الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال الانفال - 4

يوسف ابو الفوز

2006 / 9 / 14
حقوق الانسان


اطفال الانفال هو العنوان الداخلي لكتابي ، الذي اردته شهادة بلسان ضحايا وشهود جريمة الانفال بحق ابناء شعبنا الكوردي ، والذي بدأت العمل فيه بعد احداث الانفال مباشرة ، وكنا لا نزال بالملابس التي اجتزنا فيها الحدود العراقية نحو الاراضي الايرانية ، وفيما بعد صدر عن وزارة الثقافة الكردية في السليمانية ، شتاء 2004 ، وتحت عنوان (لدي اسئلة كثيرة او اطفال الانفال ) . حيث كنت مع انصار الحزب الشيوعي العراقي ، في قلب الاحداث ، وسط أجواء التحدي والموت والجوع والعطش . كنت مع بسطاء الناس ، جزءا من المأساة ، وواحدا من ضحاياها . كنت مع الجميع شاهدا على كثير من فصول جريمة الديكتاتور المجرم ونظامه الشوفيني الفاشي ، و ما جرى بحق ابناء شعبنا الكوردي .
في صفحات الكتاب ـ الشهادة حاولت أن ارصد بعض مما جرى ، ومن خلال زاوية محددة : الأطفال الأكراد !
في الحلقة رقم 1 نشرت جزءا من مقدمة الكتاب ليكون القارئ في صورة الاحداث ، وفي هذه الحلقات المتتابعة اورد بعض القصص ـ الشهادات التي ضمها الكتاب .

***
أين هم ألان ؟

أين هم ألان ؟
لنتساءل عنهم ، وبصوت عال ، فنثار أخبارهم التي تسربت لنا عبر الأسلاك الشائكة لمعسكرات الاعتقال ، معسكرات الموت البطئ التي احتجزوا فيها مع عوائلهم تثير القلق والمخاوف .
زاخاروف ، فيدل ، خليل ، وفاء ، زوزك ، ماجدة ، نصير ، خيال ، بسيم ، لينا ، سلمان ، مناضل ، فيكو ، لولاف ، ...
كل أطفال مقر (مه راني) (1) ، أطفال الشهداء والمناضلون الأنصار، أطفال مسرحية (الدوارة)(2) ، عصافير مه راني المحلقة في سماء الطفولة رغم وحشية القصف المدفعي وطلعات الطيران اليومية . أطفالنا المترعين جمالا ونزقا وشقاوة .
* زاخاروف (13 سنة)
الشاعر الصغير ، الطفل النحيل مثل غصن ريان ، المتعدد المواهب ، المدهش بتعابيره العميقة ، الذي تفجرت قصائده كينابيع وادي مه راني ، عذبة ، صافية ، ...
كتب مرة :
كل شئ ،
يأتي مرة واحدة ،
إلا أنت .. يا طيران !
* خليل ( 9 سنوات ) (3)
المهووس بلعبة "الأنصار" ، كل يوم يشكل مفرزة أنصارية من أطفال مه راني ، يرسلهم يستطلعون مواقع "العدو" ، ليهاجموها بضراوة ويجبلون كل مرة "غنائم" وأيضا ... أسرى ! ، وفي الليل يعيد رسم ذات اللوحة الاثيرة لديه ، التي يرسمها كل يوم ويرسلها إلى الفنان الشهيد أبو أيار (4) ليصححها له : لوحة تمثل الديكتاتور صدام حسين بنجومه ونياشينه مربوطا إلى شجرة جوز عملاقة والأنصار يحيطون به ويصوبون أليه بنادقهم ، وكوكبة من السناجب والعصافير ترقص وتتفرج !!
* فيدل ( 10 سنوات )
النابض بالحيوية والشقاوة ، النشط في إنجاز إهمال منزلية ، متقمصا ـ وبجدارة ـ شخصية رب أسرة حقيقي ، دون أن يتخلى عن مساحات طفولته ، فيضج وادينا الصغير بصخبه ونزاعاته .
* زوزك (3 سنوات )
انه سنجاب وادي مه راني الراكض دوما تحت أشجار الجوز يجمع الثمار المتساقطة أو باحثا عمن يرفعه ليطول الأغصان العالية .
* ماجدة ( 7 سنوات )
زهرة النرجس الندية ، الدلوعة ، الغيورة ، الخجولة ، الرقيقة .(5)
* وفاء ( 11 سنة )
الجميلة ... الجميلة بدون حدود للوصف . بابتسامتها العذبة وعفويتها الدافئة ، وسلوكها الرزين المثير للدهشة ، أنها ربة بيت صغيرة بنشاطها وتدبيرها لشؤون المنزل ورعايتها لأختها الصغيرة(سورباز) . (6)
والاخرون ...
عاصف ، خمي ، ديمتروف ، فؤاد ، حبيب ، سيتاف ، ريناز ، زكي ، فينوار ، رينوار ، ...
أين هم ألان ؟
لنتساءل عنهم ؟ فبعد أن حوصروا ومعهم مئات العوائل ، ولأسابيع في جبل كاره ، حيث امضهم الجوع والعطش ، وسط أجواء الرعب الذي تبثه طلعات الطيران واحتمالات مهاجمة قوات النظام الديكتاتوري لجبل كاره بالغازات السامة ، وعلى اثر ما سمي بـ " قرار العفو "، قامت النساء بتسليم أنفسهن إلى السلطة ، وذلك لإنقاذ الأطفال من الموت عطشا أو جوعا أو رعبا ...
الأخبار التي وصلت تقول : اعتقلوا في سجون قلعة دهوك شهرا ، ثم نقلوا إلى كركوك في معسكرات قسرية في العراء ، وفي ظل ظروف صحية سيئة وأحوال معيشية بائسة يواجهون مصيرا مجهولا وسط إجراءات قمع وتحقيق فاشية .
ثم انقطعت الاخبار !!
أين هم ألان ؟
* زاخاروف : بأية قصيدة تفكر ألان ؟ (7)
* فيدل : من يشاكسك هذه الأيام ؟
* خليل : من يعطيك ورقا لترسم ، ومن يصحح لك ؟
* وفاء : لمن ستعدين الشاي ؟
* ماجدة : على من ستتدللين وتتدلعين ؟
* ....
* ....
أين انتم ألان ؟؟
أن قلوبنا تتفطر لوعة لذكراكم !


هوامش :
1 ـ مه راني : هو المقر الأساسي الخلفي ، لانصار الفوج الأول ، من قوات قاطع بهدينان لانصار الحزب الشيوعي العراقي ، ويقع في منطقة محافظة دهوك ، تأسس مقر مه راني في 2/10 / 1982 ، كقاعدة أنصارية في عمق الوطن ، فهو يعتبر من أهم مقرات الأنصار في تحديها للسلطة ، إذ يتوسط بموقعه مجموعة من الاقضية والنواحي المهمة ، وهو قريب إلى سلسة جبال كاره الوعره ، والمقر أساسا شيد على أنقاض قرية بنفس الاسم تقع في وادي ضيق يخترقه مسيل ماء نبع عذب بارد دوما ، ومن المفارقات أن وادي مه راني مزدحم بـ 99 ( تسعة وتسعين !! ) شجرة جوز معمرة ، وبالإضافة إلى موقعه المميز فان كثافة الأشجار ساعدت على تمويهه عن طلعات الطيران الدائمة !
2 ـ الدوارة : اوبريت مسرحي غنائي . تأليف النصير حيدر أبو حيدر . إخراج النصير يوسف أبو الفوز . اشترك في تمثيله الأطفال ( زاخاروف ، فيدل ، مناضل ، لينا ، وفاء ، خيال ، فلمير ، ماجدة ، ديمتروف ، سلمان ، بسيم ، خليل ) ساهم معهم في التمثيل الأنصار ( كريم ، خيري ، يوسف أبو الفوز ) . وتولى الديكور والماكياج : الشهيد أبو أيار ( فؤاد يلدا) و سربست. الملابس النصيرة أم امجد . الانارة : الانصار أبو حسن حبيب البي ، جهاد ، أبو وجود . الفرقة الموسيقية: الانصار سمير ، عامر ، كوفان . عرض الاوبريت ثلاث مرات في مقر مه راني ، وكان العرض الأول في 31 / 3 / 1988.
3 ـ الأطفال زاخاروف وخليل : هم أبناء الشهيد أبو ماجد ، الذي أصيب بنوبة قلبية أثناء أداءه مهمة حزبية خاصة في سهل الموصل صيف 1978 .
4 ـ الشهيد أبو أيار : فؤاد يلدا سلمان . مواليد 1951 . خريج معهد الفنون الجميلة بغداد ، واكمل دراسته للفن التشكيلي في معهد الفنون فلورنسا ـ إيطاليا . التحق بصفوف الأنصار في 1982 ، عمل في إعلام الفوج الأول ، جرح في ساقه في معركة قرية شيخكا تموز 1988 ، وكانت له مساهمات فنية بارزة إضافة إلى مهامه الأنصارية . في خلال عمليات الأنفال وتحديدا في 11/9/ 1988 ، وبعد وقوع مفرزته في كمين للعدو ، واصيب بجراح ، حاصرته قوات العدو وحاولت اسره ، فأبى الاستسلام فأطلق رصاصته الاخيرة إلى رأسه مسجلا مأثرة بطولية خالدة ، وتحت يد الكاتب ، قيد العمل ، كراس توثيقي عن حياة واستشهاد البطل ابو ايار ، والكاتب لازال بانتظار مساهمة كل من يهمه توثيق حياة وبطولة الشهيد ابو ايار.
5 ـ الأطفال فيدل وزوزك وماجدة و نصير : هم أبناء الشهيد أبو نصير . هرمز خوشابا هرمز ، من قرية بقري ـ سهل الموصل ـ مواليد 1950 ، أستشهد في 23 /7 / 1988 في معركة قرية شيخكا ( سهل الموصل ) ، في معركة مع قوات المرتزقة ـ الجحوش . و كان امرا للسرية الرابعة ـ الفوج الاول .
6 ـ وفاء وسورباز : هن بنات الشهيد أبو فؤاد الذي استشهد في يوم 5/6 / 1987 ، حيث قامت تسع طائرات حربية من طيران النظام الديكتاتوري العراقي بقصف مقر زيوة لأنصار الحزب الشيوعي العراقي ، بالغازات السامة ، واستشهد النصيران أبو فؤاد ، و أبو رزكار وجرح النصيران عباس وخابور بجروح بليغة واصيب بتأثير الغازات السامة (149) نصير ومواطن.
7 ـ في ربيع 1988 اُرسلت مجموعة من قصائد الطفل زاخاروف بعد أن تم جمعها وترتيبها وقدم لها النصير ابو طالب ( الشاعر عبد القادر البصري ) ، الى الاعلام المركزي للأنصار لطباعتها ونشرها ، ولكن مصيرها في خضم الاحداث صار مجهولا كمصير كاتبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة


.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع