الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العضوية في الناتو لن تجعل السويد أو العالم أكثر أمنا

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2022 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة : محمد ناجي

تنويه من المترجم :
(( في هذه الأيام تتزايد وتيرة النقاش في السويد ، بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ، حول الموقف من قضية العلاقة بين السويد وحلف الناتو . وبالرغم من الارتفاع الملحوظ في نسبة التأييد للانضمام للناتو 54% مقابل 24% معارض ، وهو آخر ما نشر اليوم 30 نيسان-أبريل ، إلا أن الموقف لم يحسم بعد ، فالانقسام والاختلاف في الرأي ملحوظ في الشارع ولدى أصحاب الاختصاص وصنّاع الرأي والقرار ، وهنا ابدأ بعرض ترجمة لرأي منظمة السلام السويدية ، يتبعها رأي أو آراء أخرى )) .

*****************************

العضوية في الناتو لن تجعل السويد أو العالم أكثر أمانا


منظمة السلام السويدية تقف بالضد من عضوية السويد في الناتو ، والسبب الرئيسي هو أن عضوية الناتو لن تجعل السويد أو العالم مكاناً أكثر أماناً . وكعضو ، ستصبح السويد جزءاً من العقيدة النووية ، وسيضعف صوتنا وعملنا من أجل الديمقراطية ونزع السلاح .

لا يمكن خلق أمن طويل الأمد بمساعدة تحالف عسكري ووسائل عسكرية ، ومن خلال تحالفها مع دول غير ديمقراطية ، تخاطر السويد بالانجرار إلى الحرب والصراع المسلح .

الناتو هو تحالف نووي . الأسلحة النووية الأمريكية تشكل ما يسمى بـ(المظلة النووية) التي ينضوي تحتها أعضاء الناتو . وبالتالي فإن الولايات المتحدة هي التي تملي سياسة الحلف النووية . الأسلحة النووية البريطانية تقدم دعما ثانويا ، أما الأسلحة النووية الفرنسية فهي لم تدمج في هيكل قيادة الناتو ، ولكن يمكن للحلف استخدامها في الدفاع إذا رغبت فرنسا في ذلك .

تعتبر الأسلحة النووية مكوناً مركزياً في الناتو ، حيث يعتمد الدفاع على مزيج من الأسلحة النووية والأسلحة التقليدية والدفاع الصاروخي . يسعى الناتو لضمان مشاركة جميع الأعضاء في التخطيط الدفاعي الجماعي للأسلحة النووية ، حتى في وقت السلم ، في شكل ترتيبات القيادة والسيطرة والتشاور ، بالإضافة لأمور أخرى ، من خلال مجموعة التخطيط النووي التابعة لحلف الناتو ، حيث يشارك أعضاؤها بشكل دائم في تخطيط وتمارين الأسلحة النووية ، و SNOWCAT (دعم العمليات النووية باستخدام التكتيكات الجوية التقليدية) ، حيث تخطط دول الناتو التي ليس لديها أسلحة نووية للمشاركة في هجوم نووي باستخدام الأسلحة التقليدية . على الرغم من أن الناتو يدعي أنه مجرد تحالف دفاعي ، إلا أنه لا توجد قيود على وقت أو كيفية استخدام الأسلحة النووية ، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية للهجوم الأول (لا يوجد لدى الحلف ما يسمى بسياسة عدم الاستخدام الأول) .

وبالتالي فإن جميع الأعضاء يشاركون ويساهمون في حالة استخدام الأسلحة النووية للتحالف . هذا يعني أن الجنود السويديين ، على سبيل المثال ، قد يضطرون إلى المشاركة في هجوم نووي ، وعلى الأرجح ارتكاب جرائم حرب - حيث لا يمكن السيطرة على العواقب الوخيمة للأسلحة النووية ، وسوف تقتل وتلحق الضرر بالناس والبيئة بطريقة غير مناسبة ولا تفرق بين المقاتلين والمدنيين . في الآونة الأخيرة ، جرى النقاش عن الأسلحة النووية التكتيكية في وسائل الإعلام (أي الأسلحة النووية الأصغر قليلاً ، والأقصر مدى) بطريقة تجعل الأمر يبدو كما لو أن هذا النوع من الأسلحة النووية لن يساهم في الكثير من الدمار ، وهذا ليس صحيحا . العديد من الأسلحة النووية التكتيكية هي نفس حجم تلك التي أسقطتها الولايات المتحدة على اليابان في عام 1945 ، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 214000 شخص وما زال الناس يموتون نتيجة لتلك القنبلة .

المظلة النووية لحلف الناتو لا تحمينا من عواقب الأسلحة النووية . إذا تم استخدام الأسلحة النووية ، فإن العواقب الإنسانية والبيئية الكارثية ستؤثر علينا أيضاً . ولا توجد دولة أو منظمة مستعدة بشكل كاف للتعامل مع هجوم نووي ، ولا حتى الناتو أو أعضائه . كما أنه من غير المحتمل أن يتم استخدام سلاح نووي دون هجوم مضاد ، لذلك من المرجح أن يؤدي الهجوم إلى حرب نووية ذات عواقب وخيمة .

إن عضوية السويد في الناتو تعني أيضاً أننا نتقبل وضع الأسلحة النووية على الأراضي السويدية . بعض دول الناتو لديها سياسات وطنية تقضي بعدم وضع أسلحة نووية على أراضيها في وقت السلم ، لكن هذه السياسات لا تعتبر سارية في زمن الحرب . كان لدى السويد فرصة لإدراج حظر على الأسلحة النووية على الأراضي السويدية في اتفاقية البلد المضيّف(*) التي وقعتها السويد مع الناتو في عام 2014 ، لكنها اختارت عدم القيام بذلك . قد تعني العضوية السويدية والفنلندية أيضاً وضع سياسي-أمني جديد ، حيث ستشكل فنلندا والسويد على وجه الخصوص حدود الناتو مع روسيا ، وبالتالي تكونان أماكن استراتيجية لوضع أسلحة نووية وقواعد عسكرية أجنبية ، ومن المحتمل أن يكون الضغط على السويد واسع النطاق .

لا يتم تثبيت دعائم الأمن من خلال استقطاب تحالفات عسكرية والمزيد من إعادة التسلح العسكري . ومن المرجح أن تؤدي عضوية السويد في الناتو إلى زيادة التوترات والاستقطاب وزيادة القبول بالأسلحة والأسلحة النووية ، مما يزيد من مخاطر الحرب والمواجهة الآن وفي المستقبل .

تقوم استراتيجية الناتو الأمنية على الردع ، أي الاستعداد للحرب والعنف ليتمكن من تهديد خصومه بهدف منعهم من الهجوم . القوة العسكرية والتهديدات بالعنف هي أيضاً أدوات التحالف الرئيسية . إن إعادة التسلح العسكري التي تؤدي إليها طريقة التفكير هذه ، تؤدي بدورها إلى زيادة مخاطر المساهمة في دوامة إعادة التسلح . تنشأ هذه الآلية عندما لا تريد أي دولة أو تحالف أن تشعر بأنها في وضع ضعيف ، وبالتالي تزيد من تجهيزاتها عندما تفعل ذلك الدول المجاورة - المناهضة . وما يقال أنه بمثابة رادع يؤدي بعد ذلك إلى زيادة انعدام الثقة والتوترات وخطر أكبر بنشوب نزاع مسلح بالفعل .

الناتو هو تحالف عسكري تم بناؤه رداً على التهديد الذي واجهته الدول الغربية من الاتحاد السوفيتي . في ظل العبء التاريخي ، لا يمكن تجاهل حقيقة أن عضوية السويد في الناتو يمكن اعتبارها تهديداً من قبل روسيا . تخيّل انضمام روسيا وبيلاروسيا والصين إلى تحالف عسكري رداً على توسيع الناتو . إنه سؤال افتراضي ، لكن يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كان من المفيد لأمننا العمل من أجل هذا النوع من العالم المستقطب والعواقب التي يمكن أن تترتب عليه . إن النظر في الكيفية التي يمكن أن تنظر بها روسيا إلى تصرفات السويد ، لا يجب أن يسمح لها بالتحكم بالقرار السويدي ، ولكن من الواضح أنه عامل يجب أن يؤخذ في الاعتبار في التحليل الأمني ​​، إن كان هدفنا هو منع الصراع المسلح والهجوم المسلح على السويد . ولكن إذا كان الأمر هو أن عضوية الناتو تخاطر بالفعل بتصعيد وتفاقم التوترات - ألا يتعارض هذا مع الهدف من العضوية ؟

وفقاً لحلف الناتو ، تضمن المادة 5 الشهيرة إمكانية استخدام موارد الحلف بأكمله لحماية أي عضو في الحلف . وبالتالي ، فإن المادة 5 قد تزيد من خطر نشوب نزاع مسلح واسع النطاق حيث أن الهجوم على دولة عضو يعتبر هجوماً على الحلف بأكمله . ونتيجة لذلك ، فإن العديد من البلدان تخاطر بالانجرار بسرعة إلى نزاع مسلح ربما يكون قد بدأ في البداية على نطاق ضيق . كما يمكن لعضوية السويد في الناتو أن تساهم أيضاً في أن نصبح هدفاً .

الناتو ليس نادٍ ديمقراطي . المادة 5 تعني أيضاً أن السويد ، إذا أصبحنا أعضاء ، سيتعين عليها القتال أو المساهمة في الأعمال العسكرية لدول أخرى ، على سبيل المثال على أساس ما تفسره تركيا على أنه هجوم مسلح عليها . غالباً ما يصف الناتو نفسه بأنه تحالف للديمقراطيات ومدافع عن القيم الديمقراطية ، لكنها حقيقة مع التحفظ . هناك العديد من أعضاء الناتو الذين يعانون من أوجه قصور ديمقراطية كبيرة ، مثل تركيا وبولندا والمجر . كان لأوربان في المجر وأردوغان في تركيا علاقة وثيقة مع بوتين حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا . ومع وجود التحالف ، كان لدول مثل البرتغال واليونان مشاكل كبيرة فيما يتعلق بوضعها الديمقراطي . بالإضافة إلى ذلك ، لا يساهم الناتو في بناء الديمقراطية خارج الحلف . وليس لدى الناتو أدوات ، على سبيل المثال ، لإضفاء الطابع الديمقراطي على روسيا ، وبالتالي يكون قادراً على منع الصراع والحرب . الناتو ليس منعاً للنزاع ، والهدف ليس حل أي مشاكل أساسية .

نظراً لأن الولايات المتحدة هي أكبر وأقوى عضو في الناتو ، فإن الولايات المتحدة هي التي تملي شروط الحلف وتطوره المستقبلي . وبالتالي ، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في غزو العديد من البلدان عسكرياً ، وهو أمر ستحتاج السويد كعضو في الناتو إلى المشاركة فيه إذا تم تفعيل المادة 5 . الحصول على الحماية من الولايات المتحدة هي أيضاً سبب للكثيرين لتقديم طلب العضوية . لكن دور الولايات المتحدة في الناتو يعتمد أيضاً إلى حد كبير على السياسة الداخلية للولايات المتحدة ، وقد تأرجح العديد من الرؤساء و الأغلبية في الكونجرس تاريخياً بين النشاط والانعزالية . لذلك لا يمكن اعتبار دعم الولايات المتحدة الكبير لحلف الناتو والدول الأعضاء فيه أمراً مفروغاً منه .

منظمة السلام السويدية

(*) مذكرة تفاهم وقعتها السويد مع الناتو بتاريخ 4 أيلول/سبتمبر 2014 ، وتمت الموافقة عليها بتصويت الأغلبية في البرلمان في مايس/مايو 2016 - المترجم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلاح النووي عند الاطلسي حماية للديمقراطية
منير كريم ( 2022 / 5 / 1 - 00:29 )
تحية للاستاذ محمد ناجي المحترم
لو كانت جورجبا في الحلف الاطلسي لما تجرأ عليها الروس واقتطعوا اجزاء كبيرة منها بدون اي احترام للقانون الدولي او سيادة البلد واذا لم تكن دول البلطيق في الحلف الاطلسي لما سلمت من شر الدولة الروسية
كل اوربا يجب ان تنضم للناتو لتحافظ على امنها وديمقراطيتها
من اوقف ستالين بعد الحرب الثانية غير الناتو والسلاح النووي ؟
التيارات الشعبوية اليسارية واليمينية-الفاشية تقف ضد الناتو لاغراض ايديولوجية معادية للديمقراطية
لا مكان للسذاجة في الامور المصيرية
شكرا

اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل