الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق حزب الله:تباين الجهد والنتائج

محمد سيد رصاص

2006 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


فوجىء المراقبون السياسيون بالنتائج الهزيلة التي حصل عليها الشيوعيون الإسبان عام1977 في أول انتخابات برلمانية جرت بعد موت الجنرال فرانكو,بعد أن كانوا القوة الرئيسية المواجهة للديكتاتور الإسباني طوال أربعة عقود,فيما نال خصومهم السياسيين من ليبراليين واشتراكيين حصاداً انتخابياً أعلى,وهم الذين التزموا الصمت في الداخل الإسباني أواقتصر جهدهم ضد فرانكو على بيانات يوقعوها في المناسبات وهم يجلسون في مقاهي باريس وجنيف وميونيخ.
يعيش الآن حزب الله حالة مماثلة في مرحلة (مابعد 14آب2006),يمكن تبين ملامحها من الفرق بين أدائه العسكري المتميز في الحرب الأخيرة أمام أقوى جيش في المنطقة(إلى حدود منعه من الانتصار على قوة عسكرية حزبية وإلى حدود قدرته على فرض حقائق استراتيجية لم تكن موجودة في الحروب الخمسة السابقة تتمثل بأن المدنيين العرب ليسوا هم وحدهم من يعاني في الحروب)وبين النتائج السياسية التي حصل عليها عبر (القرار1701)الذي أعلن حزب الله موافقته عليه.
تدل انزياحات مواقف حزب الله,غداة صدور القرار ووقف اطلاق النار,عن المواقف التي أبداها يوم الموافقة عليه,على أن الحزب مدرك لذلك,وأنه واع بأن (القرار1701)لايعبر عن حصيلة سياسية موازية أومطابقة للوقائع والنتائج العسكرية على الأرض,بل إنه أقرب إلى التعاكس مع تلك الوقائع والنتائج.
يعود هذا التباين إلى ضيق القاعدة الاجتماعية لحزب الله في المجتمع الليناني,وإلى أن كتفيه الذاتيين اللبنانيين لايستطيعان حمل نتائج بهذا الحجم أوالثقل,أوتثميرها وتفعيلها,وقد برز ذلك في أسبوع مابعد وقف اطلاق النار على الصعيد اللبناني,عندما وجد حزب الله نفسه في حالة دفاعية من الناحية السياسية,في موضوعي انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني وسحب قوات الحزب من هناك,فيماأُبرزت فواتير لبنانية أمامه تدل على إرادة سياسية عند الآخرين لمنع تفرد حزب أوفئة بقرار الحرب أولمنع ربط الوضع اللبناني بالوضع الاقليمي,مايؤشر على أن وضع حزب الله في الداخل اللبناني يمكن أن يكون أضعف من فترة ماقبل الحرب الأخيرة,وهذا أمر سيشمل وضعه في الطائفة الشيعية اللبنانية على المدى المتوسط والبعيد.
يمكن أن يكون حزب الله الآن في وضع قادر على منع أي آلية-داخلية أودولية,بعد فشل اسرائيل في ذلك-لنزع سلاحه,وحتى على منع آليات لإزاحته إلى شمال الليطاني,إلاأنه يجد نفسه الآن أيضاً في وضع أضعف سياسياً لايستطيع من خلاله تكرار ماحصل في يوم 12تموز2006,سواء كان حاسباً آنذاك لرد الفعل الاسرائيلي الذي حصل أم لا أوكان يستبق خطة أميركية-اسرائيلية لضربه أم لا,كما أن وجود الجيش اللبناني الآن في الجنوب سيجعل قرار الحرب أكثر تعقيداً إن قررت قيادة حزب الله المواجهة أوتوتير الجبهة عسكرياً مع اسرائيل,وهذا مابذل السيد حسن نصر الله الكثير لتفاديه طوال السنوات الست التي تفصلنا عن تاريخ 25أيار2000,فيماأدت مآلات الحرب الأخيرة إلى مسارات موضوعية ستجعل موضوع مزارع شبعا محصوراً من جديد,كما كان قبل 25أيار2000,بين دمشق وتل أبيب,وليس موضوعاً قابلاً للصرف اللبناني,سواء عند الذين قالوا بلبنانية المزارع أوالذين كانوا في الطرف الآخر.
هنا,يستطيع الأمين العام لحزب الله أن يقول بأنه انتصر عسكرياً عبر منعه اسرائيل من تحقيق أهدافها العسكرية,فيما تدل حركته وتكتيكاته,في مرحلة(مابعد14آب),على أنه في وضع دفاعي من الناحية السياسية اللبنانية,وعلى أنه يرى في القرار1701 عنواناً لهجوم دولي من المحور الأميركي-الأوروبي الغربي يريد من خلاله هذا المحور استثمار البيئة الداخلية اللبنانية,والبيئة الاقليمية,لإنشاء وقائع جديدة على الأرض اللبنانية تعاكس ماحصل عسكرياً بين تاريخي12تموز و14آب,يراد من خلالها(وهذا هو جوهر القرار)عزل لبنان عن الصراع العربي الاسرائيلي وعن الصراعات الاقليمية.
في هذا الإطار,يمكن لأي مراقب سياسي دقيق أن يتلمس بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي وأمين عام حزب الله يعيشان مأزقاً سياسياً خاصاً بهما حيال واقع (مابعد14آب),الأول تجاه منع اتجاه الحلبة السياسية الاسرائيلية إلى تدفيعه فواتير ماحصل من عدم قدرته على الانتصار العسكري وماحصل من عدم قدرة اسرائيل على تنفيذ أول طلب أميركي اقليمي منها في مرحلة مابعد حضور واشنطن المباشر للمنطقة وما يمكن أن يولد ذلك من مفاعيل على صعيد نظرة الغرب المستقبلية لدور اسرائيل وعلى صعيد نظرة الاسرائيليين لذاتهم وأيضاً على صعيد نظرة العرب إلى الدولة العبرية,فيما يعيش السيد نصر الله مأزق عدم تطابق الحصيلة السياسية مع نتائج الجهد الميداني العسكري إذا لم يكن تعاكسهما عبر العنوان الذي اسمه القرار1701,والذي أعلن هو الموافقة عليه ولوبعد تحفظات .
لاتعيش طهران ودمشق ذلك,بل يمكن القول بأن(الإقليمي)قد حقق ضربة كبيرة ضد (الدولي) عبر الحرب الأخيرة,كما جرى في عامي1983-1984بلبنان,ويبدو أن الولايات المتحدة,عبر القرار1696 الذي اتخذ في مجلس الأمن ضد برنامج التخصيب النووي الايراني أثناء أيام هذه الحرب ثم عبر القرار1701,تريد تصعيد المواجهة مع طهران لمنعها من استثمار مكاسبها في العراق ولبنان,فيما يبدو أن التفكير الاسرائيلي المستجِد,والذي عبر عنه عمير بيريتس في اليوم الثاني لوقف الحرب من"أنه ينبغي تهيئة الظروف لاجراء محادثات مع سورية",يعبر عن ادراك أميركي-اسرائيلي لارتفاع أسهم سوريا الاقليمية من جديد,وبأن تسوية في الجولان يمكن أن تقلب المناخ الاقليمي السائد الآن ضمن قوس(طهران-بغداد-فلسطين-لبنان).
هل سيقود ذلك إلىالتسوية من جديد,على صعيد الصراع العربي الاسرائيلي,كما جرى في (مؤتمر مدريد)عام1991,عندما كان مسار التسوية مترافقاً مع سياسة (الاحتواء المزدوج)الأميركية تجاه بغداد وطهران,وكان التخلي عن هذا المسار منذ عام 2001,عند واشنطن,مترافقاً مع تقارب أميركي مع طهران قبيل غزو واشنطن للعراق,ثم مع تبنيها ل"مشروع الشرق الأوسط الكبير(الجديد)"الذي تعثرت ولادته عبر تلك القابلة الاسرائيلية في الحرب الأخيرة,والذي كان تبنيه كمشروع مترافقاً مع توترات بين الولايات المتحدة وكثير من العواصم العربية؟.......ثم:ماعلاقة تهيئة السيد عمرو موسى لملف(الصراع العربي الاسرائيلي),من أجل طرحه على مجلس الأمن من جديد بعد أن أعلن في تموز الماضي عن "موت عملية السلام",بارتفاع حرارة الأجواء بين واشنطن وطهران؟............... أي:هل سيقود ذلك إلى(مدريد2),في ظل فشل عسكري اسرائيلي بالحرب الأخيرة,وفي إطار محاولة أميركية استباقية لعزل طهران عن شرق المتوسط وميدان الصراع العربي الاسرائيلي,كما كان (مدريد1) قائماً على خلفية هزيمة العراق العسكرية وعزله عن ذلك الصراع ؟................. أخيراً:إذا نجحت آليات1701في فك ارتباط لبنان بالإقليم وصراعاته وقبل حزب الله بذلك,فماالثمن الذي سيطلبه هذا الحزب على الصعيد اللبناني مقابل ذلك عبرتحوله إلى حزب سياسي محض,وفي التعاكس مع ذلك ,ماذا سيكون مآل الأوضاع اللبنانية إن حاول حزب الله مقاومة وعرقلة مسار هذه الآليات التي بدأت في يوم 14آب2006؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف