الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفجوة التضخمية واختلالات السيولة المحلية

احمد البهائي

2022 / 5 / 19
الادارة و الاقتصاد


استكمالا للمقالة الاخيرة التي كانت تحت عنوان،"السياسة النقدية في مصر بين التضخم وقياس الفجوة التضخمية "، حيث تناولت فيها الاسباب والعوامل التي تؤدي الى ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد ،والارقام القياسية للاسعار التي يقاس عليها التغيرات التي تطرأ على مستويات الاسعار المحلية ،حيث قياس التضخم ، واعطاء الاهمية لتحليل الفجوة التضخمية باعتبارها هل هى ناشئة نتيجة الإفراط في الطلب الكلي على السلع والخـدمات أم الإفـراط فـي المعروض النقدي،ام كليهما معا ،ولما لها من اهمية في قياس الضغوط على المستوى العام للاسعار.
نقول : مازالت اسعار الفائدة على الودائع تعتبر منخفضة وغير مقبولة، وبالتالي سيترتب عليه فقدان تلك الودائع لدى الجهاز المصرفي جزءا من قوتها الشرائية، في ظل ارتفاع معدلات التضخم السنوية ، ولذلك سوف يلجأ أفراد كثيرون، وكذلك بعض الشركات ، إلى التخلص من مدخراتهم النقدية قبل تـدهور قوتهـا الـشرائية، واستخدامها في اقتناء السلع والخدمات أو استخدامها في المضاربة على الأراضي والعقـارات وكثير من الاصول العينية الاخرى، أو تحويلهـا إلـى عملات أجنبية، اذا لا مفر من رفع اسعار الفائدة ، حتى يمكن تثبيت سعر صرف حقيقي بعيدا عن اتباع اجراءات سيكون لها اثار سلبية على الاقتصاد في الوقت الحالي،والتي قد تكون في شكل رفع الضريبة أو ان تقوم الحكومة بمزيد من الاقتراض من الاسواق او طبع العملة ، ولذلك لا بد من رفع أسعار الفائدة على الودائع لدى الجهاز المصرفي بهدف امتصاص السيولة النقدية الزائدة لدى الأفراد والمؤسسات وتحقيـق زيـادة فـي قيمـة المدخرات نتيجة زيادة أسعار الفائدة على الودائع عن معدل التضخم السنوي،كذلك الرقابة على القروض الاستهلاكية والقروض التجارية بحيث لا تتعدى معا 7% من قيمة الناتج المحلي الاجمالي .
يجب على لجنة السياسات النقدية في مصر ومن خلال اجتماعها(19 مايو)، رفع سعر الفائدة 100 نقطة اساس على الاقل، في ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة خارجيا وداخليا،وذلك بعد ان قام الفيدرالي الامريكي برفع الفائدة 50 نقطة اساس التي هي في حقيقتها 75نقطة اساس وذلك بعد الاخذ في الاعتبار العائد الاسمي على سندات الخزانة المعيارية لأَجل عشر سنوات الذي زاد سوقيا دون تدخلا رسميا بمقدار 70 نقطة أساس ليتجاوز 3% ويقترب كثيرا من عائد سندات الخزانة لاجل 30 عاما، كذلك جميع التوقعات اجمعت على اتباع الفيدرالي الامريكي سياسات نقدية متشددة في فترات العام الحالي ونصف العام القادم، ايضا من يتابع حركة الاسواق ومؤشرات القياس الحقيقية للتضخم وضغوط الفجوة التضخمية في مصر يعلم جيدا ان ارقام معدلا التضخم السنوية الحقيقية مرتفعة عن ما تقدمه البيانات الرسمية، وان سعر الفائدة الحقيقي بالسالب رغم ان هناك شهادات ادخار تم طرحها مؤخرا بعائد مرتفع ، والذي يؤكد ذلك هو انخفاض القوة الشرائيه للجنيه وتآكل قيمة المدخرات، فالتضخم في مصر بالاضافة الى انه تضخم مزمن هيكلي،اصبح مركب اى انه،* تضخم طلب نتيجة وصـول الاقتصاد إلى مرحلة التشغيل الكامل، حيث تؤدي الزيادة في الطلب على السلع والخدمات في ظل جمود العـرض الحقيقي منها إلى زيادة الأسعار. وتستمر الزيادة في الأسعار باستمرار الزيادة في حجم الطلب الكلي، نظرا لعـدم مقدرة الاقتصاد على زيادة كميات الإنتاج ، * وتضخم نقدي نتيجة إفراط السلطات النقدية في عرض النقود،وبالتالي يترتب عليه خلق طلب نقدي على السلع والخدمات تفوق المقدرة الإنتاجية للاقتصاد ، مما يدفع في خلـق فـائض طلب يدفع بمستويات الأسعار المحلية نحو الارتفاع ،* وتضخم نفقة تكاليف نتيجة الارتفاع في تكاليف عناصر الإنتاج بنسبةٍ تفـوق الزيـادة فـي معـدلات الإنتاجية،وبالتالي يترتب عليها زيادة في المستوى العام للأسعار ،* وتضخم رأسمالي ناتج عن زيادة مبالغ فيها في قيمة سلع استثمارية عن نفقات انتاجها،* وتضخم ربحي نتيجة لزيادة الاستثمارالاستهلاكي عن الادخار، *وتضخم الارصدة النقدية الناتج عن زيادة في سرعة تداول النقود نتيجة توقعات الافراد بحدوث نقص في السلع الاستراتيجية والاساسية وتوقع بارتفاع اسعارها ،*وتضخم النقود المصرفية نتيجة طول فترة الانتاج دون ان يصاحبها زيادة حقيقية في الكميات المنتجة ، *وتضخم قرض الناتج عن الاستدانة من اجل سداد فوائد الدين ،* وتضخم ادوات دين نتيجة دخولها بقيمة جنيه منخفض وخروجها بقيمة دولار اعلى من قيمة دولار الموازنة ، ومع ذلك علينا ان نعترف، بأن التضخم في الاقتصاد المصري لا يرجع إلى الإختلالات القائمة في جوانب السياسة النقدية فقط ، بل يرجع ايضا الى الاختلالات الهيكلية ناجمة عن التخلف في بنيان الاقتصاد المصري، وتزايد الاعتماد على الواردات وتفاقم المديونية الخارجية وارتفاع قيمة فجوة الموارد المحلية، بالإضافة إلى عدد من الإخـتلالات الأخرى منها يرجع الى عوامل داخلية والبعض الاخر الى عوامل خارجية سنتناول عرضها قريبا .
يعتبر اختلال هيكل السيولة المحلية في الاقتصاد من اهم الاختلالات التي ساهمت في تغذية الضغوط التضخمية في الاقتصاد المصري، حيث الزيادة في كمية النقود المتداولة ونموها بمعدلات سنوية تفوق معدلات النمـو الـسنوية للنـاتج المحلـي الإجمالي الحقيقي، ادت إلـى حدوث ارتفاعات متوالية في مستويات الأسعار، ومن خلال قياس الفجوة التضخمية باستخدام معيار معامل الاستقرار النقدي، يشير إلى استمرار اختلال علاقة النمو بين معدل النمو السنوي لكلا من حجم السيولة المحلية والناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، نتيجة استمرار إرتفاع معدل النمو السنوي لحجم السيولة عن معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهو ما يعكس استمرار الارتفاع في قيمة الفجوة التضخمية المحتسبة، حيث يعتمد على هذا المعيار لقياس العلاقة بين حجم السيولة المحلية والناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ، ويقوم هذا المعيار على نظرية كمية النقود والتي ترى أن الزيادة في كمية النقود دون روابط وضوابط محكمة بينها وبين الزيـادة في الناتج القومي الحقيقي من أهم العوامل التي تساهم في زيادة الاختلال بين تيار الإنفاق النقدي وتيـار العـرض الحقيقي من السلع والخدمات، مما يدفع بالأسعار نحو الارتفاع ، بدراسة الارقام الواردة بداية من عام 2018 حتى عام 2021 ، يتضح ان معدل النمو السنوي لحجم السيولةالنقدية كان على التوالي (18.3%،11.8%،17.46،18%) قد فاق معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ( 5.3%،5.6%،3.6%،3.3%) خلال جميع سنوات ، وهذا ما تبينه قيمة معامل الاستقرار النقدي (حيث يمكن الحصول عليها من خلال قسمة معدل النمو السنوي لحجم السيولة على معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) خلال جميـع الـسنوات ،حيث القيمة موجبة ، التي كانت على التوالي (3.45%،2.10%،4.85%،5.54% ) ، حيث من المعروف ان التساوي بين معدل التغير في حجم السيولة ومعدل التغير في إجمالي الناتج القومي الحقيقـي يشير إلـى ثبات مستويات الأسعار ، وتكون القيمة وقتها مساوية للصفر ، اما اذا كانت القيمة موجبة ، كما في حالتنا تلك ، أي أن معدل التغير في حجم السيولة يزيد عن معدل التغير في إجمالي الناتج القومي الحقيقي ، فإن ذلك يدل على وجود ضغوط تـضخمية تدفع بالأسعار نحو الارتفاع ، كذلك خلال سنوات الفترة تشير الأرقام الواردة إلى أن متوسـط معـدل النمـو السنوي لحجم السيولة بلغ خلالها 16.39% بينما بلغ متوسط معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال نفس الفترة 4.45% ، الأمر الذي يعكس اختلال علاقة النمو بين معدل النمو السنوي لحجـم السيولة ومعدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث الزيادة في المعروض النقدي خلق طلب نقدي على السلع والخدمات تفوق المقدرة الإنتاجية للاقتصاد، وهذا يدل على وجود ضغوط تـضخمية ، هذا يعني أن هناك قـوة شرائية زائدة في السوق لا تقابلها زيادة في حجم العرض الحقيقي من السلع والخدمات ، مما أدى إلى حدوث ارتفاع في قوى الطلب الكلي على الـسلع والخدمات في ظل عجز جهاز الإنتاج المحلي عن مواجهة الزيادة في حجم الطلب الكلي، ممـا سـاهم فـي دفع مستويات الأسعار المحلية نحو الارتفاع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف


.. احتجاجات مناهضة للسياسات الاقتصادية في الأرجنتين




.. محمد العريان لسكاي نيوز عربية: مصر أمام نقطة حاسمة عليها الا


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024




.. باريس تأمر الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية لإنتاج صواريخ أست