الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهيار النظام النازي في ألمانيا و إنبعاث النازية الجديدة في العالم

كوسلا ابشن

2022 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تخلد شعوب الإتحاد السوفياتي السابق و معهم أحرار العالم ذكرى يوم النصر, الإنتصار العظيم على النازية في الحرب العالمية الثانية, و إنهيار حكم هتلر في ألمانيا. يوم النصر الذي حرر الشعوب الأوروبية من النظام العرقي الإجرامي, و وضع أسس الدمقراطية و الحرية و التعايش السلمي بين الشعوب. تخلد هذه الشعوب ذكرى يوم النصر حاليا, في فترة التوهج النازية الجديدة. لقد أطاحت الحرب العالمية الثانية بالنظام السياسي النازي, لكن الحرب فشلت في إنهاء الإيديولوجية النازية, التي إحتضنها الغرب الإمبريالي, و سلح بها التيارات الأكثر تطرفا في العالم, كما حمى النظام الإمبريالي الكوادر السياسية و العلمية النازيين و حمى مؤيدي و عملاء النازيين, ومنهم مثلا الأكرانيون (تشيريم صوبتصوكوف) و العرب و المسلمون, وقد إستعملتهم الإمبريالية آدوات لمحاربة حرية الشعوب و الدعاية لصالح الأنظمة الإستعمارية و الإمبريالية. الصحوة النازية حاليا, من أوصلت رفاق البندقية ضد النازية في الحرب الوطنية العظمى الى الإقتتال فيما بينهم.
كانت الحرب العالمية الثانية أكثر حروب دموية ووحشية في التاريخ, وصل عدد ضحاياها الى أكثر من 60 مليون قتيل, من بينهم ما يصل الى 28 مليون سوفياتي. بإنتصار الحلفاء, إعتقدت الشعوب خصوصا الأوروبية بأن أهوال حروب الآبادة الجماعية و العرقية قد أنتهت و بقيت من الماضي, وبدأ عصر التصالح و التعايش السلمي, و قد خلق هذا الوضع المنفرج في العلاقات الدولية الظروف الموضوعية لتأسيس إطار تنظيمي عالمي جديد ( الأمم المتحدة), للمساهمة في تسوية القضايا الدولية, و حل النزاعات الدولية سلميا و حماية الآمن الدولي, و حماية الشعوب من حروب آبادة جديدة, و حماية الشعوب من إديولوجية النازية الجديدة.
بتأسيس الأمم المتحدة, أعلنت الجمعية العامة عن إرادتها بالعمل على توحيد الجهود لتسوية كل النزاعات الدولية سلميا و حماية السلم و الآمن الدوليين و الدفاع عن حقوق الإنسان و حقوق الشعوب في الإستقلال وتقرير مصيرها و الحرية و التعايش السلمي بين كل الشعوب, إلا أن الأحداث التاريخية لما بعد الحرب العالمية الثانية, بينت سلبية التنظيم الجديد (الأمم المتحدة), وعدم قدرته على تنفيذ قراراته, بسبب الصراع الحاصل بين الدول المتحكمة في تسيير دواليب المنظمة الدولية, التي إتخذتها الإمبريالية منبرا للدفاع عن مصالحها دون مصالح الدول الفقيرة. نتيجة الخلل التنظيمي و السياسي الذي جعل من المنظة آداة لتزكية و تنفيذ أجندة الإمبريالية الإستراتيجية و الجيو-سياسية, و لا تحترم مواثق الأمم المتحدة إلا في ما يخص المجال الغربي الداخلي. الإستراتيجية التي أسست من أجلها عصبة الأمم, قد تم إعادتها في نسخة منظمة الأمم المتحدة. الأمم المتحدة فشلت في تطبيق مواثقها و قوانينها و شعاراتها و فشلت في دعم حرية الشعوب في تقرير مصيرها و فشلت في الدفاع عن حرية الإنسان, وفشلت في الحد من إنتشار الإيديولوجية النازية و التمييز العرقي و فشلت في الإطاحة بالأنظمة الفاشية, إلا أنها نجحت في تنفيذ أجندة الدول الإمبريالية فيما تعتبره هذه الآخيرة من مجالها الحيوي. و غالبا ما دعمت الدول الإمبريالية, الأنظمة و التيارات الفاشية الجديدة في أمريكا اللاتينية و آسيا و افريقيا تحت غطاء الأمم المتحدة, أو تدخلت بغطاء أممي في شؤون الدول لدعم الأنظمة الدكتاتورية و الأنظمة العرقية, و لم تراعي القواعد الأممية في الدفاع عن مبادئ إستقلال الشعوب و الحرية و الدمقراطية و محاربة التمييز العرقي.
يوم النصر الذي وضع حد لجرائم الإبادة الجماعية التي إقترفها النظام النازي ضد محبي السلام في ألمانيا و جرائم الآبادة العرقية ضد اليهود بشكل خاص طيلة حكمه و طيلة فترة حربه الآبادية ضد الشعوب الأوروبية, لم يصبح إلا مجرد تخليدا لذكرى من التاريخ بفقدانه المصداقية الآخلاقية مع سيرورة الأحداث المتراكمة في العالم, و التي كانت من صنع الفاشية الجديدة, و تخطيط إمبريالي, و سكوت أممي. لقد عرف الفكر النازي بعد الحرب العالمية الثانية, إنتشارا سريعا بين الناس و خصوصا بين الأقليات الإستطانية, لتدعيم الهياكل التنظيمية و الميدانية للإمبريالية في حربها ضد حرية الشعوب و دعايتها ضد الإتحاد السوفياتي, وضد الأفكار الإشتراكية في العالم.
إنهار النظام النازي في ألمانيا, لكن إستمر الفكر النازي في الإنتشار بين الناس و خصوصا بين الجماعات العرقية في كل العالم, حتى أصبح عقيدة لأنظمة جديدة, كولونيالية خاصة في الشرق الأوسط و شمال افريقيا, البلاد التي غزها الفكر النازي بإلتجاء الفيلق (ف) العربي في الجيش النازي نحو بلدان الشرق الأوسط و شمال افريقيا, و لجوء عملاء هتلر من أمثال الرويسي و بن عبود و غيرهما من أعضاء ما سمي بمكتب "المغرب العربي" ب(برلين عاصمة هتلر) و صحفيوا الإذاعة العربية ببرلين, الى المستعمرات الفرنسية في الشمال الإفريقي و خاصة نحو مورك, و ما روجته الخطابات العرقية لعملاء هتلر لبعض زوار مورك, مثل مؤسس كتيبة " الشباب الوطني" النازية 1933, وهو شكيب أرسلان الذي دخل تطاوين بمورك, البلد الذي عرف فيه الفكر النازي إنتشارا و نموا سريع بعد قدوم عملاء النازية اليه, وترويج لأفكار النازية و للأدبيات النازية بحرية و خصوصا كتاب هتلر "كفاحي", و تشكلت في هذا البلد الكتائب العسكرية العرقية العروبية بتطاوين و نشطت بحرية و بدعم و تمويل من طرف الإمبريالية الغربية, لأنها كانت تستهدف محاربة بندقية المقاومة الأمازيغية, وقدم النظام الإمبريالي الفرنسي كل المساعدات للنخبة السياسية العرقية النازية العروبية لتهيئتها للإستلاء على الحكم, وهذا ما ضمنه لها الظهير الإستعماري "إكس ليبان", بعد القضاء التام على المقاومة المسلحة الأمازيغية.
بضغط من الأنظمة الإمبريالية إعترفت المنظمة الأممية الجديدة بالأنظمة الكولونيالية في شمال افريقيا, وتم قبول عضويتها في المحفل الدولي. و رغم أن القانون الدولي يشجب الممارسات العنصرية و الإجرامية للأنظمة الكولونيالية و لا يعترف بشرعيتها في مستعمراتها, فإن الأمم المتحدة قد نقضت قراراتها و ومواثقها المتعلقة بتصفية الإستعمار بكل أشكاله, و تخلت عن إعلانها أن الآبادة, جريمة إنسانية, و تنكرت لإعلانها أن أبارتهايد جريمة إنسانية, بإعترافها بالنظام الكولونيالي الآبارتهايدي في بلاد إمازيغن المحتلة. المنظمة الأممية بضغط من فرنسا لم تصدر قرار يدين النظام الكولونيالي العروبي بإرتكابه آبادة جماعية بإستعمال الغازات السامة ضد المدنيين بمنطقة ريف بين سنة 1958 و 1959, الجريمة التي تصنف في جرائم التطهير العرقي, و المنظمة الأممية لم تدين سياسة النظام الكولونيالي الآبارتهايدية بتقسيم مورك الى قسمين, مورك غير نافع (مورك المضطهد قوميا و إجتماعية) و مورك نافع ( مورك التنمية الإقتصادية و الإجتماعية), المنظمة الأممية لم تدين سياسة التهجير القسري التي مارسها النظام لإخلاء الشباب الأمازيغي من مواطنهم لأجل تجريد المناطق الأمازيغية من قوة الشباب المتمرد على النظام الأجنبي و المقاوم للظلم و الإضطهاد. و قضية التهجير و التطهير العرقي كانتا من أولويات السياسية للنظام الكولونيالي, ففي تصريح لأحد أقطاب النازية (علال الفاشي), صرح ما يلي:"جـلاء الجـيـوش الـفـرنسية أيـهـا الاخـوة واقـع بالضـرورة وكذلك جلاء الجيوش الإسبانية والجيوش الأمريكية إنما مشكلتنا هو مشكل البربر فكيف جلاؤهم ".
الأمم المتحدة تتعامل بإزدواجية المعايير, على مقاس الإمبريالية, فهي مثلا تشجع بشكل غير مباشر على التطهير العرقي و الإضطهاد القومي و الإجتماعي في شمال إفريقيا, وتدين التطهير العرقي و الإضطهاد القومي في أماكن آخرى من العالم. أصبحت الأمم المتحدة آداة المصالح الإقتصادية للإمبريالية, وهي بشكل أو بأخر أحد أدوات تجديد النازية في حالتها العولمية.
نحيي بطولات الشعوب السوفياتية التي قدموها من أجل تحرير أوروبا من النازية, و نخلد معهم و مع أحرار العالم ذكرى يوم النصر, الذي أنهى مآساة الشعوب و أنهى الآبادة الجماعية ليهود أوروبا التي إقترفها النظام النازي. لكن النصر بقي ناقصا لعدم إستطاعته إنهاء الأفكار النازية, التي أصبحت بعد الحرب العالمية الثانية أيديولوجية بعض التيارات السياسية في العالم, و إيديولوجية الأنظمة كولونيالية و خاصة في شمال افريقيا. ورغم مرور 77 سنة عن يوم النصر, فمازال الأمازيغ يتعرضون للإضطهاد و القهر النازي. في إنتظار يوم النصر, موعد زوال النظام الكولونيالي النازي المحتل لبلاد إمازيغن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو