الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات فى فوز ماكرون

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2022 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الإنتخابات الفرنسية وفوز ماكرون للمرة الثانية حدث يستحق التأمل ، لما إنطوى عليه من دلالات وإشارات نحو الحاضر والمستقبل ، فرغم تميز المشهد السياسى الفرنسى بالحيرة والتشرزم ، فقد أفرز فى النهاية ثلاثة مواقف رئيسية ، أقصى اليمين الذى مثلته لوبان ، وأقصى اليسار الذى مثله ميلانشون ، والوسط الذى مثله ماكرون ، أقصى اليمين بشعبويته وعدائه للأجانب ورغبته فى الخروج من الإتحاد الأوربى ، أقصى اليسار بالتركيز على التوزيع العادل للثروة بلا عداء للأجانب ولا شعبوية ولكن مع رغبة فى الخروج من الإتحاد الأوربى أيضاً ، وماكرون بسياسات نيوليبرالية إقتصادية أثبتت فشلها وعدم رضى القطاع لأكبر من المجتمع الفرنسى عنها ، لكن بتمسك شديد بالإتحاد الأوربى ووحدة أوربا وإتجاه العولمة ، وهوالموقف الذى كسب به الإنتخابات فى الواقع ، ضد اليمين وضد اليسار، برغم قوتهما، والذى يضعنا أمام خيارات الإنسان الجديدة فى العصور الحديثة ، العولمة ضد الشعبوية
تختلف مسارات التاريخ بين الأمم ، فبعضها مازال يعيش فى العصور القديمة يقاتل القبيلة المجاورة فى إفريقية ، والبعض الآخر فى العصور الوسطى يقاتل حروب الدين والقومية فى الشرق الأوسط ، والبعض الآخر فى العصور الحديثة يصارع من أجل تكسير أغلال الماضى والولوج إلى مستقبل واحد بلا قبيلة ولا دين ولاقومية فى أوربا وفى قلبها الفرنسى ، فى فرنسا التى أنجبت فولتير وروسو وديدرو والثورة الفرنسية ، ومازلت تتقدم مسارات التاريخ وتنتصر على الماضى العنيف القوى، كما تجلى فى فوز ماكرون نصير العولمة والوحدة الأوربية ، حيث لم تعد معارك التاريخ الكبرى إسلام ضد مسيحية ، ولا إشتراكية ضد رأسمالية ، بل عولمة ضد شعبوية ، فقد حسمت المعارك السابقة بظهور مبادىء حرية العقيدة وبالتيارات السياسية الوسطية ، الإشتراكية الديموقراطية والليبرالية الإجتماعية وغيرها ، ولكن بقيت معركة الغابة الإنسانية الكبرى لم تحسم ، العولمة ضد الشعبوية المفترسة
وفى الإحتفال بفوز ماكرون ، ظهر البعد الثانى فى الروح الفرنسى ، فبجانب أعلام الإتحاد الأوربى ، والبعد الأوربى ، ظهر بعد المتوسط ممثلاً فى مغنية الأوبرا المصرية فرح الديبانى ، التى قبل ماكرون يدها ، فى صورة شديدة التعبير عن عمق بعد المتوسط فى الروح الفرنسى ، غنت فرح المارسييز الفرنسى ، كأنها فرنسية ، وإستمع إليها الفرنسيون كأنهم يشاركونها المواطنة ، ولم يكن مصادفة أن تكون فرح مصرية ، فمصر كانت الشريك الأساسى فى مشروع إتحاد المتوسط ، الذى بدأ مع مشروع منتدى المتوسط فى عهد فرانسوا ميتران سنة 1989، ووصل منتهاه المؤقت فى عهد ساركوزى سنة 2007 ، ولم يكن مصادفة أيضا أن يكون فرانسوا ميتران ، السياسى الفرنسى الكبير ، الذى قاد أوربا للتوقيع على معاهدة الإتحاد الأوربى فى ماسترخت سنة 1992، بعد حوالىى عشرين عام من محاولات التقارب الأوربى ، هو نفسه الذى بدأ رحلة إتحاد المتوسط .
فرنسا أمة عظيمة ذات رسالة خالدة ، أنجبت لنا أنبياء العصر الحديث فولتير وروسو وديدرو ، ورعت قيام الإتحاد الأوربى وإتحاد المتوسط ، وصارعت ومازلت تصارع اليمين المتطرف من أجل الحفاظ على أمل البشر فى الوحدة والسلام والتعايش المشترك ، وقد آن الأوان لإن نقوم بواجبنا أيضا نحن شعوب جنوب المتوسط ، حتى تلتقى الأهداف وتتلامس الأيادى الممدودة يوما ،،، مبروك لماكرون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟