الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا خير في نظام عالم جديد تقيمه ديكتاتورية بوتين

لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)

2022 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


شهد العالم حروبا كثيرة ساقتها مبررات ايديولوجية أودينية أوقومية أو اقتصادية ولكنها جميعا هي في الواقع معارك لأجل مصالح ممالك ودول وامبراطوريات ديكتاتورية لبسط نفوذها وتوسيعه ، و مهما حاولت دعاياتها وأبواقها ومؤدلجيها ايجاد تبريرات لها , فلا يوجد للحرب تبرير أخلاقي ولا أنساني أطلاقا غير اغراض توسعية عدوانية, ومنه فأن أبسط موقف يتخذه المثقف هو ادانتها والوقوف ضدها وفضح من يشنها.
أن شن حرب على دول الجوار لأقامة نظام عالمي جديد هو قمة الجرائم وأخطر الحروب كونها تؤدي الى حروب قارية أو عالمية مثل حرب هتلرالنازية في القرن الماضي للأدعاء بأنهاء قطبية بريطانيا وفرنسا على العالم، أو حرب روسيا اليوم في اوكراينا بأدعاء أنهاء أحادية القطب الأميركي وهيمنة الغرب, وهي تترجم بأنهاء النظم الديمقراطية وأقامة دولا قومية ديكتاتورية يقودها اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا.
ان المشكلة أذن تكمن في نوع القطبية الجديدة التي يريدها بوتين و تقوده روسيا ليضم دول الأتحاد السوفياتي سابقا ويمكن اضافة ايران وتركيا والصين وكوريا الشمالية ودول اسيا الوسطى وربما السعودية وغيرها في القطب الجديد. يليها من يصل للسلطة من اليمين الأوروبي القومي المتطرف . ونظرة سريعة على هذا القطب البوتيني الجديد توضح انه يقوم بين دول ديكتاتورية ذات نظم شمولية وحكم الرجل الواحد , فمشروع بوتين يدغدغ شهيتهم, ومنه تجد اصطفافهم الغير معلن اليوم ولكنه قيد الأنشاء بجهود يقودها بدئب السيد بوتين بنفسه, وهذا هو الخطر القادم.
وأذا أقررنا , كمثقفين , أن نضال الشعوب بأجمله ، كبيرها وصغيرها ، وخصوصا خلال المئتي عام الأخيرة ومنذ الثورة الفرنسية عام 1789، يدورحول محور واحد وهو النضال لنيل وأقرار الحقوق والحريات للشعوب والحد من التسلط والديكتاتورية ،وأقامة النظم الديمقراطية, لوجدنا ان هذا الأصطفاف الجديد لقطب بوتين ومن حوله خامنئي وكيم ايل سونك الحفيد وأردوغان وتشي بينغ وغيرهم تجمع الديكتاتوريين والأنظمة الشمولية القومية والدينية ، ناهيك عن قمع ومصادرة حريات الشعوب المجاورة والمعتدى عليها.وهذه هي نقطة الخطر الأخرى في مشروع القطب البوتيني.
ومن ناحية المثقف الوطني وخصوصا اليساري فأن موقفه من هذه الحرب العدوانية على أوكراينا هو موقف أنساني قبل كل شيئ بأدانتها بأعتبارها حربا عدوانية على شعب مجاور، وعليه ثانيها كشف انعكاساتها الخطرة على مستقبل شعبه وبلده.
ولعل أخطر مافي حرب بوتين العدوانية على أوكرانيا هو احلال مبدأ شن الحرب تحت مفهوم الدفاع عن الأمن القومي ليكون اعلى من مفهوم سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها بالشكل الديمقراطي والذي يضمنه القانون الدولي السائد اليوم، وخاصة ميثاق الأمم المتحدة. ولكي نرى تبعات مبدأ بوتين هذا, لنقرنه مثلا ان تقوم تركيا باحتلال جزء من كردستان العراق بحجة الدفاع عن امنها القومي من المتمردين الأكراد المطالبين بحقوقهم القومية والثقافية، أو تقوم ايران بحجة الدفاع عن امنها القومي بأحتلال مدن من شرق وجنوب العراق في حالة نجاح اتتفاضة شعبية مثل اتتفاضة تشرين عام 2019 في فرض حكومة وطنية تنهي سيطرة الولائيين التابعين لها وميليشياتها ومفسديها في السلطة في العراق ( وهو نفس السيناريو بعد انتصار انتفاضة الأوكرانيين عام 2014 التي ازاحت ولائيي بوتين من السلطة ومنها يبررشن حربه اليوم للدفاع عن امنه القومي ) . فخطر حرب بوتين هو أقرار مبدأ التوسع بحجة الدفاع عن الأمن القومي وجعله طريقا للأقوى في السيطرة على الأضعف.
والخطر الأخر لقطب بوتين على بلداننا هو تكريس الديكتاتوريات المسلطة على شعوبنا،وخاصة الأنظمة الولائية منها ، فمثلما يريد بوتين من خلال حربه تنصيب ديكتاتوريين جدد موالين له اوكراينا ، كان قد دعم ممن هم الأن في السلطة في بيلاروسيا وكازاخستان ودعم نظام الآسد ، مثلما تقوم ايران بدعم نظام الأسد ايضا، وتعضد سيطرة الولائيين على السلطة في العراق واليمن ولبنان ، و سيدعم مخططات تركيا وايران في السيطرة على دول الشرق الأوسط واقامة ديكتاتوريات موالية لها وتتحرك بقواتها العسكرية لقمع أي تحرك وطني أو انتفاضة شعبية بحجة الدفاع عن امنها القومي.
أن خطرمايقوم به بوتين ينعكس مباشرة على مصائر ومستقبل شعوبنا وبلداننا الضعيفة ، ليقيم النظم القومية والدينية الدكتاتورية المتناضرة مع نظامه الذي اقامه في روسيا ويريد من خلال قوة روسيا العسكرية والتاريخية والعلمية جعل روسيا قطبا تلتف حوله النظم الديكتاتورية والتوسعية التي تشاركه احلامها التوسعية, وعليه فليس أمام المثقف الوطني واليساري غير الوقوف بوجه الديكتاتورين وحروبهم وأقطابهم. أما ان ينخرط المؤدلجون في التبرير لهذه الحرب ولذلك الديكتاتور فهو موقف مناقض لما يدعونه من مناصرة قضايا شعوبهم, فهناك قضية واحدة لاغير وهي قضية الحقوق والحريات وعليها يجري القياس في الفرق بين موقف اليساري المثقف وبين اليساري المؤدلج والديني الولائي المؤدلج اللذان رأيناهما يلتقيان في الموقف من الحرب في أوكراينا, ولاغرابة في ذلك لأن كلاهما ينطلق من موقف مسبق وهو كره مايسمونه الغرب الرأسمالي الذي تقيم مؤسساته الديمقراطية ورفاهه الأجتماعي الأحزاب الأشتراكية الديمقراطية في الغرب لتكون مثالا للعالم.
د. لبيب سلطان,
أستاذ وباحث عراقي, كاليفورنيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحرب بين روسية والناتو
فريد عبدالله ( 2022 / 5 / 8 - 18:57 )
امريكا سبق وان حركت هتلر لاشعال الحرب العالمية2 وفيها مات بحدود 50 مليون. قصفت اليابان ذريا وبدون ضرورة عسكرية لانه الجيش الياباني كان يندحر امام الجيش الروسي . قصفت فيتنام وكمبودية وكورية بالكيمياوي وجميع الاسلحة المحرمة وقتلت مئات الالاف . عملت انقلابات في معظم الدول وفيها قتل الالاف في اندونيسية والعراق ( 1963) وشيلي وغيرها من الجرائم الدولية .وهي الداعم الاول للانظمة الرجعية والديكتاتورية في العالم وهي من صنعت القاعدة وداعش وتفرض الحصارات الاقتصادية على الدول التي لا تخضع لسطوتها كل هذا وغيره الا يكفي لكي نعرف ما هو النظام الغربي وأمريكا راعيته


2 - لايمكن تبرير بوتين بما أقترفته أمريكا
د. لبيب سلطان باحث أكاديمي عراقي كاليفورنيا ( 2022 / 5 / 26 - 20:47 )
الأستاذ ألفاضل
أن أرتكاب أمريكا لفضائع ضد الشعوب لا يمكنكم أستخدامه لتبرير وتزكية عدوان بوتين على شعب أوكرانيا فنحن كمثقفين علينا أداهة أي عدوان على الشعوب لا تقف ضد عدوان ونبرر أخر وهو ما تنادي به المقالة , ولمعلوماتكم لم تلعب أمريكا دورا في صعود هتلر بل لعبته قوى أوروبية ومنها الأتحاد السوفياتي الذي سمح بصعود هتلر للسلطة بمنع الحزب الشيوعي الألماني من التحالف مع الأشتراكي الديمقراطي لتشكيل الغالبية وفضل صعود هتلر على التحالف مع الأنتهازيين كما أراد ستالين وهو نفسه الذي وقع معاهدة مع هتلر لأقتسام بولندا وبعدها باسبوعين قام هتلر بغزوها
وبدأت الحرب العالمية وحتى بعدها سلم ستالين أعداء هتلر من الشيوعيين الذين لجأوا الى الجزء الذي أحتله السوفيات وقام بأعدام 1700 ضابط بولندي مقابل تسليم هتلر المناهضين للستالينية وهذه كلها وثائق نشرت في الصحف السوفياتية والروسية بعد أنهيار التحاد السوفياتي والسؤال هنا هو ان جرائم النظمة الشمولية والأمبريالية يجب ان تكشف ويندد بها وهذا هو دور المثقف وليس لتبرير هذه أو ذلك


3 - يافريد عبدالله كلامك ضد مبدع الحضارة العصريه وخالق
المتابع ( 2022 / 5 / 26 - 22:12 )
الدمقراطية كله كذب وتلفيق حاول قراءة الاحداث ثانية بصدق وعلميةمثلا قيام الفاشست البلاشفه بتوريط الشعب الفيتنامي البائس بعملية استنزاف ضد خالق الدمقراطية العالميه ابو التقدم العلمي والرفاه المادي والثقافي اميركا


4 - ولكن ضرورة ايضاح العملية التاريخيه للتقدم والدمقرا
المتابع ( 2022 / 5 / 26 - 22:19 )
و-تحياتيالدمقراطيه التي بداءت بالاحداث العظمى التاريخية الثلاث-الثوره في بريطانيا-الثوره في فرنسا - تاءسيس الولايات المتحده الاميركيه والانجازات الجباره التي نفذتها في مجالات العلم والانتاج والتكنولوجيا والثقافة وفي بناء المجتمع الجديد والدولة الجديده والشعب الجامع للكل في واحد شعب اميركا العالمي

اخر الافلام

.. الكويت: حريق هائل بمبنى سكني يودي بحياة 49 عاملا أجنبيا


.. إسرائيل تستخدم -المنجنيق- لقذف كرات نار باتجاه لبنان




.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: هجوم جناتا استهدف مقرا لحزب الله


.. كانت لهم ا?حلام.. أعداد أطفال غزة الذين استشهدوا بقصف إسرائي




.. حجاج بيت الله الحرام يستكملون الوصول إلى مكة تمهيدا لبدء منا