الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يكون الصحافي هو الخبر

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2022 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بالتأكيد لم تكن الشهيدة شيرين ابو عاقلة (رحمها الله) ترغب ان تكون هي الخبر الذي سوف يتصدر نشرات الاخبار لهذا اليوم، بل كانت تود ان تنقل خبراً اخر عن احداث اخرى تجري في المنطقة التي تعمل فيها، لكن القاتل أراد ان يوقف عملية نقل الاخبار من خلال قتل الصحافي الناقل للخبر، وهي الجريمة
المزدوجة التي ينبغي ان يحاسب عليها كل قاتل لصحافي، لانه قام بقتل انسان، فضلاً عن قتل الحقيقة.

ومن هنا صار من الضروري اعتبار جرائم قتل الصحافيين، في أي مكان من العالم، من النوع الخاص الذي يتطلب تشريعاً أممياً استثنائياً يتم بموجبه فرض عقوبات قاسية وشديدة على مرتكبيها، لانها فعل يتسبب بمنع الشاهد من الإدلاء بشهادته.

وبحسب مقياس حرية الصحافة الذي تعده منظمة مراسلين بلا حدود قد سقط 46 شهيداً صحافياً خلال عام 2021 في أدنى حصيلة خلال 20 سنة، فيما سقط 60 صحافياً خلال 2020، وهذا فضلاً عن مختلف الانتهاكات، منها التعذيب والسجن والمنع والفصل وتكسير المعدات ..الخ، وهو ما يجعل العمل الصحافي واحداً من اخطر الاعمال واكثرها عرضة للأذى النفسي والجسدي والمادي.

ولذلك، حين كنا نقول في السابق إن (الصحافة مهنة المتاعب)، ينبغي لنا اليوم أن نصحح هذه المقولة، لكون الصحافة صارت (مهنة التضحية بالنفس) من أجل نقل الحقيقة للناس، ومهنة (القلق الدائم) ومهنة (الملاحقات التعسفية) ومهنة (المفصولين من العمل) ومهنة (الضغوط النفسية والعصبية) ومهنة (التعرض للشلل والعوق وفقدان الاطراف في أي لحظة)، فمهنة الصحافة صارت اكثر من مهنة لإثارة المتاعب والمشاكل.

وعلى الرغم من ان بعض الدول المحترمة، الى جانب بعض المؤسسات الصحافية المحترمة، شرعت قوانين ملزم ووضعت عقود عمل مجزية تتضمن الحد الادنى من الضمانات المعقولة والتعويضات المجزية للصحافيين، إلا أن غالبية الحكومات مع غالبية المؤسسات الصحفية مازالت غير مبالية بعملية (التضحية) الكبيرة التي يقوم بها الصحافي، والتي منها الذهاب بلا عود خلال ممارسة العمل.

ولهذا صار يتطلب من الأسرة الصحافية العالمية عدم السكوت هذه المرة حتى الحصول على تشريع أممي، على شكل (عهد دولي)، يفرض عقوبة عالمية موحدة، مثل الموقف العالمي الموحد تجاه جريمة الإرهاب، ويشمل ذلك فرض عقوبات على حكومات الدول غير الملتزمة بهذا العهد.

إن جريمة قتل الصحافية الفلسطينية مراسلة قناة الجزيرة (شيرين أبو عاقلة) هذا اليوم، إنما هي جريمة تتحمل مسؤوليتها سلطة الاحتلال الاسرائيلي، وهي من نوع الجرائم المكشوفة والمفضوحة، ومع ذلك سوف ينجوا مرتكبوها من العقاب كما حصل في حوادث مشابهة وقعت في فترات سابقة، فهذه ليست أول مرة ترتكب فيها العصابات الصهيونية جريمة قتل من هذا النوع وبهذه الطريقة، والإفلات من العقاب سوف يستمر سواءً كان القاتل اسرائيلي او غير ذلك في ظل عدم وجود شريع دولي يلاحق القتلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل