الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جديد روايتي القصيرة 2022 ☆عزة نفسي فوق كل شيء ☆

محمد انغير

2022 / 5 / 14
سيرة ذاتية


عزة نفسي فوق كل شيء : بقلم محمد انغير

☆بين أمواج البحر الهادئة بدأت بإسم الله مستعينا، راضيا به مدبرا معينا، ومصليا على نور الهدى واله والصحب دواما سرمدا ، تناولت قلمي الذي خاصم أصابعي منذ زمن ، وبدأت أكتب كلماتي اللامنتهيه التي أسطرها بوجداني عوضاً عن القلم، أنسج حروفها من عبارات لا أستطيع نسيانها ومع كل قطرة حبر تسقط على أوراقي التي خطتها أناملي مستوحاة من الواقع، أبوح بها لعلها تلمس قلوبكم وتدعون لي بالخير، ☆ في ليلة حالكة السواد غاب فيها نور القمر ،كان الجو باردا ولجت الى غرفة النوم وإستلقيت على سريري الخشبي وفى يدي مدفئة صغيرة تضيء تارة وتخمد أخرى والقشعريرة تسري فى جسدي ،
إلتحفت لحافا لا يدفئان أطرافي النحيفة كما ينبغي، ألقيت نظرة الى أرجاء الغرفة بحثا عن شيء إضافي لتدفئتي من البرد القارس ،عدت أدراجي مسرعا الى السرير بعد أن وجدت لحافا من الصوف القديم
وكأسا من الشاي الساخن الممزوج ببعض من الأعشاب، أستمتع بمذاقها وإستنشاق العبق الخارج منها، إنها رائحة زكية تشبه العطر الذي يفوح في كافة الأجواء ليمنحها عبق الجمال، تناولته ببطء
وأحسست أنه يداعب خلايا المخ و التأمل والتغلغل في الماضي الغير البعيد والذي شعرت بالحنين الى عودته، تناهت إلى أذني هسهسة غريبة آتية من الخارج وشرعت أسترق السمع من شباك النافذة إنها الرياح تعصف بالأبواب والنوافذ وتجعلها تصفق وتصرصر، أرقب السماء بنظراتي من شباك النافذة عسى أن يظهر وجه القمر وينبلج نوره من بين الغيمات، أتقلب يمين ويسار وعيني شديدتي الإحمرار ووجهي شديد الشحوب تعبيراتها تنم على التألم والإرهاق ،والعطش تملك بلعومي وصوت تأوهات وغرغرة فى معدتي بسبب الجوع مما جعلني لا أستطيع النوم، البيض مع زيت الزيتون الذي لم أتناوله في العشاء تمنيت لو جاء به الآن لأكلته بالورق الذي يلفه ولن أنتظر حتى أزيله،☆رن جرس الهاتف فى ساعة متأخرة من الليل [ الو شكون معيا ] كان شخصا يتحدث بطبقة صوتية عالية مزعجة و نبرة صوته توحي إلى أنه شمالي قال لي بكلام مختصر [ إجي إلا بغيتي تخدم ] وأغلق الهاتف ، أخدت دفتري ذي غلاف بني اللون معلق بجانب خزانتي وقلم حبر أزرق ،دونت به الزمان والمكان والغريب أن المتصل لم يفصح عن هويته و لم يذكر لي اسمه، خلدت للنوم بعد أن تعوذت من الشيطان الرجيم وأغلقت عيني وإلتفت بوجهي نحو الحائط لكي أنام بسلام،☆ إستيقظت باكرا على صوت المنبه شعرت بتعثر شديد حين حاولت فتح عيني، غسلت وجهي جيدا لكي يطير النعاس من عيني ومن تلك الشحوب وأثار للعمر التي بدأت تزحف على وجهي مع أنني لم أصل إلى عمر التجاعيد وسن الثلاثين بعد ،جمعت ملابسي المتناثرة على أرضية الغرفة ،إرتديت قميصا أبيض اللون يزينه طائر صغير على الصدر ولمعت حذائي الرياضي وإنطلقت إلى المحطة قاصدا مكتب الحجز لشراء بطاقة تذكرة لسفر إلى مدينة [ كازا بلانكا ] تدور في مخيلتي كثير من الأفكار ، لا بد لي أن أسافر كغيري من أقرينائي وأستمتع بحقي في الحياة ، حشود من الشباب تهاجر هربا من واقع أليم، ومن فقر مدقع، وتفسخ القيم، وفساد التصورات والنفاق والحسد الا منتهي، والحقد المجاني الذي يتطبعون به البعض حتى النخاخ فى هذه البلاد إلا من رحم ربي، أبناء الجلدة تأمل في هجرتها و ترنو إلى حياة رغيدة ومستقبل جديد ورزق وفير، لابد لي أن اسافر لكي أكون نفسي من الصفر وأصلح ما خربه الضروف، فإنني لا أرضى بأن أكون عبئًا على أحد، ☆ قضيت ساعات طويلة لكي تصل الحافلة حتى كاد الملل قد بلغ مني حد الضجر، رمقتها من بعيد وقد أطلت بطلعتها، صوت محركها يحدث هديرا كاد يصم الأسماع ،وتصاعد دخان كثيف من خلفها رسم سحابة سوداء في الفضاء ،ولم يمضي إلا لحضات و إمتلأت المقاعد بالركاب، صعدت درج الحافلة وحصلت على المقعد الخلفي مستعنا بالله بعد أن سمعت صافرتها العالية،☆ إنطلقت رحلتنا مع نغمات [ناس الغيوان] تنشر الطمأنينة بين خلاياي الثائرة مما جعل الكثير منا يخلد للنوم، أما أنا فكنت أجيل بصري من خلال النافذة فيما يجري بجانب الطريق ، على جهة يساري ترقد عجوز سبعينية وفي يدها حقيبة وربطة خبز ، و عصى تتكئ عليها، وملامح التعب بادية على تجاعيد وجهها، خلال حديثها في الهاتف بين الحينة والأخرى تبين أنها تريد السفر إلى
[ إمنتانوت] لزيارة إبنها البكر ، أزعجني شخير المرأة العجوز ورائحة عطرها القوية وفي كل ساعة أشعر إنقباض في أمعائي و بالغثيان وعلى وشك أن أتقيأ، بسبب سرعة السائق وكثرة المنعرجات المتكررة، خلعت قميصي ولففتهما على شكل كرة وغطيت به وجهي عسى أن أنال قسطاً وافراً من الراحة،☆
وصلت أخيرا مدينة [الدار البيضاء ] بسلام آمنين حطت الحافلة رحالها بمحطة [ أولاد زيان ] كانت الساعة تشير الى التاسعة صباحا ، الشمس ترتفع في كبد السماء وبالرغم من بعدها الشاسع إلا أن حرارتها تكاد أن تكوي الأجساد، طيف واسع من المشردين و المتسولين في مختلف الأعمار ومحترفي السرقات، يفترشون علب الكرتون و يلتحفون السماء عندما يسود الليل خيوطه ،بين الشوارع و الحدائق العامة وآذانهم دائما متوجسة حتى لا يقعون بين يدي الشرطة، خرجت من جيبي هاتفي النقال لكي أتصل به [الو عمي الحاج] إلتقيت به بعد جهد وبحث طويل، صافحني بحرارة كان شابا لم يتجاوز بعد الأربعين ذو بشرة سمراء ،مفتول العضلات وضخم البنية، أنيق الملبس ورائحة عطره تأسر الأنفاس، يمتلك دكانا كبيرا للبقالة ينادونه [ باعمر ] رحب بي وجلست بقربه ووجهي تلون بحمرة الخجل، نتبادل أطراف الحديث و قضايا شتى و بين الفينة والأخرى كنت حينها أحاول جاهدا أن أؤكد له حنكتي فى العمل قبل أن تصعد من أعماقه تنهيدة مع إبتسامة مضحكة ويقول[ الله اسخر] وظللنا نتحدث إلى آخر ساعة من الليل حيث توارى القمر بين السحبِ وذهب ضوؤه، وشحبت النجوم وخبا بريقها، أمسكني بيدي وشدها بقوة إلى غرفة صغير تطلع على متجره التجاري لكي أضع فيها حقيبتي و
أستقر فيها، إنها تبدو موحشة ومكتسية بحصير قديم
متآكل، وبعض الحشايا المهترئة تنبعث منها روائح التوابل القوية ،و عبق الغبار فيها يملاء أنفي يجعلني أشعر بالضيق والإختناق، بقع لاصقة وداكنة ، مخدة مهترئة لم تغسل منذ زمن بعيد، وكرسي بلاستيكي متهالك بصدأ السنين، وأكوام من نسيج العنكبوت مع حشد كبير من الكتب والجرائد الممزقة و الثياب البالية وحمام مكشوف غير مبلط، حاولت جاهدًا فتح النافذة لكن مقبضها كان متصلبًا بسبب الزمن ، لاجدوى ولا سبيل لدخول الهواء والنور فكل شيء في الداخل يشير إلى المعاناة ويخيل لي كأنني في أسوار سجن تازمامارت،☆ بقرب محل [ با عمر ] توجد الحاجة غيثة بائعة القزبور امرأة في عقدها الخامس إلا أنها تبدو أكبر من سنها بكثير، من أصل نواحي مدينة [ [تارودانت ] الواقعة جنوب المغرب ، فقد ودعت مقاعد الدراسة مبكرا بسبب وفاة والديها مما جعلها تقرر الهجرة نحو هذه المنطقة لكي تعيل نفسها، تبدو عليها علامات الوقار والسكينة ، يداها مخضبتان بآثار النعناع والقزبور ، ملمسهما يوحي لك وكأنك تصافح رجلا، تناضل المسكينة من أجل لقمة العيش الحلال
والحصول على دريهمات تحفظ لها كرامتها مما جعلها كل يوم التوشح بمناديل لتغطية وجهها هربا من نظرات الإحتقار والتحرش اليومي المستمر، وما هي إلا لحظات حتى إنطلقت في سرد قصتها وكسرت جدار الصمت الذي كان قابعاً على صدرها، و إنطلقت تتكلم معي بصوت شبه مسموع وكلها أمل أن تجد مني آذان صاغية وقلوب رحيمة أنشلها من بؤسها وأشاطرها همها ولو بكلمة طيبة،☆ في البداية وجدت صعوبة كبيرة في العمل قبل أن أعتاد على ذالك ويصير شيئا روتينيا، أشتغل لساعات طويلة مقابل أجرة هزيلة لا تفي بمتطلبات الحياة اليومية [شنو غادي تقضي ليك 40 درهم فهاد الوقت] وفي ظروف لا إنسانية ولا تحترم فيها مدونة الشغل ولا المواثيق الدولية، كانت مهمتى تقتصر في ترتيب السلع و التنظيف وإرضاء الزبائن والإعتماد على كتفي لحمل أنواع من السلع ونقلها هنا وهناك، وجدت صعوبة في التأقلم ومازاد الأمر سوءا سوء المعاملة والإساءة الا أخلاقية، وما زاد الطين بله أن معدتي تعودت على طعام واحد عنده علبة من السرديل مع كأس من الشاي بنعناع بسبب بخله وتقشفه، حتى كاد بطني أن ينفجر ،لايعجبني تعامله القاسي والفظ، إحتواني الحزن في ضمة لم استطع عليه صمودا. وتراخت أطرافي بين صلابته كما يجري الماء بين الصخور، وشعرت بنغزة في قلبي تطعنني بلارحمة، فآمنت قليلاً وتريّث عسى أن يعود إلى رشده، إلا أنه زاد فى غيه وجبروته ويرتكب سفاهته مع سبق الإصرار والترصد ، تخاطبني نفسي وتقول لا تجهد نفسك في إقناع من لا قناعة له حتى لاتحرق أعصابك بفعل من لا إحساس له ولا قلب، كون ذهنيات بنو أدم عبارة عن حجر وقست قلوبكم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، فلابد أن أصمتْ وأترك السفاهة تحرق ذاتهم وتأكل أمعاءهم ، فإن تربيتي وأخلاقي لايسمحان لي بالرد، لا أعرف كيف أتصرف لابد من إتخاذ القرار وأن أقف كالأسود ومثل الذين ثبتوا ثبات الجبال الرواسي أمام جحافل الطغيان والإحتقار، وأن أنتصر لكرامتي، الحق أقول لكم لقد صرت أمقت العمل عند بنو أدم والوظيفة بصفة عامة، فهي عبودية وسم قاتل يتجرعه الكثيرون طوال حياتهم و تلتهم عمرهم دون رحمة وشفقة ، يقصدها كل يوم طوعاً أو كرهاً كعبد من درجة فارس ، فلا يوجد فرق كبير بين أن تبيع نفسك وأن تؤجر ، فيخرج منها في الأخير أشيب الشعر ومتهالك الجسد، إما إلى المقبرة أو يكون عمودا في المساجد وفي الطرقات، فخير له أن دير عملا حرا و مشروعا خاصا سينتشله من واقع تعيس ومظلم ، فلا ساعات دوام تقيده و لا مشرف يتفقد عمله بشكل دوري،☆ بعد صبر طويل طال أمده حزمت أمتعتي وقررت أن أعود إلى مسقطي رأسي وذالك كان وصار فى الأخير ، ☆ إن كرامتي فوق كل شيء فنحن نعيش في عز لاتحت العبودية و المذلة، فإن طريق الذل لا تهواه نفسي، وأن صفحة إستعباد الخلق للخلق قد طويت مند زمن بعيد ، وسطعت شمس الحرية، ☆ سامحني أمي لأنني لم أرسل لكي الهاتف الحديث الذي يحتوي على [الواي فاي ] إسوة بصديقتكي ميسورة الحال ،أسف ياوالدي لأنني لم أستطيع إرسال بعض الدريهمات التي وعدتك بإرسالها كل شهر، فلا تيأسوا ولا تقنطوا فالفرج من الله قريب ، يتبعه حياة رخية مشرقة وضاءة ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون☆ فشكرا لكم يا جنتي والحضن الدافئ ومنبع العطاء ، فأنتم أغلى من في الوجود ومصدر السعادة والراحة والأمان ،و الشمعة التي تضيء حياتي وزهرة قلبي☆ شكرا لكي صديقتي الغالية صاحبة الطهارة والنقاء والشرف ، و القلب الطيب والنية الصافية ،الذي يحمل الإخلاص بين أذرعه والعطف بين طياته، يامن ساندتني وشاركتني همي وحزني وكانت كسحابة معطاءه سقت الأرض فأخضرت ☆ شكراً أيها القراء على سعة صبركم وأنتم تقرؤون كلماتي بصدر رحب ☆ وإلى هنا ينتهي الكلام ، وسامحوني إن أطلت عليكم وعلى أمل اللقاء في فرصة قامة انشاء الله ،فكل عام وأنتم الأفضل والأ جمل . [وللحديث بقية ]

☆ تأليف واعداد : محمد انغير ☆
󭩥/05/2022☆
☆ 0650526849☆





ً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن