الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب وحدة الموضوع في الجنس الإبداعي

أياد أحمد هاشم السماوي

2022 / 5 / 16
الادب والفن


الشاعر نجم عذّوف آخِرُ القدّيسين النبلاء .
عندما يتناول الباحثون شأنَ الأعمال الأدبية على الوجهِ الأعَمِّ تجدهم لا يتنبهون لأهم خصائص العمل الفني والتي تكاد أَنْ تحدِّدَ ملاحَ ذلك العمل وهي ( خاصية وحدة الموضوع ) ،،
إذْ نرى غالبية تلك الأعمال تفتقر أو تكاد أَنْ تنعدم فيها تلك الخاصية ،، فالقارئ يجد نفسه أمام تشتيتٍ فكري تغلب عليه الرتابة اللفظية والمحددات العروضية والتي تجعل من ذلك العمل مُمَوْسَقاً تملؤه الصورُ الشعرية في مجال الشعر وتحشوه هزّات اللحظة المرتقبة في مجال السرد ،، في حين نرى ذلك العمل خالياً من وحدة الموضوع التي تحددُ زمنَ وهدفَ ووجدان ذلك الجنس الإبداعي الوليد تحت رحمةِ ( قيصرية الكاتب ) الذي لا يتورع أَنْ يُجْهِضَهُ قبل أوانه مكللاً بالتشوهات مِنْ عَجزٍ حيناً أو لقُصرِ خبرة أحياناً .
وكذلك نجد بعدها ذلك الكاتب يبرِّرُ لوليده بالشرح تارة عن مضمون يقوله عن ذلك الوليد مِنْ جمال لم نجدهُ مسطوراً على ملامح ذلك النص المكتوب أصلاً وهنا يتضَّحُ ما يُرادُ لَهُ أن يكونَ لا كما نراه نَحْنُ !!
ولو جِئنا إلى منطقة ( النص النثري ) نجد الظليمة الكبرى والتي تبدأ من التسمية المشوَّهة لذلك الجنس الإبداعي الجميل المُتَفَرِّد والذي أَلْحَقَتْهُ الإرادة العشوائية بخانة الشعر قَسْراً ،
فالنص النثري عالَمٌ مكتنزٌ مكتظٌ بالجمال لو أحسنَ ال ( النَّثارون ) الخوض في غماره حيث نجد من ( هَربَ ) من سطوة الشعر وتراكيبه الفنية ليجد نفسه أمام ( تسطير ) كلامي فقط وقد يظنَّهُ سهلاً عندما وجدَ كذلك طوابير من ال ( المصفقين ) والمطبلين المجّانيّين الذين شهدوا زوراً على وليدٍ مشوهٍ آخر وقد أضافته الذائقة البائسة إلى مواليدنا المشوهة .
وكذلك هناك مَنْ يُبرر لذلك ( التَّسطير ) على إنّه لحظة هذيان جميل وبوح تذروه زفرات النفس متناسينَ أنَّ الهذيان هو أرقى حالات الوجد الإنساني التي يمكن للكاتب المحترف أن يصطادَ من خلاله أجمل النفائس لينقشها على خوالدِ الكتب ،،
لكنْ الذي تشهده الساحة لَيْسَ هذياناً بل صراخ خارج السرب واستثني من ذلك النزر اليسير طبعاً ..
وعندما ينبري للساحة من يجد نفسه أمام فضاء شاسع من اللغة التي لا تحدِّدُها القوالبُ تَتَجلى من تحت قلمه النُّقوشُ والرُّقُمُ المُعَلّاة الكعب والمُحَلّاة من عسل النَّظم ليجدَ القارئُ والمتلقي إناءً مُكتنزاً بالجمال زاخراً بالفن ووحدة الموضوع وبهذا يكون الإبتعاد عن النظم العمودي للشعر ليس هروباً ، بل للبحث عن فضاء لغوي واسع المراس يبحث عنه الكاتب لإنجاز عملية ناجحة لوليده الإبداعي وأقصد هنا ( القصة أو القصيدة أو النص النثري ) .
وهنا لو أخذنا مثالاً على ما نقول رجلاً أكادُ أزعمُ أنه آخرُ القدّيسين النبلاء والذي بقي وحيداً يرمم معبد النثر بغرائبية مجنونة وهو يحافظ على أركانه التي نخرتها ( التشققات الأدبية ) ممسكاً بتلابيب الجُدُرِ المُسَنَّدَةِ خشية الإنهيار ،
القدّيس الشيروكي نجم عذوف بقي يؤرّخ وهو يكتب النص النثري بهذيان وعاطفة تشد القارئ إلى ترادف موجي من المزامير والأحاجي وكأنك تقرأ أو تسمع أسفارًا من العهود .
هذا النسج أو النوع من الكتابة يكاد أن يكون معدوم الحضور لو وضعناه على طاولة التشريح البالية التي جعلت من أسماء ( رنّانة ) تتصَدَّر الساحة مقارنةً بما يكتبه الشاعر القدّيس نجم عذوف .
ولابد من القول وأنا الذي لا أجامل على حساب النص ولكي أكون منصفاً وكما أعرف نفسي وليذهب الآخرون !!
مبتعداً عن التخادم الذي تموج به الساحة الأدبية والفنية أجد من الأخلاق أن أتناول تجربةً غنيةً بالمزامير التي تفوق فناً وإيقاعاً وخيلاء ما هو ( متوافر متاح ) على الساحة التي زخرت بتلكم التجارب والتي أُحيطت بالشرح كما أحيطت بالفن النقدي التخادمي المبتذل دون إظهار المعنى الفني الذي لا وجود له أصلاً على قارعة تلكم النصوص والتجارب .
ولابد من القول هنا وبعد أن قرأتُ هذا النص النثري الذي جعلني أقف أمام لوحةٍ نثرية تستحق أن تكون منقوشةً على الماء ،
إنَّ النص النثري هو جنسٌ إبداعي قائمٌ بذاته له أبوابٌ عدّة فشل كثيرٌ من الوالجين إليه ونجحَ القليل منهم والشاعر نجم عذوف واحد مِنْ كِبار الخَزَنَةِ لو حافظ على تلك المفاتيح وهو يقول ،،،

( أَنْثُرُ ظَهيرَةً مِنْ غُبَارٍ
وَشُعَاعًا مِنْ شُبُهاتِ الْمَكَانِ
أُحصي أشباحَ الْمَوْتى ،
وَأُدَوِّنُ سُطُورَ الْمَمَرَّاتِ الْمُمْتَدَّةِ مِنَ الْحُروبِ
لأجْمَعَ الشَّهْقَاتِ الْمَذْعُورَةَ وَأدُسَّها خِلْسَةً فِي رِئَتيكِ الخائفَتَيْنِ
أُمْسِكُ بِالْمَجَرَّاتِ الْمُنْزَلِقَةِ وَأَرْمِيهَا فِي حَضِيرَةٍ زَانِيَةٍ ،،
لَا تَأْبَهُ لليالي الشَّبَحِيَّة وَالشَّرَفَاتِ الْوَثَنِيَّةِ
هِي حُطَامُ الرَّمَادِ الَّذِي بَدَّدَتْهُ المراثي
أيُّ قَلْبٍ هذا الذي يُذَرِّفُ اللُهاثَ إِلَى مَكِيدَةِ الرّيحِ
تِلْكَ إذاً رَسَائِلُ الْعُزْلَةِ الْمُعَلِّقَةُ فَوْقَ الضَّبَابِ
أَيَّهَا النَّهْرُ الْمُتَّكِئُ عَلَى الْقُرَى
دَعْنَا نُغْلِقُ فُوهَةَ الْيَأْسِ ،
وَنُطَيِّرُ الوَهْمَ بِجَنَاحَيْنِ مِنْ دُخَانٍ ،
تَعَالَ نُصْغِي إِلَى قُدَّاسِ النَّخْلِ الْمُثْخَنِ بِالطَّعَنات
تَعَالَ لنُطَهِّرَ الْمَمَرَّاتِ الشّائِخَةَ وَالْأَقْدَارَ الْبَائِسَةَ
مِنْ عُهْرِ الأقْدام … )
إنتهى .
إياد أحمد هاشم / النمسا في 16/5/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال


.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما




.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم


.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا




.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور