الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في هذه الأثناء في بغداد. . الوضع المريع لأطباء العراق –ج1

كهلان القيسي

2006 / 9 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


استلمت مؤخرا عدة رسائل إلكترونية من العراق. أرسلت لي من أناس أعرفهم. والأخرى نقلت من قبل زميلتي جيري هاينس والتي تتلقى الرسائل بانتظام من الأصدقاء الذين تعرفت عليهم أثناء عدّة سفرات إلى العراق. وانشر منها هذه الرسالة لأنها تصور جحيم الحياة في العراق ألان تحت الاحتلال الأمريكي.
رسالة من طبيب لازال يسكن في بغداد:
بالرغم من انه لدي عمل مثالي كبروفسور حامل شهادات MRCP، FRCP، ودرجتان أخرى من لندن وفرنسا، لكن الوضع محزنا جدا هنا في بغداد. وليس هناك أي طعم للحياة مطلقا. ليس هناك أي خدمات؛ غرقنا بالقمامة التي لم تجمع منذ عدة أسابيع ، حتى جامعي القمامة خائفون أيضا من أن يقتلوا. لا كهرباء، لا وقود، إمداد المياه سيئ ، وأنت يمكن أن تقتل سواء كنت شيعيا أو سنيا إذا وقعت في أيدي الغير! وكدت إن اقتل في عدّة مناسبات!
أما بالنسبة إلى زملائنا، لم يتبقى معي من اختصاصنا احد حيث أن أكثرهم غادروا البلاد. وأخرهم كان الدكتور عبد العال الذي غادر قبل شهرين إلى سلطنة عمان. والوحيد الذي بقي معي هو الدكتور خضير عباس، الذي يعمل قسم الطبّ.
إنها ليست حياة بائسة؛ فقط إذا هناك درجة للقياس في أكثر من البائسة، فهذا هو الذي نعيشه.! ! ! نعمل في الجامعة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط. أما المدينة الطبية، التي كانت رائعة وجميلة قبل الاحتلال، تحاط الآن بالقمامة والأسلاك الشائكة والكتل الخراسانية من كلّ الاتجاهات. ولا نستطيع أن نقضّي أكثر من ثلاث ساعات في العمل لكي نجمع تسعة ساعات أسبوعيا! ! ! هذا هو الحدّ الأعلى الذي يمكن أن يعمله أي منا. في أوقات العصر، أغلب زملائي يقولون بأنّهم توقّفوا عن الذهاب إلى عياداتهم الخاصّة بالكامل لخوفهم من الموت أو اختطاف.
أعمل فقط ساعة ونصف بعد الظهر، ثم أرجع مسرعا إلى بيتي بعد ذلك، حيث نقفل أبوابنا ولا نترك البيت مطلقا. أما التسوق هو فهو يسمى "مارثون سريع للتسوق" ، " أحاول أن اختصر فترة التسوق بعشرة دقائق فقط لكي اشتري كلّ الخضار المطلوبة والفواكه والمواد الغذائية الأخرى ثلاث مرات أسبوعيا في طريق عودتي من الجامعة، وأحاول أيضا الحصول على الوقود لسيارتي والمولد الكهربائي من السوق السوداء التي يصل سعر البنزين فيها لخمسة أضعاف السعر الرسمي بدلا من الوقوف لساعات، وإذا أردت الحصول عليه بالسعر الرسمي فيتوجب علي أن أقضّي الليلة في خطّ الانتظار أمام محطة البنزين حيث يجلب الناس بطانياتهم وغذائهم وينامون في الشارع أمام محطات البنزين. أحيانا أتكلّم بشكل لطيف إلى حارس محطة البنزين، اعرفه بنفسي وببطاقة عملي وأسأله هل يمكن أن أملأ سيارتي متجاوزا خطّ الانتظار أحيانا يطردني ، وفي أوقات أخرى أكون محظوظا حيث يعاني الحارس من الروماتزم، وآلام الركبة أو ألم الظهر، وبهذا يمكن أن أملأ سيارتي مع وعد مني جلب أدوية له . بالطبع، هذا بدون أيّ فحص أو تحليلات طبيعية. إذا كنت محظوظا جدا قد يسمح لي بالحصول على 20 لتر إضافي لمولّدي المنزلي! ! !
قبل شهر اقتحم أفراد المليشيات بأسلحتهم مساكن الأطباء المقيمين في المدينة الطبية. كانوا يبحثون عن الأطباء من محافظات الموصل أو الأنبار وحصلت ضجة كبيرة ، واختفى الأطباء المستهدفين لذا لم يستطيعوا القبض على احد . وفي اليوم التالي، طلب اثنان منهم من المتدرجين خريجي طبّ الروماتزميات تحت إشرافي طلبوا مني إعطائهم إجازة للذهاب إلى مدنهم الأصلية و أن لا يعودوا إلا في وقت امتحاناتهم. ووافقت، لأنهم كانوا يدركون لو تم القبض عليهم فسيقتلون ليس لذنب أو أيّ جريمة، لكن فقط لأنهم سنّة من الموصل أو الأنبار أعتقد بأنّ العديد من الأطباء من الأجزاء الجنوبية من العراق من الشيعة أيضا تركوا المسكن لنفس السبب.
في نفس الأسبوع استعددت لإلقاء محاضرة للأطباء في المدينة الطبية، ولم يظهر احد منهم حيث ترك البلد كلّ الأطباء المقيمون! وظهر بعض منهم مرة ثانية، لكنهم مفزعون. ولكن الحياة يجب أن تستمرّ.
وهذا ينطبق على المستشفيات الأخرى حيث انعدام تام في الخدمات ، كنت في مستشفى اليرموك قبل يومين. ازور الطبيب المقيم كان يعيش داخل المستشفى حيث الأثاث متربة و محطمة وقطع الخشب والمعدن بعثرا في جميع الأنحاء. الأبواب والنوافذ محطمة وبدت وكأنها حظيرة حيوانات. كنت أطلب شهادة وفاة لزميل، لذا ذهبت معه إلى المشرحة، خارج المشرحة كانت هناك جثتين لشابين، كلاهما ضرب في الرأس، متروكتين على النقّالات في الهواء الطلق. المستشفى حصّنت وراء حيطان الإسمنت الضخمة. والمستشفى بنفسها استهدفت عدّة مرات بالسيارات المفخّخة. قبل بضع شهور،اضرب الأطباء في هذه المستشفى ليوم واحد لأنهم ضربوا و جرحوا من قبل ضبّاط الحرس الوطني العراقي. إنّ المستشفيات تهاجم كثيرا من قبل المليشيات الذين يسحبون الجرحى من على أسرّة المستشفى ويأخذونهم الى حيث يقتلونهم.

مراجعة المرضى إلى المستشفيات انخفض بشكل هائل. قبل الاحتلال، كنّا نعاين معدل من 100 مريض يوميا في العيادة الاستشارية للروماتزميات أما ألان نعاين 20 مريضا في اليوم فقط. لا تسألني أين اختفى المرضى لان الكثير منهم يخافون الخروج من بيوتهم لمراجعة المستشفيات. حيث إن المستشفى يزود الأدوية، للمرضى ذوي الأمراض المزمنة مثل التهاب المفاصل الروماتزمي. وكنا نعمل فحص دوري كل شهر للتأكد من نسب الشفاء عبر أجهزة مهمة وفحوصات ( DMRDs.) هذه التجهيزات نادرة الآن و لم يجري فحص الدمّ لان هذه الخدمات غير متوفرة وشحيحة جدا. لذلك أكثر المرضى ضجروا وقرّروا عدم الحضور الى المستشفيات. حتى ابسط الأدوية ليست متوفرة .
إنّ الحالة المالية لأكثر العوائل في بغداد انعدمت الى حد كبير، لذلك الكثير يجدونه من الترف معالجة الأمراض المزمنة، حيث الأولوية للغذاء، لكي تبقى العائلة على قيد الحياة هذا خلاصة صغيرة لوضع الذي نعيشه ألان.
http://www.truthout.org/docs_2006/091206E.shtml

ترجمة: كهلان القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -