الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث عن السياسة وعن السرسرة في العراق

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2022 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


قد يكون (الاجتثاث العظيم) حلاً للبلد

يتباحث النخبة العراقيون في مواضيع الساعة التي تتصدرها عناوين الجدل القانوني، بين ما هو دستوري ينبغي عدم مخالفته، وبين ما هو أحكام تصدر عن المحكمة الاتحادية بهدف (قوننة الحياة السياسية) ووضع حد لطموحات الاحزاب المتزايدة في ابتلاع ما هو مسموح به وما هو ممنوع عنه من ثروات البلد وسلطاته، حيث تبدو القوى السياسية العراقية في تعاملاتها اليومية تتصرف على طريقة الـ(مافيا)، والتي تعني (عصابة) بالمفهوم الدارج، تبتلع كل ما يقع أمامها.

وعلى خلفية حالة الاستهتار بكل ما هو قانوني وكل ماهو دستوري وكل ما هو اخلاقي أيضاً بات العمل السياسي في العراق عبارة عن سرسرة وليس سياسة، لان السياسة كما هو معروف عنها منذ تنظيرات ارسطو تعتبر مساراً أخلاقياً الغرض منه تشذيب وتنظيم الطموحات البشرية خلال صراعها على الثروة والنفوذ، وبالتالي يعتبر أي تنافس مجرد من الاخلاق تنافساً شريراً ليس له علاقة بالسياسة، فالسياسة من اختصاص وعمل أهل الخير، والخير نقيض الشر كما هو معروف.

ويقال إن (السرسرة + السرسري) لفظاً ومعنى مأخوذ من اللغة التركية، والمقصود به اشخاص (بلا عمل) يسرحون ويمرحون على هواهم ويكثر وقوع الشر منهم، ولهذا قام مجلس النواب التركي سنة 1909 بتشريع قانون خاص لمكافحة وتأديب (السرسرية) جلداً بالسوط، كما ويظهر عند أهل بلاد الشام رديف للسرسري وهو (الأزعر)، ومجموعه (الزعران)، وهم العصابات او الجماعات او الاحزاب الذين يستولون بالقوة والحيلة والمكر على كل ما يقع في متناول أيديهم سواءً كان حلالاً أم حرام.

ولا ينبغي ان نتعجب حين نطالع في سيرة الاحزاب السياسية العراقية ذلك الاهتمام بكسب السرسرية والزعران منذ سنوات تأسيسها، بل وتفتخر ادبيات بعض الاحزاب بكونها تمكنت من جعل السرسري الفلاني عضواً في التنظيم وكادراً حزبياً، حتى ان احد قادة الاحزاب السياسية التاريخية، كما يروى عنه، كان يقول : "سرسرية الحزب أهم بكثير من مثقفيه".

وبقراءة بسيطة لتاريخ حزب البعث يتضح مدى أهمية (السرسري)، مثل (صدام حسين)، في هيكل الحزبي التنظيمي، وفي مسار بناء الحزب الذي وصل للقيادة وحكم الدولة منذ عام 1968 حتى 2003، فقد كان (صدام حسين المجيد) أزعراً وسرسرياً من الطراز الأول، وهو ما جعل منه رجل الحزب الأول، لدرجة انسحب من أمامه جميع نخب البعث ومفكروه الأوائل، وهي ذات الحالة الموجودة في بقية الاحزاب العراقية الاخرى منذ العهد الملكي وحتى العهد الجمهوري.

ولعل تمظهرات السرسرة داخل الاحزاب السياسية في العراق الجديد صارت اكثر وضوحاً من أي حقبة اخرى، بل هي الحالة السائدة عموماً، وهو ما يخلق تساؤلاً عن مآلات هذه الحالة التي كافحها الاتراك قبل اكثر من 100 سنة بالسوط، فهل يا تُرى يكفي السوط مع سرسرية وزعران المافيات السياسية العراقية التي يطلق عليها احزاب ؟، أم أن البلاد حتى تتخلص منهم بحاجة الى (اجتثاث) كالذي حصل مع حزب البعث ؟.

في هذه الحالة ينبغي أن نؤيد قراراً بـ(الاجتثاث العظيم)، يتم بموجبه اجراء عملية اجتثاث شاملة لهذه الجماعات التي لا تريد ان تمارس العمل السياسي وفق مقتضيات (قانون الاحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015)، وتصر على ضرب كل قرارات القضاء والمحاكم، وتتفاخر بخرقها لمواد الدستور وحتى الدوس عليه بالحذاء كلما أرادت ذلك دون رادع.

نحن نعيش تحت سلطة مافيات لا تقل إجراماً عن حزب البعث، وما هو أسوأ أنها اكثر فساداً من حزب البعث، ولا نفع معها غير (الاجتثاث العظيم) لانها جعلت العراق يخسر ديمقراطيته ومستقبله، لكونها عصابات من السرسرية وليست احزاباً سياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية