الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات عن شهر رمضان

هدى توفيق

2022 / 5 / 18
الادب والفن


ذكرياتي عن شهر رمضان :
في الحقيقة شهررمضان، شهر له خصوصية كبيرة لي إلى حد ما ، عن بقية شهورالسنة، لكن من الممكن القول : أن شهر رمضان في الماضي أصبح يختلف عن شهر رمضان في الوقت الحالي كثيرًا. حيث كان يرتبط هذا الشهر في الماضي بالمكان ؛ لأنني كنت أقضيه في مسقط رأسي ، في مدينة بني سويف ، وهذا كان له طقوس ، وعادات مختلفة جدًا عن الآن ؛ حيث كنت أقضي ليالي رمضان بين الأسرة والأقارب والأصدقاء ؛ التي تربطني معهم صلات وطيدة وحميمية من أيام الطفولة ، والمرحلة الثانوية ، والجامعة ، ثم صديقات العمل الجدد، وهذا معناه التزاور ، وإقامة المآدب والعزائم تقريبًا يوميًا ؛ كتعبيرعن مدى الود والألفة ، والرحمة ، والسهر، والتحاكي إلى بواكيرصباح اليوم الجديد. حتى لو كنا نذهب إلى العمل ، وإن كانت حدة العمل ، والتكاسل ، وتقسيم أيام العمل تكون ميسرة ، وأكثر مرونة داخل المحيط الوظيفي الروتيني . فيقولك : " ياعم مالك احنا في رمضان. كل سنة وإنت طيب ، ورمضان كريم " ، وغيرها من العبارات الشائع استخدامها . وطبعا العامل المشترك في كل اللقاءات والعزائم هو مشاهدة التلفاز من بعد الإفطار تقريبًا ، وإن كان موعدنا الحقيقي معه يبدأ من قبل الآذان ، وابتهالات الشهرالكريم استعدادًا للإفطار، وسماع المدفع الذي يفرق في توقيته بين مدينتي ، ومحافظة القاهرة دقائق معدودة ، فأنتظر بلهفة أن يضرب مدفع الإفطار، وأملأ جفاف حلقي بكوب العصير الساقع المُحلى بسكر زائد عن الحد في هذا الشهر بالذات ؛ ليمد جسدي بطاقة التجدد كما كانت تقول أمي : زودي السكر ليكِ يابنتي ، علشان تعوضي جسمك.
وبعد استعادة قوة الحياة بالشراب والطعام. نُقررالخروج والتنزه للتسلية والضحك ، وتكون حارتي قد صنعت غطاءًا ورقيًا مقصوص بدقة ، وترتيب على أشكال مربعة أو هندسية كل على حسب. يتخلل البيوت مربوط بالمشبك الحديدي لأحبال الغسيل ، أو من خلال المصابيح الضوئية الضخمة التي تنير الحارات والشوارع ، وكنا نسميها ( الكابولي ) ، ويتوسط الحارة فانوس كبيرمتوهج بألوانه الزاهية. قد اشترك أغلب أهالي الحارة في شرائه، ويبدأ كرنفال أطفال الحارة يلعبون ويصرخون ، ومعهم الفوانيس. وكل طفل يتعاجب بفانوسه .. كنزه الصغير، ويتفانون في اللعب والضحك وعمل المقالب ، والتلصص على من لا يصوم منهم ، ليهللوا له ، ويفضحوه بين بعضهم وبعض ، وهم يتضاحكون ببراءة مستمرين في الصراخ واللعب، وبمجرد أن تفتح المحلات، تبدأ النواصي تعج بالتجمع واللغو، والسمر. حتى أن بعضهم يضعون شاشة التلفاز، حتى لا يفوتهم مسلسل أو برنامج ما، وهم يلهثون وراء الكثرة والتنوع ؛ التي تكاد أن تُطير أبراج عقولهم من عبث المحاولة لمتابعة كل شئ في وقت واحد. هذاغير موائد الرحمن المنتشرة في أماكن كثيرة ، حتى تسمح لمن يرغب أن يذهب ، بل ويغير المائدة من يوم للثاني حسب مدى إعجابه بنكهة ، ومذاق الطعام من مائدة لأخرى.
لكن بعد انتقالي للعيش في محافظة الجيزة تغيرت الأمور تمامًا ، فقد أصبحت أقطن بعيدًا عن محيط الأهل ، والأسرة ، والأصدقاء القدامى ، وإن كان لا يخلو الود من التواصل ، وحضور الدعوات للتزاور، ومشاركتهم إفطارًا شهيًا ، ومفعم بالحب والبهجة . تتخلله ذكريات لا تُنسى ، وتتجدد حلاوتها بالحضوروالضحك على ما فات ومر، بالسخرية والتهكم بخفة دم الروح المصرية المعهودة ، والمعروفة عنهم دومًا، وبالتالي بدأ هذا الشهر يأخذ له طابع خاص لي في القراءة والكتابة ، فقد ظللت لفترة طويلة أخصص بشكل مقصود أوقاته لقراءة بما يمكن أن نسميه بالأدب الثقيل للرواد ؛ بقراءة أغلب أعمالهم بعمل جدول مقسم على مدار أيام الشهر. مثال الأعمال الكاملة : لنجيب محفوظ ، توفيق الحكيم ، يحيى الطاهرعبد الله ، تولستوي ، بورخيس ، دستوفيسكي ،همنجواي ، وغيرهم من الرواد.
إلى أخره حسب ما أختار، ولكن أيضا بعد توالي السنين اختلف الأمر بعض الشئ لي ، وأصبحت القراءة مطلب ضروري لما أحتاجه في الوقت الحالي ؛ عما يشغل فكري من كتابة لا بد أن أنتهي منها سواء : مقال أو قصة أو رواية ، وأبدأ في تنظيم الأهم ، والضروري ، والواجب قراءته لمشروعي الكتابي الحالي أولاً وأخيرًا.
لذلك أتمنى أن تكون تلك الليالي فرصة للتأمل والقراءة. وانهاء ما أنوي قراءته أو كتابته . قبل قدوم العيد بكرنفال جديد ، وطقوس احتفالية تشغل أوقاتنا ، وتبعدنا عن القراءة والكتابة عنوة واضطراراً ؛ لإستكمال طقوس الشهر الكريم .
م2/4/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: خالد النبوي نجم اس


.. كل يوم - -هنيدي وحلمي ومحمد سعد-..الفنانة دينا فؤاد نفسها تم




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -نجمة العمل الأولى