الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة .. تهديد لكيان الدولة واهدار للكفاءات - الحلقة ۱

حيدر نواف المسعودي

2022 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الازمة السياسية التي تمر بها البلاد حاليا والمتمثلة بتاخر تشكيل الحكومة ليست الأولى منذ عام ٢٠٠٣ حتى الآن بل أصبحت تكاد تكون عرفا اعتاد عليه العراقيين بعد كل انتخابات غير ان هذه الازمة تبدو اكثر تعقيدا وخطورة وعمقا واكثر تهديدا للسلم والامن ومرشحة للوصول إلى مديات بعيدة من اوجه الصراع والنزاع .
اما أس و أصل هذه الازمة وكل ما مر به العراق منذ ٢٠٠٣ حتى الآن هو الأساس الذي قامت عليه العملية السياسية والنظام السياسي بعد الاحتلال والذي تاسس عل اساس طائفي ومحاصصاتي بل إن الأمر ابعد من ذلك بكثير فقد بدا منذ اعلان مايسمى بقانون تحرير العراق في عام ١٩٩٢ ايام الرئيس بيل كلينتون ثم ما اعقب ذلك من تاريخ طويل من مؤتمرات المعارضة حتى الوصول الى مؤتمر لندن عام ٢٠٠٢ وما تمخض عنه بما يسمى لجنة المتابعة والتنسيق ثم مجلس الحكم واعلان الدستور وقيام الحكومات المتعاقبة بعد ذلك والقائمة على اساس المحاصصة الطائفية والحزبية.
لقد أسس مؤتمر لندن للمعارضة العراقية عام ٢٠٠٢ لأسوأ سيناريو يمكن أن تفعله أي معارضة في العالم ببلدها وشعبها، فهي أسست فيه، وبتوجيه أميركي دقيق، لعملية المحاصصة السياسية وتوزيع (محاصصة) غنائم تفكيك الدولة العراقية، ومؤسساتها الأمنية، على أساس طائفي وعرقي.
فقد تمكن زلماي خليل زاده ، الذي عيّـنه الرئيس الأمريكي جورج بوش سفيرا مفوّضا في القضية العراقية تحت عنوان ( سفير الولايات المتحدة لدى العراقيين الاحرار ) ، من فرض رؤيته في المحاصصة الطائفية، والتي صارت فيما بعد ورقة الحكم في العراق الجديد.
وبعد دخوله العراق عام ٢٠٠٣ ابتكر الاحتلال الأميركي نظام (المحاصصة الطائفية)، بحيث تتوزع المناصب الرئاسية في الحكومة بين المكونات والأطياف على أسس طائفية، ولا يزال الحكم السياسي في هذا البلد مبنيًا وفق هذا النظام الذي يرى فيه كثيرون مشكلة وليس حلًا لأزمات العراق، سيما وأنه من نتاج الاحتلال، وليس من صناعة العراقيين الذين كانوا لزمن طويل بعيدين عن وباء الطائفية السياسية.
لقد كان تأسيس مجلس الحكم بصيغته القائمة على تداول المناصب التي كان معظمها شرفياً من غير أي صلاحيات اول لبنة في نظام حكم  (المحاصصة الطائفية) ومحاولة لجس النبض في اتجاه تشكيل صورة نهائية لمصير نظام الحكم الذي أصر خبراء سلطة الاحتلال على أن لا يفارق طاولة المحاصصة بين الأحزاب،بحيث توزع الغنائم عليها قياساً الى نسبة المكون الذي يمثله كل حزب.
وبناء على ما تقدم فقد نص الدستور العراقي الجديد على (أن العراق دولة مكونات) مستبعداً فكرة الشعب العراقي الواحد .
كانت تلك الفقرة بداية لتحول قانوني سيكون له أثره الكبير في وقف التعامل مع إمكان أن يعود العراق دولة لمواطنيه من غير تمييز على أساس الطائفة أو الدين أو العرق.
في الواقع لايوجد أي سند دستوري أو قانوني لنظام المحاصصة في العراق، وبهذا فهو خرق دستوري انتج مايسمى بمقبرة الكفاءات، بسبب تقديم غير الأكفاء بل ربما الجهلة لقيادة المناصب السيادية.
أن المادة ١٤ من الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ نصت على المساواة بين العراقيين دون التمييز لدين أو مذهب أو عرق أو قومية.
اما الواقع فقد اثبت ان مجمل النظام السياسي في العراق  يقوم على المحاصصة بدءا من الرئاسات الثلاث والمناصب الوزارية وعضوية مجلس النواب وأعضاء الهيئات المستقلة، كهيئة الانتخابات والنزاهة والرقابة المالية، وذلك يعد مخالفة واضحة للكثير من المواد الدستورية مثل المواد ٤٩ و٦٨ و٧٧ و ١٠٢ من الدستور، والتي خلت من أي نص عن المحاصصة.
أن النظام القانوني في العراق يشترط لتعيين الموظف أن يكون عراقيا كامل الأهلية، ولم يشترط المحاصصة فيه.
إن المحاصصة فرضت على العراق وأساءت له، كما أنها تطبيق مشوه للديمقراطية والاستحقاق الانتخابي الذي يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع لا المحاصصة والتوافقات.
كما اسلفنا فانه لايوجد اي سند قانوني للمحاصصة سوى ما أشارت إليه المادة ٩ (أ) ، والتي جاء في نصها: "تكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو إقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق، ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة".
لقد تم استغلال كلمة التوازن الواردة في  الدستور بشكل سلبي و سعت الكتل السياسية من خلال ذلك التاسيس لمصلحة أحزابها وقياداتها باسم التوازن السياسي الذي مزق البلد على أساس عرقي وطائفي وشوفيني قومي.
ان مايسمى ب (التوافق السياسي) وهو الوجه الآخر ( للمحاصصة) اثر سلبا على مجمل أوضاع البلد وجعل البرلمان بصفته السلطة التشريعية، غير قادر على أداء الدور الرقابي كونه لا يستطيع محاسبة أي وزير أو مسؤول بسبب انتمائه إلى حزب وكتلة طائفية تدافع عنه وعن فشله أو سلوكه، بما في ذلك الخاطئة. كما أن المحاصصة تراعي الترضية لأطرافها على حساب الكفاءات والمصلحة الوطنية.
أن النظام السياسي (المحاصصاتي) في العراق هو سبب كل الأزمات التي تضرب العراق من شماله إلى جنوبه، وأن تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية سببه  هذا النظام السياسي وأخطاؤه الكارثية التي يدفع ثمنها الشعب العراقي الذي أوقعه قادة النظام السياسي في مستنقع المحاصصة والطائفية والنظرة ضيقة الأفق في معالجة المشكلات.
أن جميع الأحزاب السياسية التي تنتمي للطوائف والقوميات في العراق تشترك في الحكومة، والكل يريد أن يعتلي السلطة ويشارك بالحكومة، ولا احد يريد ان يكون خارجها، ما يعني غياب أي دور للمعارضة بصورة كاملة، وهذا مؤشر خطير في فهم العمل السياسي.
فالحكومة القوية تقابلها معارضة قوية،
والمعارضة الحقيقية لا يقل دورها عن دور الحكومة، حيث إنها تقوّم عمل الحكومة وتكشف أخطاءها وتراقب عملها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة