الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد 11 سبتمبر، الفوضى الخلاقة أم الضغط يولد الانفجار؟

عبداللطيف هسوف

2006 / 9 / 14
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


حين نتكلم عن أحداث 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، لا يسعنا إلا أن نضع نقطة في خط تسلسل أحداث التاريخ لتبدأ مرحلة جديدة سيتداولها المؤرخون مستقبلا بالما قبل والما بعد الحادي عشر من سبتمبر . فترة الما قبل لها رجالاتها وأحداثها وفترة الما بعد لها أيضا شخصياتها وتجلياتها. في الما قبل 11 سبتمبر تبرز أسماء مهمة قد نذكر من بينها هتلر، موسيليني، فرانكو، دوغول، تشرشل، روزفلت، بريجنيف، كينيدي، لكن أيضا ثوريين مثل تشي كيفارا وكاسترو وبنبركة، بالإضافة إلى مقاومين وعرب أحرار من طينة الخطابي، الأمير عبد القادر، عمر المختار، جمال عبد الناصر...الخ. في الما بعد 11 سبتمبر ستخلد أسماء قد نسرد من بينها بوش، بلير، شيراك جنبا لجنب مع أسماء صدام وميلوزوفيتش وابن لادن والظواهري والزرقاوي، لكن أيضا أسماء مقاومين ممانعين كنصر الله ونجاد وشافيز... الخ.
ما قبل الحادي عشر من سبتمبر، كانت الحربين العالميتين، ثم حلت قوتان متساويتان خلقتا توازنا ضروريا بين معسكرين أحدهما شرقي والآخر غربي. لكن مع سقوط الاتحاد السوفياتي، استأثرت بالزعامة قوة واحدة لا تملك سوى نظرة أحادية للكون تريد أن تفرضها بالقوة على باقي شعوب العالم. نعم، مع تفكك المعسكر الشرقي، تقمصت الولايات المتحدة الأمريكية دور شرطي العالم لتحشر أنفها في كل كبيرة وصغيرة وتخلق بذلك عددا كبيرا من الأعداء في صفوف الشعوب الرافضة لهيمنة الغرب. بتراجع الأفكار الشيوعية والاشتراكية والثورية والتحررية، لم يعد أمام العالم سوى الارتماء وسط أفكار الليبرالية والديمقراطية والتعددية والحرية واقتصاد السوق والانفتاح...الخ. لكن المشكل ليس في الأفكار بقدر ما هو مرتبط بالكيل بمكيالين وقت تجسيد هذه الأفكار على أرض الواقع، فمثلا الديمقراطية في دول الغرب ليست هي الديمقراطية التي تنوي الولايات المتحدة الأمريكية تصديرها للدول العربية والإسلامية: شكل خاص من الديمقراطية المفصل على مقاس محدد هو المسموح به في الدول العربية والإسلامية لتغليف وتعليب أنظمة ديكتاتورية فاسدة ظلت دائما تسبح بأسماء رؤساء أوربا وأمريكا الشمالية وإسرائيل. كما أن مفهوم تقرير المصير يرمي إلى تفكيك الدول العربية والإسلامية إلى دويلات ذات توزيع ديني، إثني وطائفي، ولا مجال لإقلاق الربيبة إسرائيل بمطالب شعب فلسطيني ولبناني وسوري لازالت أراضيه محتلة حتى اليوم. باسم الانفتاح واقتصاد السوق والليبرالية يجب السماح للشركات الضخمة المتعددة الجنسيات بامتصاص دم الشعوب الفقيرة وتجريدها من ثرواتها الطاقية والمعدنية. باسم الحرية يجب السماح للمعارضات الممولة من قبل الغرب بخلق البلبلة في دول لا تسبح في ملكوت الغرب ... وقس على ذلك لتستنتج أن النيات المعلنة تناقض تماما الأهداف المضمرة من قبل الساسة في الغرب، وعلى رأسهم ساسة الحكومة الأمريكية.
كان يمكن للقانون العالمي الجديد الخاضع لأجندة الحكام في الولايات المتحدة الأمريكية أن يستند إلى أفكار إنسانية نبيلة من قبيل العدل والديمقراطية والتحديث وتعميم الرخاء والقضاء على المجاعات والأمراض والفقر... كان يمكن أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون رائدين بخصوص خلق فرص حوار بين الحضارات وتقريب الديانات السماوية من بعضها البعض ونبذ العنف، لكن للأسف أخل العالم الغربي عموما وأميركا خصوصا برسالتهما النبيلة لينتهجا سياسة الحروب والقوة القائمة على ما يسمونه بالفوضى الخلاقة. نعم هناك مبدأ الفوضى الخلاقة في عالم الفيزياء الجزيئية الدقيقة يمكن أن تنسخ عليه العلاقات بين الدول والمؤسسات وذوي المصالح، لكن في الكون الخاضع للقانون الإلهي هناك توازن أزلي بين جميع المكونات. إلى جانب القوة الخلاقة في الكون، هناك أيضا ما يسمى بالقوة والقوة المعاكسة، ما يسمى بالفعل ورد الفعل، ما يسمى بقوة الضغط والانفجار. وبالتجسيد على أرض الواقع اليوم، هناك ما يسمى بالمقاومة والممانعة والخروج عن القاعدة العامة، خصوصا إذا كانت القاعدة العامة هي الرضوخ والخنوع وتقبل الأمر الواقع المهين للكرامة.
ما بعد 11 سبتمبر ينتظر تصويبا للمفاهيم وضبطا للمصطلحات وفهما معمقا للعلاقات بين الدول والحضارات والثقافات والديانات... ما بعد 11 سبتمبر ينتظر بروز ولايات متحدة أمريكية عادلة يفهم حكامها أن العلاقات بين البشر لا تنسخ على أنموذج علاقات فيزيائية ترتبط بالمادة والمادة فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|