الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلهلم ليبكنخت والإمبريالية

محمد الأشقر

2022 / 5 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


هذا النص كان نداء كتبه فلهلم ليبكنخت احد زعماء الاشتراكية الديمقراطية في ألمانيا وأوروبا، تلبية لسؤال طرح عليه من صديق انجليزي بخصوص اخطار الحرب والعسكرة والأحوال العامة في بريطانيا المتأثرة بتلك النزعة. تم نشره في 24 مارس 1900
عنوان النص باللغة الانجليزية: Beware of Imperialism and Militarism
تم تعريب النص من النسخة الإنجليزية على موقع: https://www.marxists.org/archive/liebknecht
تعريب: محمد الأشقر
___________

ما يجول بذهني بشأن الحرب الحالية.

لقد تناولت الأمر في عدة أوراق باللغة الانجليزية وليس من المفيد تكرار ما قد سبق تناوله. لكن، أنت تقول لي إن الشعب الإنجليزي يتعرض لخطر العسكرة والإمبريالية. هذا الأمر ألمسه من خلال التجربة، وبخصوص هذا السؤال سأدلو برأيي، الذي اكتسبته من خلال هذه التجربة المريرة.

الآن، أنا متواجد في إيطاليا لقضاء عطلة قصيرة، في هذا البلد الذي يتمتع بطبيعة فردوسية، وشعبه يتميز بالذكاء والرصانة - وبذكريات أكثر التواريخ مجدا - ستجد آثار العسكرة والإمبريالية وقد دمرته وأفقرته وأخرجته من مسار الحضارة الحديثة.
أنا ألماني بالولادة، ومثل كل اشتراكي وأممي جيد، حاولت دائمًا الوفاء بالواجبات الوطنية تجاه بلدي. في معارك النضال من أجل حرية الوطن ورفاهيته دائمًا ما أواجه عدوين جبارين للتقدم والحضارة - العسكرة والإمبريالية. إن مسار العسكرة والإمبريالية يدمر ألمانيا لأنه في نفس الوقت يدمر إيطاليا. ألمانيا، التي كانت ذات يوم المكان الذي يوجد به أفضل المدارس، الآن ربما يوجد بها أسوأ المدارس في جميع أنحاء أوروبا - المدارس التي يجب أن يزورها جميع الأطفال، والتي يتعلم فيها جميع الأطفال القليل من القراءة والكتابة - التي من المفترض أن تقوم بتدريس الحقائق العلمية، يتم التبشير فيها بأكثر الخرافات عداء للعقل، مدارس يُحظر بها التفكير المستقل ويتم قمعه، وتتحطم فيها شخصية الفرد، ويتعلم فيها الطاعة والخضوع للسلطات. إن مدارسنا بدلاً من تعليم المواطن، تهدف إلى تعليم رعايا وعبيد وجنود - الجنود المستعدين إذا جاءتهم الأوامر العليا بأن يطلقوا النار على أقرب الناس إليهم سيفعلوا ذلك دون تردد. وانظر إلى جامعاتنا. يُطلق على المدارس الثانوية (Hochschulen) {تعني الكليات في اللغة الألمانية.. المترجم} وهي في الواقع مدارس أدنى من مستوى تعليم الحقبة البيزنطية. خذ جامعة برلين على سبيل المثال؛ الدكتور شوينينجر، شخص ارتكب جرما، ومحكوم عليه بالسجن بسبب هذا الجرم الذي ارتكبه منذ حوالي ستة عشر عاما، أصبح أستاذا لتلك الجامعة الألمانية بناءً على طلب الأمير بسمارك، ومعظم الأساتذة أعلنوا احتجاجهم على ذلك وقدموا استقالتهم من مناصبهم. الدكتور شوينينجر لايزال جالسا على كرسي الأستاذية حتى يومنا هذا في جامعة برلين. وإليك الآن أحد الأحداث ذات الصلة، قبل أيام قليلة، صديقي الدكتور أردور، أحد أبرز رجال العلم لدينا في جيل الشباب، أستاذ رائع، كان لسنوات عديدة محاضرًا في الجامعة يلقى احتراما وتقديرا من جميع رجال العلم الحقيقي، قبل أيام قليلة تم الاستغناء عن خدماته من الجامعة بناء على رغبة الحكومة. لماذا حدث ذلك؟ الإجابة: لأنه اشتراكي ومفكر حر. بمعنى آخر: لأنه حقًا رجل علم وفي نفس الوقت رجل ذو شخصية ويتمتع بالشجاعة النقدية.

هذه هي ثمار العسكرة والإمبريالية.

لنلقي نظرة على إيطاليا، لنلقي نظرة على ألمانيا، أيها الإنجليز، قبل أن ترتموا في أحضان النزعة العسكرية والإمبريالية. فكروا في النتائج المترتبة على هذه النزعة المدمرة!

هذا يعني أن الشباب لديكم يجب أن يضحوا ويخسروا عامين من حياتهم - لكونهم في ثكنات عسكرية، ولا يقومون بعمل ينتج فائدة، ولا يتعلمون شيئًا سوى أن يصبحوا آلة قتل بلا عقل وبدون إرادة، هذا الأمر يسرق منهم الحياة.

فكروا في هذا، كل رجل يصلح للخدمة العسكرية يُسحب من عمله لمدة عامين، وفي تلك المرحلة العمرية من حياة الأفراد، قدرة الانسان على العمل تكون في أفضل مستوياتها. عامان من عمل أفضل العمال يتم سلبهما من الأمة! يا لها من خسارة فادحة في رأس المال والثروة الوطنية! ولست بحاجة للقول للإنجليز، أنه كلما زاد مجموع العمل الوطني، يزداد مجموع الثروة الوطنية.

من حق الانجليز امتلاك أسطولًا طالما أن هناك دولًا تنتهج سياسة الغزو مثل روسيا. يجب أن يكون لديكم أسطول، ويمكنكم امتلاكه دون أن تضطروا إلى تدمير أنفسكم. أسطول وجيش ضخم، هذا مبالغ فيه جدًا، حتى بالنسبة لبلد غني مثلكم.

العسكرة والإمبريالية لا تعني فقط إفقار الشعب، بل تعني استعباده أيضا. بوجود جيش ضخم لا يوجد ضمان للحريات والحقوق. الحكومة التي لديها جيش كبير لديها الأداة المناسبة لفرض إرادتها على الشعب، وبطبيعة الحال فإن الأشخاص الذين لديهم القدرة على السيطرة، سوف يستبدون في نهاية المطاف.
انظروا إلى إيطاليا وانظروا إلى ألمانيا! أيًا كان ما يريده الشعب، فإن الحكومة لا تهتم به؛ لديها جيش ضخم، وعلى الشعب أن يفعل ما تريده الحكومة.

العسكرة والإمبريالية تعني أن الرجل الذي لا يرتدي البزة العسكرية هو رجل من الدرجة الثانية. الشخص العسكري في المرتبة الأولى ثم بعد ذلك يأت المواطن.

انظروا إلى إيطاليا، وإلى ألمانيا؛ هناك مثلا مواطن يسير في الشارع بطريقة أو بأخرى يستفز أحد الجنود. الجندي يغضب ويعتقل المواطن " له الحق في ذلك". المواطن يبدي مقاومة. الجندي يطلق النار على المواطن - بالضبط كما يطلق الصياد النار على الأرنب البري - أطلق عليه النار وأرداه قتيلا. لديه الحق في القيام بذلك. حتى أنه تلقى الاشادة من رئيسه لقيامه بواجبه. هذه هي العسكرة! هذه هي الإمبريالية!

انظروا إلى إيطاليا ، انظروا إلى ألمانيا!

ف. ليبكنخت.
سان ريمو 14/3/1900.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحركة الطلابية العالمية تتضامن مع فلسطين … الأبعاد و التداع


.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن




.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me


.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار




.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق