الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل نحتاج إلى خطبة الجمعة في وجود الأوقاف الليبية الحالية؟
عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)
2022 / 5 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
موقف الخطيب الحالي المؤدلج التابع للأوقاف في شرق البلاد وغربها لا يساعد على قيام الدولة بل له دور مشين في تفريق الامة وتشتيت شملها، رغم ان الأوقاف وخطيبها يمولان من خزانة الدولة، وهذا يجعل حضور خطبة الجمعة من المسائل التي يجب مراجعتها إما بتغيير الشعب وإحضار مامومين من الخليج أو تغيير الأوقاف وقادتها وخطبائها وليس بتخطي المساجد.
صلاة الجمعة هي الصلاة الوحيدة التي ذُكرت في القران نصاً لما لها من أهمية، وفوائد عظيمة تعود على المجتمع، رغم أن عدد ركعاتها قليلة، وذلك أن الخطبة هي التي رفعت مقام هذه الشعيرة الأسبوعية. ولقد شرع الله الخطبة لمقاصد غاب جلها عن خطباء الأوقاف، والنهج السلفي المتبع له. علما بان الذين تم تمكينهم كخطباء بمعظم المساجد الليبية من الأوقاف لا يحملون شهادات جامعية من مؤسسة تعليمية دينية بل تم تأطيرهم جلهم بالتلقين في مراكز تحفيظ الفران.
من مقاصد صلاة الجمعة اجتماع الحي الأسبوعي لتفقد بعضهم البعض، وما ينتج من ذلك من تأزر، ثم الاستماع الى الوعظ والإرشاد فيما يختص مشاكل الحي والمجتمع وراي الدين فيما يواجهون من قضايا، وأخيرا دعم قيم الدين القويم بالتأكيد على الالتزام بالأخلاق الفاضلة مثل العمل الصالح والصدق والأمانة والتعفف عن المال الحرام والبعد عن الغيبة والنميمة وهكذا تكون الدنيا دار التمكين للمسلمين ومزرعة للأخرة. هذا كان سبيل الخطباء منذ وصول الدعاة الأوائل الى البلاد في القرن الأول الهجري ودرج على منوالهم كل المحدثين لقرون عديدة.
في هذا المقام لن أتحدث عن ولوج المجموعة السلفية إلى الأوقاف بعد عشرون سنة من عودتهم من طورا بورا بأفغانستان، وبعد انقشاع الحرب الطويلة التي شنها عليهم القذافي لسنوات طويلة وإنشاء غرفة بهيئة الامن الداخلي لمحاربة ما كان يسميهم بالزنادقة ولا عن تبني بترودولار السلطات السعودية لهم وإغداق المال والمادة الإعلامية عليهم حتى وصل عدد اذاعاتهم إلى 30 محطة وتوفر معظم الكتب السلفية مثل كتب محمد عبد الوهاب وابن باز والعثيمين وابن تيمية في أغلب المساجد وتوزيع الكثير منها بالمجان، ثم استسلام النظام السابق لهم بضغوط إقليمية بعد الغارة الامريكية سنة 1986م . ورغم أنهم لم يشاركوا في ثورة 17 فبراير 2011م إلا أنهم انقضوا على الأوقاف والمساجد وأصبحت ملايين الأوقاف وميزانية الدولة تصرف على الزبونية وشراء الداعمين.
ولكن ما تأثير ذلك على خطبة الجمعة؟، وعلى الراي العام الليبي؟ هذا الشعب البسيط المتدين بطبعه والذي يصدق كل شيء وضع امامه قول النبي أو الصحابة أو السلف (رغم ان الوصف الأخير مضلل للعامة)، يرافقه غض الطرف من علماء المذاهب السائدة مثل المالكية والاباضية عن الرد أو التصدي للفكر الوافد، جعل الفكر السلفي يتغول كثيرا ويكتسح فئات كثيرة من العامة والشباب المتعطش للمعلومة الدينية الجاهزة على أقراص ثم قنوات وإذاعات موجهة.
في خطب الجمعة للمساجد التي تديرها الأوقاف بخطبائها يتم فيها التفريق بين الناس بتصنيفهم بين تابع للسلفية من الفرقة الناجية وأخرين مخالفين ضالين وكفرة يجب البراءة منهم ومن أفعالهم ومن مذاهبهم وهي فتوى تكفيرية وتحريض عن القتل، وهناك شواهد كثيرة لتكفير الابن لأبيه، والخطيب للمجتمع، أما الحمائم منهم فلا يتورع أن يدخل المجتمع في جدل اجتازه التاريخ إلا أنه معطلا قيام الدولة مثل تحريم الانتخابات وتحريم الأحزاب وتحريم التقدم للوظائف العامة وتحريم الدستور والاستفتاء عليه، وعدم الانقياد لقوانين الدولة مثل إجازة التهريب وعدم دفع الضرائب واستغلال حاجة السوق بعدم تحديد الاسعار.
وفي غياب الرد من المسئولين وأصحاب المصلحة كما في تونس والجزائر والمغرب، أوغل السلفيون في تشتيت المجتمع وزرع التفرقة بموضوعات صورية مثل تكفير من يقوم بتهنئة المسيحيين بأعيادهم كما في ديسمبر الماضي أو الترحم على موتاهم كما في حالة مراسلة الجزيرة شيرين ابوعقلة بل وصل بهم الى الولاية والبراءة من المسيحيين واعتبارهم كُفار مشركين حل سفك دمائهم وأسر أبنائهم وهو مالم يقول به الله في كتابه الحكيم، إضافة الى تحريم الاحتفال بالمولد النبوي وتقديم الأكلات الشعبية فيه، وتحريم دفع زكاة الفطر نقذا، مرورا بإنشاء أعداء وهميين مثل تطهير المقابر من السحر، وادعاء انتشار الالحاد في ليبيا، أو مقارعة المجموعات الصوفية المسالمة، أو تكفير أتباع المذهب الإباضي، الذي يعود منشأه إلى الصحابي الجليل جابر ابن زيد تلميذ أبن عباس، ولاختلافات اجتهادية متداولة بين جميع المذاهب الإسلامية مثل أنهم يجيزون الخروج عن الحاكم الجائر ولا يوافقون على القريشية في الوالي.
هذه الفوضى في الفتيا والارتهان للفكر الهدام الوافد يمول من خزينة الدولة كميزانية لهيئة الأوقاف كوزارة، ومن عائد إيجارات مباني الأوقاف التي تتجاوز الملايين والتي كانت وقفا لخدمة المساجد وليس للتفريق بين المسلمين وإحداث البلبلة، ومن مساعدات السعودية المادية والعينية والتقنية.
بالمقابل تقف أجهزة الدولة الرقابية والأمنية متماهية مع تلك الافعال دون إعمال القانون الذي يمنع التمويل من الخارج لمؤسسات الدولة ويمنع التحريض على القتل، ويمنع زعزعة استقرار الدولة، ويمنع شق النسيج الاجتماعي، ناهيك عن امتلاك وسائل إعلامية على الذبذبة أف أم المحلية والتي لها لوقط في معظم المدن الليبية تبث فكرها الهدام بلا رقيب أو حسيب.
إن حضور خطبة الجمعة لسماع هكذا فكر ينفث الكراهية والتكفير والتبديع لن يصنع إلا دواعش تكفيريين انتحاريين كما شاهدناهم في حرب سرت ولن تلوم الأجهزة الأمنية غيرها إن قام أحد حدثا الاسنان بقتل المسيحيين أو اللادينيين الصينيين والشيوعيين التابعين للشركات الأجنبية العاملة في ليبيا بدعوى إنفاذ حكم الله فيهم، ولن يؤسس حضور خطب الجمعة إلا إلى تقوية مجموعات تابعة للخارج متهربة من القانون ومن الضرائب ومدمرة للعملية السياسية ومعرقلة لقيام مؤسسات الدولة، بعيدة كل البعد عن المواطنة، علما بان هذا الفكر لفظه مصدره وتخلى عنه امير السعودية محمد بن سلمان بعد تفكيك لجنة الامر بالمعروف في السعودية والزج بمعظم رموزها في السجون، أما في ليبيا فالتشبث بهذا الفكر البائد هو تشبث بالمكاسب والمغانم التي ستزول بزواله إن ارتدوا عنها أو تخلت الدولة عن مؤازرتهم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشرطة الباكستانية تشتبك مع متظاهرين بعد حظر جماعة حقوقية من
.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الذكرى الأولى
.. سكان في فلوريدا يسارعون للابتعاد عن مدنهم.. مع اقتراب إعصار
.. شاهد| اعتراض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان في سماء قيساريا وحيف
.. حكومة بارنييه تنجو من حجب الثقة، ضوء على استراتيجات اليمين و