الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الستارة

سلمى الخوري

2022 / 4 / 30
الادب والفن


الكل وأنا - أنا والكل

تملمت في فراشها ، لا زالت عيناها مغمضتان ، لا ترغب في فتحهما ، كما لا ترغب
أن ترى النور ، فهي تتوسل الى الله أن يطول الليل ثم يطول ، وتمعنت مرة وهي في طريقها
لقضاء حاجة سريعة وهي شبه نائمة تمنت أن يدوم الليل ولا ينبلج الصباح لمدة 1000 سنة ،
ثم سألت نفسها ما الفائدة ، فوقت النوم الوقت معدم أي صفر ،لأن الإنسان كما لو كان في عداد
الأموات ، الفرق أنه يحلم ويتنفس ، ثم عادت لتنام ولا ترغب في النهوض وكعادتها لا ترغب
في سحب الستارة التي لها علاقة ببداية اليوم ، واليوم معناه كدّ وتعب وعمل ، إضطراب ٌ، ألم
وحزن ، فرح محدود الى بعض الوقت إن وِجِدّ لمناسبات ،الروتين اليومي يُقَطع بسيوف الأحداث
الجديدة ويتمزق بالإنفعالات والتحديات وأمور تهبط على رؤوس الأفراد بما ليس لهم فيها يّد أحياناً
كثيرة ، حياة مضطربة ، مهزوزة ، متواترة بالتسابق من يغلب من !! من يتفوق على من ؟؟
ليس أطيب من الفراش ، ليس أجمل من السكون ، ليس أمتع من الخلاص من كل شيء يشوش
ويعدم الراحة الذهنية ، أن يكون الإنسان لا يملك شيئاً حتى لا يقلق عليه ، ولكن الصدمة في السؤال
كيف أحصل على القوت اليومي ، وكيف أحصل على السكن والملبس والعلاج الصحي إذا أحتجت
إليه ، وتنادت عليها الأفكار والتساؤلات والرغبة في الخلاص من المشاكل الحياتية والمتاعب التي
لا مفك منها في عالم يستهلك الإنسان ليله ونهاره كيما يعيش .
أحست بدفئ الفراش ، وأحست بلذة الألتصاق به ، وسألت نفسها ،
- هل بمقدور الإنسان أن يحلم في هذا العصر ...؟؟
ردت على نفسها ، نعم ممكن ، لأن الأحلام لبلايين البشر تتسارع مع بعضها ، وقد تعترض حلم
أي كائن كان !!؟؟
فالزمن الحاضر زمن التكنولوجيا المتفوقة بأفكارها وسرعتها ، وحتى تجد لنفسك فرصة أن تفكر بشئ
لأختراعه أو فكرة لإبتكارها ترى أنك تأخرت لأن هنالك من سبقك إليها وقيدك ، فلا بد إذن أن تفكر إما
بإضافة لها ، أو الأنتقال الى فكرة أخرى لربما لم تعن لإنسان آخر في الواقع العملي ، ولكنها لا بد أن
خالجت وداعبت أحلامه وهو ملقى راسه على وسادته أو على ظهر مقعده .
وأن يحلم الإنسان لا بد له أن يغمض عينيه ولو للحظات كأنما يريد أن يستلب من الفضاء الرمادي
عند إسدال الجفون ضوءاً مشرقاً يُنير له الفكرة كما هو فلاش الكاميرة عندما يبرق يقول لك أن عملية
التصوير تمت ...
ولكن ماذا ثم ماذا عالم واسع ، جبار ، عظيم ، مكتظ بما رأته العين وما لم تره ، بما سمعت به الأذن
وما لم تسمع به ، بما تُحدث به الألسن وربما لم تتحدث به بعد ...
إذن أين أكون أنا ..؟ ومن هو أنا ..؟ وماذا سأكون إذن ..؟ !
أسئلة لها أجوبة غير محددة ... وإن أجاب عليها البلايين من البشر فالحاسبات الألكترونية صارت تعدُ
الذي ما كان يُعد قبلاً في زمن لا يُحصر اليوم إلا بمسمى الثانية من الوقت !! .
إذن أنا اليوم أقل من الصفر في مقياس العدد ، والزمن . فالزمن يسحقني لأنني لا أستطيع مواكبة
سرعته مع سرعة الماكنة والطاقة ، أنا لا أكون إلا رقم من البلايين من التعداد السكاني منذ نشوء
العالم . والذين برزوا فيما مضى من المتميزين في كل صنوف الآداب ، والعلم ، والفن ، والسياسة ،
والسلام ، والجريمة ، والدين ، كانوا يُعرفون ضمن مجتمعاتهم ، وأقلياتهم ، وإنتماءاتهم المصنفة في
حدود محددة .
أما اليوم فالمعرفة التي تباع في كل الزوايا والأركان بدءأ من المحلات الكبيرة والمتنوعة سواء على
رفوف الأسواق والدكاكين الصغيرة وفي كل شارع ومحلة ، هي حكايا الناس ، تفوقهم ونجاحاتهم ، حقيقة
التعرف بإناس بعيدين عن موطن سكناك ، ليس لهم لغتك ، ولكنهم يرغبون أن يكونوا الشمس الساطعة
التي تدلك على الطرق الكثيرة والمتنوعة والتي عليك أن تتعرف عليها من خلال جهدك وقدراتك كي
تصل الى ما يحقق شيئاً من أحلامك وطموحاتك لتكون علم من الأعلام التي لها مكان في هذا الكون
المترامي الجهات والشِعاب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا