الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطنية مدفوعة الثمن

ابتسام يوسف الطاهر

2006 / 9 / 14
الصحافة والاعلام



اطلالة على بعض الفضائيات العراقية

بعد الهجمة الاخطبوطية المتعددة الاطراف التي يتعرض لها شعب العراق منذ سقوط صنم صدام, من مرتزقة جلبهم الاحتلال معه ليرتكبوا الجرائم ضد الشعب العراقي بأي ثمن بخس, ومن عملائه السابقين الذي اَفرغت عقولهم وقلوبهم من أي مشاعر انسانية ليرتكبوا ابشع الجرائم ضد ابناء العراق باسم الجهاد او المقاومة, والمعروف ان كل مقاومات العالم مهامها او هدفها هو حماية الشعب المحتل, ومساندة الحكومة الوطنية لتمكينها من طرد الاحتلال.
لكن هؤلاء كشفوا عن حقيقتهم ولم يعد خافيا انهم يعملوا لصالح الاحتلال والخونة الذين دعمهم الاحتلال كل العقود السابقة, مهما تعالى زعيق الفضائيات او الصحف التي تمولها تلك العناصر, ومهما حاولوا صبغ ايدي هؤلاء الملطخة بدماء الابرياء, بالوان اسلامية او قومية او وطنية.
فلو تاملنا الاحوال من كل الجوانب, لراينا كيف ان تصاعد عمليات القتل والتفجيرات بالجوامع والمساجد او الحسينيات والمطاعم والمقاهي والساحات, مع عمليات التخريب المتعمد لكل المؤسسات الخدمية التي يحتاجها المواطن العراقي. بعد قتل العميل الاشرس الزرقاوي, وقد هددت بعض وسائل الاعلام بـ(القادم الاصعب), من صحف مرتزقة. و كيف ان بعض انكشاريي صدام ازدادت وتيرة احقادهم بضربهم لمساجد السنة والشيعة على السواء لتنفيذ مخطط الاعداء باستماتتهم لاشعال الحرب الاهلية بين تلك الطائفتين, وللاسف صدق بعض المتخلفين دعاوي قياداتهم الوصولية المتخلفة من المتعاونين مع تلك العناصر التي ذكرناها, حيث هؤلاء لايهمهم غير مصالحهم الشخصية.
لو تاملنا تلك الجرائم وتزامنها مع الهجمة الصهيونية على غزة وعلى لبنان لأتضح لنا عمق التوافق بين عنصريي اسرائيل وحقدهم, مع مخربي العراق من الذين مازال بعض العرب يسمونهم مقاومة ويشبهونهم بمقاومة حزب الله! مع ان حزب الله لم يعتد على ابناء وطنه لبنان, بينما ازلام صدام وبن لادن لم يكفوا عن تدمير العراق وقتل العراقيين. أليس واضحا تشابه ايدي مجاهدي بن لادن وصدام وهي ملطخة بدماء الابرياء, بايدي الصهاينة ومن يدعمها؟

وسط تلك الحالة الكابوسية التي يعيشها شعب العراق وشعوب المنطقة العربية, ظهرت وسائل اعلامية عديدة. ففي العراق, الذي كان بعهد صدام المخلوع, محرم على المواطن امتلاك صحن الفضائيات بل محرم عليهم مشاهدة محطات اجنبية او أي قنوات اخرى لاتمجد القائد, ظهرت بعد سقوط الصنم محطات تلفزيونية عديدة بعضها حكومية واخرى خاصة لاعلاميين معروفين, بعضهم كان متعاونا مع النظام السابق, وغيرها مستقلة.
تأملنا خيرا في ان ذلك سيعطي الفرصة للمواطن العراقي لاشباع رغبته ولزيادة إطلاعه بعد ان كان معزولا عن العالم. كذلك تأمّلنا خيرا ببعضها وهي تستعرض تراث العراق وخير العراق وتتحدث باسم كل ابناء العراق.
وتأمّلت خيرا وأنا ارى بعض الاشارات او الفواصل التي تعرض اشبه باعلانات بين البرامج , لتوعية المواطن بضرورة الوحدة والتعاون والاخوة, بضرورة التعاون مع اجهزة الامن للاخبار عن كل الاعمال التخريبية والمخربين والإبلاغ عن كل المشكوك بهم من المجرمين. فبعد تخلي قوات الاحتلال المتعمد عن حماية المواطن والمؤسسات الانسانية, وبعد فتحها بوابات العراق لكل خفافيش الظلام الحاقدين. لابد للمواطن من الوعي , وتلك مهمة وسائل الاعلام خاصة الفضائيات العراقية التي المفترض بها الحرص على الوطن وأمنه وحرصها على سلامة المواطن في الوطن الذي تدعي الانتماء اليه. اوعلى الاقل للتخفيف من حدة الحقد والشقاق الذي تدعو له بعض المحطات العربية الحاقدة خاصة تلك المجاورة للقواعد الامريكية.
لكنا نفاجأ بان بعضها تضع في زاوية الشاشة (اعلان مدفوع الثمن)! بالرغم من انه لم يكن اعلان تجاري ولا هو اعلان لسلعة ممنوعة ليبرروا انه اعلان مدفوع الثمن, فلا عتب عليهم لو اظهروه!
نحن نعرف انه مدفوع الثمن من قبل الحكومة, ولكنهم حتى لو كانوا على اعتراض مع الحكومة خوفا من جحافل الظلام, او إدمانا على الولاء لمن خرب الوطن. فلم تكن تلك اعلانات حكومية او حزبية ولم تكن للدعاية للوزير الفلاني او رئيس الحزب العلاني.
انما هي اعلانات تخص المواطن الاعزل, لتوعيته لانقاذ أرواح الابرياء, لانقاذ الاطفال والنساء, لانقاذ العمال والاطباء والمدرسين. لانقاذ الشرطي الذي يسعى لحماية المؤسسات والمدارس والمستشفيات لحماية المواطن من القتلة والسراق معرضا نفسه للموت الذي يستهدفه بحجة التعاون مع الاحتلال, ورأينا كيف ان القتلة هم من يتعاون مع الاحتلال بتلك الجرائم.
ولابد من الدعوة لتعاون الجميع وأولهم رجال الاعلام, لازاحة طبقات الصدأ من التخلف والحقد والرغبة بالانتقام, دعوة لوضع حد للاحقاد التي زَرعت بذورها في عهد صدام وسقتها قوات الاحتلال بمياه الزرقاوي وبن لادن وغيره من الحاقدين على الحياة.
فلابد من عمل الجميع لاستئصال براعم الشر قبل ان تصبح اشجارا وتهلك البلاد والعباد. ومن يتخلى عن تلك المهمة او يتنصل منها فهو مساهم بعمليات القتل تلك, بل ومتعاون مع قوات الاحتلال, التي تستغل الحال هذه للبقاء اكثر ولمواصلة بلبلة الوضع اكثر. خاصة والعراق الان لايقف معه احد والكل يتفرج على عمليات القتل اليومي بحيادية!
بل تردي الوضع بالعراق يعطي الصهاينة دفعا لاستعراض قوتها وحقدها على الشعب الفلسطيني كما نرى بهجومها الاخير.
اذن كان الاولى بالفضائيات تلك, ان تستحدث برامج وتبتكر وسائل لتوعية المواطن ولاتكتفي بتلك الاعلانات, لزرع روح المواطنة والاخلاص للوطن, لكل مايخص بلده وارضه واخوته. لزرع روح المحبة والمسؤولية بنفوس الكل, بعد ان اعتادوا على الانانية واللامبالاة, بل البعض لايتردد من نهب وسرقة المدرسة التي يدرس بها ابنه, اوالمستشفى التي يعالج بها اهله. حتى البعض من موظفين لايهمه ان تخرب المؤسسة التي يشتغل بها. فقد خلق النظام السابق روح العداء بين المواطن وبين كل مايخص الدولة, فصار يرى فيها وفي مؤسساتها عدوه الاول, دون ان يعي ان كل المؤسسات هي له ولخدمته فلابد من الحفاظ عليها وحمايتها. وهذه الغاية رغم صعوبتها لابد من الوصول اليها, ولايتم ذلك الا بتعاون الجميع خاصة وسائل الاعلام والتربية ولابد من المواضبة والصبر لتحقيقها.
اذن لمَ التنصل من تلك المهمة النبيلة؟ لمَ الخوف من تبنيها؟ أليس الاولى ببعضهم التاكيد عليها, على الاقل للتكفير عن ذنبهم في التطبيل سابقا للقائد وحروبه الكارثية التي أوصلت البلد للهاوية؟
أليس الاولى بهم تطوير البرامج والاستفادة من برامج الدول المتقدمة في ذلك المجال؟
وشعبنا اليوم بحاجة لكل كلمة طيبة, بحاجة لمن يزرع به روح الاخلاص والمحبة, والاهتمام بمايعزز حب الحياة والتفاني من اجل الخير, بحاجة للتوعية باحترام مشاعر الاخر واحترام خصوصياتهم وخياراتهم, بحاجة لتوعيته للاهتمام بما هو اهم من مظاهر لاقيمة لها, بحاجة لتوعيتهم ان الاعتداء على الاخر لانه لم يطيل لحيته او لانها لم تلبس الحجاب, يعتبر كفر وجريمة, فكل شخص حر بما يلبس او كيف يظهر.
. بحاجة لمن يزرع به روح المواطنة وحب الجار والصديق والزميل مهما كان اصله او انتمائه. بحاجة لزرع روح حب العراق وكل مايخص العراق من شجر وبشر, من تراث واديان , من حضارة وحاضر. بحاجة لتوعيته لنبذ التعصب والكره, لنبذ الولاء لأولي أمر اغبياء, واقتلاع براعم الشر التي تبدأ بحب او الولاء للقائد العلاني, والسيد الفلتاني, التي تولد الانانية والاحقاد والتناحر من اجل اشخاص لم ولن تهمهم مصلحة المواطنين او مصلحة الوطن يوما.
وهذا الوعي سيؤدي الى تعاون الكل من اجل الدفاع عن الوطن والحرص على فضح المجرمين بكل اشكالهم وايقاف المخربين والقتلة, لوضع حدا لكابوس الموت المتربص بالعراق في كل ركن ومدينة, وفي كل شارع. وتلك الطريقة الوحيدة التي بها نطرد قوات الاحتلال لينعم البلد ببعض الامان والسلام.
وهذا مايسمى بالمفاهيم اللغوية, الوطنية او الاحساس بالمسؤولية, او المشاعر الانسانية التي يجب ان يحملها كل من يسعى للخير وتلك لاتقدر بثمن. فهل يجب ان نعلن عن اثمانها, هل للوطنية والاخلاص للوطن والشعب ثمنا؟ وكأني بهم يتبرأوا او يتنصلوا من تلك المهمة النبيلة, مع انها الشئ الوحيد الذي يحسب لهم ولصالحهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا