الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود

مازن كم الماز

2022 / 5 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أعترف أني سررت بمقالك عن كوريل لأنه أكثر من مناسب لحوار ضروري ليس بالضرورة مع المقال و لا عن كوريل نفسه أو من ذكرتهم في المقال ، بل كعصف ذهني ينطلق مما كتبته فقط كحفاز و نقطة استفزاز ضرورية و مطلوبة … لا يهمني بالتالي إثبات أو نفي أية صفة عن الرجل ، هنري كوريل ، أو إصدار أية أحكام معه أو ضده ، ما أطمح إلى محاكمته فعلًا هو واقعنا ، وعينا ، و العالم ، تلك المرآة التي نقف أمامها لنرى ما نتمنى لا ما هو أمامنا بالفعل … سأبدأ من استنكارك بيان حدتو و مواقفها الداعية لدولة ديمقراطية واحدة في فلسطين و إلى الدعوة إلى الأخوة أو الألفة و الثقة بين الجماهير الكادحة العربية و اليهودية … و استنكارك مرارًا أي حديث ، من كوريل أو غيره ، عن حق الشعب اليهودي ( هذا إن وجد أساسًا مثل هذا الشعب ) في تقرير مصيره … أنت و في كثير من الأحيان على لسان ابراهيم فتحي و غيره تضعنا أمام تعريف ضمني لكنه قاطع و حاسم للشعب الفلسطيني لا يتضمن كل من يسكن تلك الأرض اليوم بالضرورة و لا من سكنها قبل قرون رغم أن الأسطورة العروبية تحاول أن تقنع الجميع بأن هذا الشعب هو حالة عرقية و لغوية و تقريبًا عقائدية متجانسة منذ بداية التاريخ … أتعرف أين المشكلة هنا ، إذا كان تعريفك الضمني هذا للشعب الفلسطيني صحيح بالفعل فهذا يعني أن السوريين و العراقيين و الأكراد و الأفغان و المصريين و الأفارقة و الفلسطينيين الذين حصلوا على إقامات و جنسيات في بلدان أوروبية أو أميركية بعد عدة سنوات فقط و أحيانًا عدة أشهر من وصولهم إليها هم ليسوا و لن يكونوا ألمانًا و لا سويديين و لا أميركان أو كنديين الخ الخ … إذا كانت فلسطين دولة بهوية عرقية و لغوية و دينية واحدة تستند إلى العرق و الدين الغالب فيها قبل قدوم الاحتلال ، لأنك تعرف جيدًا كم تغيرت القوميات و اللغات و الأديان السائدة في فلسطين كما في غيرها لدرجة من الصعب أو المستحيل حتى أن نحدد أو نخص عرقًا أو دينا منها بصفة الفلسطيني ، إذا كان ما نقوله حقًا فمن حق الألمان و الفرنسيين و البريطانيين و السويديين أن يقولوه أيضًا … للأسف يا سعيد ، لقد كان كوريل على حق ، كل الدول هي نتاج غزوات أو فتوحات أو استعمار باللفظ المعاصر و غالبًا ما كان الاستعمار يتوطن و يبدو مع الوقت كأنه الشعب الأصلي الذي يقاوم الغزاة الجدد ، فقط ، فقط في حالات قليلة جدًا كان هذا الاحتلال يهزم بأثر رجعي كالاحتلال العربي لإسبانيا مثلًا … لا جدال أنك تعرف جيدًا أن مصر أو فلسطين لم "تخلقا" عربية و لا إسلامية ، لقد احتلهما العرب المسلمون ( حرروهما حسب القوميين العرب ، حرروهما ليس فقط من الغزاة و الأسياد السابقين ، بل من سكانها الأصليين أيضًا) و بعد فترة تعريب طويلة تحولتا إلى ما صارتا عليه اليوم و إذا تحدثنا عن السكان الأصليين بمنطق الهنود الحمر في امريكا فالأقباط و الأمازيغ و السريان و الآشوريين هم أحق بأن يوصفوا بالهنود الحمر من العرب و المسلمين … إذا كان تعريفك الضمني ، العرقي الديني اللغوي الواحد ، للشعب الفلسطيني صحيحًا فكل الدعوات إلى مجتمعات متعددة الثقافات في أوروبا و أميركا هي دعوات استيطانية و استعمارية ضد حضارة البلد و هويته و سكانه الأصليين بل إن النازيين الألمان هم وحدهم من يقول الحقيقة عن الشعب و الأرض الألمانية … يجب ألا ننسى هنا أن وجود اليهود في فلسطين كان هو أيضًا كالهجرة السورية المليونية إلى أوروبا اليوم ، قضية لاجئين فارين من إبادة جماعية أو من فقر مدقع و حياة بائسة كالأفارقة اليوم في أوروبا … لأسباب لا شك عندي أنها مفهومة بعد كل هذه المقدمة ، أني أعتقد شخصيًا أن كامو كان جزائريًا بقدر ما كان قادة جبهة التحرر الوطني جزائريون ، أن الأرض في النهاية هي ملك لنا جميعًا كبشر ، و أن "الجزائر" قد خسرت بطرد كامو و الملايين من أمثاله تمامًا كما خسرت مصر برحيل الايطاليين و اليونانيين و ربما اليهود إن شئت ، عدا عن أني أعتقد أن المنطق نفسه يقول بأن طرد الفرنسيين من الجزائر يعني طرد الجزائريين من فرنسا في نفس الوقت … لا يمكننا بناء الحواجز و تفكيك و تركيب المكان و الزمان على مقاسنا ، ما نفعله بالآخرين من المنطقي جدًا أن يقوم الآخرون بفعله معنا أيضًا … قضايا أصغر بكثير استوقفتني أيضًا في مقالك ، بنطلون كوريل القصير و تردده على المواخير ذكرني بكلام بعض الشيوخ و السلفيين … أتساءل أخيرا يا سعيد عن المثال الذي كان و ما زال يلهم القوميين العرب بمن تمركس منهم و من طول ذقنه أو قصرها و شذبها ، أهو حقًا دولة رأسمالية متطورة ، إستعمارية و إمبريالية كغيرها ، و إذا كان هذا حقيقيًا ، لماذا نسمي مثل هذا المثال تحرر وطني بينما هو استعمار للآخرين … و لا أدري لماذا أذكر الآن مجزرة الدامور التي قام بها مقاتلون فلسطينيون علمانيون في غالبيتهم و هم يرددون بشكل غريزي هتافات الله أكبر و هم يمثلون بجثث المسيحيين اللبنانيين … و لماذا أذكر العفيف الأخضر الذي سخر من حرب أكتوبر و تساءل لماذا كان على السادات و غولدا مائير أن يقتلوا آلاف الشبان المصريين و اليهود إذا كانوا ينوون في النهاية أن يتصالحوا ، ألم يكن الأوفر أن يتصالحوا من دون إراقة كل تلك الدماء البريئة … و لماذا أذكر مقال للرفيق رمضان متولي من الاشتراكيين الثوريين يتهم فيه كل من يدين المقاومة الفلسطينية في حرب غزة الأخيرة بأنه جاهل أو متواطئ ، الرفيق رمضان لا يعتقد أن من حق الفلسطيينين أن يناقشوا مصيرهم ، حياتهم ، موتهم : هم و فلسطين ملك "للمقاومة" فقط ، ليس هدف تحرير فلسطين أن يصبح الفلسطينيون سادة مصيرهم بل أن يصبح مصيرهم و مصيرها بيد من يعتبرهم الرفيق مقاومة ، بيد ذلك الطاغية المنتظر الذي يتقمص شخصية خالد بن الوليد و غيره من الفاتحين الذي سحقوا شعوبًا و أخضعوها و أذلوها بالسيف ، أليس غريبًا أن نجمع جميعًا ، ديكتاتوريات و معارضات إسلامية و يسارية متطرفة أحيانًا ، على هذا "المخلص"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي