الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس سنوات إرهاب شامل

بدر الدين شنن

2006 / 9 / 14
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


لم يكن ، ولن يكون ، حدث الحادي عشر من أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية ، أكثر من علامة ا ستفهام في نهاية سياق سرد تاريخي للعام الفاتح من القرن الواحد والعشرين ، فهو لم يأت بفتح علمي ، فضائي أو أرضي ، ولاشكل مفصلاً في انتقال البشرية من أ سلوب إنتاج إلى آخر ، ولاقدم إضاءة هامة لكشف حضاري تاريخي أو جغرافي . إنه ، وإن عومل بمثابة إعلان قطيعة تحالفية بين الاسلام الدولي المتطرف وبين أميركا ، وافتتاح حرب بينهما ، ومنه أتخذت ذريعة لإعلان أميركا الحرب الإرهابية الشاملة على الشعوب ، بعد الفراغ الدولي ،الذي خلفه إنهيار الاتحاد السوفييتي بمفاعيل داخلية وخارجية، إلاّ أنه يبقى أ سير حجمه الموضوعي مهما نفخ فيه . لأنه ، وإن لم يحدث فإن هذه الحرب ستقوم بها أميركا تحت مسميات أخرى ، أولها كما هو معد سلفاً " منع إنتشار أسلحة الدمار الشامل "

إن التضخيم المتعمد المبرمج للجعل من حدث 11 أيلول 2001 ، حدثاً مفارقاً بين ما قبله وما بعده ، وفي التأثير بحركة السياسة الدولية المعاصرة بصورة مغايرة ، فيه الكثير من التبسيط والتمويه . ذلك أنه يعني ، من ناحية التبسيط ، أن أميركا ما كانت لتقوم بحربها الكونية الإرهابية المدمرة لو لم يجر ما جرى في نيويورك وواشنطن في حين أن كل المعطيات السابقة على الحدث ، من داخل أميركا وخارجها ، وعلى المستوى الأوربي ، تؤكد أن دوافع هذه الحرب الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، وأن مخططاتها ، هي قيد الواقع والممارسة ، حتى على مستوى الذريعة ، لم يكن حدث مثل 11 أيلول ضرورة مطلقة . كل ما قدمه الحدث الأيلولي من جديد ، وكذلك ما تلاه لاحقاً من ضربات إرهابية في لندن وباريس ومدريد ، أنه منح الإدارة الأميركية فرصة خبيثة لجذب الآخرين إلى الخضوع للقطب الأميركي الأوحد . إذ كانت ساحة العمليات لهذه الحرب مفتوحة وجاهزة للتوسع في الخليج والمشرق العربي
أما من ناحية التمويه ، فإن هذا التضخيم ، القصد منه ، هو صرف الأنظار عن ا ستحقاقات العصر الإنسانية .. عن المآسي والأزمات الكارثية التي تمر بها الإنسانية جمعاء ، جراء النهب الرأسمالي اللصوصي الكوني لمقدرات الشعوب ، وجراء السياسات الحمقاء لغلاة الاستعماريين الجدد الممعنة في ممارسة أ سوأ أ شكال الاستثمار الرأسمالي . فلم يعد خافياً على أحد أن وراء كل هذه الأزمات المأساوية ، ووراء كل هذه الحروب وأخطرها وأكثرها بشاعة ما سميت مؤخراً ب " الحرب على الإرهاب " هي الإحتكارات البترولية والحربية والمالية ، التي تركز في قبضتها ، على كل المستويات ، وتحاول أن تحتكر كل حقول البترول الأساسية في العالم ، وتثير وتسعر الحروب والصراعات المسلحة على كل المستويات ، لدعم الصناعات الحربية وتصريف منتجاتها ، وتحاصر وتخنق الشعوب الضعيفة بالقروض المالية وبالفوائد وبالتحكم باقتصادياتها ومصيرها

من ليس معنا فهو ضدنا ، هذا هوعنوان ماجرى بعد 11 أيلول ، هكذا قال المستر بوش . وبعدها جرى التعميم ، وبدأت الحركة الشاملة لتعبئة القوى ، طوعاً أو كرهاً ، تحت الأمر الأميركي . وسّعت وفجّرت حروب ، من أفغانستان إلى يوغسلافيا .. إلى العراق وفلسطين ولبنان والسودان ، ووسّعت ونشرت القواعد العسكرية الأميركية والأطلسية من آ سيا الصغرى إلى آ سيا الكبرى .. ومن المشرق العربي إلى المغرب العربي .. وحوصرت حقوق الإنسان .. وصدرت قوانين إرهابية ل " مكافحة الإرهاب " - 3 ملايين مخبر وجاسوس على الشعب الأميركي - .. وأنشأت سجون علنية وسرية .. وباتت تتصدر نشرات أخبار العالم " قتل ... في العراق .. قتل ... في فلسطين .. قتل ... في لبنان .. قتل ... في أفغانستان .. إعتقالات في بلجيكا .. إعتقالات في الدانمارك .. في فرنسا .. في بريطانيا .. في أميركا .. في المغرب .. في مصر .. في سوريا .. في الفيلبين .. في الهند .. في روسيا .. . في كل مكان .. حتى بدا العالم وكأنه مغطى بسديم من الإرهاب

وأعيد رسم خرائط العالم الاقتصادية والسياسية والجغرافية ، بعقليات أحط من عقلية سايك وبيكو قبل تسعين عاماً . ووضعت في أجندة المهمات اليومية . والإنفاق العسكري يزداد والمشتريات العسكرية تتكدس .. والدول المنتجة للسلاح تبدع بإنتاج أدوات القتل الهمجية .. وتتنافس على إنتاج النوع الأكثر دماراً ودموية .. ووضع قيد التداول قنابل ذكية .. وقنابل محلاة باليورانيوم المنضب .. وصواريخ تعمل من الأرض للأرض ومن السماء للأرض ومن الماء للماء .. وغواصات تدمر كل الحياة فوق اليابسة من تحت الماء .. وطائرات قادرة على قتل العصافير بين أيدي الأطفال

وقد بلغ الإنفاق العسكري الدولي ، حسب المعهد الدولي للأبحاث من أجل السلام ، ( 1118 ) مليار دولار . بينما بلغ الإنفاق العسكري والأمني الأميركي ، حسب الميزانية الأميركية لعام 2006 نحو 500 مليار دولار أي ما يقارب 48 % من الإنفاق العسكري في العالم . في وقت يموت فيه من الجوع 24000 إنسان يومياً ، مليون طفل ينامون كل ليلة بلا طعام ، وهناك 800 مليون جائع في العالم ، ونحو مليار إنسان لايتمتعون بالخدمات الصحية ، ومليار إنسان محرومون من مياه الشرب ، و850 مليون إنسان أمي ، ومليار إنسان عاطل عن العمل ، و3 مليار إنسان يعيشون بأقل من دولاريين في اليوم ، ومليار إنسان يعيشون في مساكن بدائية
وفي تقرير عن العولمة بلغة الأرقام ، أن الأموال اللازمة للقضاء على الجوع والأمية والفقر المدقع ، وتأمين مياه صالحة للشرب ، وخلق ظروف آمنة للولادات ، ولضمان كل عناصر التأمين الطبي ، والغذاء الكافي لكل فرد ، لايتعدى سنوياً ( 100 ) مليار دولار

إن تكريس تقليد إحياء ذكرى 11 أيلول سنوياً ، وكرنفالياً عند إكتمال الخمسية والعشرية في تقادمها .. ألخ . مفيد للتذكر ، أن ما جرى هو من ثمار الذرع التحالفي بين الاسلام الدولي المتطرف وبين الاستعمار الأميركي لإنهاك وتدميرالقطب الدولي الآخر ، الذي كان جدار ا ستناد لحركات الشعوب التحررية والدول النامية سياسياً واقتصادياً عسكرياً ، وكان معوقاً كبيراً للهيمنة على الشعوب ، وعلى الأقل كان الفيتو السوفييتي لايمرر قرارات دولية معادية لمصالح الشعوب .. ومنها شعوبنا العربية
كما أنه مفيد للذكير أيضاً ، بأن مثل هذه الهجمات " الغزوات " لاتفضي إلى تحرير الشعوب المقهورة ، ولكن إلى إنفلات الإرهاب الأكبر .. الأكثر وحشية لتمرير سياسات ومخططات تفضي إلى ا ستعباد أكثر جشعاً لهذه الشعوب ، وإلى إنتهاك حقوق الإنسان على مستوى العالم
كما أنه من المفيد للتذكر أيضاً وأيضاً ، أن ا ستغلال هذا الحدث لإرهاب شعوب العالم والعدوان عليها ، وانتهاك السيادة الوطنية وحقوق الإنسان ، باسم مكافحة الإرهاب ، يجب أن يتوقف ، وأن يحاسب المسؤولون عما إرتكبوه من جرائم بحق الإنسانية ، انطلاقاً من ذريعة هذا الحدث ، التي تجسدت بخاصة في العراق ولبنان وأفغانستان وفلسطين خراباً ودماراً ودما .. وشملت العالم كله بشظاياها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب