الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات سورية

موريس عايق

2006 / 9 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعاني المعارضة السورية تعثرا وتأزما منذ اعلان دمشق والذي شكل أعلى قمة وصلتها المعارضة منذ ربيع دمشق. فاعلان دمشق والذي جمع أكبر عدد من شخصيات وأحزاب ضمن مظلة مشتركة تعرض للكثير من الانتقاد مما استدعى توضيحا كان ضرره أكبر من نفعه, فهو أرضى المعترضين دون أن يكسبهم وأغضب عددا من المؤيدين وفي النهاية لم يأخذ أحد التوضيح على محمل الجد بمن فيهم أعضاء اعلان دمشق.
وكان لمشاركة الاخوان ذات الأثر الملبك ثم انشقاق خدام والموقف منه واعلان جبهة الخلاص. وفي النهاية أتت الحرب الأخيرة لتؤكد على عمق هذه الأزمة.
وقبل ابداء ملاحظاتي على المعارضة يجب أن أتحدث عن نقطة أساسية لأي حديث سياسي في سوريا وهي تتعلق بالهوية الوطنية (أو القومية) وهي مادون التأسيس.
فنحن لسنا أمة بالمعنى المتداول بهوية وطنية واضحة, بل نحيا في مرحلة ما قبل التأسيس والتي بدأت منذ الاستقلال. وهذا التشوه غير مرتبط بحكم حزب البعث انما بكيانية الدولة السورية والتي عجزت خلال تاريخها الممتد منذ 46 عن تأسيس هوية لأبنائها. هذه المسألة تفترض نوعا من الممارسة السياسية تختلف عن تلك التي يمكن ممارستها في دول تقوم على أسس وثوابت للمصلحة الوطنية والوعي المواطني. فالفعل السياسي السوري عليه ادراك بعده التأسيسي متجاوزا في هذا مجرد الدعوات لتأسيس سلطة جديدة (مؤتمر تأسيسي أو مصالحة كما تطالب المعارضة). بل طابع تأسيسي للهوية الوطنية ذاتها
من هذه النقطة, تحديدا غيابها, يمكن للمرء أو يحدد ملاحظاته على أداء هذه المعارضة

1- غياب ثوابت الهوية الوطنية (نقاط الاجماع الشعبي السوري): في جميع بيانات واعلانات التأسيس الخاصة بالمعارضة لا يوجد أية اشارة الى هذه الثوابت. وهي غير متعلقة بالأفراد أو الهيئات الممارسة للسياسة, انما بمعنى أن تكون سوريا. هذه الثوابت تضع حدودا لأية ممارسة سياسية, لما يمكن تغييره أو المراهنة عليه وما هو خارج هذا الرهان, مهما كان مصدرها من اليمين أو اليسار. وهي لا تخترع انما تستند على نقاط الاجماع التاريخية في سوريا منذ الثورة الكبرى حتى الآن وبدونها لا يكون هناك بناء للهوية الوطنية.
2- ثوابت الهوية السياسية: هي الثوابت الخاصة بأي فاعل سياسي وعلى أساسها يتم خوض الحوار وليس عليها.
الاشكالية التي تعترض المعارضة السورية هي غياب وضوح هذين النوعين من الثوابت. فلا تعثر نهاية على ما هو استراتيجي (رغم ان البيانات تتحدث عن ثوابت) ولكنها تغيب في الممارسة اليومية للسياسة. كذلك هناك شرط أساسي هو الفصل بين هذين النوعين من الثوابت (الوطنية والسياسية) فدمجهما معا سيحول كل وجهة نظر الى كونها محك الوطنية وتختزل سوريا في أحد أجزائها
والأن لدينا مثال جيد في لبنان لغياب ثوابت الوطنية والتي سيستعاض عنها بأكثر من هوية وطنية (أكثر من وطن) ويبدأ الاحتراب الداخلي على أساسها ويتحول عندها كل خلاف الى أزمة وطنية (كما يقول الحص) ودائما نصف اللبنانيين غير لبناني والنصف الأخر لبناني قح. ويبقى الحكم الأخير بين الهويات الوطنية هو طرف خارجي.
اليوم ومنذ اعلان دمشق, وهو الذروة ولكنه ايضا أساس المشكلة فهو لم يحدد أي ثوابت وطنية أو ثوابت سياسية بل تسوية بين ثوابت متغايرة ومتنافرة من ناحية ولم يفصل بين الوطني أو السياسي, نرى هذا التخبط. فلا معنى ان تعجز المعارضة عن بناء موقف من انشقاق خدام.فبعضهم أكد على ان لا مكان للموقف الشخصي فان التزم خدام ببنود الاعلان فلا مشكلة لديه, ولنفترض أن حزب البعث قرر الالتزام ببنود برنامج يماثل الاعلان فماذا سيكون الموقف عندها؟
وكذلك كان الحال مع الحرب الاخيرة. هذه الأحداث لم يكن أحداثا نوعية, أي غيرت صورة الوضع ككل, انما أحداثا هامة ولكن ضمن الصورة ذاتها منذ تأسيس اسرائيل فلا معنى اذا للتخبط ولا يفسر هذا الا بغياب الثوابت الوطنية والسياسية( أو على الأقل عدم وضوحها).
هذه الثوابت والتي ربما لا تحتاج الى ما أكثر من صفحتين لاتمنع الحوار انما تساعد على بناءه على أساس من الصدق والوضوح وليس كما هو الحال في التكاذب الديمقراطي بين علمانيي المعارضة واسلامييها. وأيضا تجعل الآخرين يدركون ما الذي يريده هؤلاء والى اين يتجهون. هذا هو أساس الحديث السياسي الموجه الى الشارع وليس مجرد حديث عن التغيير والديمقراطية وبناء الدولة مع ممارسات لا يستطيع أحد أن يحدد مكانها في استراتيجية واضحة الاهداف.
يشكل التجمع الوطني الديمقراطي العمود الفقري للمعارضة الوطنية المدنية في سوريا ويتمتع برأس مال معنوي وأخلاقي كبير ولكنه حتى الأن لا يفعل شيء لاستثماره بل يكتفي بالأكل منه ومن يأكل من رأس ماله سينتهي عاجلا أو آجلا للافلاس. على التجمع أن يقدم على تعديل جوهري في ممارسته السياسية ويمارس بوضوح سوريته أولا وتجمعيته ثانيا وعندها لن يكون هناك داع لهذه التعثرات مع كل طارئ سياسي يحصل. فالمقدمات الواضحة ستعطي نهايات واضحة ولكن حتى هذا اليوم وبعد كل هذا الزمن الفاصل عن اعلان دمشق لا يستطيع أحد أن يحدد أي ثابت للمعارضة السورية الا واحد وهو معارضتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و