الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيءٌ من اللغة العربية ح 38 (أفعَلُ التفضيل).

مديح الصادق

2022 / 5 / 19
الادب والفن


(أفعل التفضيل) هو اسم مُشتق مصوغ للدلالة على شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر فيها، إمَّا في الحسن أو في القبح؛ ولصيغة (أفعَل) ثلاثة أحوال، سنشرحها لاحقاً بالتفصيل.
لقد عرفنا في الحلقة 37 السابقة شروط الفعل الذي يجوز التعجب منه، وهي نفس الشروط التي يُصاغ منها وصف على وزن (أفعل) للتفضيل:
1- أن يكون ثلاثياً، 2- متصرفاً، 3- قابلا للمفاضلة، 4- تامّاً غير ناقص، 5- غير منفي، 6- ليس الوصف منه على وزن (أفعل)، 7- معلوم الفاعل وليس مجهولاً فاعله.
ورد في كلام العرب-شذوذاً- بناء (أفعل التفضيل) من أفعال مخالفة للشروط آنفة الذكر، نحو: (هذا أخصَرُ من ذاكَ)،
من الفعل (اختُصِرَ) وهو زائد عن ثلاثة أحرف ومبني للمجهول، ومما قالوا شذوذاً: (أسودُ من حلَكِ الغرابِ، وأبيضُ من اللبنِ)، فالفعلان (سُوَدَ، وبَيُضَ) الوصف منهما على وزن (أفعل)، وهذا مخالف للشروط.
ملاحظة: حذفت الهمزة من (أخيَر، وأشرّ) قصد التخفيف لكثرة الاستعمال، ويستعملان (خير، وشرّ).
{أَنْتُمْ شَرّ مَكَانًا وَاَللَّه أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ}. {هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
...................
في حال عدم توفر شروط صياغة (أفعل) التفضيل في الفعل؛ يتوصل إلى التفضيل منه بصيغة (أشدّ)، أو ما في معناها، متبوعة بمصدر الفعل المعني، كما ذكرنا ذلك في صيغة التعجب، فتقول:
(هجرُ الحبيبِ أشدُّ إيلاماً من ضربِ السياطِ)؛ لأن الفعل (آلمَ) رباعي، غير مستوفٍ للشروط، والمصدر منصوب على (التمييز)، وفي باب التعجب تقول: (ما أشدَّ إيلامَ هجرِ الحبيبِ)،
والمصدر منصوب على المفعولية.
تقول: (ثوبي أنصَعُ بياضاً مِن ثوبِكَ)، وفي التعجب تقول: (ما أنصعَ بياضَ ثوبي).
..................
أحوال التفضيل ثلاثة:
1-مجرد: ولابد أن تعقبه (مِن) الجارة للمُفضَّل عليه، لفظاً، نحو: (الصدقُ أفضلُ من الرياءِ).
أو تقديراً، نحو: {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}. التقدير: (أعزُّ منكَ)، بحذف (مِن) ومجرورها، ويكثر هذا الحذف عندما يكون (أفعل التفضيل) خبراً.
لقد ورد حذف (مِن) ومجرورها ولم تكن خبراً، كما جاء في بيت لشاعر مجهول:
"دنَوْتِ وقد خِلناكِ كالبدرِ أجمَلا... فظلَّ فؤادِي في هَواكِ مُضلَّلا".
التقدير:(دنوتِ أجملَ من البدرِ، وقد خِلناكِ كالبدرِ)، (أجمل) هنا ليس خبراً، بل حالاً من تاء الفاعل.
2- مضاف: تقول: (حديقتي أجملُ الحدائقِ). هنا لا يجوز أن تتبعها (مِن) ومجرورها، فلا يصحّ: (حديقتي أجملُ الحدائقِ من حدائقِ الحيّ).
3- موصول بالألف واللام: (كانتْ قصيدةُ هندٍ الأجملَ). هنا لا يجوز أن تعقبها (مِن) ومجرورها، فلا يجوز قولك: (كانتْ قصيدةُ هندٍ الأجملَ من باقي القصائدِ).
لا يجوز تقديم (من ومجرورها المُفضَّل عليه) على (أفعل التفضيل)، فلا يجوز القول: (عادلٌ مِن أدهمَ أطيبُ).
إذا كان المجرور ب(من) اسم استفهام، أو مضافاً لاسم الاستفهام؛ جاز تقديم (من ومجرورها) على (أفعل التفضيل):
(مِمَّنْ أنتَ أحسنُ؟)، (مِن أيِّهم أنتَ أحسنُ؟)، (مِن صديقِ أيِّهم أنتَ أحسنُ؟).
ملاحظة: ورد شذوذا تقديم (من ومجرورها) على (أفعل التفضيل) في غير الاستفهام؛ كقول الفرزدق في امرأة:
"فقالت لَنَا: أَهْلًا وسَهْلًا وزَوَّدَتْ... جَنَى النَّحْلِ أو ما زَوَّدَتْ منه أَطْيَبُ".
....................
إذا كان (أفعل التفضيل) مُجرداً، أو مضافاً إلى نكرة؛ يكون (مفرداً، مذكراً)، ولا (يُثنى ولا يُجمع ولا يُؤنث)،
تقول: (زينبُ أجملُ من تماضرَ، وأجملُ طالبةٍ)، (سعدٌ أقوى من طلحةَ، وأقوى لاعبٍ).
(الشاعرتانِ أبلغُ من الكاتبتَينِ، وأبلغُ شاعرتينِ). (الشاعرانِ أبلغُ من الكاتبَينِ، وأبلغُ شاعرَينِ).
(الشواعرُ أبلغُ من الكاتباتِ، وأبلغُ شواعِرَ)، (الشعراءُ أبلغُ من الكتّابِ، وأبلغُ شعراءٍ).
لاحظ أن صيغة (أفعل) لازمت الإفراد والتذكير مع (المفرد والمثنى والجمع، مع المذكر والمؤنث).
....................
إذا كان (أفعل التفضيل) مُقترناً ب(أل) يجب مطابقته لما قبله في (الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتانيث).
(هذا الطالبُ الأفضلُ، هذانِ الطالبانِ الأفضلانِ، هؤلاءِ الطلابُ الأفضلونَ، هذهِ الطالبةُ الفُضلى،
هاتانِ الطالبتانِ الفُضلَيانِ، هؤلاءِ الطالباتُ الفُضْلُ أو الفُضلياتُ). ولا يجوز استخدام صيغة (أفعل) في حال (الإفراد
والتذكير) مع (المفرد المؤنث، والمثنى المذكر والمؤنث، والجمع المذكر والمؤنث).
............................
إذا أضيف (أفعل التفضيل) إلى معرفة، وقصد به التفضيل؛ جاز فيه وجهان:
1- يُعامل معاملة المجرد، أي يكون بصيغة (المفرد المذكر) نحو: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}.
2- يعامل معاملة المقرون بالألف واللام، أي يطابق ماقبله في (التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع)،
وهذا هو الأفصح: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}.
.........................
إذا أضيف (أفعل) إلى معرفة و(لم يقصد به التفضيل)؛ يتوجب المطابقة، كقولك: (زيدٌ وعمرٌو أطيبَا الأصدقاءِ).
التقدير: (زيدٌ وعمرٌو طيِّبا الأصدقاء)، ومن أقوال العرب: (الناقصُ والأشجُّ أعدَلا بني مروانَ)، التقدير: (الناقصُ
والأشجُّ عادلا بني مروانَ).
من شواهد استعمال صيغة (أفعل) لغير التفضيل: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}. أي (وهو هّيِّنٌ عليهِ.)
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ}، أي (عالِمٌ بكُم).
قال الشاعر: "وإنْ مُدَّتِ الأَيْدِي إلى الزادِ لم أَكُنْ... بأَعْجَلِهِم إذْ أَجْشَعُ القومِ أَعْجَلُ".
أي (لم أكنْ عَجِلَهم).
قال الفرزدق يهجو جريراً:
"إنّ الذي سَمَكَ السّماءَ بَنى لَنَا... بَيْتاً، دَعَائِمُهُ أعَزُّ وَأطْوَلُ ".
أي (دعائمُهُ عزيزةٌ طويلةٌ).
.............................
يرفع (أفعل التفضيل) فاعلاً إذا صلحَ لوقوع فعل بمعناه موقعه، أو لا.
1- يرفع ضميراً مُستتراً في حال صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه، ولا يرفع اسماً ظاهراً.
تقول: (ليلى أفضلُ من سلمى)، ففي (أفضل) ضمير مستتر يعود على (ليلى)، تقديره (هي).
2- يرفع اسماً ظاهراً في حال صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه في كل موضع وقع فيه (أفعل) بعد (نفي أو شبه النفي)،
وقد استشهد سيبويه ببيتين لسحيم بن وثيل الرياحي:
"مَرَرْتُ عَلَى وَادِي السِّبَاعِ وَلاَ أَرَى... كَوَادِي السِّبَاعِ حِينَ يُظْلَمُ وَادِيَا
أَقَلَّ بِهِ رَكْبٌ أَتَوْهُ تئيةً... وَأَخْوَفَ إِلاَّ مَا وَقَى اللهُ سَارِيَا".
الشاهد فيهما رفع (ركب) ب(أقلّ)، وقد رفع اسم التفضيل اسماً ظاهراً، وقد وقع بعد نفي.
.................
عسى أنْ أكون قد وُفقتُ في عرض المادة بأسلوب سلس مُتاح للمُتخصِّصين وغير المُتخصِّصين..
نلتقي في الحلقة القادمة 39 (التحذير والإغراء).
كندا 12 – 5 - 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبداع المخرجة نانسي كمال وتكريم من وزير الثقافة لمدرسة ويصا


.. المهندس حسام صالح : المتحدة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى الع




.. الفنان لطفي بوشناق :شرف لى المشاركة في مهرجان الموسيقى العر


.. خالد داغر يوجه الشكر للشركة المتحدة في حفل افتتاح مهرجان الم




.. هبة مجدى تدعم زوجها محمد محسن قبل تكريمه فى مهرجان الموسيقى