الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موعد الصدع بتدهور واحات الجنوب الشرقي المغربي ومجهودات الإنقاذ

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2022 / 5 / 5
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


انجاب أمام أعين سكان الجنوب الشرقي المغربي خلال النصف الثاني من شهر أبريل معالم تدهور الوسط الواحي، ولا أقول مؤشراته، لأنها مجال رصد الخبير العالم ببواطن الأمور. فالواحة بما هي كلٌّ تغشى، فضلا عن الحياة النباتية والحيوانية من حيث تطورها الفردي «Ontogenèse»، الحياة البشرية من حيث تطورها السوسيولوجي، والذي يحلو لبعض الخبراء أن يسميه النشوئية الاجتماعية «sociogenèse». وحينما يتعثر النمو الذاتي الفردي «Ontogenèse» لا يجوز الحديث عن النشوئية الاجتماعية «sociogenèse»، إلا إذا أردنا العمل في المجال المتحفي والسياحي. وبعبارة أخرى، لا معنى للوسط الذي أنشأته الثقافة، أي: الواحة أمام التدهور البيئي. لست متشائما، ولا أحب من قلمي أن ينقطع للأزمات رصدها وتحليلها، ولن أبخس لأي واحد عمله، فهناك مجهودات في الميدان متفاوتة حسب الأقاليم مشتركة بين أهل القرار وعامة السكان، وما كانت منسوبة لبعض القواد المستنيرين، أو المقنعين وجوههم بأقنعة تحمل علامات حقوق الإنسان. إن الحديث عن الشيء، بما هو معطى، أو بما هو إنتاج لعوامل أخرى، يجنب الدخول في التفاصيل الصغيرة، وإن كانت مفيدة لإبراز زيف فعل بعض الوجوه التي [الأعضاء كلها مؤنثة في معناها الحقيقي والمجازي] تحب أن تنسب إليها كل شيء، ولا تفعل أي شيء. سأكتفي بما بُث ونُشر ولم يُكذبه أحد، وسأبدأ برصد التدهور أسبابه وعوامله ثم المجهودات المبذولة في رصده، وأخص الماهنين مجلس جهة درعة تافيلالت والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة أركان، ومعذرة لأولئك الذين يفعلون شيئا ولا ترصدهم أقلام الصحافة، لأنهم فضلوا الانغلاق والحفاظ على سرية المعلومة.
الحرائق من عوامل التدهور الحرائق التي تندلع كل صيف في بساط الواحة وتأتي على الأخضر واليابس، فضلا عن «تدهور الممرات والمسالك وقلة نقط الماء وتضرر السواقي والخطارات وكثرة أعشاش النخيل»، كما ورد في موقع «SNRT NEWS» بتاريخ 16/04/2022. وعن أمثلة الحرائق نكتفي بذلك الذي اندلع مساء يوم الإثنين 18 من شهر أبريل من العام 2022 «في واحة النخيل بالمعاضيد الواقعة بالقرب من مدينة أرفود بإقليم الرشيدية، أتى على الشعرات من أشجار النخيل»، نشرت هسبريس من الرشيدية يوم الثلاثاء 19 من شهر أبريل من العام 2022. ولم يفهم ما المقصود بشعرات من أشجار النخيل، ويبدو أن زلة قلم قد حصلت، فالمقصود عشرات من أشجار النخيل. وبالفعل فقد أحرقت النيران «عشرات الأشجار بالواحة سالفة الذكر، ومن حسن الحظ لم تخلف خسائر بشرية»، يضيف المقال. ذلك أن مناطق الواحات «كل مرة احتراقات متتالية لأسباب ظلت مجهولة». وليست مجهولة، فهناك أسباب فضل صاحب المقال الوقوف عندها. ولم يبخس صاحب المقال السلطات المختصة عملها حيث أشار تدخلها بمساعدة السكان المحليين. ولا أحد يعلم سمة تلك السلطة، وغن كان المراد التوفق في إخماد الحرائق بواحة المعاضيد. ويفيدن المقال في أن الفعاليات المحلية، كدأبها، تطالب «الجهات المسؤولة بإعداد إستراتيجية طويلة الأمد لاستيباق الحرائق خاصة أنها باتت تندلع مرات عدة في السنة»، وبالفعل لم تعد تقتصر على فصل الصيف.
وفي سياق متصل حذر أصدقاء البيئة من «تفاقم الحرائق بواحات زاكورة نتيجة الجفاف». و«أمام ندرة الأمطار بزاكورة خلال الأشهر الأخيرة». هنالك نبهت «جمعية أصدقاء البيئة بالإقليم إلى خطر اندلاع الحرائق من جديد بالواحات التقليدية في فصل الصيف، لاسيما أن هذا الموسم يسجل أضعف نسبة مئوية من التساقطات المطرية»، عن هسبريس، يوم الثلاثاء 05 من شهر أبريل من سنة 2022. وعرج المقال المذكور إلى بعض عوامل التدهور نحو زراعة البطيخ الأحمر «التي استنزفت الموارد المائية بالمنطقة»، فانجاب أمام السكان «ما يستدعي ضرورة وقف إنتاجها في الصيف المقبل، عوض الاقتصار على تقنين زراعتها». وبالمناسبة طالب ماهن جمعوي وزارة الداخلية المغربية بوجوب منع «الزراعات التي تستهلك المياه بوفرة في زاكورة خلال أسرع وقت ممكن، على اعتبار أن المدينة تعرف أزمة عطش شديدة طيلة أشهر فصل الصيف. بل إن تلك الأزمة ستتفاقم بالتأكيد خلال هذا الصيف». ولم ينج مركز الجرف بإقليم الرشيدية من الجفاف حيث عاش في شهر أبريل الماضي على وشك ثورة العطش أشار موقع أنفاس بتاريخ 27/04/2022.
ومن عوامل التدهور «ان حقينة سد المنصور الذهبي، لم تعد تتعد 10 في المائة ما أدى إلى تدمير نسبة كبيرة من الشريط الواحي الممتد على 26 ألف هكتار». وأمام وفرة عوامل تدهور الشريط الواحي، يفيدنا المقال ان العديد من الفعاليات المدنية بالجنوب الشرقي «نبهت إلى الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن انلاع الحرائق بالمجالات الواحية لافتة إلى تنامي معدلات الهجرة في صفوف العائلات بسبب فقدان الأهالي مورد الرزق الأساسي المتمثل في أشجار النخيل». ولا غرو فهناك نزيف ديموغرافي خطير «تعرفه المنطقة في ظل ارتفاع معدل الحرائق»، لذلك دعت شبكت الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي إلى «التدخل العاجل للتخفيف عن المتضررين باعتماد مقاربة جبر الضرر وذلك بتعويض الفلاحين».
وعن المجهودات المبذولة «نظمت المديرية الجهوية للاستشارة الفلاحية لجهة درعة تافيلالت مؤخرا بالجماعات الترابية لمزكيطة وأفرا وأفلاندرا بإقليم زاكورة حملة تحسيسية حول خطورة الحرائق على الواحات»، يقول موقع العمق المغربي بتاريخ 28/04/2022. ومن جانب آخر، و«سعيا إلى الحفاظ على الموروث الواحي» صدعت بعض المواقع بوضع «خطة استيباقية تحمي الواحات المغربية من اندلاع النيران في فصل الصيف». وحينما تطفو أي فكرة في مجال إنقاذ البيئة بجنوب شرق المغرب فاعلم أن الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة أركان حاضرة، واعلم أن الماهن الجمعوي الذي تجري في عروقه دماء الواحة وقدر له أن يتراءسها حاضر في الميدان بلباس الوكالة و«بمعية شركائها الوطنيين والمحليين» حاضر بالفكرة التي ترجمت إلى «خطة استيباقية تروم حماية واحات درعة تافيلالت وسوس ماسة وكلميم واد نون من الحرائق التي تندلع في فصل الصيف». فما هي أساسيات تلك الخطة؟
تجيبنا هسبريس في عددها ليوم الجمعة 08 من شهر أبريل من العام 2022 اعتمادا على ورقة تقنية اطلعت عليها، وبنت عليها المقال. ويستفاد منها أنها «تعمل على إنجاز جيل جديد من المشاريع مرتبطة بالتثمين الترابي والطبيعي للواحات المغربية بشراكة مع جميع الفاعلين». ولتلك الغاية «تكلفت لجان إقليمية تحت رئاسة العمال، مهمتها التوجيه والمصادقة على الأنشطة المقترحة». ولتحقيق تلك الخطة وإنزالها كان، في البدء، «تحديد الواحة أو الواحات ذات الأولوية، والأكثر عرضة للحرائق على مستوى كل إقليم، حيث يتعلق الأمر بواحات أوفوس وتنجداد بالرشيدية، وواحة مزكيطة بزاكورة، وواحة سكورة بورزازات، وواحة تمنارت بطاطا وواحات أسرير وتيغرمت وتوريرت بكلميم». وأورد المقال التعبئة المالية المخصصة للغاية 8، 57 ملايين درهم. ويستفاد من ذلك الرصيد توفير «المعدات الخاصة للتدخل السريع عن قرب»، و «تهيئة 45 كيلومترا من المسالك داخل الواحات، وتجهيز المسالك بالإنارة بأزيد من 200 عمود من اللوحات الشمسية وتنقية أزيد من 570 هكتارا من الأعشاش».
وفي نفس السياق «صادق مجلس درعة تافيلالت بالإجماع على اتفاقية شراكة تهم الحماية من الحرائق، وتهيئة واحات درعة تافيلالت وتأهيلها»، في أمد يداني 36 شهرا وهو عمر الخطة. ولم يغفل المقال الإشارة إلى «آثار التغيرات المناخية بمثابة عوامل طبيعية يلزم تحليلها وإدراجها في مختلف البرامج للتخفيف من حدثها على المجال بصفة عامة». وأشاد المقال بالمنظومة الواحية إن هي إلا حزاما أخضر «في مواجهة التصحر وزحف الرمال بالنظر إلى الموقع الجغرافي والإيكولوجي للواحات».
ومن المجهودات المبذولة أن «أطلقت المديرية الجهوية للاستشارة الفلاحية بجهة درعة تافيلالت منصة للابتكار حول قطاع نخيل التمر بمنطقة بوذنيب (إقليم الرشيدة، وذلك في إطار تنزيل إستراتيجية الجيل الأخضر، ومن أجل مواكبة التعاونيات الخدماتية». وتتبنى المنصة المذكورة «مفهوم الحقول الميدانية للمنتجين»، بما هي مقاربة «للتكوين التشاركي وآداة للاستشارة الفلاحية بهدف الاستفادة من الخيرات المحلية وإتقان الممارسات الجيدة، والتدبير التقني وعرض النتائج العلمية والابتكار الفلاحي». وسأغفل ضمن المجهودات المبذولة الأسئلة البرلمانية درءا لأي حملة انتخابية سابقة لأوانها.
ويبقى السؤال الأخير، هل لتلك المجهودات تأثير بمناطق الجنوب الشرقي المغربي؟ حسُن الجواب بالإثبات «إذ انخفض معدل الفقر بهذه المناطق من 4،13% سنة 2007 إلى 8،6% سنة 2019، فيما ارتفع الناتج الداخلي الخام من 84 مليار درهم إلى 5،136 مليار درهم بين 2009 و2019» عن موقع «SNRT NEWS» بتاريخ 16/04/2022.
كلنا يتمنى استمرار تلك المجهودات وكل أمل في إنقاذ الواحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج