الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس سنوات علي أحداث سبتمبر: بين الحرب علي الأرهاب و الحرب علي الليبرالية

عمرو البقلي

2006 / 9 / 15
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


مع الذكري الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومراقبة تلك المتغيرات التي حدثت في العالم بين صعود للمنهجية الليبرالية في بولندا أخر المعاقل الشيوعية الأوربية، و صعود اليسار الجديد في أميركا الجنوبية و تعقد الأوضاع في الشرق الأوسط مع بزوغ قوة نووية جديدة و ثلاثة حروب في أفغانستان و العراق و لبنان، كان لابد من إعادة النظر في مستقبل عملية التحول الديموقراطي الليبرالي في الشرق الأوسط .

بعد الحادي عشر من سبتمبر أعلنت الإدارة الأمريكية الحرب علي الأرهاب، و لم تكن مجرد حرب بمعناها العسكري و إنما كانت حربا لا تختلف كثيرا عن ذلك المفهوم الأميركي المتأصل للحرب و الذي لا يعتمد فقط علي الألة العسكرية الأميركية و إنما يسير إلي جوار المفهوم العسكري ذلك المفهوم الأداتي الذي يستخدم الأعلام و الأقتصاد و التحالفات و الضغوط السياسية من أجل حرب مضمونة النتائج كتلك الحروب التي خاضها الأمريكين في القرن الماضي .

من ضمن الأدوات التي إستخدمتها أميركا في حربها ضد الأرهاب هي الضغوط السياسية من أجل التحول الديموقراطي في الشرق الأوسط من منطلق أن تلك الكيانات الأستبدادية قد أفرزت نوعا من الإرهاب العقائدي بسبب غياب الحريات و عدم وجود قنوات شرعية تسمح للمعارضات بالوصول السلمي للسلطة، حيث إستخدمت أميركا الضغوط السياسية المباشرة في الضغط علي بعض الأنظمة مثل مصر و السعودية و سوريا، و الضغوط السياسية غير المباشرة عن طريق الحلفاء و الأصدقاء مثل الحالة اللبنانية، و أحيانا القوة العسكرية و الإعلامية مع بعض الأنظمة مثل نظام طالبان في أفغانستان، ثم إستخدمت كل الوسائل مجتمعة في الحالة العراقية من أول الضغوط المباشرة في البداية ثم التحالفات السياسية لاحقا ثم الحرب الأعلامية و العسكرية في النهاية إلي أن سقط النظام العراقي .

كانت من أهم نواتج الحرب الأميركية علي الأرهاب ظهور رد فعل معاكس من جانب التيارات السياسية الشمولية في المنطقة، و قد تماشي هذا الرد مع رغبة الأنظمة الحاكمة في الوقوف ضد الضغوط الأمريكية، و إستتبع هذا الرد المعاكس ظهور تحالف غير معلن بين الأنظمة الحاكمة و تلك التيارات الشمولية من أجل الصمود داخليا و دوليا أمام الضغوط من أجل التحول الديموقراطي و تكوين حائط صد يعتمد علي العروبة و الأسلمة في مواجهة الإصلاحيين، حيث أن المراقب للمفردات السياسية التي تعمدت الأنظمة و المعارضات الشمولية إستخدامها ضد الحملة الأمريكية قد كانت متقاربة إلي حد جعلهم جميعا يحاولون التأكيد دائما علي أن الحرب علي الأرهاب ماهي إلا حرب علي الإسلام من أجل إستثارة المشاعر الدينية لدي العامة، و تأجيج فكرة صراع الحضارات و التأكيد بسلبية شديدة علي إنعزال الهوية العربية و الأسلامية عن العالم، ثم تصوير الفكر الليبرالي علي أنة فكر وافد مدمر قادم من قلب المؤامرة الغربية علي المنطقة، و أخيرا محاولة الإجهاز علي التيارات الليبرالية الناشئة بدعوي أنها عميلة للغرب و تتحرك في فلك مشروع غربي يسعي لإعادة إستعمار المنطقة من جديد، كما تم تطعيم هذا الخطاب ببعض المفردات الدينية و العروبية من أجل تحويل الصراع السياسي إلي صراع ديني و حضاري سواء علي المستوي الداخلي أو الخارجي، فكانت النواتج الواضحة لهذا التحالف هي زيادة التهميش للتيارات الليبرالية و مزيد من الأنتهاكات الحقوقية و إتهامات بين الحين و الأخر للأقليات في المنطقة بالعمالة للغرب نظرا لإتفاقها مع المشروع الليبرالي في ضرورة تغليب الحريات الفردية و التأكيد علي مدنية النظام السياسي .

و رغم النجاح الليبرالي في تحريك الماء الراكد علي المستوي الشعبي في عدة دول و نجاح المعارضات الليبرالية في الحصول علي بعض المكاسب العميقة المؤجلة النواتج إلا أن نتاج التحالف الشمولي كان أقوي من الضغوط و كان أقوي من الجهود الليبرالية حيث صعدت التيارات الشمولية الدينية و الطائفية في الكثير من دول المنطقة لعل أبرزها كان في مصر و العراق و لبنان و السعودية و الكويت و إيران، و نجحت التيارات الأسلامية و العروبية في حصد مكاسب إنتخابية و إعلامية أنية تٌفعّل من رصيدهم القديم، و بدا المشهد بعد خمس أعوام من بدأ الحرب علي الأرهاب أكثر تشددا من ذي قبل في مواجهة مطالبات الأصلاح و الدمقرطة بل تم تكريس كل الرصيد القديم من الفكر الشمولي الذي صاغة إعلام الأنظمة إضافة إلي الفكر الناتج عن التيارات الأسلامية و العروبية في مواجهة التيارات الليبرالية الناشئة .


لم تكن الدعوات الأخيرة التي أطلقها أحمدي نجاد بضرورة تطهير الجامعات الإيرانية من الليبرالين و العلمانيين إلا إفراز بسيط من إفرازات ذلك التحالف الأستبدادي، و لم تكن حالة التعبئة الأخيرة ضد التيارات الليبرالية و أنصار العقلانية و السلام أثناء الحرب بين إسرائيل و حزب الله في مختلف وسائل الأعلام القومية و الأسلاموية، و التصريحات الحكومية التابعة للحرب، إلا إعلانا عن مضي ذلك التحالف في طريقة لعزل المنطقة عن العالم الجديد و الوقوف ضد أي مشروعات إصلاحية تنقل المنطقة نحو الديموقراطية الليبرالية و التحولات الأقتصادية الأنتاجية .

المعاناة الليبرالية اليوم أصبحت لا تختلف كثيرا عن معاناة أي أقلية في الشرق الأوسط فالليبراليون اليوم بين مطرقة الأنظمة الأستبدادية و المعارضات الشمولية، و لعل مواقف المصادرة و التكفير و المنع و السحل و التضييق و الحبس التي مورست بحق الناشطين الليبرالين علي مدي الخمسة أعوام الماضية في إيران و مصر و سوريا و السعودية و الكويت، ما هي إلا خطوات علي طريق الحرب ضد الليبرالين و أصبحت الضرورة تحتم التكاتف بين كل التيارات الليبرالية إذا أرادوا إنجاح مشروعهم الإصلاحي، كما أصبح الواقع يحتم علي الليبرالين ضرورة إعادة صياغة المشروع الليبرالي من حيث المصطلحات و البرامج و أليات التحرك في وسط الجماهير و جعلها أقرب لطبيعة المجتمعات و ضرورة التأكيد علي وطنية المشروع الليبرالي إنطلاقا من تأكيدة علي مصلحة الشعوب و رغبتة في الأنتقال من الطور الحالي إلي طور جديد يرسخ قيم الدولة الحديثة و يحركها نحو طريق التنمية و الأنتاج و التفاعل مع العالم الحر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف