الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر العودة...يا معبر الاحزان والتسويات

هيفاء اسعد

2022 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


هيفاء أسعد

تلفتني التغييرات الحاصلة على جسر الملك حسين في كل مره أغادر فيها فلسطين إلى الأردن وبأوقات غير متباعدة، التحولات الحاصلة هناك، والتي شيئا فشيئا ترسخ وضعا لحدود بين دولتين. الأردن والاحتلال. ولا أي إشارة لأي تمثيل لكيان فلسطيني. لا لدوله ولا لسلطه ولا حتى لأجهزة التنسيق الآمني. ونبقى نحن الفلسطينيون العابرين بين ضفتي النهر. والمنفقين بما ندفع من رسوم سفر على تسيير كل الخدمات وعلى ما يحدث عليها من تطويرات وتحولات على مدار سنوات الاحتلال. نلتزم مغلوبين على أمرنا بالتعاطي معها ومع توليفة الأًذونات للعبور إلى الأردن وعبره إلى العالم العربي والدولي. أذونات يتفننون كأطراف منفردين بتسميتها وتحصيلها تبعا لصلاحيات كل طرف على الحدود. الحقيقيه منها والوهميه. ويبدعون أكثر مجتمعين فيما يقدمون من خدمات. يوسعونها ويضيقونها في رزمة من المسميات والمرجعيات تبرر بيعها لمن إستطاع إليها سبيلا مقابل تسعيره تزيد او تنقص تبعا للطرف الموفر لها وللفئه المستفيده منها. والحق يقال انه على الرغم من الصلاحيات المحدوده للسلطة الفلسطينية والحدود الوهمية التي يسيطرون عليها. إلا أن حقها محفوظ. إن كان في ثلث ما تقوم بتحصيله من رسوم من مواطنيها قبل ان توصلهم للحدود التي يديرها الاحتلال والأردن. وفي كونها شريك مع طرفي الحدود فيما يتم تحصيله من ريع ما يباع للعابرين والعابرات من خدمات خاصه لتسهيل المرور وتجميله. شراكه تضعنا نحن العابرون بين خيارات وتسويات واتفاقات على خدمات كلها مستغله لإمكانياتنا كفلسطينيين ان توفرت، ومذله سواء لمن لا يحصل عليها لكونه لا يستطيع اليها سبيلا. أو حتى للذين يرفضون التعاطي معها لاعتبارهم إياها جزءاً من التطبيع. والذي يزين بأسماء وتوصيفات وهميه لتجمل واقع فقداننا لكل ما للدولة من سياده على حدودها ومعابرها وحرية السفر الحقيقية.
فما بين ما يسمى بالتنسيق والذي يحظى به من لهم يد طائلة بالسلطة وبحزبها او حتى من المقربين لها، وبين من يشترون الخدمة الخاصة ال (في آي بي) والتي تعود عوائدها لشركه ثلاثية. فلسطينية واردنيه وإسرائيلية. والتي بالواقع هي شبه مناصفة بين الاْردن ودولة الاحتلال ويبقى الفتات للسلطة التي تسيطر على عبور المغادرين الفلسطينيين (اداريا) من اريحا. اخر المدن الفلسطينية ما قبل الجسر الذي يطلق عليه الاحتلال اسم آلنبي، ويسميه الأردنيون جسر الملك حسين. وتطلق عليه السلطة اسم معبر الكرامة. وهناك الخدمة الخاصة جدا وهي لحملة بطاقات ال "بي ام سي" والتي يحملها أصحاب الاعمال لتوفر لهم ليس فقط العبور تحت مظلة ال " في أي بي" وانما أيضا قد يحظى البعض بعبور الجسر بسيارته...
فعلى المعبر الذي يخلو من الكرامة. وبتلك الخيارات المتاحة للعابرين للنهر الذي يحملهم عبر الأردن باتجاه الوطن العربي وللعالم كله، يتزايد شيئا فشيئا أعداد الفلسطينيون هاربين من إجراءات جسور أنهكتهم على مدار سنوات الاحتلال ما قبل أوسلو وبعده. فعبر سنوات طويله (منذ احتلال ما تبقى من فلسطين في العام 1967) كانت معاناة المعبر واحده موحده للفلسطينيين المغادرين والقادمين عبر جسر (الملك حسين)، حيث لا امتيازات لرجال وسيدات الاعمال الفلسطينيون، ولا شراء للخدمة الخاصة لمن استطاع اليها سبيلا مقنعا نفسه انه يشتري راحته دون ان يدري بما يدفعه من تمويل لتكريس الاحتلال من جهه، وما يكرسه من تطبيع اقتصادي على حساب الحل السياسي الشامل من جهه ثانيه.

فإلى جانب ما يحدث من تحولات على الجسر منذ سنوات. في محاولة لتغطية حقيقة السيادة الاحتلالية وتغليفها بمظاهر مدنيه زائفه خادعه تحول الواقع من معبر احتلالي إلى حدود رسميه بسياده إسرائيلية مدنيه. في محاولة لتزييف الواقع لننسى حقيقة الاحتلال ووجوده على المعابر. يتم بالتدريج محاولة تجميل بيئة المكان من خلال تحديث القاعات والتقليل من رجال الامن الإسرائيليين من الواجهة واستبدالهم بموظفين يحملون صفة الشركات الأمنية المهنية والتي توظف حملة الجنسية الإسرائيلية من دروز أو من بعض فلسطيني القدس ومناطق ال.48 جاعلة المشهد ناطقا بالعربية، وتبقى اجهزة الأمن الإسرائيلية تدير الأمور من المكاتب واجهزة المراقبة والحواسيب في غرف مغلقه بعيدا عن رواد الجسر. والتي تظهر عندما يتطلب الوضع الأمني حضورها وتدخلها..
وعلى الرغم من كل التطويرات والتحويلات. ومحاولات التسريع بالإجراءات وبيعها وتغليفها ومحاولة تجميلها بالقاعات ومظاهر الراحة ووو.. كل ذلك إلا أن تفاصيل عملية العبور التاريخية المذلة لا زالت حاضره ونافذه. فقد تبدو العملية قد آصبحت سريعه بمسارها لخبرة دولة الاحتلال في تكنلوجيا الوسائل الأمنية والمثبتة في كل مكان ولفصل قاعات العابرين بالخدمات الخاصة والتنسيق عن المسار التاريخي لعامة الشعب. ولكن بقيت الإجراءات الأمنية ساريه حتى لرواد الخدمات الخاصة.
أنه لأمر محزن. مشاهدة الكثيرين من الفلسطينيين المهرولين لشراء الخدمة دون الوعي بالتورط بالتطبيع والتطبيق لاتفاقات غير معلنه لتوليفة من تعدد الجنسيات والمتساوقة مع التغييرات الجارية بالمنطقة. والمكرسة امرا واقعا لحدود دوليه بين دولة الاحتلال وبين الاْردن، ومستثنية وجود الفلسطيني كطرف صاحب سيادة على الحدود، حاصرا سلطتهم كمراقبين في استراحة اريحا بعيدا عن الجسر بكيلومترات.

فما تجميل الجسور على الحدود لفلسطين الا جزء من خطه متشعبه تفرض واقعا للامن وللاقتصاد وللجغرافيا بالتهام الاراضي وبإقامة المستوطنات وتوسيعها. وعلى القدس بالعمل على تهويدها بالجغرافيا وبالسكان. وعلى واقع المدن والتي حولتها منذ سنين إلى كومونات تبتعد شيئا فشيئا عن بعضها خالقة الفجوات والاختلافات اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا... فارضة واقعاً جديداً وملامح جديده للأرض ولربما لإنسان متوهمة اننا سنقبل به كأمر واقع. بدعوى أن الواقع أقوى من الجميع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست