيق الديمقراطية، من الشعب، وإلى الشعب، أملا في جعل الديمقراطية، المتحققة، وسيلة لجعل الإنسان، أي إنسان، مهما كان لونه، أو جنسه، أو لغته، يتمتع بحقوقه الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية.

وبالنسبة للتصور اليساري الفوضوي، فإنه يعرف الفوضى: في الفكر، وفي الممارسة. والفوضى في الأيديولوجية، والفوضى في التنظيم، والفوضى في السياسة، والفوضى في التصور الاقتصادي، وفي التصور الاجتماعي، وفي التصور الثقافي، وفي التصور السياسي وتبعا لذلك، فإن الأهداف، لا يمكن أن تكون إلا فوضوية، ليصير، بذلك، التصور العام، فوضويا. والتصور الخاص، فوضويا. والأهداف، في مثل هذه الحالة، لا يمكن أن تكون إلا فوضوية، والتوجه اليساري، عندما يكون فوضويا، فإن العاملين على إشاعته في المجتمع، لا يمكن أن ينتهي بهم الأمر، إلا بين أحضان الحكام، الذين يغدقون عليهم العطاءات، تلو العطاءات، إلى ما لا نهاية، بما في ذلك الإغراق بالامتيازات الريعية، ليصيروا بذلك جزءا لا يتجزأ من الطبقة الحاكمة، وكأنه لم يعرف ممارسة الفوضوية.

أما بالنسبة لتصورات التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، فإنها تبنى على أساس التعامل مع النص الديني، كتعبير أيديولوجي، وكشعارات سياسية، صرفة. وهو ما يعكسه اعتبار القرءان، مجرد دستور، وعلى المسلمين، وليس المومنين بالدين الإسلامي: (لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)، إلا الامتثال لحكم الإسلام، الذي مصدره الكتاب، والسنة، والاجتهاد، والقياس، ولكن بعد اعتبار النص الديني، نصا أيديولوجيا، وشعارا سياسيا. وهو ما جعلهم يقيمون تنظيمات جماهيرية، مؤدلجة للدين الإسلامي، وتنظيمات حزبية، مؤدلجة للدين الإسلامي، كذلك، تعمل في أفق تأبيد الاستبداد القائم، أو تعمل على إحياء ما يسمونه بأمجاد الماضي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، أملا في الوصول إلى الحكم، من أجل فرض تطبيق ما يسمونه ب: (الشريعة الإسلامية)، وهي في الواقع ليست إلا الشريعة الإسلامية المؤدلجة، والعمل على إقامة الدولة الإسلامية، التي ليست إلا دولة استبدادية بديلة للاستبداد القائم، ولإعطاء الشرعية لهذه الدولة الإسلامية، يتم ادعاء إقامة دولة الخلفاء الراشدين، التي تحكم بين الناس، وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية المؤدلجة، الأمر الذي يترتب عنه: اعتبار الشريعة الإسلامية المؤدلجة، وسيلة قمعية، لجعل شعوب المسلمين، تئن تحت سياط السيطرة الكاملة. وأكثر من هذا، فإن هذه الشعوب، تتغنى بأنظمتها المسماة إسلامية، ومن خرج عن الطوق، يصير خاضعا خضوعا مطلقا، داخل سجون أي دولة، من دول المسلمين، إن لم يتم تكفيره، أو تلحيده، في أفق الحكم عليه بالموت شنقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | الشرطة الهولندية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين خلال ت


.. اشتباكات بين متظاهرين ورجال الشرطة بسبب فيضانات إسبانيا: مته




.. كلمة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في افتتاح الجامعة


.. التقرير التركيبي وخلاصات الجامعة السنوية لحزب التقدم والاشتر




.. Socialist Party is live