الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية انجلز للظاهرة الدينية

معاذ محمد

2022 / 5 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


¬ رؤية إنجلز للظاهرة الدينية

في حال من التفسخ والانهيار الشامل ، الاقتصادي ، السياسي ، الفكري . تطلع المضطهدين إلي فرار من العالم الخارجي إلي العالم الداخلي ، تطلعوا إلي عزاء علي صعيد الوعي يمكن أن يبعدهم عن يأس كلي ، وكان لابد لهذا العزاء أن يتجلي في صيغة دينية شأن سائر الأفكار التي كتب لها أن تستولي علي الجماهير في تلك المرحلة .. فظهرت المسيحية

ولأن القوي الاجتماعية التي اعتنقت المسيحية ودفعتها إلي المسرح الاجتماعي هي الجماهير الشعبية للإمبراطورية الرومانية ، فقد ضربت المسيحية علي وتر حساس في عدد لا يحصي من تلك القلوب . علي الأنين من شقاء الحياة ، ومن البؤس المادي والمعنوي الشامل .

" كانت المسيحية الأولي عملاً جماهيرياً معبراً عن حركة ثورية جاءت تمرداً علي الفروق الطبقية التي تحكم المجتمع " .. ( 1 )

...
برونوباور والمسيحية الأولي :
رأي إنجلز بأن ظهور المسيحية شكل نقطة هامة في التاريخ كتجلي غير واعي للصراع الطبقي ، فعلي الرغم من أن المسيحية البدائية لم تكن واعية بذاتها فقد مثلت مع ذلك مرحلة كاملة وجديدة في التطور الديني ، رؤيا طبقية مدعومة لأن تصبح أحد العناصر الأكثر ثورية في تاريخ الفكر البشري

كما أشار إلي أن دائرة الإيمان المسيحي قد اجتذبت جميع العناصر التي كان سير تفسخ العالم القديم قد طردها . فجاء المسيحيون الأوائل بصورة رئيسية من بين الكادحين والرازحين المنتمين إلي أدني شرائح الشعب علي نحو ما ينبغي لعنصر ثوري

" فالمسيحية قد استولت علي الجماهير كما تفعل الاشتراكية الحالية " .. ( 2 )

ويذكر في السمات المشتركة بين الحركتين :
- أن كلتا الحركتين لم يصنعهما زعماء و أنبياء – مع أن هذه وتلك لا تخلوان من أنبياء -
- أنهما حركتا جماهير ، وكل حركة جماهير تكون في البداية مشوشة و تفتقر إلي الوضوح والتلاحم
- أنهما عبرتا عن رفضهما الاضطهاد والمعاناة.وقد لقي أعضاؤهما حتفهم أو نفيهم على أيدي السلطات الحاكمة
- تكون العديد من العصب التي تتصارع فيما بينها ، علي الأقل بنفس الضراوة التي تصارع بها العدو المشترك الخارجي

لكن يبقي الفارق الأساسي بينهما الاّن . أنه في حين علقت المسيحية خلاصها بالسماء ، فإن الاشتراكية لازالت تريد صنعه علي الأرض .

...

إسهام في تاريخ المسيحية الأولي :
يتتبع إنجلز تفسير رؤيا يوحنا في النقد الألماني لينتهي إلي أن الجماعات المسيحية الأولي كانت تحلم بهدم الإمبراطورية الرومانية و زوال سلطانها . يتضح ذلك فيما تعرضه الرؤيا عن الوحش ذو الرؤوس السبعة ( التلال السبعة ) ، الذي تجلس عليه المراّة / العاهرة الكبيرة .. ذلك الوحش الذي يمضي إلي الهلاك ليس إلا " الهيمنة العالمية لروما " ممثلة بالتتابع في سبعة أباطرة

تلك الجماعات الأولي المقاتلة كان لها إيماناً يختلف اختلافاً تاماً عن إيمان الكنيسة ، إيمان يعترفون فيه بقناعاتهم الثورية أمام القضاة الوثنيين ، وصراعهم الذي لا يكل ضد عدو الخارج والداخل


كما يستشهد إنجلز برواية يعد صاحبها واحد من أفضل المصادر عن أوائل المسيحيين ، فهو منصف لم تكن لديه دوافع بسبب ايمان وثني لمعاملة المسيحيين علي نحو مغاير لمعاملة أية جماعة دينية أخري .. يقول لوقيانوس السميساطي في كتابه ( موت بيريغرينوس ) * :

" أقنعهم ذلك المشرع الأول أنهم جميعاً يصبحون إخوة في اللحظة التي ينكرون فيها الاّلهة اليونانية ، ويبدؤون عبادة السفسطائي المصلوب ، ويعيشون بناء علي قوانينه "

¬¬¬¬¬¬¬اعتقد لوقيان أن سذاجة المسيحيين جعلت منهم فريسة سهلة لمحتال مثل بيريغرينوس ، تلك الحاجة لمشاركة المال ، واحتقاره . التي تسبب بها ايمانهم بأقوال يسوع

" فهم يحتقرون كل الملكيات دونما تمييز ويعتبرونها ملكيات شائعة "

...

إن إنجلز بتحليله الظاهرة الدينية من منظور الصراع الطبقي ، قد أبرز القوة الاحتجاجية للدين وشق الطريق بتناوله العلاقة بين الدين والمجتمع لنهج جديد و متميز عن الفلسفة التنويرية التي ترجع إلي القرن الثامن عشر

فالمسيحية لم تبدو في نظره مثلما كانت تبدو في نظر فيورباخ ، بوصفها "جوهراً " منفصلا عن الزمن، بل هي تبدو بوصفها شكلاً ثقافياً يتعرض لتحولات في العصور التاريخية المختلفة : فهي تبدو في البداية بوصفها ديانة للعبيد، ثم بوصفها أيديولوجيا الإمبراطورية الرومانية ، ثم بوصفها أيديولوجيا ملائمة للهيراركية الإقطاعية وأخيراً بوصفها أيديولوجيا تتميز بالتكيف مع المجتمع البورجوازي

حاول إنجلز فهم وتفسير التجليات الاجتماعية الملموسة للأديان ، " فالدين عنده ظاهرة موضوعية تنتمي إلي الوعي الاجتماعي ، وله القدرة في ظل ظروف محددة أن يلعب دوراً إيجابياً في اتجاه تحرير الإنسان من الاستغلال " .. ( 3 )

وفي وثيقة ( مشروع تبني العقيدة الشيوعية ) يجيب إنجلز عن سؤال : كيف سيتصرف النظام الشيوعي إزاء الأديان القائمة ؟

" إن جميع الأديان المعروفة حتي الاّن كانت تعبيراً عن مراحل من التطور التاريخي لشعوب منفردة أو مجموعات من الشعوب ، غير أن الشيوعية هي تلك المرحلة من التطور التاريخي التي تجعل كافة الأديان القائمة دونما أهمية وتلغيها "





1- مساهمة في تاريخ المسيحية الأولية
(حول الدين ) كارل ماركس و فريدريك انجلز .. ت : ياسين الحافظ ، دار الطليعة
2- برونو باور والمسيحية الأولي
(حول الدين ) كارل ماركس و فريدريك انجلز .. ت : ياسين الحافظ ، دار الطليعة
* - روبرت فان فورست : يسوع خارج العهد الجديد ، مدخل إلى الأدلة القديمة
3- الماركسية والدين : فيصل دراج .. دار الفارابي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا