الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات الصبا..مجرمون و سياسيون .14.

مهند البراك

2022 / 5 / 19
الادب والفن


كان صاحب البيت احد الشركاء او الشريك الأكبر في " فندق بور سعيد " المطل على ساحة الشهداء، والذي كان مقراً غير معلناً لأشكال المجاميع المسلحة التي قامت باعمال الأغتيال وحرق المنازل والمصالح العائدة لعدد من العوائل الديمقراطية واليسارية في مناطق الكرخ والشواكة، والذي منه انطلقت رشقات رشاشات بور سعيد التي وجهت للمتظاهرين الديمقراطيين ومسيراتهم، كما مرّ . . و تمّ ترتيب عقد الأيجار مع المالك الذي كان يسكن في ذلك الفندق، بواسطة مختار المحلة.
زارنا من الجيران من عائلة نيازي استاذ جميل ان لم اخطأ اسمه، سلّم على الجميع و على الوالد الذي تفاجأ به و تذكّره بكونه من عائلة نيازي التقدمية المعروفة القادمة من الناصرية، و اخو الشاعر و الاديب المعروف صلاح نيازي، و قال بانه و والدته و اخوانه حاضرون لتلبية اية احتياجات قد تحتاجوها و ان والدته ستزورنا في اليوم التالي، و توجّه مع الوالد الى بيت العازف و الملحن الكردي المعروف (أحمد الخليل) الساكن في البيت الواقع في نهاية الزقاق الضيق الذي يمرّ جنب البيت، الذي كنّا نسمع انغام عوده و لم نعرف من اين تأتي . .
اضطررنا لفرش ما امكن من البيت و خاصة لإستقبال الضيوف، ببقايا أثاثنا حيث لم يبقَ لدينا في ذلك الوقت اثاث يكفي لتأثيث سبع غرف و صالة في ذلك البيت الكبير القديم . . و جاءنا اول غداء من الجيران من عائلة النجار، حمله الينا ابنهم عزّت و اصدقاؤه . .
عرّفنا الشاب الصغير عزّت على البيت ومرافقه بعد ان سكنته عائلة عمّه لبضعة شهور مضت و انتقلت منه لعدم صلاحيته للسكن . . و حذّرنا بضرورة الإنتباه من الجرذان التي تأتي من الشط الى البيت عبر فتحة المرافق (المرحاض) لكونها وحشية و قد تهاجم . . و نبّهنا الى ان التأسيسات الكهربائية للبيت قديمة و تتسبب بتسريب الكهرباء وقت الأمطار و تتسبب بلسعات كهربائية قوية (شبه صعقات) للماشي على الدرج الداخلي و للداخل الى المرحاض ان كان يحتذي حذاء رطب، و ضروري جداً اطفاء الكهرباء عند المطر، و اكّد على ضرورة شراء اللايتات (جمع لايت) ذات البطاريات لإستخدامها عند اطفاء الكهرباء وقتذاك !!
استطعنا بما بقى لدينا من اثاث، فرش غرفتين للنوم في الطابق العلوي، بعد فرش الصالة المنخفضة التي تشبه السرداب حيث وضعنا التلفزيون، و غرفة الخطار ببقايا آثاثها، اضافة الى الطارمة المسقوفة المطلة على ساحة البيت الداخلية . . و بقيت ثلاث غرف في الطابق العلوي فارغة تماماً . .
في اليوم التالي زارتنا ام صلاح نيازي و رحّبت بنا و قالت ( اهلاً و سهلاً بكم . . غدائكم حاضر و المعذرة عن التقصير، يستطيع الفتيان حمله لأني اليوم وحدي في البيت) . . و في اجواء فرحنا باحتضان الجيران الجدد لنا و اهتمامهم بنا، ذهبنا انا و كريم و مفيد لحمل صحون الطعام الذي كان عبارة عن شوربة خضروات و بقول بلحم بقر مقلي اضافة الى الخبز و طرشي البيت . . و هي الشوربة الشهيرة بإسم (شوربة زين العابدين) . .
و استلمنا في ذلك اليوم زير (بستوكه) طرشي من عائلة الطرشجي كتحية استقبال و مودة . . و زارنا في يوم تالي صبي مؤدب قال انه من بيت جيراننا المطلّ على النهر مباشرة، و انهم من عائلة الوتّار البغدادية المعروفة، و اخبرنا بأن غدائنا في الغد سيجلبوه هو و والدته و اخته . . و فعلاً حملوا لنا الغداء الذي اعدوّه و كان تشريب الباقلاء بالخبز و المكلل بالبيض المقلي و معه النومي حامض الطازج المُنَظّف و المرتّب بقشوره الذي صارت والدته ام عطور ترسله الينا بين جمعة و اخرى في اغلب ايام الجمع، و عرّفتنا على نفسها بكونها ابنة خالة (مآرب) صديقة الخالة سعيدة في الجامعة و انها عرفت من نكون و ابنة من تكون اميّ، و انها عرفت بألم ما حصل لنا، رغم انها ليست سياسية و لا منحازة لأحد و كانت حزينة على مقتل الملك الشاب فيصل الثاني . .
لم ننتبه نحن الفتيان للحديث عن الجرذان و تسريب الكهرباء، بقدر فرحنا و اهتمامنا بأننا صرنا نعيش في قلب بغداد و قريبين على اماكنها المحببة لنا آنذاك . . كنّا نعبر جسر الشهداء مشياً لنصل الى سوق السراي و سوق الاقمشة و سوق دانيال الشهير ببيع انواع الدانتيلا و الازرار (الدكم) التي كانت تحتاجها الوالدة في خياطة ملابسنا على ماكنتها سنجر . .
من جهة اخرى بأن بإمكاننا عبور جسر الأحرار مشياً من محلة الكريمات المجاورة و مرورنا بسينما (ريجنت) التي سُميّت بسينما الجمهورية التي كانت تقابل (ملهى ليالي الصفا) . . بعبورنا الجسر مشياً حين كنا نصل بذلك الى شارع الرشيد حيث السينمات الشهيرة، من سينما الوطني الى سينمات روكسي و ريكس و سينما الخيام في الباب الشرقي . . و الى محلة السنك المعروفة.
في العصاري و الأمسيات كان الناس في محلة الشوّاكة يتجمعون على طريق المشاة الإسمنتي القديم الموازي و المطل على النهر بمجاميع مجاميع يستمتعون بنسمات الهواء العليل الهابّة من جهة الشاطئ، و هم يتبادلون شتىّ الأحاديث و خاصة ماكان يدور من اوضاع في البلاد و في المحلة، و كنّا معهم . . هناك قدّمني عزت النجار الى الأستاذ (ابو التمن) الذي كان معلماً في مدرسة الكرخ النموذجية و كان يعمل في اوقات محددة في (شركة سفريات ابو التمن) الواقعة في ساحة الوثبة التي كان يصلها جسر الأحرار بعبوره للنهر . . و كانت الشركة الاولى آنذاك لنقل المسافرين بباصات مكيّفة بين بغداد و دمشق و عمّان . .
كانت احاديث الأستاذ ابو التمن ممتعة و هي متنوعة عن بغداد و عن بلاد الشام من جهة، و عن محلات و حواري بغداد و عن ما كان يجري في البلاد من جهة اخرى، و كان يرسل تحياته لأبي الذي كان يعرفه و يشجعنا على سماع اخباره و آرائه و كان يردّ على تحياته بأجمل منها. و لمّا عرف الاستاذ ابو التمن بهوايتي في جمع الطوابع، اهداني البوم كامل للطوابع العراقية في زمن الملك فيصل الاول و غازي و فيصل الثاني، و التي كانت مجاميع غالية مرتّبة على هيئة سيتات طوابع، قال عنها انها ستكون من اغلى الطوابع العراقية بعد سنوات . .
و تعرّفت على الفتى (منير) الذي كان اهله جيران بيت عميّ في الكريمات، و كان يزور بيت خاله الكبير في الشواكة بشكل شبه يومي، و كانت تدور بيننا شتى الأحاديث عن الكريمات و الإذاعة و الشواكة و عن ملهى ليالي الصفا الصيفية المارة الذكر التي قال انها تقدّم راقصات شبه عاريات يرقصن على مسرحها، و كان ذلك يثير رغبة كبيرة فينا في كيفية مشاهدتهن، و هل ان ذلك الخبر صحيحاً في وقت كنّا نخجل فيه من السؤال حوله . . الاّ انه بقي في اذهاننا و مناقشاتنا.
ذات يوم اخبرني منير ان خاله اجريت له عملية جراحية في العيون و هو نزيل في مستشفى الرمد او التابع لمستشفى الرمد في البناية الداخلية المطلّة من جانبها على حدائق ملهى ليالي الصفا و يمكن المرء من بلكونات غرف المرضى التفرج على العروض، و ان احسن شئ هو ان نزوره خلال رقوده حاملين اليه ماتعدّه ام منير من اطعمة كان يسأل عنها و يطلبها و ان نحاول الجلوس في البلكون هناك و التفرّج على الحدائق و العروض، و اننا نستطيع البقاء عنده الى وقت لابأس به من الليل، لأن المستشفى او ذلك الجناح الراقد فيه كان اهليّاً . .
كان ذلك في فترة انتشرت فيها مطالبات المرضى و اطباء المستشفى بضرورة بناء مستشفى جديد للعيون في مكان يؤمن الهدوء للمرضى و للاطباء . . بسبب شكاوي المرضى من عدم قدرتهم على النوم بسبب اصوات الغناء و الموسيقى العالية المنبعثة من الملهى الصيفي المجاور، و بسبب شكاوي الاطباء من تفتّق جروح عمليات عيون المرضى اثر انفعالاتهم و هياجهم و ارتفاع ضغط الدم و العيون اثناء مشاهداتهم فعاليات ملهى ليالي الصفا من شرفات بلكوناتهم . .
بعد يوم او يومين، ذهبنا انا و منير حاملين معنا قالب كيك و معجنات، الى خاله الذي كان اصغر خال، و بعد السلام و انواع الكلام، اخبرناه بماذا سمعنا عن الملهى و عن امكانية مشاهدة العروض من شرفة غرفته . . فرح الخال الشاب بما اخبرناه، لأنه سمع بذلك ايضاً و لكنه تصوّر ان الاطلالة على الملهى ممنوعة، و بعد مداولاتنا معه سأل معين الردهة الذي اجابه بأن لاشئ ممنوع و هو كمريض من حقّه ان يرفّه عن نفسه، خاصة و انه في جناح خاص يدفع ثمنه . .
و فيما بدأت الموسيقى و اصوات الطبلة تصدح في حدائق الملهى . . اطليّنا على الحدائق و على المسرح بالذات، فشاهدنا راقصتين ترقصان بملابس تشبه ملابس الرقص الشرقي و لكن كانت اكثر فاضحة كاشفة عن اجسامهن الرشيقة ذات الجاذبية . . كانتا ترقصان على انغام الأغنية اللبنانية الشهيرة آنذاك (يا ام الضفاير حلوِيْ و الجبين العالي . . مضْوِي جمالك مضْوِي . . مشعشع بالليالي . . )، حيث كان برنامج الاسبوع او ذلك الشهر برنامجاً لبنانياً . .
و بينما كنّا مشدودين للرقص و للراقصتين و الموسيقى و مشاهد الأغراء . . اقتحم المسرح رجلان كان احدهما شاهراً خنجراً و الآخر شاهراً مسدساً و حاولا سوق الراقصتين معهما و اختطافهما بالتهديد المباشر فيما كانتا تصرخان و تعيّطتان طالبتا العون و الخلاص بانواع آيات الاستعطاف . . و لكن لم يتحرّك احدٌ من المشاهدين الغارقين بالسكر و بانواع المكسّرات . .
الاّ اننا شاهدنا و نحن غير مصدّقين اعيننا . . شاهدنا عباس شكارة يدخل الحدائق و هو يصيح بصوت كالزئير :
ـ اتركوهن يا كلاب . . و الله هذوله بهالشكل من ظلم الدنيا و من الفقر . . هذوله اشرف منكم و من عمايلكم الدنيئة . . اتركوهن !!! و الله و بالله و تالله اذا ماتتركوهن اسويّكم مزق و انزّعكم لبسانكم و ربيّ كما خلقتني !!
و بلحظات دخل عدد من شباب الكريمات قادمين من النادي الرياضي الصيفي القريب و المقام على جرف النهر بالحصران ( جرداغ) . . دخلوا كي لايتركوا عباس لوحده و كلٌ حمل شيئاً بيده، من عصا او قضيب معدني (شيش) او او . . دخلوا كي لايتركوه وحيداً يقابل مجرمين بدا عليهم انهم كانوا محترفين و معروفين لأهالي الكريمات . .
و فيما ترك الرجلان الراقصتين، ارجعا اسلحتهما الى مخبئها في ملابسهما و خرجا . . وكنّا نحن نتساءل بيننا عن الشرطة و لماذا لم تحضر او حضرت و لكننا لم نراهم ؟؟ و هكذا انتهت تلك الأمسية و نحن نتناقش في امور اخرى بين السياسة و الاخلاق و بهما معاً . .
بعد ايام و في تجمّع جمعنا انا و محمود و منير و الاستاذ ابو التمن و شوقي احد اقاربه الذي قال عنه الاستاذ بأنه كان مفوض شرطة في مركز شرطة الرحمانية المقابلة لسينما بغداد و انه اكمل بعدئذ كلية الشرطة و اصبح ضابط شرطة في الشرطة السيّارة . . و تحدّثت عما حدث في ملهى ليالي الصفا و لماذا لم تتدخل الشرطة ؟؟ قال شوقي :
ـ سمعت بالحادث و خلّصهن السبع عباس شكاره، عميّ هذوله الشرطة تخاف منهم . . هذوله مجرمين و قتلة !!
و واصل شوقي :
ـ هذوله اكيد من عصابة (علي ماما)، اللي اطّلعتْ و درستْ ملفّاتها المحفوظة في الشرطة . . و تبيّن ان هناك عصابات في بغداد تضم انواع القتلة و المجرمين و نزلاء السجون، اغلبهم من اولاد سِفاح (ابناء غير شرعيين) او من اولاد عوائل كان ربّ العائلة فيها مجرماً او نزيل سجون او اولاد من عوائل مفككة عادت لسكيّرين و عائشين على صالات القمار و سباق الخيل (الريسز) و في وقت لم يوجد في البلد دور او مؤسسات رعاية و ارشاد لمثل هؤلاء الاطفال و الأحداث، و تُركوا يواجهون مصيرهم . . فكان يستغلّهم و يشغّلهم عدد من الوزراء و اعضاء في مجلس النواب في العهد الملكي، كانوا يشغّلوهم كحمايات لهم و كتابعين للقيام بالاعمال القذرة و اللاقانونية بحق سياسيين او منافسين او متخاصمين على مصالح و املاك، اي القيام باعمال من قتل و سطو على منازل و دوائر حكومية و اغتصاب، و يقومون بالمقابل بصرف اموال لهم و بحمايتهم و بتهريبهم من السجون، او يتركوهم لحالهم عند بروز شقي اقوى جديد . .
و اضاف الاستاذ ابو التمن :
ـ كان هذا الاسلوب جارياً من قبل تأسيس الدولة العراقية، و اثر الحرب العالمية الاولى و سيطرة الانكليز على المنطقة و تأسيسهم للدولة العراقية بزعامة الملك فيصل الاول، حيث عمل مستشاريهم على تثبيت ذلك الاسلوب بنصحهم الإجرامي و توجيههم لرجال الدولة الموالين لهم و اذنابهم بإتباعه، لمواجهة المعارضة و اخماد الانتفاضات الشعبية التي نظّمها و اشعلها الأكثر ثورية و الواعون من الشعب، الذين حسبوهم او اطلقوا عليهم جميعاً بكونهم شيوعيين، رغم ان الشيوعيين كانوا من اكثر الناشطين فيها و استعدوّا ببذل الغالي و النفيس في سبيل الخبز و الحرية . .
ـ نعم، ما اردت ان اقوله ان اسلوب استخدام عصابات المجرمين في تحقيق الأهداف استمر به عدد غير قليل من الضباط و من ذوي نفوذ في المجتمع من اقطاعيين و اصحاب اراضي و تجّار كبار و كبار رجال دين سعوا الى الهيمنة و المال، و وصل الى استخدامه من قبل سياسيين من الاحزاب القومية و حزب البعث . . في وقت صار فيه عدد من الناشطين الكبار في اجهزة الدولة يستخدموه و خاصة من الكبار في دوائر الشرطة و الأمن و الإستخبارات العسكرية . .
ما اردت ان اقوله عن عصابة (علي ماما)، فإن الجانب الكبير من الأحداث والشواهد معروفة و موثقة بالاخص في منطقة الكرخ فسكان تلك المنطقة يعرفون ويتذكرون الحادثة الشهيرة للعصابة المعروفة في اوائل الخمسينات عندما اعتدوا بالهجوم والضرب بالسكاكين على احد ابناء العوائل الثرية ليلاً وقاموا بتسليبه عندما كان ماراً بالقرب من مدخل سينما (ريجنت) المقابلة لملهى ليالي الصفا و القريبة من مدخل جسرالاحرار في منطقة الصالحية في بغداد وسلبوا منه نقوده وساعته وخاتم زواجه وما معه من حوائج ثمينة . .
و هرع ناس من المنطقه لنجدته و اخبروا الشرطة في مركز الرحمانية و قامت الشرطة بالبحث عن الجناة و القت القبض عليهم في مقبرة الشيخ عمر و كانوا يتعاطون الكحول والمخدرات واشياء اخرى وعندها اصدر قاضي تحقيق الكرخ امر القبض والتوقيف بحقهم وثبت من التحقيق والتحري ان التهم الموجهة لهم هي عدة سرقات كبيرة حدثت في منطقة الرحمانية قرب سينما (زبيده) واعمال سلب ونهب في ساحة المتحف وفي منتزه المطار القديم المجاور للمحطة العالمية. وذكر تقرير الشرطة مع امر التوقيف من قاضي التحقيق لمنطقة الكرخ اسماء المجرمين و كان منهم كما اتذكّر :
علي ماما (رئيس العصابة)، طالب ابن ماهيه، خالد دونكي، حمودي الأقجم، قيس الجندي، صدام التكريتي (وكان اصغرهم) و كان ممن شاركوا مؤخراً بمحاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم، " و وصفه فؤاد الركابي امين سر حزب البعث آنذاك في كتابه الشهير (الحل الاوحد) الذي صدر بعد سنين بكونه شقي من تكريت و قال فيه : (اختاريناه هو و شقي آخر اسمه عبد الله لكوننا كنا بحاجة الى اشقياء لتطعيم مجموعة الاغتيال) " . . وحكمت محكمة الكرخ على هذه العصابة باحكام متفاوتة وكان الحكم على صدام بالسجن لمدة سنة لصغر سنه قضاها متنقلا بين سجن الاحداث وموقف مركز شرطة الرحمانية آنذاك.
و بذلك الصدد يكاد يجمع باحثون و اختصاصيون و اجتماعيون مستقلون على سعي حزب البعث آنذاك لضم عناصر اجرامية اليه لتنفيذ مخططاته التي بدأها بالإغتيالات و حرق المنازل و المصالح و مطاردة عوائل تعود لناشطين ديمقراطيين و يساريين و يضيفون الى انه، في فترة لاحقة خرج من السجن احد افراد عصابة علي ماما و ساعده الايمن وهو طالب ابن ماهيه ليلتقي مع صدام الذي صار اكثر خبرة من السابق في الاجرام والقتل والاغتصاب، و عملا على توسيع و زيادة نشاط العصابة بعد ضم عناصر جديدة اليها . .
وحدثت الحادثة الشهيرة اللااخلاقية في مسرح ملهى الفارابي الذي كانت تديره المطربة المشهورة في ذلك الزمن لميعة توفيق . . حيث تم اغتصاب المدعوة بدرية محمد وعلى مرأى الناس على المسرح وتم ضرب المدعو سلمان توفيق شقيق المطربة لميعة توفيق وقيّدوه على احد الكراسي وجردوه من سلاحه وقطعوا خط الهاتف بعد ان رفضوا قطع التذاكر للدخول! الاّ ان احد الحضور استطاع الهرب واخبر الشرطة في مركز البتاوين، واصدر قاضي تحقيق البتاوين امر القبض عليهم بعد التعرف على اسمائهم وهوياتهم من صاحبة الملهى وهم كل من:
طالب ابن ماهية، قيس الجندي، جبار الكردي، صدام التكريتي، محيي مرهون المتهم الاساسي باغتيال ابو الهوب، باسم المعيدي، محمد فاضل الخشالي (الملقب ابو زكية)
وهنا حدث تطور في عمل هذه العصابة، بتكوين علاقة مع المحامي فيصل حبيب الخيزران الذي علّق القضية، في وقت كان فيه المحامي الخيزران العضو القيادي في حزب البعث آنذاك يبحث لحزبه عن شقاوات من ذوي سطوة و افعال من خلال دوره كمحامي في الدفاع عن مجرمين و التعرّف عليهم و عمله على اطلاق سراحهم بأية طريقة، و على طريقة تكوين عصابات المافيا الايطالية . . لتتطوّر العصابة و تتواصل اعمالها الإجرامية و لتصبح ذات نفوذ وسطوة كبيرة، و لتصبح بعد ذلك منظمة ارهابية اسمها (حنين) وينظم اليها مجموعة جديدة من الشقاوات والمجرمين، برز منهم :
1. ناظم كزار لازم (الملقب بساطور المنظمة)
2. المرعب في عناصرها المجرم الملقب (ابو العورة)
3. جبار محمد الكردي (الملقب جبار كردي واخوانه ستار وفتاح كردي)
4. سعدون شاكر العزاوي
5. وهاب كريم
6. رزاق لفتة
7. فاضل الشكرة
8. محمد فاضل الخشالي
9. محي مرهون، وهو أحد أبرز نجوم المسرحية الاجرامية التي عملتها المخابرات الصدامية في بداية السبعينات وقتلوا فيها من يريدون قتلهم سواء من معارضين او منافسين او مواطنين ابرياء اختيروا ليكونوا عبرة لآخرين . . المسرحية المعروفة بحوادث (ابو طبر) . .
10. علي رضا باوه
11. صدام التكريتي
و يضيفون الى ان منظمة (حنين) التي كان يتبجح صدام بانشائها لها تاريخ حافل بحوادث القتل و الإجرام والاغتصاب والاغتيال والسرقة والتجاوز على الحرمات و اعمال التعذيب في السجون لصالح من يدفع اكثر ممن كانوا يحكمون، وان عناصرها من اصحاب الشذوذ الجنسي وتربية الكراجات، و تسببوا بمقتل و تصفية المئات و ما رافقها من الغدر والبشاعة والارهاب الذي لم يكن له مثيل، حتى يصعب على من لم يشاهدها ان يصدقها. (يتبع)

18 /5 /2022 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة