الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكم العسكر وسلطة الجيش

حسام علي

2022 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


رضخت مصر ولأكثر من خمسين عاماً الى حكم العسكر. بل أصبح العسكر هو صاحب السلطة في أغلب مواقع وقطاعات الدولة، وطالما تمتع بالنفوذ والتوغل في أوسع دوائرها حتى أضحى القاهر الذي لا تقف بوجهه أية مؤسسة مدنية. وقد تمثل أول دور كبير وخطير له بعد الانقلاب الذي حصل ضد فاروق ملك مصر عام 1952 على يد مجموعة من الضباط كان يقودهم اللواء حرب محمد نجيب والذي تعرض فيما بعد لمؤامرة عزله من قبل عبدالناصر والسيطرة على الحكم، كما فعل صدام حسين في العراق مع الرئيس احمد حسن البكر.
فالمؤسسة العسكرية، كانت منذ الانقلاب الأول ضد الملكية ولحد اليوم هي الحاكم الأعلى في مصر، أي إبان حكم عبدالناصر وإلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد تبلور دور هذه المؤسسة في قيادة البلاد والسيطرة على أغلب مفاصل الحياة، المدنية والعسكرية على حد سواء، دور علله المحللين أنه نشأ نتيجة التبعات الاستعمارية التي طالما عانى منها الشعب المصري، ما حدا الى أن تحولت بعض المراكز العسكرية الى نقاط انطلاق للوقوف بوجه الاستعمار، رافق ذلك بالتزامن فكرة استثمار مبرمج أو استغلال فرصة، يطول الحديث بشأنها، لتحويل تلك الوقفات والمواجهات التي كانت أغلبها سرية، الى غايات وتحقيق حلوم شخصية متعددة للوصول الى سدة الحكم. فتحول إثر ذلك مفهوم جيش السلطة الى سلطة الجيش الحاكم.
وصار الجيش فيما بعد، كشبكة عنكبوتية، هو الحاكم الجديد الذي يقود البلاد، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأمنياً وفي كافة مجالات الدولة المدنية في مصر. وقد تطورت سلطته وتمكن في الحقيقة من تحقيق إنجازات عديدة لمصر والمصريين، لكن بشرط مفروض مسبقاً، ألا وهو ان يبقى الجيش هو المهيمن والمسيطر على كل المفاصل الحياتية، خاصة المناصب السيادية والادارية الحساسة في البلاد. بل منح الجيش نفسه سلطات ربما كانت تشريعية غالب الأحيان أو قضائية، خصوصا بعد وضع كافة منشآت الدولة المدنية تحت وصايا القضاء العسكري، ما زاد من مجالات محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، الرئيس محمد مرسي نموذجاً.
الحال ذاته، ينطبق على دولة العراق، حين قام عبدالكريم قاسم بالانقلاب على الملك فيصل عام 1958 وإعلان الجمهورية العراقية، وإن اختلفت النوايا وتباينت النتائج بعد الانقلاب ما بين مصر والعراق، لكن من تلى قاسم في الحكم حكاماً آخرون، كانوا عسكريون ايضاً. فتحول الجيش بقيادة بعض الضباط الى صاحب السلطة الاول في البلاد.
وقد تمكن عبدالكريم قاسم من تقديم إنجازات كثيرة الى العراق، إلا أنه افتقد الى المثالية في الإدارة وحسن التقييم وتقدير الأمور، ذلك أنه بنى سلطته على قوته ومكانته العسكرية وسط الجيش العراقي، إلا أن ذاك، لم يكن كافياً لإيكال كافة الأمور المدنية، أهمية واسعة. فوقع في أخطاء جسيمة، لم تفسح له المجال أكثر للبقاء في الحكم، وإن كان بقاءه قد ارتهن بعملية اغتيال وتصفية، كانت مدعومة دعماً خارجياً وعربياً تحديداً.
في كلتا الحالتين، نجح الجيش في القضاء على الدور الملكي واستفراده بالخيرات وتبعيته للاستعماريين، كما نجح في تحقيق إنجازات عدة، سواء في مصر أو في العراق، لكن التحول من مفهوم جيش السلطة الى سلطة الجيش كانت بمثابة نقطة التحول السياسي الخطير الذي أودى بمنطق نجاح الانقلاب وأفول أهميته من وجهة نظر الجماهير التي لم تجرأ شرائح واسعة منها على الاعتراض أو إبداء الرفض خوفاً من بطش الجيش وهمجيته في معالجة الأمور الحضارية، إلا الذين انضووا تحت لوائه وتقاسموا معه أو نالوا حصصاً منه، فكانوا عن الجيش راضون.
وأصبح قادة الدولة، مدنيين بمناصبهم، عسكريين بتوجيه أوامرهم ووجوب تنفيذها. ما يعني أنها دول تفتقد الى الديمقراطية ومبادئها، حتى عملية تشكيل الأحزاب المتعددة الاتجاهات، نراها محرمة في ظل حكم العسكر الذي يستند فقط الى قانون الحزب الواحد، وفي هذا الوضع الخطير جداً على مستقبل الأمة، يكون مؤسفاً ان نشهد موت كفاءات أو استشهاد إبداعات علمية أو أدبية أو فنية، يمكن لو عاشت وترعرعت بشكلها الصحيح والمناسب، أن تتطور أكثر وتقود البلاد الى أمام ومن أوسع الابواب، ودون أن تفكر بالهجرة والغربة أبداً، لكن ما بيد الجماهير حيلة، لأن العسكر لا يسمح بولوج أدوار وأفكار تقدمية تحررية في قواميسه وأجنداته، بل أن لغته هي لغة خشنة لا تفهم ولا تدرك معنى لغة الحوار المتمدن أبداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة