الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نَحْنُ المُسْتَـغَـلُّون

عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)

2022 / 5 / 14
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


نَحْنُ المُسْتَـغَـلُّون، وأنتم المُسْتَـغِـلِّون. نحن نُشارك في الإِنْـتَاج الجَماعي، بَل المُجتمعي، وأنتم تَسْتَحْوِذُون على فَائِض الـقِيمَة، المَنْتُوج جماعيا، وَتَـتَـمَـلَّـكُـونَـه، وَتُرَاكِمُونه، وَتَتَـوَارَثُـونه، وَتُـعِيدُون اِسْتِثْمَارَهُ. وتجعلون مِن المِلْـكِيَة الخاصَّة أساسًا وحيدًا لكلّ شيء.
نَحن نَنْحَازُ إلى المُسْتَـغَلِّين، والمُسْتَضْعَفِين، والمَظْلُومِين. وَأنتم تَنْحَازُون إلى الأَغْنِيَاء الرَّأْسَمَالِيِّين الظَّالِمِين.
وَجَدْتُم مَنَافِـعَكُم في الرَّأْسَمَالِيَة المُتَوَحِّشَة، وَفَرَضْتُمُوهَا علينا بِـقُوَّة الدولة. وَخَوْصَصْتُم التَـعْلِيم، والصِّحَة، وكُلَّ الخَدَمَات العُمُومِيَة. وَمُنْذُ أَنْ خَوْصَصْتُم كُلَّ شَيْء، أَصْبَحْنَا مَحْرُومِين مِنْ كُلِّ شَيْء! مَا هو نَاقِصٌ عِندنا، هو الزَّائِدُ عِندكم!
نحن نـعمل وَنَكِدُّ مثلكم، أو أكثر منكم، وَلَا يُساوِي مَدْخُولُنَا سِوَى جزءًا ضَئِيلًا من مَدْخُولِكُم. وَلَا تَـقْدِرُون على تَبْرِير الـفرق الشَّاسِع بين نَمَط حَياتـكم وَنَمَط حَياتنا. وأعداؤنا هُم الرَّسَمَالِيُّون المُسْتَـغِلُّون وَأَنْصَارُهُم.
أَلْـهَـاكُـمُ جَـنْـيُ الأَرْبَاح، وَمُرَاكَمَة المُمْتَلَكَات، حتّى غَرِقْتُم في الغِـشِّ، وَالفَسَاد، وَالأَزَمـَات. وَارْتَـكَـبْـتُـم الجَرائم والخِيَانَات. وَأَغْرَقْتُم بِلَادَنَا في سِلْسِلَة مِن الِإفْلَاسَات، وَالفَشَلَات، وَالكَوَارِث.
وَأَعْمَت أَنَـانِـيَـتُـكُـم أَبْصَارَكُم، وَعَطَّلَت حتّى عُـقُولَكُم.
وَرَضِيتُم بِخِيَانَة الوَطَن، وَقَبِلْتُم بِالعَمَالَة لِلإِمْبِرْيَالِيَة، ولِلصَّهْيُونِية الاِسْـتِـعْمَارِيَة. وَفَرَّطْتُم في سِيَّادَة الشعب، وَتَسَاهَلْتُم في حِمَايَة ثَرَوَات الوَطَن. وَأَوْصَلْتُم الشعب إلى قَاعِ الجَهْل، وَالتَـخَـلُّـف، والاِنْحِطَاط.
جَرِيمَتُكُم التي لَا تُـغْـتَـفَـر، وَلَا تَـتَـقَـادَم، هي أنكم اِسْتَـعْـمَـلْـتُـم السُّلْطَة السياسية لِلسَّطْوِ على الثَّـرْوَة الاقتصادية. واسْـتَـعْـمَـلْـتُـم الثَّـرْوَة الاقتصادية لِلسَّطْوِ على السُّلْطَة السياسية.
وَتَجْمَـعُـون بين السُّلْطَة والثَّرْوَة. وَتَـتَـوَرَّطُون في مَوَاقِـع تَضَارُب المَصَالِح (conflits d intérêts). وَتَـغْتَنُون بِطُرُق غير شرعية. دُون مُـرَاقَبَة، وَلَا تَحْـقِيق، وَلَا مُحاسبة، وَلَا مُحَاكَمَة، وَلَا عِـقَـاب.
وَلَا تَرَوْنَ مِن سَبِيل لِتَدْبِير حُكْمِـكُـم سِوَى الاِسْـتِـبْـدَاد. وَأَصْبَحَت دَوْلَتُكُم بُولِيسِيَة خَانِـقَة، وَقَاهِرَة، وَمُحْتَـقِرَة.
وَاحْتَـكَرْتُم وَسَائِل الإِعْلَام العُمُومِيَة. وَحَوَّلْتُمُوهَا إلى أَبْوَاقٍ خُصُوصِيَة، وَكَاذِبَة، وَمُبَلِّدَة. وَشَـغَّلْتُم فيها مُرْتَزِقَة مُكَلَّـفَة بِمَدْح شَخْصِيَّاتِكُم، وَبِـتَـمْـوِيه غِشِّكُم، وَسَرِقَاتِكُم. وَقَمَعْتُم حُرِّيَات المُوَاطِنِين، وَقَتَلْتُم الصَحَافَة المُسْتَـقِـلَّة، وَأَخْـفَيْتُم المَعْلُومَات، وَتَلَاعَبْتُم بِالانْتِخَابَات، وَاشْتَرَيْتُم الضَمَائِرَ الضَعِيـفَة، بِتَوْزِيع الرِّيـعِ، وَالاِمْتِيَازَات.
وَحَطَّمْتُم عَـقْلِيَة المُوَاطِنِين. وَحَوَّلْتُمُوهُم إلى فَرْدَانِيِّين، أَنَانِيِّين، وَخَائِـفِين، لَا يَجْرُؤُون على الاِحْتِجَاج، أو على النِضَال، ضِدَّ مَا يُصِيبُهُم مِن أَضْرَارٍ جَسِيمَة في كَرَامَتِهِم، وفي حُـقُوقِهِم، وحتّى في إِنْسَانِيَّتِهِم.
وَغَدَى كُلّ شيء في البلاد مَغْشُوشًا، وَمُِـزَيَّفًا. وَأَصْبح الظُّلْمُ والقَهْر شَائِـعَيْن.
وَتُسَخِّـرُون الدَوْلَة، بِـإِدَارَاتِهَا وَقَـوَانِينِهَا، لِخِدْمَة مَصَالِحِـكُـم الخُصُوصِيَة. وَلَم تَـعُد دَوْلَتُـكم تَخْدُمُ مَصَالح الشعب. بَل تَـقْتَصِرُ دَولتكم على خِدمة مصالح المُسْتَـغِلِّين الرَّأْسَمَالِيِّين الكبار، والشركات الإِمْبِرْيَالِيَة العَابِرَة لِلحُدُود.
وَحَوَّلْتُم مُخْتَلَف أَجْهِزَة الدولة إلى شِبْهِ حِزْب سِرِّي مَافْيُوزِي. وَلَا يَدْرِكُ هذا الواقع سِوَى المُوَاطِنُون الذين سَبَـقَ لهم أن وَقَعُوا ضَحِيَّة لِلاسْتِبْدَاد الدولة وَفَسَادِهَا.
وَلِـذَلِكَ سَـتَـنْـزَعُ مِنْكُم ثَـوْرَتُـنَـا الآتِيَة، وفي نَـفْـس الآن، كُلَّ السُّلُطَات، وَكُلّ الثَـرَوَات. وَلَا تَـقُولُـوا بَـعْـدَئِـذٍ عَنَّا أَنَّـنَـا قُسَاةٌ. وَإِنَّـمَـا نحن تَحَرُّرِيُّون، وَعَادِلُون، وَحَازِمُـون.
وَلَن نَـقُولَ لَكُم كَيـف سَنُـعَـامِلُكُم، مِثْلَمَا أَنْتُم لَا تُصَارِحُونَـنَـا حول كَيْفِيَة مُعَامَلَتِـكُـم لَـنَـا، التي تُخْـفُونَهَا. وَلَـوْ عَامَلْنَاكُم مِثْلَمَا تُـعَامِلُونَنَا، لَمَا بَـقِـيَـت على الأرض لَا سُلْطَة، وَلَا ثَـرْوَة.
وَمَهْمَا قَـسَـى قَمْـعُـكُم على مُنَاضِلِينَا، فَإِنَّ سَـيْـلَ المُنَاضِلِين الجُدُد، المُصَمِّمِين على الكِفَاح، والذين لَا يَخَافُون مِن التَضْحِيَة، سَيَتَـوَاصَلُ، وَسَيَكْبُر، حتى نَهْزِمَكُم، كُـلِّـيًا، وَنِـهَائِـيًّـا.
وحينما تَـنْهَضُ غَالِبِيَة الشعب لِلتَـعْبِير عن طُمُوحَاتِهَا، وَلِلدِّفَاع عن اِخْتِيَارَاتِهَا، يَغْدُو الشعب قَادِرًا على فَرْضِ إرادته. وَتُصْبِح الأَجْهِزَة القَـمْـعِيَة مُتَجَاوَزَة، وَعَاجِزَة على قَمْع كلّ أفراد الشعب.
وَنُدْرِكُ جَيِّدًا أن أيّ شَعب لَنْ يَـقْـدِرَ على كَسْب الحُرّية، والاِسْـتِـقْـلَال، والتَـنْـمِيَة، والعَدَالَة المُجتمعية، إِلَّا إِذَا كانـت أَغْلَبِيَة مُوَاطِنِيه، مُنَظَّمَة، وَوَاعِيَة، وَمُصَمِّمَة على التَضَامُن، والنِضَال، والمُـقَاوَمَة، والتَضْحِيَة، وَلَـوْ بِالحَيَاة، لِنَيْل هذه الأَهْدَاف.
وَنَتَحَمَّسُ لِبَذْل كلّ المَجْهُودَات الضرورية لِتَوْعِيَة، وَتَـكْوِين، الأَجْيَال الجَدِيدَة مِن الشَابَّات والشُبَّان.
وفي إِطَار كِفَاحِنَا من أجل تَحَرُّرِنَا، ومن أجل الاستيلاء على السُّلطة السياسية، لا نتوفّر، نَحن المُسْتَـغَلِّين، على سِلَاح آخر غير التنظيم، والتعاون، والتكامل، والنضال، والتضحية. وَلَو أن التنظيم لا يَكْـفِـي وحده.
وفي إطار كفاحنا مِن أجل تَـغْيِير وَتَثْوِير المُجتمع، نحتاج أيضًا إلى الفِكْر الإنساني التَحَرُّرِي الأكثر تَـقَدُّمًا في تاريخ البَشَرِيَة، وهو الفكر الماركسي الثوري.
ونحتاج إلى بِناء تَنْـظِيمَات مُتَنَوِّعَة، وَمُتَـعَدِّدَة، وَمُتَشَابِكَة. ومن باب الاحتياط ضد القَمْع الشَّرِس، نَسْـتَحْسِن أن تَـكُون هذه التنظيمات سِرِّيَة، أو شِبْه سِرِّيَة.
وَلِلْـكِـفَاح ضِدَّ النِظَام السياسي المُسْتَـغِـل، لَـنْ يَصْلُحَ سِوَى الثَـوْرِيُّـون الجَذْرِيُّـون الحَازِمُون. وَلَنْ يَـنْـفَـعَ سِـوَى الحِزب السِـرِّي لِلثَّـوْرِيِّـيـن المُحْتَـرِفِين، وَدِيـكْـتَـاتُـورِيَـة البْـرُولِـيتَـارِيَـا، والـثَّـوْرَة الشَّـامِلَة.
ومِيزَات الثوريّين هي الوُضُوح، وَالجُرْأَة، وَالعَزِيمَة، وَالصَّرَامَة، والتَضَامُن، والقَبُول بالتَضْحِيَّة، وليس السُلُوك المُتَرَاخِي، أو المُتَرَدِّد، أو الاِنْتِهَازِي.
وَنَرْفُـضُ أن تبقـى أحزابنا اليسارية مُجَرَّد أندية للمناقشة الـلامتـناهية. وَالَواقِعُ المُـرُّ يَـفْـرِضُ اِتِّـخَاذ إجراءات تَتَّـصِـفُ بالحَزْم وَالإِصْرَار.
وَلَـنْ يُـوجَدَ دَاخِـلَ حِزْبِنَا الأَشْخَاص الإِصلَاحِيُّون، وَلَا التَـوْفِـيـقِـيُّـون، أو المُهَادِنُـون، أو المُتَذَبْذِبُون. وَلَن نَـقْبَل أيّة مُصَالَحَة مَع أعداء الشعب.
وَنَسْتَنْـكِر كلّ مُحاولة لِلتَصَالُحِ مَع المُسْتَـغِلِّين الظَّالِمِين، أو مع أَعْوَانِهِم. وَنَتَصَدَّى لِكُلِّ مُحاولة لِلتَوَافُـق مع الرِّجْعِيَة، أو مع الإِمْبِرْيَالِيَة، أو مع الصَهْيُونِيَة.
وَنَرْفُضُ الوَحْدَة داخل نفس الحزب، بين تِـيَّارَات ثورية وَأُخْرَى إِصْلَاحِيَة، أو بَيْن تِيَّارَات جَذْرِيَة وَأُخْرَى تَـوْفِيـقِيَة. وَكُلُّ وَحْدَة هَجِينَة تُـؤَدِّي إلى شَلَلِ الحزب المعني، أو إِلى اِنْـقِـسَامِه.
وَنَكِدُّ لِتَطْهِير الحِزْب مِن الْأَعْضَاء المُنَادِين بِالصُّلْح مع المُسْتَغِلِّين، أو الذين لَا يُشاركون في النضالات الجماهيرية، أو لَا يُنَـفِّـذُون المَهَام المُوكَلَة إليهم، أو لَا يَلـتَزِمُون بالمبادئ الثورية، أو لَا يَـنْـضَبِطُون لـِلْقَرَارَات المَحْسُومَة دِيموقراطيا.
وَنَحْرُصُ على إِِيجَاد وَحْدَة قَـوِيَة بَين نَمَطِ التـنظيم الصَّلْب، وَنَمَط السياسة الثورية الجذرية.
وَنُؤَكِّدُ على أن بِنَاء الاشتراكية مَشِرُوط بِأَن تَسْهَرَ طَبَقَة المُسْتَـغَلِّين على تَحْرِير نَـفْسِهَا بِنَـفْسِهَا، دون زَعَامَة، وَلَا نِيَّابَة، وَلَا وَسَاطَة.
رحمان النوضة، 7 ماي 2022.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم