الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة حي التضامن السوري

خالد بطراوي

2022 / 5 / 13
حقوق الانسان


يقع حي التضامن جنوب العاصمة السورية دمشق، وهو من الأحياء التي كانت – وما زالت - تمتاز بقرب ومتانة العلاقات بين السكان.
لقد أظهرت مقاطع تصوير نشرت مؤخرا على نطاق عالمي تفاصيل مجزرة إرتكبت عام 2013 في ذلك الحي الوادع، راح ضحيتها (41) من أبناء الحي الذكور.
وفي التوصيف، إحتجزت مجموعة من أفراد قوات النظام السوري (الذين أصبحت هويتهم معروفة الان)، هؤلاء الضحايا، وبعد أن ربطت أيديهم الى الخلف وقامت بعصب أعينهم، ساقوهم فرادى في زقاق بين الأبنية، الى الطابق الأرضي لإحدى هذه الأبنية وطلبوا منهم السير الى الأمام ركضا بإدعاء قطع الشارع بسرعة لوجود قناصة، ليجد الضحية نفسه يسير أول خطوة في الهواء ثم يهوي الى حفرة بداخلها إطارات للسيارات وجثث غيره من المحتجزين، وأثناء سقوطه يتم إطلاق الرصاص تجاهه وتصفيته برصاصة أولى يتبعها بعد سقوطه فوق الجثث برصاصة "الرحمة" التي تنهي حياته، وسط بهجة القتلة وتوجيه التحية "للمعلم" ويقصدون رئيسهم وولي نعمتهم بشار الأسد، وبعد إنهاء عملية التصفية قام القتلة بإشعال النار وحرق الجثث ومن ثم ردم الحفرة ( القبر الجماعي) وجرى لاحقا تعبيد الشارع.
تروي بعض العائلات حاليا ظروف إختفاء أبناءهم حيث دققت هذه العائلات وبكل ذهول في صور الضحايا وهم يساقون الى الموت وشخصوا أبناءهم.... ويا وجع القلب مجددا.
إن كل من شاهد هذا التسجيل إما أنه لم يتمكن من مواصلة المشاهدة أو شاهده للنهاية وهو ليس فقط مصدوما بل مرعوبا من حقيقة وجود مثل هؤلاء القتلة على الكرة الأرضية، الذين يقتلون "بدم بارد" بل ويتفاخرون بفعلتهم التي تندى لها البشرية جمعاء.
في السرد التاريخي، فإن الحادثة تعود للعام 2013 أي قبل نحو تسع سنوات ويشكل الكشف عنها الان إسترجاعا لآلآم أسر الضحايا ولأبناءهم الذي كبروا تسع سنوات وهم يتثبتون ببارقة أمل بأن يعود الآباء والأبناء والإخوة. وهنا، يطرح السؤال نفسه وبقوة، لماذا تم الكشف الان، وأجهزة المراقبة الدقيقة وبيضمنها الأقمار الصناعية ( الأمريكية والبريطانية والروسية والإسرائيلية وغيرهم) ترصد كل حركة وكل مشهد بالصوت والصورة؟
في الملاحقة الجنائية، فإن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، وكل من شارك أو سكت عن هذه الجريمة النكراء يجب أن تتم ملاحقته بوصفه "مجرم حرب"، ومن دون أدنى شك، فإننا لا نتوقع أن تقوم الحكومة السورية بمثل هذه الملاحقة، بل على العكس فسوف تبذل قصارى جهدها لاخفاء القتلة والتستر عليهم بل وقد تقوم بتصفيتهم جسديا خوفا من أنهم إذا ما مثلوا أمام محكمة الجنايات الدولية فقد يقوموا بالإدلاء بمعلومات تتعلق بالجهة الرسمية التي تقف خلفهم.
ويجب أن لا يبرر أي كان هذه الجريمة النكراء بالقول أن سوريا كانت وما زالت تمر بظروف صعبة للغاية جراء مؤامرة إمبريالية إستهدفتها هي والمنطقة ولا زالت هذه المؤامرة متواصة، أو القول أن "الحرب دوما قذرة"، فالطريق الى جهنم ... معبدة بالنوايا الحسنة كما يقولون، وما فعله هؤلاء القتلة لا يمكن حتى تبريره بهذه المقولة، فلم تكن نواياهم حسنة على الإطلاق ولا مبرر لجريمتهم النكراء تحت أي مسمى أو مسوغ، فهم قتلة بذهنية فاشية لا يستقيم مع التذرع بأن أحد المشاركين إنما فعل ذلك إنتقاما لقتل شقيقه، لا يوجد ما يبرر على الإطلاق جريمة نكراء كهذه.
إن المخفي أعظم، فكم هي حالات "الإختفاء القصري أو غير الطوعي" في سوريا وغيرها من الدول التي شهدت أكذوبة " الربيع العربي" وكذلك دول العالم قاطبة، وكم عدد شواهد " شريعة الغاب" المطبقة رغم التشدق بأن الدول تحترم القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.
سيكتوي القتلة بذات صنيع أفعالهم، سيقعون في قبضة النظام الذي عبدوه، سيتم تصفيتهم ليضمن النظام صمتهم ... سيكون من المتأخر ... بل المتأخر جدا أن يتعلموا درسا قاسيا ... أو أن يذهبوا ليقبلوا أقدام أمهات وزوجات وأبناء وآباء وعائلات من قتلوهم بدم بارد، وعلى عائلاتهم أن تعلن براءتها منهم.
نقطة وع السطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
دعد صيرفي ( 2022 / 5 / 13 - 21:25 )
هذه المجزرة وغيرها هي ثقوب سوداء في تاريخ البشرية.. رحم الله الشهداء .. والصبر لأهلهم وأحبتهم